لماذا تصرّ إيران على عدم اتهام داعش بهجوم الأهواز؟

لماذا تصرّ إيران على عدم اتهام داعش بهجوم الأهواز؟


23/09/2018

رغم إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الذي تمّ تنفيذه أمس في إقليم الأهواز على منصة عرض عسكري للجيش الإيراني، أقيم في ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، وراح ضحيته، تبعاً لوسائل الإعلام الإيرانية، حوالي 29 عسكرياً ومدنياً، إلى جانب العشرات من الجرحى، إلا أنّ السلطات الإيرانية أصرّت على أنّ منفّذي الهجوم من التكفيريين المدعومين من أمريكا ودولتين خليجيتين، تناصبان العداء لإيران، وأنّ عنصرين من الخلية، منفذة الهجوم، تلقيا تدريبات في دول خليجية، وهو ما يخدم الإستراتيجية الإيرانية؛ إذ إنّ اعترافها بمسؤولية داعش عن الهجوم سيعفي خصومها من المسؤولية، ويفقد إيران ورقة يمكن استثمارها.

اقرأ أيضاً: إيران تحمّل دولاً أوروبية مسؤولية هجوم الأهواز.. لماذا؟

المتابع للعملية، لا يمكن له إلا أن يتوقف عند الإعلان الإيراني، الذي تجاوز إعلان داعش مسؤوليته عن الهجوم، والإصرار على أنّ الخلية مرتبطة بجهات معادية لإيران، بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما ينسجم مع الدعاية الإيرانية التي ما انفكت تؤكد مسؤولية أمريكا ودول الخليج عن دعم الإرهاب في سوريا والعراق، في الوقت الذي تؤكد فيه وثائق استخبارية أمريكية وغربية العلاقات الوثيقة بين إيران والقاعدة وداعش، ومعها حركة طالبان في أفغانستان، حتى أنّ كثيراً من المصادر تؤكّد ارتباط التصعيد في العمليات الإرهابية في أفغانستان وساحات أخرى، كالعراق وسوريا واليمن، بخدمة أجندة إيرانية في سياقات صراعها المتصاعد مع أمريكا وقوى إقليمية حليفة في المنطقة.

اقرأ أيضاً: نائب كويتي يكشف مدبّر هجوم الأهواز

مؤكد أنّ عملية بهذه الحرفية الاستخبارية، من المستبعد أن تقوم خلية بتنفيذها، ما لم تكن مدربة تدريباً كافياً، مع دعم لوجستي واسع، وهو ما تستطيع القيام به، وما يتوفر لدى كوادر وعناصر تنظيم داعش، ثم إنّ ساحة تنفيذ الهجوم في منطقة مهمشة غالبية سكانها من العرب السنّة، وفيها حركة وطنية احتجاجية، سبق أن نفّذت العديد من العمليات، تعبيراً واحتجاجاً على التمييز ضدّ السكان، والتضييق عليهم، وهي منسجمة مع عمليات سابقة استهدفت أرتال الحرس الثوري الإيراني، في مناطق بلوشستان شرق إيران؛ حيث الغالبية من البلوش السنّة، ومناطق شمال غرب إيران؛ حيث الأكراد، أو في جنوب غرب إيران في الأهواز؛ حيث الغالبية العربية.

ربما يكون هجوم الأهواز بداية لفصلٍ جديد في عمليات واسعة وردود انتقامية متبادلة بين إيران وخصومها في الإقليم

ورغم ذلك؛ فانّه لا يمكن فصل مثل هذا الهجوم عن سياقات الصراع بين إيران من جهة، وبين أمريكا وحلفائها في الإقليم، والأصوات الأمريكية والإقليمية التي لطالما نادت بضرورة نقل المعركة إلى داخل إيران، رداً على تدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين من جهة أخرى، خاصة أنّ هناك أرضية وجهوزية لقبول أطراف إيرانية نقل هذه المعركة إلى الداخل الإيراني، في ظلّ سياسات التمييز والتهميش التي تمارسها القيادة الإيرانية ضدّ إثنيات غير فارسية، تشكّل مجموع الشعب الإيراني؛ من عرب، وبلوش وأكراد وطاجيك وغيرهم، وحتى من أوساط شيعية، عبّرت عن احتجاجاتها في العديد من المدن الإيرانية، منذ أواخر العام 2017، على خلفية الأزمة الاقتصادية المتصاعدة بسبب الفساد في إيران من جهة، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية من جهة أخرى.

اقرأ أيضاً: هجوم الأهواز.. إيران تتخبط وتتهم وتتوعد دولاً عربية

ردود الفعل الإيرانية الأولية على الهجوم، لم تأت، من قريب أو بعيد، على ذكر تنظيم داعش؛ الذي أعلن مسؤوليته عن تنفيذه، وتصرّ على التهديد بردود فعل انتقامية من الجهات التي تقف وراء الخلية التي نفذت الهجوم المسلح، وهو ما يفتح الباب أمام قائمة واسعة من الأهداف التي يمكن أن تلجأ إيران لضربها في المنطقة، من خلال وكلائها؛ إذ يستبعد أن تقوم أية تشكيلات عسكرية إيرانية، بما فيها الحرس الثوري، بأية عملية، بشكل مباشر، ضدّ أية أهداف أمريكية أو خليجية، ولا يستبعد أن يتمّ استهداف القوات الأمريكية المتواجدة في العراق من خلال "الحشد الشعبي العراقي"؛ الذي وردت الكثير من الإشارات على لسان مسؤوليه وقادته حول استهداف القوات الأمريكية في العراق، أو من خلال استهداف القوات الأمريكية في أفغانستان من قبل حركة طالبان وداعش هناك، إضافة إلى عمليات أخرى قد تنفَّذ في سوريا ضدّ أمريكا وحلفائها هناك من قبل المليشيات الشيعية.

ردود الفعل الإيرانية الأولية على الهجوم لم تأتِ من قريب أو بعيد على ذكر تنظيم داعش

ومع ذلك، تبقى الساحة الخليجية هي الأهم بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، في الردّ على هجوم الأهواز، خاصة مع الإصرار الإيراني على أنّ دولاً خليجية تتعاون مع أمريكا، مسؤولة عن تنفيذ الهجوم، وهو ما يعني أنّ دولاً، مثل المملكة السعودية والإمارات والبحرين، معرضة لاستهداف إيراني، وغني عن التذكير أنه بحكم العلاقة الوثيقة بين إيران والقاعدة وداعش، فإنّ احتمالات أن تقوم القاعدة أو داعش بتنفيذ مثل هذه العمليات واردة وبقوة.

إنّ هجوم الأهواز، ربما يكون بداية لفصل جديد في عمليات واسعة وردود انتقامية متبادلة بين إيران وخصومها في الإقليم، ستكون القاعدة وداعش أحد أبرز أدواتها، في رسالة إيرانية بقدرتها على التأثير في أمن الإقليم، لكن هذه العمليات والردود الإيرانية لن تطال القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة؛ لأنّ طهران تدرك حجم الجدية الأمريكية في مواجهة إيران بهذه المرحلة، وهو ما يعني استمرار وتأجيج حروب الوكالة من جديد في المنطقة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية