لماذا قبّل البابا أقدام زعماء جنوب السودان؟

البابا فرنسيس

لماذا قبّل البابا أقدام زعماء جنوب السودان؟


14/04/2019

الدهشة التي أثارها بابا الفاتيكان الأسبوع الماضي، حينما انكبّ على ركبتيه لتقبيل أقدام زعماء جنوب السودان المتحاربين السابقين، أوحت للكثيرين أنّ هذا السلوك البابوي غير مسبوق، لكنّ الوقائع تؤكد أنّ البابا قام من قبل بتقبيل أقدام لاجئين مهاجرين وسجناء سابقين.

اقرأ أيضاً: جدل حول حقوق المسيحيين في المغرب يسبق زيارة البابا للرباط
وقد يكون مصدر الاحتفاء الكبير بالحدث أنه تزامن مع الانقلاب العسكري في السودان، وإجبار الرئيس عمر البشير على التنحي عن الحكم، بقرار من قيادة الجيش التي احتجزته في "مكان آمن" ووعدت بمحاكمته في السودان وعدم تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.
طقوس غسل الأقدام
وتعود طقوس غسل الأقدام، وفق معتقدات المسيحيين، إلى السيد المسيح الذي قام بها قبل العشاء الأخير مع تلاميذه، وفق رواية إنجيل يوحنا (الإصحاح 13)، ثم تطور فيما بعد لتتبناه الكنيسة الكاثوليكية بحيث يغسل الكاهن يوم الخميس المقدس الذي يسبق عيد الفصح، أقدام اثني عشر شخصاً يرمزون إلى رسل المسيح.

يشكك الكثيرون بأنّ يهوذا الإسخريوطي لم يكن مع التلاميذ على مائدة العشاء الأخير، وأنّ المسيح لم يغسل قدمه

وفي هذا السياق، ومن أجل حثهم أن يكونوا رسل سلام، قبّل البابا أقدام قادة جنوب السودان المتناحرين، حاثاً إياهم على عدم العودة للحرب الأهلية.
وجمع الفاتيكان زعماء جنوب السودان على مدى 24 ساعة من الصلاة والوعظ في مقر إقامة البابا، في محاولة لرأب الانقسامات المريرة قبل التشكيل المقرر لحكومة وحدة.
وحث البابا رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، ونائبه السابق الذي تحوّل إلى زعيم للمتمردين رياك مشار، وثلاثة نواب آخرين للرئيس، على احترام الهدنة والالتزام بتشكيل حكومة وحدة الشهر المقبل، وفق ما ذكرت وكالة "رويترز".
قبّل البابا أقدام قادة جنوب السودان المتناحرين، حاثاً إياهم على عدم العودة للحرب الأهلية

"أطلب منكم كأخ أن تبقوا في سلام"
وقال بابا الكنيسة الكاثوليكية في كلمة مرتجلة: "أطلب منكم كأخ أن تبقوا في سلام. أنا أطلب منكم من قلبي، دعونا نمضي قدماً. ستكون هناك العديد من المشكلات لكنها لن تتغلب علينا. حلوا مشاكلكم".
ويبدو أنّ القادة انتابتهم الدهشة؛ لأنّ البابا البالغ من العمر 82 عاماً، الذي يعاني من ألم مزمن في الساق، كان يعاونه مساعدوه وهو يركع بصعوبة لتقبيل أحذية الزعيمين الخصمين وعدة أشخاص آخرين في الغرفة.

اقرأ أيضاً: البابا يعلن "حرباً شاملة" على الانتهاكات الجنسية
وأضاف البابا فرنسيس باللغة الإيطالية بينما كان أحد مساعديه يترجم حديثه إلى الإنجليزية: "ستكون هناك صراعات وخلافات فيما بينكم ولكن احتفظوا بها بينكم، داخل المكتب، إذا جاز التعبير. لكن أمام الناس، ضعوا أيديكم في أيدي بعض لتأكيد الوحدة. لذا، كمواطنين بسطاء، ستصبحون آباء للأمة".
وخاض السودان صراعاً استمر عقوداً مع الجنوب، قبل أن ينال جنوب السودان استقلاله عام 2011. وبعد ذلك بعامين اندلعت حرب أهلية في جنوب السودان عندما أقال سلفا كير، وهو من قبيلة الدينكا، مشار وهو من جماعة النوير العرقية، من منصب نائب الرئيس.
وقُتل حوالي 400 ألف شخص، ونزح نحو ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 12 مليون نسمة، مما تسبب في اندلاع أسوأ أزمة لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

اقرأ أيضاًَ: ما الغرابة في زيارة البابا للإمارات؟
وفي خطاب معد ألقي في وقت سابق من يوم الخميس، قال فرنسيس إنّ شعب جنوب السودان "منهك بسبب الحرب، وإنّ على القادة واجب بناء دولتهم الفتية بالعدالة". كما كرر رغبته في زيارة البلاد مع زعماء دينيين آخرين لتوطيد السلام.
عندما قبّل البابا أقدام 12 سجيناً
وكان بابا الفاتيكان قام، في آذار (مارس) من العام 2018، بغسل وتقبيل أقدام 12 من السجناء بينهم مسلمان اثنان، خلال قداس أقيم في سجن "ريجينا تشيلي" بالعاصمة الإيطالية روما. وحسب إذاعة الفاتيكان، قام رأس الكنيسة الكاثوليكية بغسل أقدام 4 إيطاليين، وفلبينيين اثنين، ومولدافي وكولومبي ونيجيري وسيراليوني، إضافة إلى مسلمين اثنين من المغرب. ويقضي السجناء الاثنا عشر، أحكاماً بمدد متفاوتة تتصل بجرائم جنائية. وترأس البابا فرانسيس بعد ذلك قداساً في باحة السجن حضره 600 من السجناء، تحدث فيه عن قيم الإخاء والمحبة بين البشر.
وفي آذار (مارس) من العام 2016 خصص بابا الفاتيكان، قداس ذلك العام للاجئين والمهاجرين، حيث قام بغسل أقدام 11 لاجئاً مسلماً ومسيحياً وهندوسياً، وتقبيلها قائلاً إنّ الجميع "إخوة".

قام بغسل وتقبيل أقدام 12 من السجناء بينهم مسلمان اثنان
وقام فرنسيس خلال القداس الذي جرى في كاستل نوفو دي بورتو، قرب العاصمة الإيطالية روما، بالركوع أمام كل لاجئ وسكب الماء المقدس على أقدام 11 لاجئاً مؤلفين من ثلاثة مسلمين من سوريا ومالي وباكستان وأربعة نيجيريين كاثوليك وثلاث إريتريات قبطيات، إضافة لهندي هندوسي، من إبريق من النحاس الأصفر ثم مسحها وقبّلها.

اقرأ أيضاً: شاهد ماذا حدث مع فلبينية عند لقائها البابا في الإمارات
وندّد البابا، آنذاك، بمذابح "مبادرات الحرب التي يقوم بها أناس متعطشون للدماء وصناعة الأسلحة". وطالب المئات من طالبي اللجوء من مختلف الديانات "القيام جميعاً ببادرة أخوّة" تجاه بعضهم البعض.
وفي العام 2015، خصص البابا فرنسيس القداس للاجئين والمهاجرين ولسجناء في أحد دور التأهيل في العاصمة الإيطالية، وفي عام 2014 لعاجزين في مركز لرعاية المسنين، في عام 2013 لسجناء قاصرين.

من هم رسل المسيح؟
ذكرت الأناجيل القانونية الأربعة أسماء الرسل الإثني عشر الذين اختارهم السيد المسيح، من ضمن تلاميذه لنشر رسالته، وهم:
1- أندراوس: صياد من بيت صيدا في الجليل وهو أول رسول دعاه يسوع وكان قبل ذلك تلميذاً ليوحنا المعمدان.

في 2016 خصص البابا قداساً للاجئين والمهاجرين، حيث قام بغسل أقدام 11 لاجئاً مسلماً ومسيحياً وهندوسياً، وتقبيلها

2- سمعان بطرس: أخو أندراوس وهو صياد من بيت صيدا في الجليل.
3- فيلبس: صياد من بيت صيدا في الجليل
4- يعقوب بن زبدي: صياد من بيت صيدا في الجليل
5- يوحنا بن زبدي: صياد، وهو الملقب بإبن الرعد وأخو يعقوب.
6- برثولماوس أو نثنائيل: صياد هو صديق فِيلُبُّسُ و أكيد بَرْثُولَمَاوُسُ كان يعمل مثل فِيلُبُّسُ صياداً.
7- يعقوب بن حلفي: (يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ)
8- يهوذا لَبَّاوس الملقب تَدَّاوس: أخو يعقوب بن حلفي وذُكر اسمه كيهوذا بن حلفي في بعض آيات الإنجيل وهو ليس يهوذا الإسخريوطي.
9- متى العشار: من كفرناحوم في الجليل وكان عشار يجمع الجباية.
10- توما: كان يقال له التَّوأم أيضاً، حيث إنّ اسمه مشتق من الاسم الآرامي "توماس" الذي يعني التَّوأم.
11- سمعان القانوي: ويلقب أيضاً بسمعان الغيور.
12- يهوذا الإسخريوطي: الذي باع المسيح بثلاثين من الفضة. وتم استبداله بماتياس بعد موته منتحراً.

هل غسل المسيح قدم يهوذا؟
يشكك الكثيرون بأنّ يهوذا الإسخريوطي لم يكن مع التلاميذ على مائدة العشاء الأخير، في حين يعتقد البعض، كما تذكر المصادر التاريخية، بأنّ المسيح لم يغسل قدم يهوذا لأنه لم يكن موجوداً.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة تخلد الإمارات ذكرى زيارة البابا وشيخ الأزهر
رغم تأكيد الإنجيل على وجود يهوذا على المائدة وتناوله لجسد ودم المسيح، إلا أنّه في الأيقونات القبطية يختفي يهوذا من المائدة ويُلاحظ أنّ المسيح أمامه الكأس وفي يده الخبز ليكسر ويعطي.. لكن هناك 11 تلميذاً فقط في الأيقونة القبطية بدلاً من 12.
ويذكر إنجيل يوحنا أنّ المسيح  قام عن العشاء، وخلع ثيابه، وأخذ منشفة وائتزر بها، ثم صب ماء في مغسل، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان مؤتزراً بها، فلما أنهى ذلك أخذ ثيابه وقال لتلاميذه: أتفهمون ما قد صنعت بكم. أنتم تدعونني معلماً وسيداً، وحسناً تقولون، لأني أنا كذلك، فإن كنت، وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض، لأنني أعطيتكم مثالاً، حتى تصنعوا ما صنعت بكم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية