لماذا تمنع إسرائيل لقاح كورونا عن الأسرى الفلسطينيّين؟

لماذا تمنع إسرائيل لقاح كورونا عن الأسرى الفلسطينيّين؟


18/01/2021

ظروف اعتقال غاية في الصعوبة يعانيها الأسرى الفلسطينيون داخل المعتقلات الإسرائيلية، في ظلّ انعدام البيئة الصحّية، وعقاب الآلاف من الأسرى بسحب العشرات من الأصناف المباعة داخل "كانتينة السجن"، من المعقمات ومواد التنظيف، لاتّخاذها كإجراءات وقائية في الغرف المكتظة بالمعتقلين، لتساهم تلك الإجراءات التعسفية في اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا بين الأسرى، في تحدٍّ إسرائيلي واضح لكافة القوانين والأعراف الدولية التي كفلت حقوقهم العادلة.

اقرأ أيضاً: لماذا تهدد إسرائيل بقطع رواتب الأسرى الفلسطينيين؟

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أنّ وزير الأمن الداخلي الإسرائيليّ، أمير أوحانا، أصدر تعليماته، في 26 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إلى مصلحة السجون بعدم منح الأسرى لقاح كورونا.

وربط أوحانا التطعيم بالحصول على تصاريح من الجهات الرسمية، فيما أتاح للمستخدمين والعاملين في مصلحة السجون تلقي اللقاح، والمتوقع أن يبدأ توزيعه عليهم خلال أسابيع.

بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية 4 آلاف و400 أسير

ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية 4 آلاف و400 أسير، من بينهم 39 أسيرة فلسطينية، و350 أسيراً يواجهون الاعتقال الإداري، و700 أسير يعانون أمراضاً مختلفة، فيما يقضي 570 أسيراً أحكاماً بالسجن المؤبد.

وكانت الهيئة قد أكدت، في 27 كانون الأول (ديسمبر) 2020؛ أنّ إجمالي الإصابات بفيروس كورونا في صفوف الأسرى قد بلغ 140 حالة، محمِّلة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة ومصير الأسرى. 

 دعوات إلى استثمار المواقف الإيجابية لعدد من المؤسسات الدولية، للضغط على الاحتلال لتغيير مواقفه العنصرية بحقّ الأسرى، بما ينسجم مع القانون الدولي الإنساني

وأصدرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بياناً صحفياً، في آذار (مارس) الماضي، أوضحت فيه أنّ السجون الإسرائيلية بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، بسبب قلة التهوية، والمساحة الصغيرة للغرف والأقسام، الذي بدوره لا يتناسب مع الاكتظاظ الكبير للأسرى داخل السجون.

وتلقت رابطة أطباء حقوق الإنسان، في الشهر ذاته، قراراً من المحكمة العليا الإسرائيلية، يفيد برفض الالتماس الذي قُدِّم إلى المحكمة، وتضمّن مطالبة وزارة الصحة الإسرائيلية ومصلحة السجون باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان توفير الرعاية الطبية الملائمة للأسرى.

وتُمعن سلطات الاحتلال في انتهاك حقوق الأسرى، المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية، فيما يتعلّق بحقّ المعتقلين بتلقي العلاج اللازم والرعاية الطبية؛ حيث كفلت اتفاقية جنيف الرابعة، في المواد (76) و(85) و(91) و(92)، حقّ الأسرى بتلقي الرعاية الطبية الدورية، وتقديم العلاج اللازم لهم.

تُمعن سلطات الاحتلال في انتهاك حقوق الأسرى

وأكّد قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية؛ أنّ عام 2020، يعدّ الأكثر انتهاكاً بحقّ الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ أمعن الاحتلال في الإهمال الطبي المتعمد بحقّ الأسرى، وتجاهل توصيات المنظمات الدولية بالإفراج عنهم، تخوّفاً من تفشي فيروس كورونا في ظلّ اكتظاظ السجون، إضافة إلى الاعتقالات الإدارية من دون لائحة اتهام، كما أمعن في انتهاك اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة، والقانون الدولي الإنساني، فيما يتعلق بحقوق الأسرى. 

اقرأ أيضاً: كيف تستغل إسرائيل "الكانتينا" لعقاب الأسرى الفلسطينيين؟

وذكر قطاع فلسطين، في تقرير له، في 16 كانون الأول (ديسمبر) الماضي؛ أنّ "الاحتلال الإسرائيلي سعى  خلال عام 2020 إلى إعادة أوضاع الأسرى للمربع الأول من تجربة الاعتقال في بداية الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، وعمل على منع الزيارات بحجة كورونا وحماية الأسرى، وعزل الأسرى بظروف صعبة".

قرار سياسيّ وعنصريّ

بدوره، يرى مدير مركز حريات للأسرى، حلمي الأعرج، أنّ "حجب الاحتلال الإسرائيلي لقاح كورونا عن الأسرى الفلسطينيين هو قرار سياسيّ، وإجراء عنصريّ، تستخدمه مصلحة السجون للتفريق بين المعتقلين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك بهدف ممارسة الإعدام البطيء بحقّ الأسرى الفلسطينيين، على الرغم من أنّ القانون الدولي الإنساني يجبر الدولة المحتلة على تقديم الرعاية والفحوصات الطبية اللازمة للأسرى وغيرهم، بشكل يماثل ما تقدمه لسكانها".

حلمي الأعرج

وتابع الأعرج، خلال حديثه لـ "حفريات": "دولة الاحتلال، منذ عدة عقود، لا تكترث لحياة الأسرى، باتّباعها سياسة الإهمال الطبيّ المتعمّد بشكل ممنهج، وهو ما فاقم بزيادة عدد الحالات المرضية للأسرى إلى أكثر من 700 حالة، كما بلغت الحالات المرضية المستعصية والمزمنة إلى ما يزيد عن 200 أسير من ذوي الأمراض المختلفة؛ كالسرطان، والقلب، والفشل الكلوي، والأمراض النفسية، وغيرها، دون تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم".

الناطق باسم مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى في حركة فتح، لـ "حفريات": "مصلحة السجون الإسرائيلية ترتكب جريمة حقيقية ضد الأسرى؛ بمنعها تحصينهم بلقاح كورونا

ولفت إلى أنّه "ليس مستبعداً أن تلجأ إسرائيل لإجراء تجارب طبية على الأسرى الفلسطينيين مع انتشار فيروس كورونا؛ حيث اعترفت أوساط سياسية وأعضاء بالكنيست الإسرائيلي سابقاً، بأنّه تمّ إجراء تجارب طبية بمعدل 1000 تجربة سنوياً على الأسرى الفلسطينيين، الأمر الذي يظهر أنّ الاحتلال الإسرائيلي يستخدم وسائل محرمة دولياً على الأسرى والأسيرات، في جرائم ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، وفق اتفاقية جنيف الرابعة وميثاق روما".

وأوضح الأعرج؛ أنّ "المعتقلات الصهيونية أصبحت بيئة خصبة لانتشار الأمراض، ومن بينها فيروس كورونا، وبات الأمر مرشّحاً لإصابة المزيد من الأسرى الفلسطينيين بالفيروس، مع زيادة الاحتكاك المباشر بالسجّانين الإسرائيليين، وكذلك سحب مواد التعقيم والمنظفات من الكانتينة، بالإضافة إلى رفض الاحتلال إطلاق سراح الأسرى المرضى، لتخفيف الاكتظاظ داخل السجون، حتى أضحى الوباء يشكّل خطراً حقيقياً على حياة الأسرى".

جريمة حقيقية

من جهته، يقول نشأت الوحيدي، الناطق باسم مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى بالهيئة القيادية العليا لحركة فتح، خلال حديثه لـ "حفريات": "مصلحة السجون الإسرائيلية ترتكب جريمة حقيقية بامتياز ضد الأسرى الفلسطينيين؛ بمنعها تحصينهم بلقاح كورونا، في إطار حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإنسانية، وعلى رأسها الحقّ في الوقاية من الأمراض، عبر ممارسة سياسة الإهمال الطبيّ المتعمّد بحقّهم".

نشأت الوحيدي

وترفض مصلحة السجون ترفض السماح لأيّة لجنة طبية محايدة بمتابعة أوضاع الأسرى الصحية، على الرغم من المطالبة الدائمة منذ سنوات طويلة بإتاحة لجان طبية، "إلا أنّ الاحتلال يتصرّف بمعزل عن القانون الدولي، وكأنّها دولة غير قابلة للمحاسبة، من خلال استمرارها في حرمان الأسرى من العلاج والرعاية الصحية، حتى وصل الأمر للزجّ بهم بين السجناء والسجّانين المصابين بكورونا، لنقل العدوى إليهم وتهديد حياتهم".

اقرأ أيضاً: العلاج أونلاين: إسرائيل تفاقم معاناة الأسرى الفلسطينيين

ولفت الوحيدي إلى أنّ "الأسرى الفلسطينيين لم، ولن، يكونوا يوماً من الأيام أولوية لدى مصلحة السجون الإسرائيلية للحفاظ على حياتهم، وأنّ مختلف الجرائم التي ترتكب بحقّهم تتم بضوء أخضر من رأس الهرم السياسيّ في دولة الكيان، الأمر الذي يحتّم على المجتمع الدولي ضرورة تأمين الحماية اللازمة والعاجلة لهم، في ظلّ وضعهم كرهائن بين أنياب الاحتلال".

استخدام الأسرى حقولاً للتجارب

بدوره، يقول عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، خلال حديثه لـ "حفريات": "القرار الإسرائيلي ينسجم مع التوجهات السياسية المتطرفة، بهدف شنّ هجمة متصاعدة بحقّ الأسرى، وتعمّد إلحاق الأذى والضرر بهم وتهديد حياتهم"، مشيراً إلى أنّ "مصلحة السجون الصهيونية تخفي الكثير من المعلومات والحقائق عن الأسرى المرضى، وترفض في كثير من الأحيان منحهم ملفاتهم الطبية، لعدم الإفصاح عن طبيعة الأمراض التي تصيبهم، حتى وصلت الإصابات بكورونا بين الأسرى إلى أكثر من 189 إصابة، ومن المتوقع أن تصل الأرقام إلى مستويات مرتفعة".

عبد الناصر فروانة

ولفت إلى أنّ "المعلومات التي تصل من مصلحة السجون الإسرائيلية، لا يمكن الوثوق بها، طالما يجرى الإفصاح عنها بعيداً عن أيّة رقابة إعلامية محايدة، ومن الممكن أن تكون الإصابات في صفوف الأسرى أكثر من ذلك بكثير، وتتكتّم سلطات الاحتلال عن الإعلان عن أعداد الإصابات الحقيقية في صفوفهم، خشية من الحقيقة وفضح أمرها دولياً، وكذلك كوسيلة لاستخدام الأسرى كحقول للتجارب على بعض الأدوية مجهولة المصدر".

وأكّد فروانة أنّه "لا بدّ من استثمار المواقف الإيجابية لعدد من المؤسسات الدولية، للضغط على الاحتلال لتغيير مواقفه العنصرية بحقّ الأسرى، بما ينسجم مع القانون الدولي الإنساني"، موضحاً أنّ "على المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر والمؤسسات الأخرى التي تعنى بالقانون الدولي والإنساني، أن تتحمّل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية، لتأمين الحماية للأسرى، في ظلّ البيئة الملوثة والمعطيات القاسية التي تعيشها المعتقلات الإسرائيلية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية