لماذا تعتبر قومية البلوش إيران سلطة احتلال؟

إيران

لماذا تعتبر قومية البلوش إيران سلطة احتلال؟


13/12/2018

قبل أيام قليلة، شهدت مدينة تشابهار الساحلية، جنوب شرق إيران، هجوماً انتحارياً، بواسطة سيارة مفخخة، نجم عنه مقتل ثلاثة أشخاص، وجُرح آخرون؛ حيث قامت المجموعات المسلحة بمهاجمة مقر قسم شرطة تشابهار، فيما أعلنت جماعة "أنصار الفرقان" مسؤوليتها عن الحادث، وهي جماعة تنتمي للقومية البلوشية، إحدى أكبر الجماعات السنية، الموجودة في عدد من الدول، من بينها إيران وباكستان.
تفجير انتحاري في إيران.. الأهداف والتداعيات
وتعد منطقة بلوشستان التي تضم جنوب غرب باكستان، وجنوب غرب أفغانستان، وشرق إيران، أكبر ثالث محافظة إيرانية، وتمتد من مضيق "باب السلام"، وصولاً إلى مدينة "كراتشي" في باكستان، ويقدر عدد سكان الإقليم بنحو 20 مليون نسمة، فضلاً عن 700 ألف بلوشي، وقد سيطرت إيران على الإقليم في العام 1928، في ظل هيمنة الاستعمار البريطاني.

اقرأ أيضاً: كيف يعيش المسيحيون في إيران؟
تكوّنت جماعة أنصار الفرقان، المعارضة للنظام الإيراني، في العام 2013، وذلك بعد اندماج جماعتي حركة الأنصار وحزب الفرقان، والأخيرة، تتمركز في منطقة سيستان بلوشستان، شرق إيران، وهي منطقة غالبيتها من السنة، وتقدر نسبتهم بنحو 95% من عدد السكان، بيد أن نظام الملالي يحاول تصفية الإقليم من مكوناته الهوياتية، كغيره من المناطق التي تحظى بقوميات غير فارسية؛ حيث تفرض عليها مجموعة من الإجراءات التعسفية، بغية تغيير الحالة الديمغرافية في تلك الأقاليم وإفقارها، وتهجير سكانها لمناطق سيطرة النظام.

 تفجير انتحاري في بلوشستان
أعلنت جماعة أنصار الفرقان، في بيان رسمي لها، مسؤوليتها عن الحادث، ونشرت، مساء السبت الماضي، صورة لمنفذ الهجوم الانتحاري، الذي استهدف مركزاً لقوات الأمن، في المنطقة الواقعة شرق طهران، فيما اعتبرته الجماعة مقراً لـ "الحرس الثوري الإيراني". ومن جانبها، كشفت أجهزة الأمن الإيرانية عن اعتقال أربعة أشخاص، تعتقد أنهم متورطون في الهجوم الانتحاري.
العنف والعنف المضاد في إيران
وبحسب ما جاء في بيان أنصار الفرقان، فإنّ عناصرها "استهدفوا بسيارة مفخخة مقراً عسكرياً في المدينة يديره الحرس الثوري الإيراني، وإنّ سيارة الـ "فان" التي تردد أنها من طراز "نيسان" واستخدمت في الهجوم، انفجرت عند مدخل المبنى، لكنها لم تتمكن من اقتحامه بسبب الإجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات "الحرس"، بعد كثير من الضربات التي وجهتها الجماعة ومنظمة "جيش العدل" إلى القوات الإيرانية".

حلم الانفصال لدى البلوش قضية مركزية، ولها مبرراتها في ظل عدم قدرة إيران على تحقيق عملية الاندماج الوطني

وإلى ذلك، أوضحت السلطات الأمنية، بحسب ما أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، أنّ شاحنة الـ "بيك آب" التي كان يستقلها الانتحاري، تحمل 500 كيلو من مادة "تي إن تي" شديدة الانفجار.
وتنتهج مجموعات معارضة عديدة ومتنوعة في مرجعياتها نشاطاً مسلحاً في إيران،  على تخوم الصراع المعقد ضد سياسة الملالي؛ بسبب الممارسات القمعية التي يقوم بها النظام ضد الأقليات القومية والدينية والإثنية، ومحاولة فرض أكثر من حزام أمني على تلك المناطق التي يتمركزون فيها، وبالتالي، تتصاعد وتيرة العنف والعنف المضاد، على خلفية شروع تلك الأقليات في المطالبة بحقوقها، في المواطنة الكاملة، والبحث عن استقلالها، والتحرر من قبضة النظام الإيراني، وتشكيل مشاريع انفصالية عن الدولة.

اقرأ أيضاً: حركة الصابرين.. هل تمثل ذراع التشيع الإيراني في غزة؟

 أنصار الفرقان

ومن بين هذه المجموعات، هناك الأقلية العربية في منطقة الأحواز، ومنظمات حقوقية تركمانية، وكردية، ويسارية؛ بعضها يرفع شعارات دينية، والبعض الآخر، يتبني قضايا العدل الاجتماعي في إطار دولة وطنية.
جماعة أنصار الفرقان.. التأسيس والأهداف
تمتد جذور جماعة أنصار الفرقان إلى منظمة جند الله، وكلاهما يشترك في الانتماء لقومية البلوش السنّة، ومعارضة الحكومة الإيرانية، ويعتبرون النظام الإيراني محتلاً لهذا الإقليم، منذ ما يقرب من ثمانية عقود، وكان إعدام ضابط المخابرات الإيرانية، شهاب منصوري، في العام 2005، من أبرز العمليات التي نفذوها، وهو العام ذاته الذي شهد انتفاضة إقليم الأحواز العرب، عبر سلسلة احتجاجات شعبية، أسفرت عن اعتقالات وإعدامات لناشطين عرب.

باحث مصري: طهران واحدة من الدول التي تنتشر على أطرافها العديد من الجماعات ذات الطابع الانفصالي

جاء تأسيس منظمة أنصار الفرقان، رسمياً، عبر ذلك التحالف والاندماج، في كانون الأول (ديسمبر) العام 2013، بيد أنّ السلطات الإيرانية قامت بإعدام زعيم جماعة جند الله، في العام 2010، وهو عبد الملك ريغي، بالإضافة إلى تصفية زعيمي أنصار الفرقان، هشام عزيزي ويكنى بـ"أبي حفص البلوشي"، وجليل قنبر، خلال عامي 2015 و2017.
وبحسب موقع "بي بي سي" العربي، فإنّ آخر العمليات التي نفذتها الجماعة، وقعت في كانون الأول (ديسمبر) العام 2017، عندما فجرت أنبوب نفط في محافظة خوزستان.
وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح محمود أبو القاسم، الباحث في الشأن الإيراني أنّ طهران واحدة من الدول التي تنتشر على أطرافها العديد من الجماعات، ذات الطابع الانفصالي، والتي ترفع السلاح في وجه الدولة، وتعد منطقة البلوش على الحدود الجنوبية الشرقية، واحدة من مناطق الأزمات العرقية في إيران، كما أنّ لدى سكانها مطالب انفصالية، في إطار حلم دولة قومية للبلوش، والتي يتوزع سكانها بين ثلاث دول؛ هي: إيران بمقدار 7 مليون نسمة، وباكستان 25 مليون نسمة، وأفغانستان 3 ملايين نسمة، وينتشر هؤلاء جميعاً على مساحة 240 ألف ميل مربع، موزعة بين الدول الثلاث.

اقرأ أيضاً: من جديد.. العراقيون يعودون إلى الشارع وإيران السبب

اكتسب ملف البلوش خصوصية في ظل الأهمية الجيوسياسية للإقليم

وأردف: "غداة رحيل الاستعمار عن تلك المنطقة، تم رسم الحدود وفق التوازنات والمصالح، دون أن يراعي التركيبات الإثنية للأقاليم، وربما كان ذلك عن عمد، بهدف اضعاف الكيانات السياسة الناشئة، وضمان استمرار الهيمنة عليها، بيد أنه في إطار فشل الدولة الوطنية في إيران، في أن تفتح أفقاً أمام مكوناتها الاجتماعية وتركيبتها الإثنية، عبر تبني دستور إقصائي بالأساس، حرمت تلك المناطق من حقوقها المشروعة، وفق قيم المواطنة والعدالة والمساواة، في الوقت الذي تمثل ثروات تلك المناطق، نسبة مهمة من الدخل القومي، وبالتالي، فإنّ حلم الانفصال التاريخي يظل قائماً، بل إنّ البلوش ما زالوا يعتبرون السلطة الإيرانية سلطة احتلال".

اقرأ أيضاً: ما مصير الأحواز في السجون الإيرانية؟
واعتبر أبو القاسم أنّ حلم الانفصال لدى البلوش، بمثابة قضية مركزية، ولها مبرراتها، "لا سيما في ظل عدم قدرة الدولة الإيرانية على تحقيق عملية الاندماج الوطني، والتعايش بين كافة المكونات".
واكتسب ملف البلوش خصوصية في ظل الأهمية الجيوسياسية للإقليم، التي ظهرت مع طرح المشروعات العملاقة التي تستهدف المنطقة، ويقوم بها عدد من القوى الدولية والإقليمية الكبرى، كمشرع الهند لتطوير ميناء تشابهار، في منطقة البوش بإيران، والمدعوم أمريكياً، بالإضافة إلى مشروع الصين، لتطوير ميناء جوادار، في منطقة البلوش باكستان، والأخيرة، تعتبرها الصين أحد محاور طريق الحرير، الذي سيعطيها هيمنة اقتصادية دولية، وكلا المينائين يقعان في منطقة البلوش ويفصل بينهما 70 كيلومتراً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية