لوبي عربي في الولايات المتحدة.. ما الضير في ذلك؟

أمريكا

لوبي عربي في الولايات المتحدة.. ما الضير في ذلك؟


30/04/2018

في أعقاب إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزيرَ خارجيته ريكس تيلرسون، في آذار (مارس) الماضي، وتعيين مدير الـ (CIA) مايك بومبيو مكانه، تردّد في تعليقات عديدة، مصطلح "لوبي عربي" في الولايات المتحدة الأمريكية. وعادت هذه التعليقات لتربط بين زيارة وزير الخارجية الأمريكي الجديد  للرياض، وبين التهديدات لإيران، وضرب الحوثيين، واستهداف قادتهم في اليمن.

الذين يرددون هذه التعليقات، يستندون إلى الدلالات الرمزية أن تكون المملكة العربية السعودية، أولّ بلد يصله الوزير الجديد غداة انطلاقه في جولة خارجية بدأها من بلجيكا، ثم أتبعها بجولة إقليمية في الشرق الأوسط تشمل كذلك "إسرائيل" والأردن.

وقال الوزير الجديد إنّه ناقش خلال جولته مستقبل الاتفاق النووي مع إيران والذي أبرم في عام 2015، فيما ذكر مسؤول في الخارجية الأمريكية أنّ زيارة بومبيو بعد يومين فقط من أدائه اليمين لتولي منصبه، تهدف أيضاً إلى توطيد العلاقات مع حلفاء مهمين للولايات المتحدة في المنطقة.

مايك بومبيو

رسائل مسرّبة

واستدعى بعض المعلقين، في غمرة هذا النقاش حول وزير الخارجية الـ70 في تاريخ الولايات المتحدة، ما تناقلته وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة من مزاعم عن اختراق بريد إلكتروني، يكشف رسائل مسرّبة (وقيل إنّها مفبركة) عن لقاء رجل الأعمال الأمريكي إليوت برويدي (الذي تربطه علاقات وطيدة بالإمارات)، مع ترامب في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وحثه على إقالة تيلرسون.

بعد تعيين مدير الـ (CIA) مايك بومبيو وزيراً للخارجية، تردّد مصطلح "لوبي عربي" في الولايات المتحدة الأمريكية

وكان برويدي وصف وزيرَ الخارجية الأمريكي السابق، كما نقلت "بي بي سي" بأنّه "برج من الهلام" وأنّه "ضعيف ويحتاج إلى صفعة قوية".

واعتمد معلقون وكتّاب، آنذاك، على هذه الواقعة ليؤكدوا نجاج أبوظبي والرياض، في إقناع واشنطن بأنّ تيلرسون يصدر فيما خصّ الموقف من إيران وكوريا الشمالية والأزمة الخليجية عن "مواقف منحازة"، فضلاً عن كونها تتعارض وتتناقض مع مواقف الإدارة الأمريكية.

كسر الصورة النمطية

السعودية والإمارات، تحاولان كسر الصورة النمطية عن نفسيهما باعتبارهما دولتين خليجيتين تعيشان على هامش الأحداث، وفي المقابل، فإنهما تسعيان إلى تقديم صورة لشكل مغاير من المجابهة في التعاملات مع الملفات التي تهم مصلحة البلدين وحلفاءهما.

البلدان العربيان يتحركان بوتيرة متسارعة للتمدّد الذي يسمح له وضعهما الاقتصادي، وحاجتهما إلى التوسع في بناء الأسواق والأحلاف في الوقت نفسه، خصوصاً أنّ البلدين محاطان بتحديات و"أعداء" كثر يتربصون بنجاحات هذين البلدين ويسعيان إلى تقويضها.

وفي هذا السياق، تأتي تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن النووي السعودي في مواجهة النووي الإيراني، وكذلك تفعل الإمارات في الملفات المعقدة في ليبيا والصومال وإثيوبيا والقرن الإفريقي ومصر واليمن، وفي كل ما يحقق مصالح هذا البلد الذي يطمح أن يصبح قوة إقليمية مؤثرة في مجرى الأحداث الدولية.

السعودية والإمارات، تحاولان أن تكسرا الصورة النمطية عن نفسيهما باعتبارهما دولتين خليجيتين تعيشان على هامش الأحداث

وقياساً على تلك الطموحات "المشروعة" فإنّ المرء لا يتعين أن يستغرب أو يستهجن محاولة الإمارات والسعودية، إن صحت الوقائع، إقناع الإدارة الأمريكية بتغيير وزير الخارجية، الذي كان وصف ترامب في تموز (يوليو) الماضي بأنّه "أخرق".

من الضروري تشكيل وتأطير لوبي عربي ضاغط في الولايات المتحدة، وفي مفاصل صناعة القرار، والتأثير فيها، لا سيما أنّ المصالح الدولية في العالم باتت محكومة إلى العوامل الاقتصادية والمزايا الاستثمارية، والأفضليات التي تُمنح لهذا البلد أو لهذا الطرف لقاء تسويات سياسية في مختلف الحقول. وهذا ما يمكن أن تستثمر فيه الدول العربية، وفي طليعتهما السعودية والإمارات، بحيث يثمر نتائج هي جزء من لعبة الأمم منذ القديم.

من الضروري تشكيل وتأطير لوبي عربي ضاغط في الولايات المتحدة

بناء التحالفات

لم يكن من قبل للعرب صوت موحد؛ لأنهم كانوا مطرودين من حصة الغنائم التي تتقاسمها الدول الكبرى. الآن الوضع ينذر بتغييرات يتعين اغتنامها، وإعادة بناء تحالف عربي وإسلامي ودولي متماسك باتجاه الضغط الموحد في عدة ملفات، وفي عدة مناطق من العالم، من أجل "مقايضات" تبيحها لعبة السياسة التي يتعين ألا تكون بريئة تماماً.

الولايات المتحدة دولة مركزية وفاعلة في المشهد العالمي، لكنها ليست الدولة الوحيدة، فهناك روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وهي تحتاج إلى تشكيل لوبيات على قدر عالٍ من الكفاءة والمهارة من أجل محاورتها والضغط عليها لمؤازرة مشروعات عربية حالمة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية