لماذا ينظر إلى مخيم الهول على أنه "بركان ناري- بشري"؟

لماذا ينظر إلى مخيم الهول على أنه "بركان ناري- بشري"؟


05/07/2022

تبعث عمليات القتل التي ارتفعت وتيرتها، مؤخراً، في مخيم الهول، الذي يضمّ عوائل وعناصر تنظيم داعش الإرهابي، بمخاوف جمّة؛ إذ إنّ الاضطرابات الأمنية المتكررة وتضاعف الهجمات المختلفة من قبل عناصر التنظيم الإرهابي، اضطرت الإدارة الذاتية وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) إلى تسيير دوريات أمنية مكثفة، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، داخل المخيم، أسفرت عن اعتقال عدة أشخاص متورطين بالتعاون مع خلايا داعش.

ضحايا خلايا داعش

ووفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"؛ فإنّ "تعداد الجرائم التي شهدها المخيم ارتفع إلى 21 جريمة منذ مطلع العام 2022، والتي أفضت إلى مقتل 22 شخصاً، وهم: 6 من الجنسية العراقية، بينهم سيدتان، و8 من الجنسية السورية، بينهم 6 سيدات، و7 نساء مجهولات الهوية، بالإضافة إلى مسعف ضمن نقطة خدمية بالمخيم".

وفي القسم المخصص للسوريين بالقطاع الثالث داخل المخيم، تم العثور على جثة امرأة مفصولة الرأس، وذلك من قبل قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التي اكتشفت الواقعة، وهي الجريمة الثالثة خلال الأيام القليلة الماضية، وقد تعرضت امرأة أخرى في القسم ذاته للقتل بعد إطلاق النار عليها.

تعداد الجرائم التي شهدها المخيم ارتفع إلى 21 جريمة منذ مطلع العام 2022

وتابع: "رصد المرصد مقتل نازحة سورية من منطقة دير الزور، جراء تعرضها لطلق ناري من قبل أذرع تنظيم داعش، ضمن "دويلة" الهول، الواقعة أقصى جنوب شرق الحسكة، حيث عُثر على السيدة مقتولة داخل القسم الثالث من المخيم والمخصص للاجئين العراقيين".

المخيم، الذي يضم قرابة (56773) فرداً، بينما عدد العائلات (15431)، منها (2423) من عائلات قتلى ومعتقلي تنظيم "داعش" الأجانب، المنحدرين من قرابة 60 دولة، يمثل معضلة أمنية وسياسية وإقليمية، تنذر بكوارث عديدة، حسبما أوضحت تقارير أممية. وبالتزامن مع ارتفاع عدد الجرائم دانت الأمم المتحدة التجاهل الدولي إزاء آلاف المحتجزين في شمال شرق سوريا.

المخيم ليس مكاناً للأطفال

وخلال زيارة قام بها وفد من الأمم المتحدة إلى مخيم الهول، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارتن؛ إنّ "إبقاء الناس في ظروف مقيدة وسيئة يؤدي، في النهاية، إلى مخاطر حماية وأمن أكبر من إعادتهم بطريقة خاضعة للرقابة".

وشدد المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية لسوريا، عمران ريزا، على ضرورة "اتخاذ خطوات جدية من قبل الدول الأعضاء الأخرى مع مواطنيها في المخيم"، وقال إنّ المخيم "ليس مكاناً للأطفال، في ظلّ وجود حوالي 56 ألف شخص في المخيم، 50% منهم دون سنّ الـ 12".

شدّد المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسّق الشؤون الإنسانية لسوريا، عمران ريزا، على ضرورة اتّخاذ خطوات جدّية من قبل الدول الأعضاء الأخرى مع مواطنيها في مخيم الهول

وثمّن ريزا موقف الحكومة العراقية، معتبراً أنّ إجراءاتها الخاصة باستعادة المواطنين العراقيين بالمخيم خطوة في سبيل الحلّ وإنهاء تلك الأزمة، حيث كانت آخر عملية نقل مواطنين عراقيين لبلادهم، مطلع الشهر الماضي، وتابع: "أُعيد حوالي 2500 عراقي إلى وطنهم، بينما ما يزال هناك 28 ألف مواطن عراقي محتجزين في المخيم".

ويعدّ مخيم الهول، أو بالأحرى "دويلة" داعش، من أخطر "البؤر الإرهابية الحية والمكشوفة"، وهو "بركان ناري- بشري" قد ينفجر في أيّة لحظة، وفق الدكتور زارا صالح، الباحث السياسي المتخصص في دراسات السلام وحل النزاعات الدولية بجامعة كوفنتري في لندن، موضحاً في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "المخيم يضمّ جيلاً كاملاً، تعداده يزيد عن 30 ألف ممن أعمارهم أقل من 18 عام، والذين تربوا على أيديولوجية التطرف الداعشي، وعلى أيدي أمهات داعش وهنّ أكثر خطورة من عناصر داعش الذكور".

ما وراء تسهيلات تركيا لعناصر داعش؟

ويردف زارا: "تتحمّل قوات سوريا الديمقراطية الكردية مسؤولية حماية المخيم، بعد أن هزمت خلافة داعش المزعومة، في ظلّ دعم دولي غير كافٍ، فضلاً عن تهرّب معظم الدول من مسؤولية استعادة رعاياها من عوائل التنظيم، مما يزيد من صعوبة الدور الملقى على عاتق القوات الكردية في الحفاظ على الأمن في المخيم، خاصة في ظلّ التهديدات التركية بغزو واحتلال مناطق أخرى تقع ضمن سيطرة الإدارة الذاتية في الشمال والشمال الشرقي من سوريا، وتحديداً المناطق الكردية".

الباحث زارا صالح لـ "حفريات": مخيم الهول، أو بالأحرى "دويلة" داعش، يعدّ من أخطر "البؤر الإرهابية الحية والمكشوفة"، وهو "بركان ناري-بشري" قد ينفجر في أيّة لحظة

ولعلّ ارتفاع حالات القتل والاغتيالات في المخيم، يعكس ذلك الخلل الأمني وقوة التنظيم الإرهابي هناك، خاصة من قبل زيجات (عروسات) داعش، وفق زارا، وبتعبير آخر؛ فإنّ المنطقة برمّتها ستكون تحت تهديد خطر هذه "الجمرة النارية" من الإرهاب، في ظلّ تقاعس دول التحالف الدولي عن القيام بمهامها، بما ينعكس، بشكل سلبي، على أبناء المنطقة، من جهة، وصعوبة مهمة قوات سوريا الديمقراطية، من جهة أخرى، والتي تحارب، في الوقت نفسه، خلايا داعش النائمة في أكثر من منطقة ضمن حدود سيطرتها الإدارية.

الدكتور زارا صالح: المخيم يضمّ جيلاً كاملاً تربى على أيديولوجية التطرف الداعشيّ

ويضاف إلى ذلك، وجود حاضنة مجتمعية في تلك المناطق، الأمر الذي يشكّل عوامل إضافية وفرصاً لصعود داعش وزيادة وتيرة عملياته، رغم قيام قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأمريكية، بعمليات اعتقال للعديد من عناصر وقيادات التنظيم، بحسب ما يوضح الباحث السياسي المتخصص في دراسات السلام وحلّ النزاعات الدولية بجامعة كوفنتري في لندن، لكنّ هذه الجهود التي تقوم بها قوات التحالف تبقى دون المستوى المطلوب، خاصة فيما يتعلق بنشاط داعش ضمن "دويلة" الهول، ومحاولات العديد من عناصره الإرهابية الفرار من المخيم، مستغلين الخلل الأمني القائم، وكذا توظيف أكثر من طرف إقليمي المخيم باعتباره ورقة لتحقيق مصالحه.

ويتابع: "مثلاً، تحاول تركيا والميليشيات التابعة لها توظيف تلك الورقة لحساب مصالحها، فضلاً عن فكرة اجتياح المنطقة من قبل أنقرة، بصورة متكررة، ثم القيام بتسهيلات لعناصر داعش بواسطة الأخيرة، الأمر الذي يتم من خلال استخباراتها التي تتولى الضغط على القوات الكردية، كما حدث في سجن غويران، في الحسكة، العام الفائت؛ حيث كان لتركيا دور في اقتحام السجن، حتى أنّ بعض العناصر الذين هربوا من السجن وصلوا إلى تركيا. كما أنّ النظام السوري وروسيا لهما مصلحة قصوى في صعود داعش من أجل إفشال مشروع الإدارة الذاتية الكردية، وبعث رسالة إلى الولايات المتحدة بأنّها فشلت وغير مؤهّلة لإتاحة الأمن، وعليها تسليم إدارة وحماية تلك المناطق لروسيا وللحكومة السورية".

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات أممية من تزايد مخاطر مخيم الهول في سوريا لهذه الأسباب

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية