مائة ألف مصلٍ في الأقصى: تكبيرات توقف العربدة الإسرائيلية

مائة ألف مصلٍ في الأقصى: تكبيرات توقف العربدة الإسرائيلية


24/07/2021

أكثر من 100 ألف مصل أدوا صلاة عيد الأضحى المبارك صبيحة الثلاثاء الماضي في المسجد الأقصى، في رد .حاسم على التفاف الفلسطيني حول مقدساته، ووقف العربدة الإسرائيلية المستمرة.

وثقت مقاطع فيديو اقتحام الأقصى من قبل عضو الكنيست عن قائمة "يمينا" عميحاي شَكْلي، والعضو السابق عن البيت اليهودي شولي موعلم، وهما يرددان النشيد الوطني الإسرائيلي "هاتيكفا"

وتستمر حالة من الهدوء الحذر في مدينة القدس بعد اقتحام جماعات يهودية متطرفة برفقة قوات من الجيش الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى المبارك في 18 تموز (يوليو) إحياءً للذكرى المزعومة "خراب الهيكل" وذلك لأداء طقوس تلمودية، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهات بين المصلين والمرابطين وجنود الاحتلال.

 ويستمر نهج هذه الجماعات باستفزاز مشاعر المسلمين في ظل الدعم السياسي الإسرائيلي اللامحدود لهذه الجماعات، بعدما أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بمواصلة اقتحامات المستوطنين للأقصى، وذلك في ختام جلسة لتقييم الأوضاع الأمنية عقدت عقب الاقتحام الأخير للمسجد.

تهويد الأقصى وتقسيمه

ويرى مدير مركز مسار للدراسات، والكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش خلال حديثه لـ "حفريات" أنّ "الهدف الإسرائيلي المعلن والذي يلقى اجماعاً بين مختلف القوى الصهيونية للتصعيد واقتحام المسجد الأقصى هو تهويد مدينة القدس، ومتابعة خططها الممنهجة لمواصلة التطهير العرقي والتهجير لسكانها، لتقليص أكبر عدد ممكن من السكان العرب، بحيث تصل نسبتهم من مجموع سكان القدس الكبرى من 37% حالياً إلى ما دون ألـ 15%، وهي نسبة تفقد قدرة المقدسيين من التأثير على مستقبل المدينة وهويتها وطابعها".

نهاد أبو غوش

ولفت إلى أنّ "الاحتلال الصهيوني يهدف أيضاً إلى وضع مخطط خاص بالمسجد الأقصى على غرار مخططه الشامل بمدينة القدس والمتمثل في إلغاء ما يعرف بالوضع القائم (الستاتوس كو)، ونزع صلاحية الإشراف على الحرم القدسي من الأوقاف الإسلامية، ثم السماح لليهود بالصلاة، وصولاً للتقسيم المكاني والزماني للمسجد، كما جرى سابقاً في الحرم الابراهيمي الشريف بالخليل".

وكانت قوات من شرطة الاحتلال نصبت حواجزها على أبواب المسجد الأقصى المبارك، ومنعت الدخول إليه، باستثناء أعداد قليلة من المصلين، كما منعت طواقم الإسعاف من الدخول إلى المسجد، وقامت بمطاردة المصلين والمرابطين، ودفعتهم إلى الخروج وحاصرت العشرات منهم داخل المسجد القبلي، وذلك لإفساح المجال لدخول متطرفين يهود إلى باحات الأقصى الشريف لممارسة طقوسهم.

د. عماد البشتاوي لـ "حفريات": اقتحام الأقصى قد يكون جس نبض للتمهيد لاقتحامات الصهيونية، قد تكون أكثر اشتداداً من حيث الأعداد والتأثير وطبيعة الرد الفلسطيني عليها

وقدّرت الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة عدد اليهود المتشددين والمستوطنين الذين اقتحموا باحات المسجد الأقصى بأكثر من 800 شخص.

واعتبر أبو غوش أنّ "ما شهده المسجد الأقصى خلال الاقتحام الأخير يختلف عن الانتهاكات والاقتحامات السابقة له، وهناك ظهر تطور نوعي جديد من خلال ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت والحديث عن (حرية العبادة) للمسلمين واليهود، في حين أنّ التصريحات السابقة لهم كانت تتحدث عن (حرية الزيارة للجميع) وهي خطة تمهد لتقسيم وتهويد الأقصى، على الرغم من أنّ هذه الحرية غير متاحة لملايين الفلسطينيين الذين تحرمهم إسرائيل من دخول القدس".

وأكد أنّ "مشروع السيادة السياسي والديني والعسكري لم يستكمل بالمعني والواقعي والعملي، حيث لا يزال الصراع مفتوحاً، وقد أثبت المقدسيون خلال الهبات الجماهيرية العديدة التي جرت أنهم طليعة متقدمة للشعب الفلسطيني، وأنّ مدينة القدس عربية فلسطينية بالرغم من كل محاولات التهويد والأسرلة التي تتعرض لها خلال 54 عاماً".

دعم اليمين المتطرف للمستوطنين

أبو غوش أوضح كذلك أنّ "اقتحام عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي المتطرفين للمسجد الأقصى يبين بشكل واضح الدعم الرسمي الذي تقدمه أحزاب اليمين المتطرفة، كما جرى مع حكومة الليكود التي ترأسها رئيس الوزراء السابق نتنياهو للمستوطنين المتطرفين"، مبيناً أنّ "الاقتحامات المتكررة للمسجد كانت تقتصر سابقاً على غلاة المستوطنين المتطرفين من الجماعات الصهيونية الدينية، في حين أنّ غالبية الإسرائيليين العلمانيين لا يعنى لهم المسجد الأقصى شيئاً، ولا يرونه سوى مكان سياحي فقط".

اقرأ أيضاً: تقرير: القدس تحت ضغط سياسة تهجير قسري وتطهير عرقي غير مسبوقة

وبين "هناك جماعات دينية غير صهيونية أمثال يهدوت هتوراة، وناطوري كارتا، وأوساط واسعة من حزب شاس، يحرمون دخول اليهود للمسجد الأقصى، ويعتبرون أن ذلك فيه مخالفة وإثم كبير، ويعتقدون أنّ إعادة بناء الهيكل هي عملية ذات أبعاد روحانية ودينية، يتولاها المخلص أو المسيح "المشيح" الموعود وليس ساسة إسرائيل الحاليين، حيث أصبحت الجماعات الصهيونية الدينية الآن في قلب الخريطة السياسية، بعد تولى بينت رئاسة وزراء إسرائيل والذي يعد من المحسوبين عليهم، كما أنّ لتلك الأحزاب نفوذاً كبيراً في أحزاب الليكود، ويمينا، والأمل الجديد، ويسرائيل بيتينو، إلى جانب حركات اجتماعية أخرى".

وبسؤال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عن أسباب دعم بينت لعمليات اقتحام الجماعات اليهودية المتطرفة للأقصى، أشار إلى أنّ "بينت يسعى لإرضاء جمهوره الانتخابي وجمهور الصهيونية الدينية ولا سيما أنه يواجه منافسة حادة من قبل حزب سموتريتش – بن غفير، وكذلك يواجه ضغوطاً مستمرة من نتنياهو والليكود، لذلك فهو معني أن يثبت أنه ليس أقل صلابة وتشدداً تجاه الفلسطينيين، وأنه صهيوني أكثر من معارضيه، وهذا ينعكس في السياسة والمواقف تجاه الفلسطينيين بشكل عام، وتجاه قضايا الاستيطان، وصولاً لدعم وشرعنة مواقف غلاة المتطرفين المتزمتين في اقتحاماتهم وانتهاكاتهم المستمرة".

ووثقت مقاطع فيديو اقتحام الأقصى الشريف من قبل عضو الكنيست عن قائمة "يمينا" عميحاي شَكْلي، والعضو السابق عن البيت اليهودي شولي موعلم، وهما يرددان النشيد الوطني الإسرائيلي "هاتيكفا" داخل باحات المسجد المبارك أثناء اقتحامه.

وتؤمن جماعات الهيكل بأنّ الطريق نحو بناء الهيكل الثالث في مكان المسجد الأقصى تحتاج تصعيداً في الخطوات، حتى يصبح "الحلم حقيقةً"، الخطوة الأولى ضمن هذه الإستراتيجية هي زيادة أعداد اليهود الذين "يدخلون إلى جبل الهيكل"، وعندما يزداد هؤلاء ويرتفع عددهم سيصبح من "الشرعي" و"الطبيعي" أن يُسمَح لهم بالصلاة العلنيّة والجماعيّة داخله، ليصبح من الشرعي مطالبتهم ببناء الهيكل بعد التخلص من المصليات الإسلاميّة وانتزاع المكان من أيدي الفلسطينيين.

ولدى "جماعات الهيكل" المتطرفة أربعة مواسم كبرى لاقتحام الأقصى ويتمثل الموسم الأول في عيد "الفصح العبري"، والثاني  فيذكرى "توحيد القدس"، والثالث في ذكرى "خراب الهيكل" في الأيام القادمة، والرابع موسم الأعياد الطويل الذي يبدأ برأس السنة العبرية مروراً بيوم "الغفران" وينتهي بعيد "العُرش"

وفي مقابلة أجريت مع الحاخام المتطرف يهودا غليك، عضو الكنيست الاسرائيلي خلال العام 2009 لصالح مجلة توّزع بين شبيبة المستوطنين قال”: دون الهيكل يبقى وجودنا افتراضياً.. إذا فهم الناس ذلك وأرادوا التفاعل عبر التعلّم، وعبر الوصول إلى جبل الهيكل، حينئذ فإنّ المطالبة ببناء الهيكل لن تأتي من اثنين أو ثلاثة أشخاص، إنما من جمهور كبير وعريض إلى درجة لن تستطيع معها دولة إسرائيل أن ترفض هكذا طلباً".

تجنب التصعيد مع الفلسطينيين

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل د. عماد البشتاوي أنّ "الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تتعمد التصعيد في القدس والمسجد الأقصى حالياً، على الرغم من كونها حكومة يمينية تعبر عن نفسها، وتحاول من خلال هذه الاقتحامات أن تثبت لحزب الليكود أنها لا تقل يمينية وتطرفاً عنه، وذلك في ظل وجود رقابة أمريكية على السياسية الإسرائيلية، والتي ترفض لجوء حكومة بينت الحالية لافتعال أي تصعيد خلال المرحلة الحالية"، مشيراً إلى أن "الحكومة الإسرائيلية نفسها تعاني من عدم الاستقرار وتحاول أن تضع في نصب عينها تجنب التصعيد مع الفلسطينيين".

عماد البشتاوي

ويضيف البشتاوي لـ "حفريات" أنّ "اقتحام الأقصى قد يكون جس نبض للتمهيد للمزيد من الاقتحامات الصهيونية، والتي قد تكون أكثر اشتداداً من حيث الأعداد والتأثير وطبيعة الرد الفلسطيني عليها، إلا أنه من المبكر الحديث عن ذلك حالياً، في ظل رغبة أمريكية وإسرائيلية بالهدوء، وكذلك في ظل عدم توفر المقدرة الكافية لبينت لخوض تحد مع الإدارة الامريكية بقيادة بايدن، كما جرى سابقاً مع رئيس الوزراء السابق نتنياهو في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية