ماذا تعني عودة رفعت الأسد الملقب بـ"جزّار حماة" إلى سوريا؟

ماذا تعني عودة رفعت الأسد الملقب بـ"جزّار حماة" إلى سوريا؟


16/10/2021

انشغلت الساحة السورية في الأيام الماضية بنبأ عودة رفعت الأسد، عم الرئيس بشار الأسد إلى سوريا، بعد أن سمح له الأخير بذلك.

وقالت صحيفة "الوطن" السورية، مساء يوم الجمعة الماضي، إنّ الرئيس بشار الأسد سمح لعمه رفعت بالعودة إلى سوريا، مضيفة "أنه ومنعاً لسجنه في فرنسا، ترفّع الرئيس الأسد عما فعله وقاله رفعت الأسد وسمح له بالعودة إلى البلاد، مثله مثل أي مواطن سوري آخر، ولن يكون له أي دور سياسي أو اجتماعي".

اقرأ أيضاً: عم الرئيس السوري رفعت الأسد يعود إلى سوريا بهذه الشروط

وعاد رفعت الأسد إلى دمشق، بعد أن كان يقيم في المنفى منذ 1984 بعد محاولة انقلاب فاشلة ضد شقيقه حافظ الأسد. وكان رفعت قد أدلى بصوته، في مقر السفارة السورية في باريس، فيما يسميها معارضون "مسرحية الانتخابات" الرئاسية التي أجريت في أيار(مايو) الماضي، وهو ما أشّر إلى انتهاء الخلاف مع ابن شقيقه بشار الأسد.

وقال فراس نجل رفعت، على صفحته في "فيسبوك" إنّ الأمر تم بـ"صفقة بين المخابرات الفرنسية والروسية والنظام السوري".

تأويلات وفرضيات

وكثرت التحليلات والتأويلات والفرضيات حول ما إذا كانت عودة رفعت الأسد ذات أبعاد سياسية وسلطوية، بل إنّ هناك في المعارضة من يأمل، كما كتب العقيد عبد الجبار العكيدي في "المدن" اللبنانية، بأن "تشكل عودته خطأً يقضي على حكم آل الأسد، وجسراً للخلاص، لكن الواقع أنّ جزار حماة يعود اليوم مُلاحقاً مهزوماً وقد بلغ من العمر عتياً، هارباً من تنفيذ الحكم القضائي الفرنسي بحقه، باحثاً عن ملاذ آمن بعد أن أصبح تحت دائرة الضوء والمراقبة والخوف من رفع دعاوى قانونية أخرى بحقه".

رفعت (يسار) مع شقيقه الراحل الرئيس حافظ الأسد عام 1984

وكانت محكمة الاستئناف الباريسية قد ثبّتت الشهر الماضي حكماً بالسجن أربع سنوات صادراً على رفعت الأسد، ومصادرة ثروة تقدّر قيمتها بتسعين مليون يورو، في ثاني قضية "جمع أصول عن طريق الاحتيال" تُقام في فرنسا.

خرج رفعت الأسد من سوريا بعد محاولة انقلاب عسكري فاشلة على شقيقه، بصفقة رعاها الاتحاد السوفيتي آنذاك، غادر على أثرها إلى موسكو وبرفقته عدد من ضباطه المقربين

وأدين نائب الرئيس الأسبق البالغ 84 عاماً، بتهمة "غسيل الأموال ضمن عصابة منظمة واختلاس أموال سورية عامة" بين 1996 و2016. وعلى غرار ما قضت به محكمة البداية، أمرت محكمة الاستئناف بمصادرة كافة الممتلكات غير المنقولة المعنية بالقضية.

وينظر إلى رفعت الأسد على أنه كان العصا الغليظة بيد شقيقه الأكبر حافظ  الأسد عندما كان يضرب به كل خصومه ومنافسيه، منذ ما قبل استيلائه على السلطة في سوريا بانقلاب عسكري في تشرين الثاني (نوفمبر) 1970، فاستخدمه ضد كثيرين ومنهم صلاح جديد، نور الدين الأتاسي، محمد عمران، عبد الكريم الجندي وغيرهم، من أجل التمهيد لحكم الأسد بعد أن ألحقه بالجيش في وقت مبكر، وبالتالي فإنّ جرائمه لم تقتصر على مرحلة ما بعد الانقلاب فقط، كما يقول العكيدي.

فنان القتل جزّار حماة

ويروى أنّ رفعت الأسد قد "تفنّن بارتكاب المجازر الفردية والجماعية بحق الشعب السوري الأعزل، والتي  كان أبرزها بطبيعة الحال مجزرة سجن تدمر الشهيرة التي راح ضحيتها حوالي 1000 من المعتقلين العزّل عام 1980، ومجزرة حماة عام 1982، التي قُتل فيها أكثر من 45000 من أهالي مدينة حماة، أغلبهم من النساء والأطفال"، وفق العكيدي الذي يردف: بمرور الوقت ومع ترسّخ سلطة حافظ الأسد، ازدادت قوة رفعت ونفوذه في الجيش والأجهزة الأمنية، وتضاعفت شعبيته بين أفراد الطائفة العلوية، وخاصة لدى فرع (المرشدية) التي كان أبناؤها من ضباط وصف ضباط وأفراد، يشكلون العماد الأساسي لقوات سرايا الدفاع، هذا التشكيل العسكري الذي لم يكن يتبع لرئيس الأركان أو وزير الدفاع، لدرجة أنه كان متداولاً عند مرور موكب حافظ الأسد على أحد حواجز سرايا الدفاع، يقولون عنه هذا شقيق القائد رفعت، في إشارة لها دلالاتها.

رفعت الأسد مع حفيدته شمس في دمشق مؤخراً

ومعلوم أنّ هذه القوات قد شكلت رعباً حقيقياً للشارع السوري وعاثت فساداً في طول البلاد وعرضها، من خطف واعتقالات واغتصاب ونزع حجاب الفتيات في الشوارع والمدارس، وسلب لمؤسسات الدولة.

اقرأ أيضاً: غاز مصر وكهرباء الأردن إلى لبنان.. ما الذي يجنيه نظام الأسد؟

آمال رفعت الأسد في خلافة شقيقه حافظ خابت، فنجا حافظ الأسد من موت حتمي واستعاد عافيته، وخرج رفعت من سوريا بعد محاولة انقلاب عسكري فاشلة على شقيقه، بصفقة رعاها الاتحاد السوفيتي آنذاك، غادر على أثرها إلى موسكو وبرفقته عدد من ضباطه المقربين، واشترط، كما يذكر العكيدي، أن يغادر معه كبار الضباط والمسؤولين المقربين من حافظ الأسد كرهائن خوفاً من تدبير عملية اغتيال في الطائرة، وهم (فاروق الشرع، محمد الخولي، شفيق فياض، إبراهيم الصافي)، ولم يكتفِ حينها بالسطو على البنك المركزي وأفرغه من كل العملات الصعبة، بل لم يقبل المغادرة إلا بعد أن اتصل حافظ الأسد بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وطلب منه مئتي مليون دولار نقدي دين على الدولة السورية منحها لشقيقه رفعت.

اقرأ أيضاً: نفط إيران لإنعاش الأسد وحرق لبنان

ويتابع الراوي: عاد الضباط والمسؤولون إلى سوريا تباعاً، وغادر رفعت الأسد إلى فرنسا مع حاشيته وحرسه ليبني إمبراطورته متنقلاً بين فرنسا وإسبانيا. وعوضاً عن محاكمته ومحاسبته على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق الشعب السوري، تم تكريمه من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران بأعلى وسام وطني فرنسي (وسام جوقة الشرف) عام 1986.

ما هو أبعد من الصور الشخصية

عاد رفعت الأسد بكل أثقاله وفضائحه وهزائمه إلى دمشق، وانضم إلى أفراد من عائلته وراح يلتقط الصور معهم، وراحوا هم بدورهم ينشرونها على وسائل التواصل الاجتماعي لغاية في نفس رفعت وعائلته.

اضطلعت شمس، حفيدة رفعت الأسد، بمهمة نشر صورة حميمة لجدها العائد من منفاه الباريسي. فابنة دريد، تختصر الصراع القائم ضمن العائلة على إرث رفعت السياسي والعسكري، في بُعده السوري، بعدما أقفلت أبواب فرنسا بوجهه، وفق "المدن".

رفعت وابنه دريد في دمشق

وتكفل آخرون من عائلة ابنه دريد، بنشر الصور العائلية التي تظهر امتداد العائلة السوري بما يتخطى الفروع المتصارعة مع ابن عمها بشار، والتي حاولت، عبثاً، تسلق الثورة السورية.

تجمع الصور المنشورة في مواقع التواصل، دريد رفعت الأسد الى جانب والده، وأولاد دريد المحيطين بالجدّ العائد الى دمشق، بعدما خسر معظم أملاكه وامتيازاته في فرنسا. غاب عن معظم الصور، ابنه ريبال، الوريث المفترض والأكثر حظاً، رغم أنّ صفحات ريبال في مواقع التواصل رحبت به، وأعلنت وجوده في دمشق، من دون الظهور في الصور.

ولا يمكن اعتبار غياب ريبال، الشأن الأكثر أهمية، طالما أنه موجود إلى جانب والده. الغياب المؤثر، هو لفراس، ذلك المعارض لوالده، ولابن عمه بشار الأسد، بعدما فشل في أن يكون وريث والده، بكل امتداداته السورية وداخل البيئة العلوية الفقيرة.

اقرأ أيضاً: هل يفرض الأسد قيوداً على حركة الإيرانيين داخل سوريا؟

وتعكس الصور المتداولة، صراع عائلة رفعت الأسد، وتوازناتها في الوقت نفسه. ظهر أنّ فراس خارج العائلة نهائياً. صراعه مع شقيقيه، دريد القريب من ابن عمه، وريبال الذي يتباين معه على ملفات، أنهى فرصة تقربه من والده الباحث في دمشق عن خاتمة بعيداً من السجن الفرنسي. أما دريد، فقد انتصر ظرفياً، بالبقاء إلى جانب والده، من دون أن يصطدم مع ريبال، العائد بدوره، وهو شكل من أشكال الحفاظ على التوازنات في العائلة، بعدما باتت دمشق

عاد رفعت الأسد بكل أثقاله وفضائحه وهزائمه إلى دمشق، وانضم إلى أفراد من عائلته وراح يلتقط الصور معهم، وراحوا هم بدورهم ينشرونها على وسائل التواصل الاجتماعي

يذكر أنّ رفعت الأسد، متعدد الزوجات، وأقام تحالفات قوية وعلاقات مع عائلات بارزة وعشائر مرموقة في سوريا، من أبرز زوجاته: أميرة الأسد، وسناء مخلوف، وابنة طراد الشعلان وهي سعودية.

وريبال هو ابن الزوجة الأخيرة- شقيقة حصة شعلان، ويُعدّ اليوم شخصية أعمال بارزة ويُركز في عمله على إدارة التصدير والاستيراد بين الصين والعالم العربي. هو رجل أعمال وناشط سياسي، ومؤسس ومدير منظمة الديموقراطية والحرية في سوريا، كما أنّه رئيس ومؤسس "مؤسسة إيمان" وقناة ANN التلفزيونية التي كانت تبث في العام 2006 من لندن لتغلق أبوابها قبل سنوات.

أما دريد الأسد، فهو رسّام تشكيلي مقيم في اللاذقية، محبّ لـ"نضال والده القائد"، و"حنكة عمه الراحل"، و"صبر ابن عمه بشار على المصائب".

أما فراس، المعروف باسم "أبو مضر"، فقد عُرف بكتابة مذكراته حول قضايا عايشها في دمشق وسويسرا وقصر والده في باريس، وتعكس علاقته المضطربة بوالده رفعت. ويؤكد أنّ الحكم الحالي "ظالم ومستبد".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية