لماذا يتظاهر الإيرانيون ضد النظام وهل ينجحون في إسقاطه؟

لماذا يتظاهر الإيرانيون ضد النظام وهل ينجحون في إسقاطه؟


29/01/2020

ترجمة: علي نوار


عادت التظاهرات لتعمّ أرجاء المدن الإيرانية من جديد في 11 كانون الثاني (يناير) الجاري، في أعقاب اعتراف حكومة الجمهورية الإسلامية بإسقاطها "عن طريق الخطأ" لطائرة ركاب.

مستوى الوعي ارتفع بشدّة على مدار الأسابيع الأخيرة، ولم يعد فصيل واحد من النظام الإيراني لم يتلقّ الاتهامات بالقمع الوحشي

تعود الأحداث إلى اغتيال الولايات المتحدة لقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يوم الثالث من كانون الثاني (يناير) 2020، وجاءت ردّة الفعل الإيرانية متمثّلة في الهجوم بالصواريخ على ثلاث قواعد عسكرية أمريكية، على الأقل، في الأراضي العراقية. كانت حصيلة هذا الهجوم هي عدم سقوط أي جندي أمريكي قتيلاً. لكن وبعدها بعدّة أيام سقطت طائرة الرحلة رقم 752 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية من قبل قوات الحرس الثوري في عمل غريب بعد الاشتباه في كونها طائرة معادية. كانت حصيلة هذا الاعتداء مصرع جميع ركّاب الطائرة البالغ عددهم 176 شخصاً يحملون جنسيات سبع دول مختلفة.

كانت حصيلة هذا الاعتداء مصرع جميع ركّاب الطائرة البالغ عددهم 176 شخصاً

لقد حاول النظام الإيراني استغلال مقتل سليماني لتعزيز أركانه على المستوى الداخلي. وبالفعل ظهر عدد لا حصر له من اللافتات المطبوعة خصيصاً لهذا الحدث والتي تصف سليماني بـ"شهيد" و"بطل" وظهرت في جميع أنحاء البلاد بعد ساعات قليلة من مصرعه. ونُظّمت المسيرات الجنائزية في عدد من المدن العراقية والإيرانية على حدّ سواء. تحدّثت الصحافة العالمية عن آلاف، بل ملايين المُشيّعين، وأجرت مقابلات مع شباب ونساء يذرفون الدمع داخل ما يشبه نقاط بُكاء جماعية تتّشح بالسواد كلها. أما الأصوات الناقدة للقيادي العسكري والنظام الإيراني بأسره فلم تجد مكاناً لها سوى داخل أبواق النخبة الإعلامية من جانب اليمين تحديداً والمحافظين في جميع الدول الأخرى حيث وصفوا سليماني بـ"إرهابي".

ضرب طائرة الركّاب

وبينما كان شخص يصوّر من ضواحي مدينة برند في تلك الليلة بهاتفه المحمول لحظة اصطدام الصاروخ بطائرة الخطوط الجوية الأوكرانية، حاول النظام الإيراني وعلى مدار ثلاثة أيام تالية إنكار الأمر. واعتبرت جميع القطاعات سواء المحافظين المتشدّدين أو الإصلاحيين في إيران، ووسائل الإعلام الروسية والباحثون والخبراء "المحايدون" في النسخة الفارسية من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أنّ الحادث نجم عن "عطل فنّي" في الطائرة. رغم أنّ الشخص الذي سجّل الواقعة أُلقي القبض عليه.

اقرأ أيضاً: الخلافة الإيرانية وتداعيات مقتل سليماني

وتمسّكت سلطات الطيران المدني الإيرانية بإنكار فكرة أنّ الطائرة الأوكرانية طراز "بوينج 737-800" تعرّضت لهجوم بصاروخ، إلّا أنّ مقاطع الفيديو التي صوّرها سكّان برند بهواتفهم المحمولة والضغط الخارجي من جانب آخر، أجبرا النظام على الاعتراف بحقيقة ما وقع في تلك الليلة.

ووفقاً للقيادة العليا الإيرانية، فإنّ طائرة الركّاب الإيرانية اقتربت من موقع مهم لتجارب الصواريخ يتبع الحرس الثوري، الذي التبس عليه الأمر وظنّ أنّها طائرة مقاتلة معادية. كانت جميع القوات في حالة "تأهّب قصوى" تلك الليلة بسبب الهجمات الإيرانية الانتقامية ضد القوات الأمريكية في العراق. تسبّب هذا الوضع في تعرّض الطائرة للقصف "عن طريق الخطأ ودون قصد".

"اذهب إلى الجحيم أيها الدكتاتور!" أحد أشهر الهتافات الموجّهة ضد القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية

وأخيراً وقبل عدّة أيام، خرج رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف ليعلنا أنّ قوات الحرس الثوري هاجمت "عن طريق الخطأ" الطائرة.

وحتى إقرار النظام الإيراني في النهاية بمسؤوليته عن الحادث الجوي، اتّحد الإصلاحيون والمحافظون في إنكارهم للحقيقة. إلّا أنّه وبعد تكشّف الوقائع عمّا حدث، زادت الفجوة بين المعسكرين بعد لجوء أحدهما لخطّة إقالة روحاني في وقت يعتقد الآخر أنّه ضحية لمؤامرة إصلاحية أو غربية. ويجرى الحديث في الوقت الحالي عن "حرب نفسية من وزارة الدفاع الأمريكية".

وتعبّر ممارسات جناحي النظام عن حالة الازدواجية التي يعاني منها الإصلاحيون على وجه الخصوص. فمن يسمّون أنفسهم بالإصلاحيين كانوا هم نفس الساسة الذين ارتكبوا مذابح بحق آلاف الأشخاص ونفّذوا حملات من القمع والاعتقالات بحق المتظاهرين غير المسلّحين على مرّ الأشهر المنصرمة. لكنّهم وعلى نحو مباغت انضمّوا لمشيّعي المسافرين ضحايا حادث الطائرة. وفي الوقت ذاته، هم أيضاً المسؤولون عن مصرع 1500 شخص في الأسابيع الماضية.

بداية التظاهرات الحاشدة

خرجت الاحتجاجات الجديدة في خمس مدن إيرانية، على الأقل، مؤخّراً هي العاصمة طهران وأصفهان وهمدان ورشت وبابل. كانت بؤرة الحراك هي الجامعات التي تحرّك منها الطلّاب. بعدها امتدّت الاحتجاجات إلى مدن أخرى حيث توجد مقاطع فيديو من سنندج وبانه وأهواز ويزد وسمنان وكرج وتبريز وكرمان وشيراز وآراك وزنجان.

وفي محافظة بلوشستان، التي تناضل من أجل الحكم الذاتي في جنوب شرقي البلاد، لم تخرج أي تظاهرة نظراً للسيول الجارفة التي تشهدها. إلّا أنّها لا تتلقى أي مساعدات من الحكومة المركزية. وبدلاً من ذلك، يجري حالياً استثمار 200 مليون يورو في تشغيل الصواريخ. وقد أعرب الطلّاب عن تضامنهم مع سكّان بلوشستان الذين يعانون القمع.

اقرأ أيضاً: هل سيتقلص نهج إيران في التمدّد الإقليمي بعد مصرع سليماني؟

إنّ التظاهرات تناهض نظام الجمهورية الإسلامية نفسه ويطالب المحتجّون باستقالة الحكومة ورأس السلطة السياسية-الدينية آية الله علي خامنئي في تحوّل جذري خلال أسابيع قليلة حيث كان الناس قبلها يهتفون "لسنا خائفين! نحن متّحدون!"، لكن الهتاف بات الآن موجّهاً ضد أحد أكثر الأجهزة القمعية في إيران "الباسيج" والتي تستقبل شعارات مثل "خافوا منّا لأنّنا متّحدون!" وكذلك "كاذبون!" الذي أصبح يُسمع كثيراً أثناء التظاهرات.

حالة من الشقاق تضرب المجتمع الإيراني من الداخل وتنعكس بعناصر الدولة: السلطتان المُنتخبة والدينية والقوات العسكرية النظامية والحرس الثوري

تحمل الهتافات طابعاً سياسياً لا لبس فيه وهي معارضة للنظام بالكامل. وانتهزت الجموع الغاضبة كارثة الطائرة بوصفها فرصة للتعبير عمّا تشعر به من سخط سياسي واجتماعي ضد نظام الجمهورية الإسلامية بالكامل.

فيما باءت محاولات الإصلاحيين لاحتواء التظاهرات بوعود إجراء استفتاء والإجراءات الإصلاحية بالفشل. وقد قوبل بكاؤهم على ركّاب الطائرة في طهران عبر أكاليل الزهور والشموع بموجة من الانتقادات اللاذعة من قبل المحيطين بهم، وكانت الردود كاسحة مثل "إصلاحيون أو محافظون، انتهى وقتكم" و"يجب تدمير الجمهورية الإسلامية" و"سليماني قاتل". كما ردّد الطلّاب "لا للاستفتاء، لا للإصلاح- إضراب، ثورة" و"من طهران إلى بغداد، بؤس وقمع واستبداد" و"من طهران إلى بغداد نهتف: ثورة!".

اقرأ أيضاً: بعد قرار الانسحاب.. هل خان مقتدى الصدر المحتجين العراقيين لصالح إيران؟

من الواضح تماماً أنّ مستوى الوعي السياسي ارتفع بشدّة على مدار الأسابيع الأخيرة، ولم يعد فصيل واحد من النظام الإيراني لم يتلقّ الاتهامات بالقمع الوحشي والمذابح والمسار النيوليبرالي الذي أدّى لسقوط أعداد كبيرة من الإيرانيين في براثن الفقر. أصبح كل شيء على المحكّ.

الشباب والنساء في الصفوف الأولى

يمكن ملاحظة عبر الكثير من مقاطع الفيديو المتداولة الشباب يهتفون "الموت للكاذبين" و"أنتم حفنة من القتلة" بشجاعة في وجه قوات الأمن. كما تظهر نساء شابات في الصفوف الأولى ولا يتوانين عن قيادة الهتافات والدخول في سجالات محمومة مع أفراد الأمن في الشوارع.

بل إنّ صور سليماني نفسه كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى تُضرب بقوّة عارمة من المتظاهرين ثم تُنتزع وتُسقط أرضاً وسط عاصفة من التصفيق.

"اذهب إلى الجحيم أيها الدكتاتور!" هو أحد أشهر الهتافات الموجّهة ضد القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية. ولم يتأخّر ردّ الحكومة طويلاً: قمع على نطاق واسع وعنف مفرط وغاز مسيل للدموع، يحاول النظام مجدّداً حصر الشباب والنساء وجميع المتظاهرين داخل نطاق الخطوط المُحدّدة لهم. ومن جديد يسقط الكثير من المصابين وعدد لا يمكن حصره من المُعتقلين وبينهم الكثير من الطلبة، وتُشاهد في عدد كبير من مقاطع الفيديو كميات مخيفة من الدماء تغطّي الأسفلت.

اقرأ أيضاً: إيران: طريق العودة للواقعية

من الصعب بالتأكيد التكّهن بما إذا كانت الاحتجاجات ستستمر وتتّسع رقعتها كمّاً وكيفاً أم لا، ومستوى القمع الذي قد تصل إليه أجهزة الأمن الإيرانية. لكن الأمر المؤكّد وبكل جلاء هو أنّ هتاف كل متظاهر هو ما يحدّد القدرة على الامتداد والمطالب. ورغم أنّ هذه المظاهرات تقتصر حتى الآن في أغلبها على الطبقة الوسطى، إلّا أنّها تأثّرت باحتجاجات سابقة في الأشهر الماضية. لذا لا ينبغي السماح لأيّ من فصائل النظام السياسي في إيران بامتطائها.

هناك عنصر آخر يشير إلى أنّ الاحتجاجات لن تتوقّف سريعاً مثلما حدث في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حين قوبلت تلك التظاهرات بالقمع الشديد خاصة وأنّ أغلب المشاركين فيها كانوا من الفقراء والريفيين. بيد أنّ الأمر يختلف كثيراً هذه المرة، فضحايا الطائرة الأوكرانية يحظون بوضع اقتصادي واجتماعي جيّد، فضلاً عن علاقاتهم القوية بالنخبة. لذا فليس من المستبعد أن يطالب ذوو الضحايا بتعويضات ضخمة من الدولة المُنهكة اقتصادياً بالفعل.

اقرأ أيضاً: هل سلّمت الولايات المتحدة العراقَ إلى إيران؟

ومن الواضح أنّ هناك حالة من الشقاق تضرب المجتمع الإيراني من الداخل وتنعكس في عناصر الدولة: السلطة المُنتخبة، السلطة الدينية، القوات العسكرية النظامية، الحرس الثوري. وقد وجّه بعض قادة الحرس الثوري الاتهامات للحكومة والقوات المسلّحة بتجاهل طلباتهم بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المدنية- قبل ساعات إسقاط الطائرة الأوكرانية- من في اليوم الذي تقرّر فيه طهران الردّ عسكرياً على مقتل سليماني. من جانبها، تدّعي الحكومة والمرشد الأعلى بأنّهم لم يكونوا على دراية بأي شيء يحدث حتى 10 كانون الثاني (يناير).

على أنّ القطاعات الأكثر اعتدالاً يفترض أن تبدأ في كسب أرضية أكبر. وقد كانت النخبة السياسية الإيرانية حتى الآن تبدو متّفقة على فكرة أنّ التفاوض مع الغرب تحت وطأة الضغط لن يجلب شيئاً سوى مزيد من الإذلال. لكن الظروف تغيّرت الآن. ومن شأن تقارب مع واشنطن أن يعيد وحدة الصف داخل مجتمع يترقّب الانفتاح على العالم، ويسكت مطالب هؤلاء الذين يرون في خامنئي العقبة الكبرى في مسار المفاوضات.

اقرأ أيضاً: اهتزاز صورة المرشد في إيران بعد مقتل سليماني

وفيما يتعلّق بواشنطن، يعتقد الخبراء أنّه رغم الوقت العصيب الذي يمرّ به النظام الإيراني، فإنّ السياسة التي ينتهجها ترامب لن تؤدّي بسهولة إلى تغيير النظام الحاكم في طهران. فلا يزال الأخير يحظى بدعم شريحة ليست بالهيّنة من الشعب، فضلاً عن أنّ العقوبات الاقتصادية بالكاد أتت بالنتائج المرجوّة، ويبقى السؤال؛ هل ستكون إيران استثناء؟

ورغم حالة الغليان التي وصل لها المجتمع المدني في إيران، لكن المقارنة مع الثورة التي اندلعت عام 1979 لا تزال غير جائزة، حسبما يرى الصحفي راينر هرمان من جريدة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج" الألمانية.

اقرأ أيضاً: شوط جديد مع إيران والاتحاد الأوروبي لم يتعلم الدرس

ولا يزال إعلان وفاة الجمهورية الإسلامية سابقاً لأوانه. حتى مع اعتبار الكثير من الإيرانيين أنّ إقرار الحرس الثوري بمسؤوليته عن ضرب الطائرة الأوكرانية وقتل جميع ركابها، يشبه في فداحته كارثة تشيرنوبل النووية التي وقعت عام 1986. فقد فرضت القيادة السوفييتية وقتها حالة من التعتيم الإعلامي لعدّة أيام. كانت للكارثة وطريقة تعامل القيادة معها تجسيداً رمزياً لفشل الاتحاد السوفييتي قبل سقوطه بعدها بأعوام قلائل. بيد أنّ هذا الأمر لن يتكرّر بحذافيره في إيران.

كما أنّ عقد المقارنات هو الآخر شيء سابق لأوانه. ففي شباط (فبراير) من العام 1979 لم تكن قوات الأمن تطلق النار على المتظاهرين، بل إنّ أفراد القوات كانوا ينضمّون إلى صفوف الثوار. وكان هؤلاء يحظون بشخصية ذات قدر عال من الجاذبية هي  الخميني.

الظروف ليست مواتية لاندلاع ثورة ناجحة

والواقع أنّ ظروف وشروط قيام ثورة قادرة على تحقيق النجاح غير متوافرة اليوم. فالحرس الثوري، الذي لعب دوراً حاسماً خلال الحرب مع العراق في الفترة بين عامي 1980 و1988، يبدو مصمّماً على المضي قدماً في إطلاق النار صوب المتظاهرين نظراً لولائه غير المحدود للنظام حيث يستفيد منه اقتصادياً بصورة هائلة. على الجانب الآخر، لم يتمكّن المتظاهرون من حشد الكتلة الحرجة التي يمكنهم بواسطتها الوقوف في وجه هذه القوة. كما أنّهم يفتقرون للقيادات التي يلتفّون حولها والقادرة على التنظيم.

من ناحية أخرى، تتسارع وتيرة التظاهرات بشكل كبير في الجمهورية الإسلامية وأصبحت الهتافات أكثر جذرية، واكتسبت الاحتجاجات قدراً أكبر من الدموية. وكانت أول فعالية احتجاجية عام 1999 قد استغرقت أسبوعاً كاملاً. وكان المحتجّون يتظاهرون ضد إغلاق صحيفة إصلاحية. لكن تظاهرتهم في محيط جامعة العاصمة طهران قوبلت بالتنكيل القاسي.

اقرأ أيضاً: حكومة حسان دياب: هل انتصرت إيران على ثورة اللبنانيين؟

بعدها بـ10 أعوام، أثار إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً لولاية ثانية السخط وأفضى لخروج تظاهرة حاشدة ضمّت في أغلبها أبناء الطبقة الوسطى من سكّان المدن وانتهت بحرب شوارع في طهران بين المتظاهرين وميليشيات الباسيج التي تتكوّن من المتطوعين وتخضع لأوامر قادة الحرس الثوري. لاحقاً، تظاهر ثلاثة ملايين شخص بصورة سلمية مطالبين بإلغاء الانتخابات. لكنّهم لم يحقّقوا مرادهم في تقويض أسس الجمهورية الإسلامية بسبب عدم امتلاكهم للكتلة الحرجة المطلوبة.

لقد أسهم إسقاط الطائرة الأوكرانية بلا شك في تسريع وتيرة سحب الثقة تجاه الجمهورية الإسلامية

وبين نهاية 2017 ومطلع 2018 تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص، أغلبهم من الإيرانيين الفقراء، في شوارع جميع مدن البلاد تعبيراً عن استيائهم إزاء ارتفاع معدّل التضخّم والبطالة. بينما كان ارتفاع سعر الوقود- ثلاثة أضعاف الثمن- سبباً مباشراً في اندلاع موجة عنيفة من الاحتجاجات. تظاهر الناس ضد قيادات الجمهورية الإسلامية في جميع المحافظات، وكافة المدن سواء الكبرى أو الصغرى، تعرّضت مباني المصارف الحكومية والجهات الأمنية لإضرام النيران فيها. وكانت النتيجة قمع عنيف للغاية راح ضحيّته ألف قتيل على الأقل.

أسهم إسقاط الطائرة بتسريع وتيرة سحب الثقة تجاه إيران إلّا أنّ خامنئي لا يبدو مستعداً لإجراء أي إصلاحات

لقد أسهم إسقاط الطائرة الأوكرانية بلا شك في تسريع وتيرة سحب الثقة تجاه الجمهورية الإسلامية. إلّا أنّ خامنئي ذي الـ80 عاماً لا يبدو مستعداً لتحمّل أي نتائج أو إجراء أي إصلاحات. بل على العكس من ذلك: تم استبعاد الكثير من المرشحين المتقدّمين لخوض الانتخابات التشريعية المرتقبة في 21 شباط (فبراير) المقبل، وتصل النسبة إلى واحد من كل ثلاثة مرشحين لن يتمكّن من المشاركة. وعلى الأرجح، فإنّ الثوري المخضرم يسعى لاستقدام جيل من النواب الذين يدينون له ولمبادئ ثورته بالولاء.

نعم دخل المجتمع الإيراني مرحلة الغليان، إلّا أنّ سقوط نظام الجمهورية الإسلامية لا يزال مستبعداً.. على الأقل في المستقبل القريب.


مصادر الترجمة عن الإسبانية:
https://bit.ly/2RCiMzL
https://bit.ly/2vrOEy9
https://bit.ly/2Rx4nEQ


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية