ماذا بعد فوز رئيسي برئاسة الجمهورية الإيرانية؟

ماذا بعد فوز رئيسي برئاسة الجمهورية الإيرانية؟


20/06/2021

ربما لم يكن فوز رئيس جديد موالٍ للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران خبراً مهماً، فقد كانت النتيجة معروفة سلفاً؛ حيث وفرت بنية نظام الجمهورية وقوانينها هذا الفوز، من خلال السيطرة المطلقة للمرشد على الجمهورية، في ظل دستورها الذي منحه تلك السيطرة، فالترشيح للانتخابات محكوم بموافقة هيئة يسيطر عليها المرشد "تشخيص مصلحة النظام" أقصت مقدّماً منافسي المرشح الفائز "إبراهيم رئيسي" من خلال عدم الموافقة على ترشيحهم، وتمّ دفع مرشحي "التيار الإصلاحي" لإعلان الانسحاب من المنافسة، قبيل موعد إجراء الانتخابات بأيام.

فوز رئيسي سيعيد إنتاج إيران بصورة جديدة، وستكون له انعكاساته الداخلية والخارجية، بما في ذلك مستقبل علاقات الجمهورية الإسلامية مع أمريكا والغرب

فوز رئيسي، المقرّب من الحرس الثوري والمرشد الأعلى للثورة، سيعيد إنتاج إيران بصورة جديدة، وستكون له انعكاساته الداخلية والخارجية، بما في ذلك مستقبل علاقات الجمهورية الإسلامية مع أمريكا والغرب، والمفاوضات الجارية بين طهران والغرب لإنجاز صفقة جديدة، على غرار صفقة عام 2015، وفيما يلي قراءة للمشهد الإيراني القادم:

أوّلاً: على الصعيد الداخلي يُعدّ فوز رئيسي إنهاء لثنائية تياري التشدد "يمثله المرشد والحرس الثوري"، والتيار الإصلاحي" يمثله حسن روحاني وجواد ظريف"، رغم أنها ثنائية مضللة، لأنّ "العقد والحل" عملياً بيد المرشد الأعلى، ومع ذلك ستبدو إيران اليوم بقيادة موحدة ممثلة بالمرشد والحرس الثوري، وهو ما يعني داخلياً أنّ هذا التيار سيكون بمواجهة مباشرة مع التحديات التي تواجهها الشعوب الإيرانية، وفي مقدمتها تحديات العقوبات الاقتصادية والأوضاع الاقتصادية الصعبة في إيران، بالإضافة إلى مواجهة نزول التيار الإصلاحي إلى الشارع، هذا التيار الذي شكّل غطاءً للمرشد و"شمّاعة" يلقي عليه اللوم بتقديم تنازلات للغرب وصلت إلى حد اتهام رموزه بالخيانة، ويشار هنا إلى أنه لا رئيسي ولا المرشد والحرس الثوري يملكون ترف الوقت لتحقيق إنجازات لـ"حلحلة" الأوضاع الاقتصادية، لا سيّما أنّ أسباب الانتفاضات التي انطلقت منذ عام 2017 ما زالت قائمة.

اقرأ أيضاً: كيف جاءت الردود الدولية على فوز رئيسي؟ ومن أول المهنئين؟

ثانياً: على الصعيد الخارجي، فإنّ ملفي المفاوضات مع الغرب حول الصفقة الجديدة، والتدخل الإقليمي للحرس الثوري في المنطقة "الوكلاء" ستكون موضع متابعة من الغرب، ومن القوى الإقليمية في المنطقة، بما في ذلك التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى دعم الحوثيين في اليمن، والمرجح أنّ ردود فعل الغرب ستكون مرتبطة باتجاهات السياسة الإيرانية، خاصة أنّ المطروح في الصفقة الجديدة ملفات تتجاوز قضية تخصيب اليورانيوم، وضبط المخاوف من إنتاج إيران قنبلة نووية، تتصل بالبرنامج الصاروخي لإيران، والتدخل في الإقليم عبر حروب الوكالة.

من المرجح أنّ إيران سترسل رسائل متضاربة في الملفين لانتزاع مكاسب في مفاوضاتها، ستخضع لمعيار التقدم والفشل في المفاوضات، وربما كانت أولى هذه الرسائل مبادرة الحوثيين لإطلاق عدد من الطائرات المسيّرة ضد أهداف سعودية مباشرة بعد إعلان فوز رئيسي، ولا نستبعد استئناف وكلاء إيران في العراق "الحشد الشعبي" والميليشيات الشيعية في سوريا نشاطاتهم بصورة أكثر فاعلية، خلافاً لحزب الله اللبناني، الذي ستكون تحركاته تجاه إسرائيل محسوبة بدقة متناهية؛ لأنها ستكون آخر الرسائل الإيرانية، في ظل مواقف إسرائيلية متحفزة ومتحفظة ضد أيّ اتفاقات أمريكية ـ إيرانية لا تضمن متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي من وجهة نظر إسرائيلية، وبالتزامن فإنّ حرب ناقلات النفط في الخليج ربما تعود من قبل جهات بالحرس الثوري الإيراني.

على الصعيد الداخلي يُعدّ فوز رئيسي إنهاء لثنائية تياري التشدد "يمثله المرشد والحرس الثوري"، والتيار الإصلاحي" يمثله حسن روحاني وجواد ظريف"، رغم أنها ثنائية مضللة

ثالثاً: رغم أنّ النتيجة الأولى لفوز رئيسي تشير إلى أنّ إيران ذاهبة باتجاه المزيد من التشدد، إلا أنّ قراءة أخرى تشير إلى أنه ليس بالإمكان إنجاز اتفاق حقيقي مع الغرب، إلا في ظل سيطرة مطلقة للمرشد والحرس الثوري على إيران، وهو ما تمّ فعلياً بعد هذه الانتخابات، فالحرس الثوري لم يعد هو الحرس الثوري بعد غياب قاسم سليماني، والأزمة الاقتصادية الداخلية تتفاقم، بما يؤسس لثورة جديدة تهدد بقاء النظام، وقد أنتجت 4 أعوام من حكم ترامب حالة جديدة في إيران جعلت المرشد الأعلى على رأس قائمة المطالبين بإعادة صياغة الاتفاق النووي مع الغرب، في الوقت الذي كان يتهم فيه، ومعه الحرس الثوري، التيار الإصلاحي بـ"الخيانة".

اقرأ أيضاً: قتيل خلال احتجاجات شعبية على الانتخابات الإيرانية... تفاصيل

رابعاً: في الخلاصة، فإنّ الحقيقة المؤكدة أنّ إيران الجديدة مفتوحة على العديد من السيناريوهات القادمة "التهدئة أو التصعيد"، التي ستكون مرتبطة بالتطورات الميدانية داخل إيران وفي الإقليم، ومفاوضاتها مع الغرب، التي يبدو أنها قطعت أشواطاً، وحقيقة أخرى وهي أنّ المرشد الأعلى أصبح قائداً لإيران بلا منازع، واستعاد رئاسة الجمهورية بوصفها جهازاً من أجهزته، وهو ما سيتيح له القدرة على إنجاز أي اتفاق، سيكون جوهره ومرجعيته، ضمانات باستمرار بقاء النظام، وهو ما يرجح معه أن يذهب إلى تقديم تنازلات "مؤلمة"، لم يكن الحرس الثوري ليقبل بها إلا بصدورها عن المرشد الأعلى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية