لماذا هبّ العالم الغربي لدعم طالبان في أفغانستان؟

لماذا هبّ العالم الغربي لدعم طالبان في أفغانستان؟


14/10/2021

استضاف رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي، ‏لقاء زعماء العالم بشكل افتراضي يوم الثلاثاء 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2021م لمناقشة سبل منع وقوع كارثة اقتصادية وإنسانية في أفغانستان.

وحسب تقرير مطول نشر في اليوم نفسه لصحيفة "واشنطن بوست" لكل من مايكل كرولي وستيفن إيرلانجر "تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مليار يورو (1.15 مليار دولار)، لمساعدة أفغانستان والدول المجاورة، وأكد قادة مجموعة الـ20 بشكل منفصل دعمهم لحقوق الإنسان والاستقرار في البلاد، لكنّ إدارة بايدن حافظت على موقف حذر تجاه تقديم المزيد من الدعم لحركة ‏طالبان.‎

اقرأ أيضاً: حركة طالبان تحذر من موجات جديدة من النزوح لهذا السبب

وقالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية في بيان لها: "يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب انهيار إنساني واجتماعي واقتصادي كبير في أفغانستان"، "نحن بحاجة إلى القيام بذلك بسرعة."

لكن بعد اجتماعين مع مسؤولي طالبان على مدار الأيام القليلة الماضية احتضنتهما العاصمة القطرية الدوحة، لم تعلن إدارة بايدن عن أي مساعدة أمريكية جديدة للبلاد، بينما تتنقل في مقاربتها لحكومة أفغانية تديرها مجموعة حاربت الولايات المتحدة منذ ما يقرب من 20 عاماً.

اقرأ أيضاً: هل باستطاعة طالبان قمع التهديد المتصاعد لداعش؟

ويقول الخبراء إنّ تمويل الاتحاد الأوروبي، الذي تم التعهد ببعضه بالفعل الشهر الماضي، كان في أفضل الأحوال حلاً مؤقتاً للحاجة الهائلة في أفغانستان، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، ونظامها المالي على وشك الانهيار، فقد تم قطع معظم المساعدات الدولية للبلاد منذ منتصف آب (أغسطس) الماضي، عندما انهارت الحكومة الأفغانية وتولت طالبان السلطة.

تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مليار يورو (1.15 مليار دولار)، لمساعدة أفغانستان والدول المجاورة

لقد أنتج اجتماع مجموعة الـ20 إعلاناً لمبادئ مألوفة في الغالب، بما في ذلك الحاجة إلى حماية حقوق المرأة الأفغانية، وضرورة السماح لطالبان بتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق. وقد شارك الرئيس بايدن في التجمع الافتراضي، لكنّ بعض القادة الرئيسيين، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، لم يشاركوا.

اقرأ أيضاً: داعش وطالبان.. تصاعد صراعات النفوذ والسيطرة

وقد أكدت إدارة بايدن دعمها "لاستخدام الوسائل الدبلوماسية والإنسانية والاقتصادية" لمساعدة الشعب الأفغاني، ولكن فقط بعد أن شددت أولاً على أنّ القادة في الاجتماع ناقشوا الحاجة إلى الحفاظ على مسألة التركيز الشديد على مكافحة الإرهاب والممر الآمن للرعايا الأجانب والأفغان المؤهلين للحصول على اللجوء في الولايات المتحدة.

وأكد مسؤولون أنّ الإرهاب والممر الآمن كانا الموضوعين الرئيسيين للنقاش في لقاءين منفصلين عقدهما مسؤولون أمريكيون مع ممثلين عن طالبان في الدوحة على مدار الأيام العديدة الماضية، وهو الأول من نوعه منذ تشكيل طالبان الحكومة في أيلول (سبتمبر) الماضي، وأنّ القرارات الأكبر والأكثر خطورة، مثل منح طالبان اعترافاً دبلوماسياً، أو إلغاء تجميد مليارات الدولارات من الأصول الأفغانية، ليست وشيكة.

في الإطار نفسه، وفي إيجازه للصحفيين يوم الثلاثاء 12 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: إنّ حرمان الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وضمان مخرج من البلاد للأشخاص المعرضين للخطر "مصالح وطنية جوهرية"، إذ قد يؤدي المزيد من الفوضى الاجتماعية إلى تأجيج التطرف داخل حدود أفغانستان ويتسبب في تدفق اللاجئين في وقت ما تزال فيه أوروبا تكافح مع موجة المهاجرين على مدى العقد الماضي والتي أدت إلى زعزعة استقرار الحكومات وغذت القومية اليمينية المتطرفة.

اقرأ أيضاً: أول اجتماع رسمي بين أمريكا وطالبان... ماذا تمخض عنه؟

وأشار برايس إلى أنّ الولايات المتحدة وافقت على تقديم ما يقرب من 64 مليون دولار كمساعدات إنسانية للبلاد في الأسابيع الأخيرة، وأنّ ممثلاً عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية انضم إلى جلسة نهاية الأسبوع التي عقدها المسؤولون الأمريكيون مع طالبان في الدوحة.

إنّ القرارات ذات التداعيات الشاملة، بما في ذلك ما إذا كان سيتم الاعتراف رسمياً بالحكومة الأفغانية الجديدة، والسؤال الحاسم حول ما إذا كان سيتم إلغاء تجميد 9.5 مليار دولار من الأصول الوطنية الأفغانية التي يحتفظ بها الاحتياطي الفيدرالي، ستعتمد على الطريقة التي تختارها طالبان لحكم أفغانستان.

وهنا قالت فون دير لاين: إنّ تعهد الاتحاد الأوروبي يشمل 300 مليون يورو للمساعدات الإنسانية التي تم الإعلان عنها بالفعل، إلى جانب 250 مليون أخرى لتقديم دعم إضافي لمن هم "في حاجة ماسة إليه، ولا سيّما في مجال الصحة".

اقرأ أيضاً: طالبان وباكستان: علاقة مضطربة تنخرها الشروخ والمخاوف

من جانبه، قال أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة يوم الثلاثاء 12 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري: "إنّ حكومة طالبان الجديدة تعاونت بشكل عام مع وكالات المعونة التابعة للأمم المتحدة، وسمحت تدريجياً بالوصول إلى المناطق المطلوبة ووفرت الأمن عند الحاجة".

هذا على الرغم من قيام طالبان باختطاف وقتل عمال الإغاثة الأجانب خلال تمردهم الذي دام عقدين من الزمن، إلا أنّ لديهم مصلحة كبيرة في تهدئة المجتمع الدولي الآن بعد أن أصبحوا في السلطة، ويأملون في الحصول على اعتراف دبلوماسي ودعم اقتصادي مباشر لإعادة بناء بلد فقير مدمر بعد عقود من الحرب.

عودة إلى البدء؛ وللإجابة عن سؤال في العنوان: لماذا هذه الهبّة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة لمساعدة طالبان؟ فقد لخّص وأجاب رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي،  الذي استضاف اجتماع مجموعة الـ20، عن السؤال بصراحة ووضوح عندما وصف اللقاء في مؤتمر صحفي بأنه "أول استجابة متعددة الأطراف للأزمة الأفغانية، وأنّ التعددية في السياسية الدولية تعود".

وأضاف دراجي: "إنّ مناقشات القادة تجاوزت اللوم في سقوط كابول، وهي القضية التي هيمنت على اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، إلى مسألة الإغاثة الإنسانية، وقال: "هذا على الأقل يسمح لنا بالتغلب على الاختلافات الحتمية في وجهات النظر".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية