ماذا بعد تأييد فقهاء القانون الإنجليزي لموانئ دبي في جيبوتي؟

الإمارات

ماذا بعد تأييد فقهاء القانون الإنجليزي لموانئ دبي في جيبوتي؟


05/08/2018

أكدت محكمة لندن للتحكيم الدولي، الخميس الماضي، عدم قانونية وكذلك عدم شرعية استيلاء حكومة جيبوتي على محطة حاويات دوراليه من موانئ دبي العالمية، وقضت باستمرار سريان اتفاقية امتياز المحطة، على الرغم من الإجراءات أحادية الجانب التي اتخذتها الحكومة الجيبوتية والمتمثلة في إصدار القانون رقم 202 والمراسيم ذات الصلة لعام 2018، إذ وجدت المحكمة القانون والمراسيم، التي أصدرتها الحكومة للتهرب من التزاماتها التعاقدية، غير ذات جدوى من الناحية القانونية. وبعد هذا الحكم يبقى التساؤل الملحّ يتعلق بما ستقوم به موانئ دبي العالمية، ومِروَحة خياراتها إزاء المحطة القريبة من باب المندب.
استيلاء غير مشروع بعد "النجاح الكبير"
وكانت حكومة جيبوتي قد قامت في تاريخ 22 شباط (فبراير) 2018 بالاستيلاء غير المشروع على محطة "دوراليه للحاويات" التي تولت موانئ دبي العالمية تصميمها وبناءها، بالإضافة إلى تشغيلها منذ عام 2006 بموجب عقد امتياز منحته الحكومة في العام ذاته، حيث تحولت المحطة الفائقة الحداثة إلى أكبر مصدر لفرص العمل والإيرادات في البلاد مع تحقيق أرباح سنوية منذ بدء تشغيلها، لتحرز بذلك "نجاحاً كبيراً" لجيبوتي في ظل إدارة موانئ دبي العالمية.

تحولت المحطة الفائقة الحداثة إلى أكبر مصدر لفرص العمل والإيرادات في البلاد

وجاء الاستيلاء غير القانوني على المحطة ليتوج الحملة التي شنّتها الحكومة لإجبار موانئ دبي العالمية على إعادة التفاوض بشأن شروط الامتياز التي تبين في العام 2017 أنها "عادلة ومعقولة" وفقاً لما أكدته محكمة لندن للتحكيم الدولي، التي يقودها اللورد ليونارد هوفمان والسير ريتشارد أيكنس، وكلاهما من فقهاء القانون الإنجليزي المرموقين.

اقرأ أيضاً: الصين تعزز التقارب التجاري في العالم.. ودبي شريكها المحوري
وعقب قيام حكومة جيبوتي بالاستيلاء على المحطة بعد إقرار القانون رقم 202 الذي يسمح لها بإنهاء اتفاقيات البنية التحتية إذا ارتأت أنه يصب في صالح جيبوتي، اضطرت موانئ دبي العالمية إلى بدء تحكيم جديد في شباط (فبراير) 2018 للحصول على إقرار من المحكمة بأن اتفاقية الامتياز صالحة ومُلزمة للحكومة. وقد أكدت المحكمة المُشكَّلة من البروفيسور زاكري دوغلاس، أن اتفاقية الامتياز، التي يحكمها القانون الإنكليزي، لا تزال مُلزمة وسارية المفعول على الرغم من إنهاء الحكومة المزعوم لها بموجب الإجراء أحادي الجانب المُتمثّل في إصدار القانون 202.

تنمية الاقتصاد والمجتمع المحلي
من جانبه، قال المتحدث باسم موانئ دبي العالمية في تصريحات لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية نشرتها أول من أمس إنّ الشركة ترحب بحكم محكمة لندن للتحكيم الدولي لصالحها، معلنة عدم شرعية قيام حكومة جيبوتي في وقت سابق من العام الجاري بالاستيلاء على محطة "دوراليه للحاويات"؛ حيث قضت المحكمة بأنّ هذا الإجراء انتهاك واضح لالتزامات الحكومة التعاقدية.

اقرأ أيضاً: جيبوتي على خطى وخطيئة إيران

وأضاف: "استثمرنا بشكل كبير في جيبوتي خلال السنوات الماضية، ونحن فخورون بالمساهمة الكبيرة التي قدمناها للاقتصاد والمجتمع المحلي، ونتطلع الآن إلى المرحلة المقبلة وندرس خياراتنا في ضوء هذا الحكم".
وتملك موانئ دبي العالمية حصة قدرها 33% في ميناء دوراليه في جيبوتي، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمحطة 1.25 مليون حاوية نمطية، فيما أكدت المجموعة أنه لن يكون لهذا الإجراء أي تأثير مالي يذكر على المجموعة.
استثمار في البنى التحتية والحلول المبتكرة
وتعد "موانئ دبي العالمية" محفزاً رائداً للتجارة العالمية وجزءاً لا يتجزأ من سلسلة التوريد حول العالم؛ إذ يتسع نطاق عملياتها التشغيلية ليشمل قطاعات عدة متنوعة ومترابطة، تضم المحطات البحرية والبرية والخدمات البحرية واللوجستية والخدمات المساندة، إلى جانب الحلول التجارية القائمة على أحدث التطبيقات والحلول التكنولوجي، وفق ما ذكرت صحيفة "البيان" أول من أمس.

تملك موانئ دبي العالمية حصة 33% في ميناء دوراليه بجيبوتي وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمحطة 1.25 مليون حاوية نمطية

وتضم محفظة أعمال موانئ دبي العالمية 78 محطة برية وبحرية عاملة مدعومة بأكثر من 50 نشاطاً ذي صلة في أكثر من 40 بلداً موزعة على قارات العالم الست، ما يعكس حضورها البارز في كلٍّ من الأسواق الناشئة ذات معدلات النمو المرتفعة والأسواق المتطورة على حد سواء. وتتمتع مجموعة موانئ دبي العالمية بعلاقات تعاون وشراكة قوية مع الحكومات حول العالم وتعمل معها لدعم النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية التحتية والحلول التجارية المبتكرة.
تحذير من انتهاك الحقوق الحصرية
وكانت موانئ دبي العالمية أعلنت الشهر الماضي أنّ استلاء حكومة جيبوتي غير المشروع على المحطة لا يمنح الحق لأي طرف ثالث بانتهاك شروط اتفاق الامتياز. وجاء ذلك رداً على تقارير صحافية عن افتتاح المرحلة الأولى من مشروع "منطقة التجارة الحرة العالمية" التي تبينها شركة صينية، معتبرة أنّ هذا المشروع تعدٍّ واضح على حقوق الإدارة الحصرية التي تتمتع بها موانئ دبي العالمية بموجب اتفاق الامتياز.
وقال ناطق باسم موانئ دبي العالمية حينها، كما نشرت صحيفة "الحياة" (12/7/2018): "يعد هذا المشروع مثالاً على عدم تقيّد حكومة جيبوتي بالتزاماتها التعاقدية وتعديها على حقوق المستثمرين الأجانب". وشدد على أنّ المجموعة تحتفظ بحق اتخاذ الإجراءات القانونية كافة، ومن ضمنها المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة على تدخل أطراف أخرى أو خرق حقوق التعاقد.

تُعد موانئ دبي العالمية محفزاً رائداً للتجارة العالمية وجزءاً لا يتجزأ من سلسلة التوريد حول العالم

وثمة تقديرات تلفت النظر إلى أنّ جيبوتي مدينة بمبلغ يفوق 1.2 مليار دولار للصين.
وكان أكبر قائد عسكري أمريكي لمنطقة أفريقيا أبلغ المشرعين الأمريكيين في آذار (مارس) الماضي أن الجيش قد يواجه عواقب "خطيرة" إذا سيطرت الصين على ميناء دوراليه. وقال مشرعون إنهم اطلعوا على تقارير بأنّ جيبوتي فرضت سيطرتها على الميناء كي تمنحه للصين كهدية، بحسب ما أفاد تقرير لوكالة "رويترز" للأنباء نُشر في (14/3/2018). وفي مؤشر على القيمة الإستراتيجية لجيبوتي، زار وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، البلد في آذار (مارس) الماضي. وكانت جيبوتي واحدة من خمس دول أفريقية شملتها جولته في القارة. وحثّ تيلرسون، الذي أقاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشهر ذاته، حكومة جيبوتي على تحسين مناخ الاستثمار.

وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون

أرباح الميناء ستبقى معلّقة
وكان رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، سلطان بن سليم، أكد أنّ المجموعة "لا تعترف بالمرسوم الصادر عن حكومة جيبوتي، والإجراءات التي قامت على أساسه ومنها الاستيلاء على ميناء دوراليه الذي تشغله موانئ دبي العالمية وفق اتفاق سابق مع الحكومة". وأكد أن "أرباح الميناء حالياً بعد استيلاء حكومة جيبوتي عليه، هي حق لشركة موانئ دبي العالمية، وهذه الأرباح ستبقى معلقة إلى حين التوصل إلى حل".  وقال بن سليم، بحسب "رويترز" (16/3/2018) إنّ قرار جيبوتي إنهاء عقد مع الشركة لتشغيل محطة دوراليه للحاويات، سيجعل من الصعب على أفريقيا جذب الاستثمار. وأضاف أنّ الشركة لا تعلم الدوافع وراء ما وصفته باستيلاء جيبوتي على مرفأ الحاويات.

اقرأ أيضاً: لماذا تعد جيبوتي الخاسر الأكبر في توازنات القرن الإفريقي الجديدة؟
وتسعى موانئ دبي العالمية حالياً إلى تحويل ميناء "بربرة" في إقليم أرض الصومال من ميناء إقليمي صغير إلى منصة بحرية محورية تخدم زبائن الشركة، بعد تعطل أعمال الزبائن في جيبوتي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية