لهذه الأسباب تُفضّل إيران ضربة عسكرية محدودة على استمرار العقوبات ضدها

إيران

لهذه الأسباب تُفضّل إيران ضربة عسكرية محدودة على استمرار العقوبات ضدها


22/09/2019

لا يخفى على المراقب للسلوك السياسي والإعلامي الإيراني في الأسابيع الأخيرة أنّ ثمة زيادة في التصريحات الهادفة إلى التقليل من قيمة العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران، والتي أوقفت، في الحقيقة، النمو الاقتصادي الإيراني، برأي الخبراء الاقتصاديين، فيما رأى فيها آخرون أنّها بمنزلة "خِناق اقتصادي" لإيران.

اقرأ أيضاً: لماذا يصف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد إيران براعية الإرهاب العالمي؟
وفي حديث لقناة "بي بي سي"، أمس، قال الخبير الاقتصادي، ناصر قلاوون، إنّ الاقتصاد الإيراني يعتبر إلى حدّ كبير اقتصاداً حربياً، وطهران تهتمّ في المدن الإيرانية الكبرى؛ كي لا تحدث فيها اضطرابات، فيما هي تترك الريف الإيراني وسكانه وتُسهّل لهم أبواب الهجرة إلى الخارج، على حدّ قوله.
 الحوزات الدينية في العراق تتيح انتقال الأموال بشكل كبير بين العراق وإيران

منافذ إيرانية للتفلت من العقوبات
وأشار قلاوون إلى أنّ إيران، التي أوقفت العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها نموّها الاقتصادي، تراهن على إيجاد منافذ أخرى للتفلت من العقوبات الأمريكية، لافتاً النظر إلى أنّ العراق مستثنى من العقوبات الأمريكية على إيران، وأنّ الأخيرة تستغل ذلك لإعادة بيع وتعليب البضائع الإيرانية، فضلاً عن أنّ الحوزات الدينية في العراق تتيح انتقال الأموال بشكل كبير بين العراق وإيران. وذكر الخبير الاقتصادي أنّ طهران تسعى إلى الاستفادة من المبادرة الفرنسية التي عرضها الرئيس إيمانويل ماكرون، والخاصة بتوفير حلّ للعقوبات على إيران، لكنّ واشنطن ما تزال مترددة في قبولها، فضلاً عن أنّ هناك معارضة خليجية قوية لهذه المبادرة.
الخيارات الأمريكية المتعددة ومحددات تنفيذها
من جانبها قالت مديرة مكتب صحيفة "الشرق الأوسط" في واشنطن، هبة القدسي، إنّ الخيارات الأمريكية في الرد على الاعتداءات الأخيرة على شركة أرامكو السعودية تتراوح بين مجموعة من الردود والسيناريوهات ومنها:
1. تعزيز المنظومات الدفاعية للحلفاء الخليجيين، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

خبير اقتصادي: طهران تسعى للاستفادة من المبادرة الفرنسية الخاصة بتوفير حلّ للعقوبات على إيران لكنّ واشنطن ما تزال مترددة في قبولها

2. فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران، والاستمرار في ممارسة سياسة "الخِناق الاقتصادي" لإيران، على حدّ تعبيرها.
3. خيار الهجمات السيبرانية.
4. خيار استهداف بعض مراكز التحكم للحرس الثوري الإيراني.
5. تعزيز جهود بلورة وبناء تحالف دولي عريض لحماية الملاحة البحرية في الخليج وطمأنة الحلفاء الخليجيين بشأن أمن إمدادات الطاقة.
واستدركت القدسي بأنّ هذه الخيارات مشروطة بالحفاظ على الحسابات الخاصة بإدارة الرئيس دونالد ترامب وبعدم رغبته في خوض حرب أمريكية جديدة في المنطقة، وإدراكه المخاطر العالية لأي ضربة أمريكية عسكرية ضد إيران من جهة أولى، وهي مشروطة من جهة ثانية بأنّ المجتمع الدولي لن يصمت على تهديد إمدادات الطاقة أو الملاحة البحرية في منطقة الخليج، ومن جهة ثالثة بكيفية إدارة مسألة أنّ عدم الردّ على الاعتداءات الأخيرة على أرامكو سيغري إيران بمزيد من الاعتداءات والهجمات في المنطقة.

 

"إيران تحتمل ضربة وليس العقوبات"
ونقل تحليل نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" عن روبرت مالي، رئيس "مجموعة الأزمات الدولية" والمسؤول السابق عن قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال ولاية الرئيس باراك أوباما، قوله إنّ ترامب يريد تفادي مواجهة عسكرية مع إيران، والاكتفاء بردود إلكترونية وضغوط اقتصادية أكثر. واستدرك مالي بالقول إنّ ترامب قد يضطر إلى استخدام القوة ضد إيران بشكل محدود، ورأى أنّ ترامب يواجه معضلة كبيرة؛ لأنّ رفضه لاستخدام القوة سوف يفسر في إيران وفي عواصم المنطقة على أنّه مؤشر ضعف "ولكن في المقابل إذا أمر بضربة عسكرية محدودة، فإنه لن يكون قادراً على التنبؤ برد إيران، التي يمكن أن تصعّد أكثر مما يتوقعه ترامب، ما يعني أنّ الولايات المتحدة ستجد نفسها في حالة حرب مع إيران، وهذا ما لا يريده ترامب والأمريكيون".

محلل سياسي: ترامب يريد تفادي مواجهة عسكرية مع إيران والاكتفاء بردود إلكترونية وضغوط اقتصادية أكثر

ويضيف مالي "نظرياً، ترامب قادر على تفادي الرد العسكري، ولكن الضغوط السياسية والتطورات الميدانية قد ترغمه على القبول بخيار عسكري محدود".
ويوافق مالي مع ما يقوله محللون عسكريون من أنّ هناك مؤشرات تقول بأنّ ايران ربما تحاول استدراج ترامب إلى مواجهة عسكرية لكسر الجمود الراهن، خاصة وأنّ الثمن الاقتصادي الذي تدفعه الآن بسبب العقوبات الأمريكية باهظ للغاية ولا تستطيع تحمله لوقت أطول. ويرى روبرت مالي أنّ "إيران قادرة على استيعاب ضربة عسكرية محدودة"؛ لأنها تدرك أنّ ترامب لن يشن حرباً شاملة ضدها، لكن إيران غير قادرة على تحمّل حصار اقتصادي طويل الأمد.
هناك مؤشرات تقول بأنّ ايران ربما تحاول استدراج ترامب إلى مواجهة عسكرية

اختبار للإرادة الدولية
وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قال أمس إنّ بلاده ستنتظر نتائج التحقيق قبل أن تردّ على الهجوم على منشأتي نفط تابعتين لها، والذي تعتقد أنّ إيران مسؤولة عنه.
وأضاف الجبير، في مؤتمر صحفي أنّ التحقيق، الذي دعت الرياض محققين دوليين للمشاركة فيه، سيثبت أنّ الهجمات التي وقعت في 14 أيلول (سبتمبر) الجاري انطلقت من الشمال، كما نقلت وكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً: ماذا بعد العدوان الإيراني على السعودية؟
وقال الجبير إنّ الهجوم "نُفّذ بأسلحة إيرانية وبالتالي نحمل إيران مسؤولية الهجوم"، محجماً عن تحديد الإجراءات التي ستتخذها المملكة للرد. وأضاف، وفق "رويترز"، بأنّه "عندما تكتمل التحقيقات سنتخذ الإجراءات المناسبة" لضمان أمن واستقرار المملكة.
وتعتبر المملكة الضربات على منشأتي خريص وبقيق اختباراً للإرادة العالمية للحفاظ على النظام الدولي، وستتحدث عن هذا الأمر على الأرجح أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر بعد أيام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية