لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟

لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟


08/05/2022

خلال السنوات الـ 10 الماضية، كان الرهان على منظومة الإعلام الإخوانية، من جانب التنظيم، كبيراً للوصول إلى أهداف محددة تتعلق بمحورين أساسين: الأول؛ هو إثارة الفوضى ونشر الأجندات التخريبية في مصر والمنطقة العربية بوجه عام، والثاني؛ محاولة تمهيد وتطويع المشهد السياسي العربي لعودة الإخوان إلى العمل السياسي مجدداً وتحسين صورة التنظيم المصنف إرهابياً في عدد من الدول العربية.

واللافت في الأمر أنّ إعلام الجماعة، لم ينجح في تنفيذ أي مهام أوكلت إليه خلال الأعوام الماضية، برغم تمويلات ضخمة، تُقدّر بمليارات الدولارات، وإتاحة جميع إمكانيات التنظيم الدولي من أموال وشبكات اتصالية مع مختلف الحكومات، خاصة في الدول التي نشط بها وأبرزها بريطانيا وتركيا، لخدمة تلك المنظومة وتسهيل آليات عملها.

لماذا سقط إعلام الإخوان؟

ويعدد الكاتب والمحلل السياسي المصري هاني عبد الله، أسباب سقوط منظومة الإعلام الإخواني، الأول؛ هو الاعتماد على أجندة تخريبية باستهداف المنطقة العربية، وبث خطاب تحريضي يعتمد على معلومات مزيفة ووقائع مفبركة وغير حقيقية بهدف إثارة الفوضى والتحريض ضد الأنظمة العربية والشعوب أيضاً انتقاماً من حالة السقوط المدوّي للجماعة في أعقاب ثورة ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠١٣، وما تبعها من تحركات شعبية عربياً أسقطت فلول الإخوان من الحكم في الدول التي وصلوا بها إلى السلطة في أعقاب عام ٢٠١١. 

وفي تصريح لـ"حفريات"، يقول عبد الله إنّ السبب الثاني لسقوط منظومة الإعلام الإخوانية؛ هو افتقادها لكافة المعايير المهنية والأخلاقية على مستوى المحتوى الذي تقدمه، أو العناصر التي تعمل بها، مشيراً إلى افتقار جميع العاملين في هذه المنصات للحد الأدنى من قواعد العمل الصحفي أو الإعلامي وعدم التزامهم بالمهنية والكفاءة، في مقابل خدمة مصالح التنظيم الإرهابي.

 السبب الثاني لسقوط منظومة الإعلام الإخوانية؛ هو افتقادها لكافة المعايير المهنية والأخلاقية على مستوى المحتوى الذي تقدمه

ويشير عبد الله إلى أنّ الكوادر التي اعتمدت عليها الجماعة في منظومتها الإعلامية محدودة الإدراك والفهم السياسي وكانت ضعيفة للغاية من ناحية الفهم والتحليل السياسي للمواقف، وجميعها من عناصر التنظيم وليس لديهم أي قدرات إعلامية أو سياسية، وبالتالي كان من المتوقع أن تؤول جميعها إلى "مستنقع الفشل" والعجز عن تحقيق أي أهداف رغم الإمكانيات الهائلة التي تم توفيرها لها.

ويوضح عبد الله أنّ إعلام الإخوان "سعى إلى تحقيق مجموعة من المخططات التخريبية لمصر منذ عام 2013، بالاعتماد على محور الفوضى بخلق الشائعات والترويج لرواية الجماعة حول الأحداث والوقائع الداخلية في مصر بغرض تشويه صورة الدولة ومؤسساتها، لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف"، والأبعد من ذلك، وفق عبدالله، أنّ الجماعة "فشلت أيضاً في تقديم صورة معينة عنها أو تعزيز فكرة المظلومية الشعبية التي انهارت تماماً بعد انكشاف الوجه الحقيقي للجماعة من خلال العمليات الإرهابية التي مارستها في الفترة التي أعقبت سقوطهم". 

ما السيناريوهات المحتملة؟

وحول السيناريوهات المستقبلية يرى عبد الله أنّ الجماعة ستعتمد بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة على الكتائب الإلكترونية للعب الدور البديل عن الإعلام لتنفيذ تلك المخططات التخريبية، ولكن الأمر سيظل متأثراً أيضاً بالأزمة التي تمر بها الجماعة على المستوى الداخلي بين قيادات تركيا وبريطانيا والتي أفقدتها أي قدرة على صناعة قرار أو التأثير في الموقف سواء داخل التنظيم أو خارجه. 

إعلام الجماعة لم ينجح في تنفيذ أي مهام أوكلت إليه خلال السنوات الماضية برغم التمويلات الضخمة التي تقدر بمليارات الدولارات

ويرجح عبد الله أن يظل اعتماد الإخوان على المنصات الإعلامية الإخوانية بشكل محدود، على أن يتم نقلها جميعها من تركيا إلى دول أوروبية أبرزها بريطانيا التي تحتضن بالفعل عدداً من القنوات الفضائية التابعة للجماعة. 

والملمح الأهم في سقوط إعلام الجماعة، وفق عبدالله، يتمثل في حالة الانكشاف والرفض الشعبي من جانب المواطنين، الذين تأكدوا من عدم مصداقية الجماعة وتخلّيها عن أي قواعد مهنية أو أخلاقية وبالتالي فقدوا أي رغبة في متابعتها أو تصديقها.

الصراع الداخلي.. وانهيار المنظومة الإعلامية

وفي السياق، أرجعت دراسة صادرة عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ضمن سلسلة تناولت الوضع الراهن لمنظومة الإعلام الإخواني وسيناريوهاتها المستقبلية، أهم الأسباب التي أدت في النهاية إلى فشل الخطاب الإعلامي الإخواني في تحقيق أهدافه، أبرزها انشغال الجماعة بالصراعات والانقسامات الداخلية التي ضربت صفوف التنظيم في الفترة الأخيرة، وانتشار الفساد داخل التنظيم، ما انعكس على إعلامهم الذي عجز على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له. 

وأوضحت الدراسة أنّ "إعلام الإخوان قد ابتعد عن أخلاقيات العمل الإعلامي، حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) وعزل محمد مرسي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري".

إعلام الإخوان ابتعد عن أخلاقيات العمل الإعلامي

ولفتت إلى أنّ ابتعاد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي واعتماده على التهويل والتحريض على العنف واستخدام لغة غير لائقة، أسهم أيضاً في فقدانه المصداقية وتراجع تأثيره، ومن ثم عدم قدرته على تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أُسِّس من أجلها.

أفول بلا رجعة

ومنذ أواخر عام 2013، دشنت جماعة الإخوان مجموعة من القنوات الفضائية والمنصات الإعلامية في تركيا وبريطانيا، إلى جانب منصاتها التقليدية والكتائب الإلكترونية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها قنوات الشرق، مكملين، ووطن وغيرها، إلى جانب عشرات المواقع الإخبارية والمنصات عبر "السوشيال ميديا" وكذلك المجموعات غير الرسمية، واستهدفت جميعها خلق مساحات من الفوضى لصالح مشروع الإخوان في المنطقة واستهدفت الحكام ومؤسسات الدول الوطنية. 

محلل سياسي: الملمح الأهم في سقوط إعلام الجماعة يتمثل في حالة الانكشاف والرفض الشعبي من جانب المواطنين الذين تأكدوا من عدم مصداقية الجماعة وتخليها عن أي قواعد مهنية أو أخلاقية

والأسبوع الماضي، أعلنت قناة مكملين الإخوانية، وقف البث نهائياً من تركيا، فيما تحدثت مصادر وخبراء عن احتمال إغلاق كافة المنصات التابعة للإخوان في تركيا خلال الفترة المقبلة واللجوء إلى بدائل لسد حالة الفراغ الراهنة، لكن الكثير من العقبات تقف حائلاً أمام رغبة الجماعة في التقدم نحو أي هدف في ضوء احتدام صراعاتها الداخلية.

مواضيع ذات صلة:

حتى لا تخدعنا الشعارات: كيف يوظف الإخوان المراكز البحثية في المنطقة العربية؟

كيف أسقط أصحاب الياقات البيض في جماعة الإخوان رايات التمكين؟

الجماعة الإسلامية في الهند.. ذراع الإخوان الحذرة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية