ماذا تريد "النهضة"؟

ماذا تريد "النهضة"؟


01/03/2021

أن تحشد «حركة النهضة» التونسية عناصرها وأنصارها وتدفع بهم إلى شوارع العاصمة للتظاهر مطالبة بالوحدة الوطنية واحترام الدستور والاستقرار السياسي والحوار، فذلك نوع من الكذب والنفاق، لأنها حركة لا تؤمن بكل هذه الشعارات، إنما هي تحاول مواصلة مسيرة التمكين للسيطرة على كل مؤسسات الدولة، بعدما تمكنت من السيطرة على مجلس النواب، ووضع رئيس الوزراء هشام المشيشي تحت جناحيها، تمهيداً للخطوة التالية وهي الانقضاض على موقع رئاسة الجمهورية والتخلص من الرئيس قيس سعيّد الذي يقف حجر عثرة في طريقها.

 ثم أن يطلق متظاهرو «النهضة» هتافات «الشعب يريد النهضة من جديد» و«قادمون من أجل استرجاع الشرعية»، فذلك يفضح أهداف الحركة، ويكشف حقيقة نواياها، لأنها تعتبر نفسها ممثلة للشعب التونسي، وأعطت نفسها تفويضاً للتحدث باسمه.

 الرئيس قيس سعيّد يدرك نوايا «النهضة» وماذا تريد، ووصف التظاهرة الإخوانية للنهضة بأنها «إفلاس سياسي»، وأكد بأنه «لن يقبل بأي مقايضة في حق الشعب أو بسيادة تونس»، وقال «لا نتحرك وفق حسابات البعض أو ترتيباتهم، بل وفق المبادئ التي عاهدنا الشعب التونسي عليها».

 هذا يعني أن سلوك النهضة بات مفضوحاً، ومعروفة أهدافه، وأن كلامها بأن «الشعب يريدها» هو كلام لا ينطلي على أحد، فهي لا تمثل إلا نفسها، والشعب لم يمنحها توكيلاً للتحدث باسمه. وقد أثبتت الانتخابات الأخيرة أنها فقدت الكثير من شعبيتها، ما أدى إلى فقدانها الأغلبية البرلمانية، وهذا يدل على أن تمثيلها الشعبي بات مشكوكاً فيه، بعد أن اكتشف المواطن التونسي أنه وقع ضحية شعارات «إخوانية» مضللة، وأن كل همّها هو الإمساك بالسلطة، تماماً مثل الشعارات التي طرحها مؤيدوها في تظاهرة أمس الأول.

 إن لجوء «النهضة» إلى الشارع، لدعم رئيس الحكومة المشيشي في مواجهة الرئيس سعيّد هو عمل يدل على نوايا خبيثة تهدف إلى الاحتكام إلى الشارع في الصراع المحتدم بين المؤسسات الثلاث (البرلمان والرئاسة والحكومة)، لأن هناك شارعاً آخر على استعداد للتحرك في المقابل، وقد بدأت إرهاصات المواجهة من خلال التظاهرة التي نظمها في نفس اليوم «حزب العمال» و«اتحاد القوى الشبابية» ضد «حركة النهضة» و«عبث المنظومة القائمة».

 أرادت «النهضة» القيام ب«استعراض قوة» ضد الرئيس والأحزاب التي ترفض محاولتها الهيمنة على السلطة، وتحملها مسؤولية حالة الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية والفساد الذي ينخر تونس، باعتبارها كانت تقود الدولة مع آخرين بعد الثورة عام 2011.

 يبدو أن «النهضة» قررت أن تأخذ تونس إلى صراعات مباشرة، أي إلى مواجهات في الشارع، أي إلى اقتتال داخلي، انتقاماً لفشلها وعدم تمكينها من استكمال السيطرة على البلاد.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية