ماذا تخفي قاعدة الإمام علي التي أقامتها إيران شرق سوريا؟

ماذا تخفي قاعدة الإمام علي التي أقامتها إيران شرق سوريا؟


30/09/2019

في ظل الأخبار المتواترة، والتي جرى الكشف عنها، مؤخراً، من مصادر صحفية واستخباراتية غربية، حول إنشاء إيران قاعدة عسكرية جديدة، في شرق سوريا، تسمى "قاعدة الإمام علي"، فإنّ الدور الإيراني في سوريا، وتوغّله؛ ميدانياً وسياسياً، يعود، مجدداً، إلى طاولة النقاش.

اقرأ أيضاً: إيران في اليمن: كيف وصل البلد "السعيد" لكل هذا الدمار؟
بيد أنّ شرق سوريا المتنازع عليه بين عدة قوى إقليمية، يفرض تصورات مغايرة عن نفوذ طهران والتغييرات الديمغرافية التي تنفذها في سوريا؛ إذ إنّ الجغرافيا السياسية التي تتصل بالقاعدة العسكرية، تشير إلى أبعاد إستراتيجية دقيقة، تخص مصالح طهران سياسياً، على نحو مباشر، ووضع دمشق، في تبعية لمشروع الهلال الفارسي.
إنشاء إيران قاعدة عسكرية جديدة في شرق سوريا تسمى "قاعدة الإمام علي"

قاعدة عسكرية إيرانية في سوريا.. لماذا؟
تعد القاعدة العسكرية، التي جرى إنشاؤها والعمل المستمر عليها، في منطقة شرق سوريا، بالقرب من الحدود السورية العراقية، أكبر قاعدة إيرانية بدمشق، والأولى التي يتم تأسيسها من الصفر؛ إذ تستهدف من خلالها طهران، إيواء آلاف القوات الإيرانية فيها. ومن بين المعلومات المتوافرة عنها، فإنّ القاعدة تحتوي على خمس منشآت جديدة يمكن تخزين الصواريخ فيها، بالإضافة إلى 10 منشآت أخرى، مهمتها أن تكون قاعدة عسكرية كاملة، كما أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية، وانفردت بها "شبكة فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية، أوضحت وجود أنفاق داخلية محفورة ومستودعات كبيرة للأسلحة.

بناء قاعدة الإمام علي العسكرية يدخل ضمن حيز الخطة الإستراتيجية للجنرالات الإيرانيين وقادة الحرس الثوري وفيلق القدس

اللافت أنّ هذه القاعدة تعرضت إلى استهداف عسكري، أكثر من مرة، وغارة جوية إسرائيلية، لكنّ أعمال الإنشاء، رغم كل ذلك، لم تتوقف وظلت قيد العمل والتنفيذ، ما يعكس رغبة قوية لدى طهران نحو استكمال مشروعها العسكري، وقد أوكلت مهمته إلى الحرس الثوري الإيراني، وقائد فيلق القدس، بالإضافة إلى موافقة وإشراف القادة العسكريين الإيرانيين.

كانت آخر تلك الضربات، خلال الشهر الجاري؛ حيث تعرضت ثمانية مبانٍ رئيسية، في قاعدة الإمام علي العسكرية، لضربة جوية، لم يعلن عن الجهة التي نفذتها، بحسب وكالة أنباء "رويترز"، ونجم عنها وفاة 21 شخصاً.

طريق حيوي لنقل السلاح
تبعد قاعدة الإمام علي العسكرية نحو 150 كيلومتراً، جنوب شرق دير الزور، وذلك على مقربة من معبر البوكمال الحدودي مع العراق، والذي تسيطر عليه ميليشيا حيدريون، في سوريا، بالتنسيق مع الحشد الشعبي، في العراق، التابعين لطهران؛ وهو ما يمثل منفذاً وطريقاً حيوياً لنقل السلاح، وتأمين نفوذ القوات الإيرانية، بينما تحتوي القاعدة على صواريخ موجهة بدقة، ومخازن وأعمدة أمنية، وسواتر حماية للحرس الثوري الإيراني، لتسهيل عملية نقل الأسلحة إلى سوريا.

اقرأ أيضاً: رسائل إيرانية بـ "تنازلات" بعد عملية "أرامكو" السعودية
وحسبما أوضح تقرير شبكة "فوكس نيوز"، التي حصلت على صور للقاعدة العسكرية، التقطتها الأقمار الصناعية؛ فإنّ الجزء الشمالي الغربي من القاعدة، يتواجد فيه نحو 10 مستودعات للأسلحة، ومخازن للصواريخ، ناهيك عن مبان جديدة، وهياكل تخزين صاروخية دقيقة التوجيه بحماية خارجية.
دشنت طهران، منذ الأزمة السورية قبل نحو ثماني سنوات، العديد من الميليشيات والفيالق المسلحة، والتي يقدر أعدادها بنحو 80 ألف مسلح، من جنسيات مختلفة، واستطاعت أن تحقق انتصارات عديدة في مناطق سورية مختلفة، وتركت آثارها الاجتماعية والثقافية على البشر والعمران، بصورة قسرية، لكن ظلت هيمنتها على البوكمال، شرق سوريا، تمثل أحد أبرز أهدافها الإستراتيجية، منذ قيام الجمهورية الإسلامية، في العام 1979؛ إذ تهدف طهران من خلاله فتح ممر بري، باتجاه البحر المتوسط ولبنان، عبر سوريا والعراق.

حلم الهلال الشيعي
وفي حديث سابق، لقائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أدلى به في الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، كشف أنّ طهران عمدت إلى تشكيل ميليشيا الحشد الشعبي في العراق، وقوامها 100 ألف عنصر، وأضاف أنّ بعض القوات الإيرانية ذهبت إلى العراق، بغية نقل خبراتها إلى تلك القوات الشعبية، والمساهمة في إعدادها وتنظيمها، كما تتوزع تلك الميليشيات التابعة لإيران، والتي تتكون من عناصر المهاجرين الأفغان والباكستانيين، في مناطق الجنوب السوري، والسيدة زينب بدمشق، وريف حلب الجنوبي، وريف حماة الشرقي، وفي دير الزور، وهو الأمر الذي يعزز من قدراتها على تأمين الطريق البري، الواصل بين طهران وبيروت، عن طريق منفذ البوكمال، فتضمن من خلاله وصول الإمدادات العسكرية كافة.
قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري

مواجهة مع إسرائيل
وفي حديثه لـ"حفريات"، يرى الباحث في الشأن الإيراني إبراهيم عامر، أنّ بناء قاعدة الإمام علي العسكرية، تدخل ضمن حيز الخطة الإستراتيجية للجنرالات الإيرانيين، وقادة الحرس الثوري وفيلق القدس، المشغولين ببناء ممرين بريين في بلاد الشام، يكون أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب؛ إذ يمكنهم من خلالهما وصل إيران بالبحر المتوسط، من حدود إيران الغربية إلى وادي دجلة والفرات، وبالتالي، يتم توفير طريق لحزب الله في لبنان، فتظفر بوسيلة حيوية لنقل المعدات والأسلحة، بشكل آمن، لقواتها في تلك المنطقة.

قاعدة الإمام علي تعرضت لاستهداف عسكري، أكثر من مرة، وغارة جوية إسرائيلية، لكن أعمال الإنشاء لم تتوقف

ويعتقد عامر أنّ "تنامي النفوذ الإيراني في العراق وداخل القوات المسلحة، سيوفر غطاءً قوياً لتنفيذ أهدافها الإستراتيجية على الحدود السورية العراقية؛ إذ لن تمانع الحكومة في بغداد، من مرور الميليشيات والقوات الإيرانية أو الموالية لها، عن طريق أراضيها وحدودها، لكن ذلك الأمر سيضع المنطقة في مواجهة مفتوحة وقلقة بين إسرائيل ووكلاء طهران؛ حيث يعتقد أنّ تشكيل الممرات الحدودية والبرية بين العراق وسوريا، سيوسع من نطاق نفوذ إيران حتى هضبة الجولان، خاصة، مع إعلان عناصر من الحرس الثوري، تدشين ميليشيا جديدة تعرف باسم "فوج الجولان"، من فلسطينيين مقيمين في سوريا، في منطقة الجولان.
من جهته، يرى المحلل الاستخباراتي الأمريكي، مارك بيري، أنّ توسع إيران في سوريا بقواعد عسكرية، يعد أمراً مهماً وإستراتيجياً لطهران، بغية توفير عدة مناطق لها، في حال أرادت توجيه ضربات صاروخية لدول أخرى في المنطقة.

اقرأ أيضاً: هيكلة الحشد العراقي.. محاولة إيرانية لإنقاذ الميليشيات
وأوضح الباحث الأمريكي، عبر منصة "منتدى فكرة"، أنّ تصميم إيران على بناء القاعدة، رغم الضربات الجوية التي تعرضت لها، بمثابة دليل على تحرك مضاد لما واجهته خلال الفترة الأخيرة، من تضييق بسبب ممارساتها في المنطقة، ما يدفعها للتوسع بإيجاد قواعد لها خاصة في سوريا، فضلاً عن وجود قواعد لها في العراق.
وفي ضوء ذلك، فإنّ "النظام الإيراني يرى في قاعدة الإمام علي أهمية جيوستراتيجية، خاصة، وأنّها قريبة من الحدود العراقية، بشكل كبير، وتستطيع خدمة أهدافهم في البلدين، بالإضافة إلى أن الممر القريب منها في البوكمال، حسبما يوضح بيري، سيشكل نقطة مهمة لنقل الأسلحة والصواريخ.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية