لماذا يحمل مضيق هرمز كل هذه الأهمية؟

مضيق هرمز

لماذا يحمل مضيق هرمز كل هذه الأهمية؟


17/06/2019

من الواضح أنّ حركة الملاحة في الخليج العربي باتت غير مطمئنة، نظراً لعمليات استهداف ناقلات النفط التي وصلت إلى عمليتين في شهر واحد أصابت ست ناقلات بترول، وهو أمر يثير القلق العالمي، واذا أضفنا لعمليات التخريب التهديدات الإيرانية المستمرة بإغلاق مضيق هرمز ومنع الملاحة الدولية فيه، فنحن، ولا شك، أمام أزمة عالمية وشيكة، كل أصابع الاتهام تشير إلى أنّ إيران تقف وراء هذه الأزمة، من أجل ابتزاز العالم لرفع العقوبات عنها.

حركة الملاحة في الخليج العربي باتت غير مطمئنة بعد عمليات استهداف ناقلات النفط الأخيرة

إنّ تهديد رئیس هیئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، لا يمكن غض الطرف عنه، بل هو أحد مظاهر الأزمة الحالية في الخليج العربي، فقد هدّد قائلاً بتصريح صحفي: "إذا لم یمرّ نفطنا عبر مضیق هرمز فلن یمرّ نفط الدول الأُخری أيضاً عبر المضیق".
تهديدٌ متكرر بإغلاق مضيق هرمز من قبل إيران، فكلما توترت العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، ولاحت نذر المواجهة بينهما تعلن طهران أنّ مضيق هرمز لن يكون آمناً إذا تعرّضت لهجوم، وأنّها قادرة على إغلاقه متى شاءت، وعلى الرغم من عدد الدول التي تطل على الخليج إلا أنّ إيران وحدها التي دائماً تهدد بإغلاقه.

إيران وحدها التي دائماً تهدد بإغلاقه
هل يحمل مضيق هرمز كل هذه الأهمية؟
يعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، وهو من أهم عشرة مضائق وأكثرها اهتماماً من قِبل دول العالم الذي يحتوي على 120 مضيقاً تتوزع عبر مياهه ومحيطاته، وهذه المضائق العشرة هي: فلوريدا، دوفر، ساجدات، موزمبيق، باب المندب، جبل طارق وملقة، ولومبورك، ولوزون، والبوسفور والدردنيل، إضافة لمضيق هرمز، وعرفت هذه المضائق بأهميتها الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

تهديد رئیس هیئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية لا يمكن غض الطرف عن علاقته بالاعتداءات على الناقلات

وهرمز له أهمية إستراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى، وبصفة خاصة لدول الخليج العربى ودول الشرق الأوسط عموماً، وهو بمثابة الرئة التي تتنفس من خلالها دول الخليج؛ لأنه المنفذ البحري الوحيد لعدة دول وهي: العراق، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة.
ويقع "هرمز" في منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عُمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أنّ ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.

اقرأ أيضاً: مضيق هرمز وإيران: تهديد بالحرب أم محاولة انتحار؟
ويضمّ المضيق عدداً من الجزر الصغيرة غير المأهولة أكبرها جزر قشم الإيرانية ولاراك وهرمز، إضافةً إلى الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، ويبلغ عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60م فقط، ويبلغ عرض ممرّي الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10,5كم).
حوالي أربعين في المئة من الإنتاج العالمي من النفط يمر عبر مضيق هرمز

الأهمية الاقتصادية والتجارية
1 - مع اكتشاف النفط ازدادت أهمية المضيق الاقتصادية، فحوالي أربعين في المئة من الإنتاج العالمي من النفط يمر عبر مضيق هرمز نظراً للاحتياطي النفطي الكبير بالمنطقة العربية؛ فالمضيق يربط بين أكبر مستودع في العالم وأكبر سوق.
2-  تعبره من 20-30 ناقلة نفط يومياً بمعدّل ناقلة كل ست دقائق في ساعات الذروة، محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم.
3-  تعتبر اليابان من أكبر دول العالم استيراداً للنفط عبر هذا المضيق، وفي حالة غلقه فإنّ العالم سيحرم من منتجات هذه الدولة التكنولوجية المتطورة.

اقرأ أيضاً: التهديد بإغلاق مضيق هرمز والمغالطة المقصودة.. هذا ما تريده إيران
4-  22% من السلع الأساسية في العالم (الحبوب وخام الحديد والإسمنت) تمر عبر هذا المضيق.
5-  المملكة العربية السعودية تصدر 88% من إنتاجها النفطي عبر المضيق، بينما تصدر العراق 98% من إنتاجها النفطي عبره، والإمارات بنسبة 99%.
مضيق هرمز وتاريخ من المواجهات الدامية
ظهر اسم مضيق هرمز بقوة في الثمانينيات، خلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، فيما عُرفت تاريخياً بـ"حرب الناقلات"، عندما تبادلت الدولتان أولاً مهاجمة الموانئ النفطية لكل منهما في الخليج وأغرقتا 250 ناقلة نفط عملاقة.
في التسعينيات، أدت الخلافات بين إيران والإمارات بشأن السيطرة على عدة جزر صغيرة داخل مضيق هرمز إلى مزيد من التهديدات لإغلاق المضيق، وبحلول العام 1992، احتلت إيران هذه الجزر، لكن التوترات ظلت قائمة في المنطقة خلال التسعينيات.
وفي كانون الأول (ديسمبر) العام 2007 قالت الولايات المتحدة إنّ الزوارق الإيرانية هددت سفنها الحربية بعدما اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المضيق.

كلما توترت العلاقة الأمريكية الإيرانية تعلن طهران أنّ مضيق هرمز لن يكون آمناً إذا تعرّضت لهجوم

وفي حزيران (يونيو) 2008، قال قائد الحرس الثوري الإيراني، وقتها محمد علي جعفري، إنّ إيران ستغلق المضيق إذا تعرضت للهجوم، في محاولة لإلحاق الضرر بأسواق النفط العالمية، وردّت الولايات المتحدة بأنّ أي إغلاق للمضيق سيُعامل كعمل حربي.
في تموز (يوليو) 2010، تعرضت ناقلة النفط اليابانية "إم ستار" لهجوم في المضيق، وأعلنت جماعة متشددة تعرف باسم "كتائب عبدالله عزام"، والتي لها صلة بالقاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم، مع تأكيد عدة تقارير أنّ فلول تنظيم القاعدة ظلت في حماية طهران داخل الأراضي الايرانية منذ 2002 حتى الآن!
عادت إيران لتهديداتها المتكررة في كانون الثاني (يناير) 2012، إذ هدّدت بإغلاق مضيق هرمز رداً على عقوبات أمريكية وأوروبية استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف برنامجها النووي، وفي أيار (مايو) 2015، أطلقت سفن إيرانية طلقات صوب ناقلة ترفع علم سنغافورة، قالت طهران إنّها دمرت منصة نفطية إيرانية، مما دفع الناقلة للفرار.

اقرأ أيضاً: كم مرة هددت إيران بإغلاق "هرمز"؟!
وفي تموز (يوليو) 2018، ألمح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى أنّ بلاده قد تعطّل مرور النفط عبر مضيق هرمز رداً على دعوات أمريكية لخفض صادرات إيران من الخام إلى الصفر، وهو ما كرره قائد بالحرس الثوري.
إيران؛ هي أكبر الخاسرين من غلق مضيق هرمز

المتضررون من إغلاق المضيق
أولاً: إيران؛ هي أكبر الخاسرين من غلق مضيق هرمز، كونها تعتمد عليه في تصدير النفط الخام إلى دول آسيا، خاصة الصين واليابان أكبر المستوردين منها.
ثانياً: الصين التي تعتبر الشريك التجاري الأول والأكبر مع إيران على مستوى العالم؛ إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 45 مليار دولار العام 2011، بزيادة بلغت 55% عن العام 2010، وتستورد الصين نحو 21% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية بمعدّل 2.2 مليون برميل نفط، وتحاول اليوم إحلال السلام في المنطقة حرصاً على مصالحها الاقتصادية.

ظهر اسم مضيق هرمز بقوة في الثمانينيات خلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران

ثالثاً: دول الخليج العربية؛ فالمملكة العربية السعودية تتضرّر صادراتها من النفط الخام المحمول بحراً بنسبة 88% إلا أنّ لها منافذ أخرى تستطيع التعويض عبرها وهي على بحر العرب والبحر الأحمر، أمّا الأكثر تضرّراً فهي دولة الكويت وقطر والبحرين، أما الإمارات العربية المتحدة فبادرت-بعد انتهاء خط الأنابيب الذي افتتحته مؤخراً- إلى ضخّ نفطها عبره، إلا أنّها مازالت تحتاج لمياه المضيق.
رابعاً: بعض دول أوروبا مثل؛ (إيطاليا، وإسبانيا، واليونان)؛ لأنّها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكرى بين البلدين (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالي ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل يومياً؛ أي بنسبة 18% من إجمالي الصادرات الإيرانية البالغة 2.7 مليون برميل يومياً.
فهل سيتجه العالم لإيجاد بديل لهذا الممر المائي المهم، أم سيعمل العقلاء على تهدئة أجواء الحرب وضمان سلامة الملاحة فيه؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة بالتأكيد.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية