لهذه الأسباب تشتد المعارك السيبرانية بين التنظيمات الإرهابية

لهذه الأسباب تشتد المعارك السيبرانية بين التنظيمات الإرهابية


17/02/2021

تدور معارك سيبرانية بين التنظيمات الإرهابية على الإنترنت، ويشمل ذلك عمليات قرصنة بينها، والتنافس في بث مواد دعائية تتسم بقدرات عالية من الجودة، بهدف تعظيم القدرة على استهداف جمهور جديد.

غيّر داعش استراتيجيته القتالية وطور إعلامه الرقمي من أجل توسع افتراضي يسمح له بالتواصل مع الأتباع

في هذا الصدد أصدر تنظيم داعش بياناً بعنوان (تصدير الحسابات الرمادية.. مشكلة الأنصار ذات المنبع النفسي) هاجم فيه المواقع الإلكترونية، وصفحات السوشيال غير التابعة له، التي لم تؤمن يوماً بمنهجه، جاء فيه: "إن هذه الحسابات لم تدّعِ يوماً مناصرتها للدولة ولا أظهرت موافقة لها على منهجها وعقيدتها بالعموم، إنما وقفت معها في مواقف معينة، مواقف واسعة لا مفاصلة فيها، كمعركة الموصل مثلاً أو الحرب ضد النظام السوري أو الصحوات، وهذه كلها لا تثبت موافقة تامة ومناصرة صادقة، لأن الوقوف ضد الحكومة الصفوية أو النصيرية أو غيرها ليس بالضرورة يعني الوقوف مع الدولة والإيمان بمنهجها ولا رابط بين الأمرين أصلاً".

بنية الإعلام الداعشي

بناء على المعارك اليومية، وفي إطار عمليات الترويج التي يقوم بها داعش في عهد زعيمه الجديد، فقد اعتمد تطوير جهازه الإعلامي، ومنها تحديد وكالاته الرسمية، والأخرى المناصرة المتعاطفة معه، وصفحات الأعداء، التي عد منها وكالات تنظيم القاعدة مثل (سحاب).

وأصدر داعش بياناً آخر يوم السبت الموافق 13 شباط (فبراير) 2021 على صفحته الرسمية (ناشر نيوز) أوضح فيه بنية إعلامه الرسمي، وذكر أنّ المؤسسات التابعة لديوان الإعلام هي: وكالة أعماق الإخبارية، مؤسسة الفرقان، مركز الحياة للإعلام، المسؤول عن إصدارات مثل: مجلة رومية، وأناشيد عربي وأعجمي، والفرات للإعلام، المعنية بإصدارات باللغات الأعجمية، ومؤسسة الاعتصام، مؤسسة أجناد (أناشيد)، وإذاعة البيان، وصحيفة النبأ (أسبوعية)، ومكتبة الهمة، التي تصدر:

1. دابق الإنجليزية Dabiq Magazine

2. دار الإسلام الفرنسية Dar Al-Islam le magazine

3. المصدر الروسية журнал Исток

4. القسطنطينية التركية Konstantiniyye

أوضح بيان التنظيم، أنّ هناك مؤسسات رديفة للرسمية مثل: وكالة ناشر نيوز، إضافة إلى مؤسسات مناصرة، مثل سرايا الغزو وفرسان الرفع، وترجمان الأساورتي.

...

وأولى داعش في بيانه اهتماماً بشبكات التواصل الاجتماعي: مثل: "فيسبوك"، و"تويتر"، و"إنستغرام"، و"تيليغرام"، وذلك عبر حسابات رئيسية باللغة العربية، وأخرى موازية تعمل باللغات الألبانية والتركية والصومالية والإثيوبية والإندونيسية، والتطبيقات الرقمية مثل: "تيك توك"، و"تام تام"، و"أمازون درايف".

اقرأ أيضاً: كيف تُهدّد إيران الأمن السيبراني العالمي؟

وقد جاء التوجه إلى استخدام هذه التطبيقات لأسباب عدة تتعلق بصعوبة اختراقها، وسهولة استخدامها من أجل الاستقطاب والتجنيد، بالإضافة إلى استخدامها في بعض الأحيان للإعلان عن تنفيذ بعض العمليات.

طريقة الترويج الجديدة

لقد اتضح من خلال البيان السابق أن داعش اتجه في عهد زعيمه الجديد أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، إلى العمل السيبراني عبر الترويج والاستقطاب عن طريق صناعة انتصارات وهمية أو مجتمع إسلامي افتراضي ونشر صورة تماسك التنظيم بعد فقده لجل أراضية التي كان مسيطراً عليها، وهذا ما اتضح حين اتجهت مؤسسة "الحياة" إلى إعادة تدوير فيديوهات قديمة، أو دمجها مع جرائم بسيطة، في ولايات بعيدة عن دمشق وبغداد مثل أفريقيا لاعتبارات عديدة سياسية وجغرافية وأمنية، عقب مقتل أبو بكر البغدادي.

توجه داعش للتطبيقات الإلكترونية يرجع لصعوبة اختراقها وسهولة استخدامها من أجل الاستقطاب والتجنيد

في هذا الصدد تشير تقارير حديثة أصدرتها "يوروبول"، وهي وكالة رسمية تابعة للاتحاد الأوروبي تعنى بقضايا الإرهاب، إلى أن أكثر من 150 منصة من منصات التواصل الاجتماعي، بلغات متعددة، لا تزال تُستغل من قِبل الجماعات المتطرفة العنيفة مثل "داعش" و"القاعدة" في جميع أنحاء العالم.

وفي دراسة لمركز المسبار للبحوث بدبي، في كتابه داعش ما بعد البغدادي، أشار الباحث رشيد العزوزي، إلى أنّ الخط الفكري لجهاز الإعلام الداعشي الجديد، الرسمي وغير الرسمي، لم يخرج عن طرح أفكار التنظيم، والفروقات بينه وبين تنظيم "القاعدة"، وإعادة إصدار وتحديث وتطوير الإنتاج القديم (ليواكب الظروف والأحداث الأخيرة)، سواء كانت مؤلفات مكتوبة أو سمعية أو بيانات أو تأصيلات علمية، فيما أخذ الخطاب الإعلامي خطاً موازياً لاستثمار ما يحدث في الوطن العربي، وإعادة صياغة مفاهيم الجماعات الجهادية المتطرفة بطريقة جديدة أكثر حدة وأكثر تناغماً مع الأجواء الشعبية والسياسية، كما اعتمدت سياسة التنظيم الإعلامية على الدفع بمعلومات تركز على الكم والكيف، والتدفق الذي لا يهدأ لمواد ترويج يتم إعدادها بجودة عالية، في محاولة للتأكيد على قوة التنظيم عسكرياً وبشرياً، والتأثير في الرأي العام، وتحويل الخسائر والهزائم إلى غنائم وانتصارات كأدوات لحشد الدعم وكسب أفراد جدد ينضمون إلى صفوف المقاتلين.

الخلافة السيبرانية

اعتمد داعش وفق الهيكلة التي تمت في عهد زعيمه الجديد أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، صناعة عالم افتراضي خاص به من أجل سلامته الأمنية، وشملت أعمال التنظيم محورين: الأول؛ يتعلق بالترويج والاستقطاب، والثاني؛ يتعلق بالأعمال القتالية عبر إنشاء شبكات عنقودية مسلحة عبر الإنترنت والشبكات السوداء.

اقرأ أيضاً: هجوم سيبراني أمريكي على إيران.. وترامب يهدّدها بـ "الإبادة"!

وفق الهيكلة الجديدة فإنّ أبو حمزة القرشي هو المسؤول عن الإعمال الإعلامية، إلا أنّ هناك مسؤولاً آخر معني بفرع العمليات الخارجية ومجموعات العمل المسلح، التي تشمل مجموعة المبتدئين المنفردين أو الذئاب المنفردة، ومجموعة العمل المسلح الحر، ومجموعة العمل النوعي الخاص (للمحترفين المتواصلين مع التنظيم)، ومجموعات المناطق المركزية في العراق وسوريا، ومجموعات الأذرع والولايات.

من هنا يستخدم داعش إعلامه الرسمي وغير الرسمي في دعم تلك الأعمال، ومنها تلك الرسائل التي يبثها إلى الذئاب المنفردة، من أجل تشجيعها على القيام بعملياتها الإرهابية، سواء القتال المسلح أو أعمال القرصنة، أو أعمال الدعم المالي للتنظيم، عبر ما يسمى: "جيش أبناء الخلافة".

اقرأ أيضاً: أمريكا تستعد لـ"حرب سيبرانية"

وقد نبّه تقرير أصدره مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في يونيو 2020، إلى أنّ التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم "داعش"، تعتمد بشكل أساسي في ترويج أفكارها المتطرفة وفي استقطاب عناصر جديدة على "العالم الافتراضي" و"الفضاء الإلكتروني"، ولفت التقرير النظر إلى أنّ التنظيم استغل جائحة كورونا وانتشار فكرة العزل المنزلي لتسريع عملية الاستقطاب، وذلك من خلال تكثيف أنشطتها الدعائية خاصة عبر تطبيق "تيليغرام"، وذلك من خلال بث العديد من مواد الدعاية المتطرفة.

اعتمد داعش وفق الهيكلة التي تمت في عهد زعيمه الجديد صناعة عالم افتراضي خاص به

من الواضح أنّ التنظيم يحاول أن يتكيف مع الأوضاع الجديدة، فبعدما خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، اتجه إلى تغيير استراتيجيته القتالية متبنياً استراتيجيات أخرى، ومنها تطوير إعلامه الرقمي من أجل توسع افتراضي يسمح له بالتواصل مع الأتباع وذلك في محاولة لإقامة خلافة في العالم الافتراضي حيث لا حدود تمنعه من الحركة أو التواصل، وأن التنافس القائم معه من تنظيمات أخرى مثل القاعدة أدى في النهاية إلى معارك شبه يومية من أجل السيطرة.

ينبغي أن تستمر الجهود من أجل التصدي لتنظيم "داعش" في العالم الافتراضي كما استمرت في العالم الواقعي؛ لأنّ خطابه ونشاطه قد تطور بشكل ملحوظ.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية