ماذا سيناقش بوتين مع السعوديين؟

السعودية

ماذا سيناقش بوتين مع السعوديين؟


29/08/2018

كشفت وكالة "تاس" الروسية، يوم الجمعة الماضي عن زيارة مرتقبة يقوم بها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للمملكة العربية السعودية. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف، إن موسكو تُعِّد للزيارة التي سيقوم بها الرئيس بوتين للمملكة. وتتعلق الترتيبات الجارية حالياً بتنسيق المواعيد ما بين الرياض وموسكو، قبل الإعلان عن الموعد الرسمي للزيارة.
والتقى "بوجدانوف" مع سفير المملكة لدى روسيا، وتم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول قضايا الشرق الأوسط الحالية. وركز اللقاء على الوضع الراهن في سوريا واليمن ومنطقة الخليج. وعلى الرغم من أنّ الطرفين؛ السعودي والروسي يقتصدان، حتى الآن، في الحديث عن اللقاء المرتقب فإنّ المرجح أن يتناول بمزيد من البحث الملفات التي ناقشها المسؤول الروسي مع السفير السعودي، إلى جانب الترتيبات النفطية والمسألة الإيرانية، ولا شك أن الأخيرة ستبقى "عقدة" لأسباب عدة سنناقشها في السطور المقبلة.
تقدم في العلاقات... وتباينٌ حول إيران
وقد تطورت العلاقات الروسية السعودية بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين. وتعمقت بعد إجراء بوتين مباحثات في الكرملين (30 أيار/ مايو العام 2017) مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان. وقام العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بزيارة تاريخية لروسيا في 4 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2017، استمرت بضعة أيام، بدعوة من الرئيس بوتين. وتعاونت روسيا والسعودية، بشكل وثيق، لضمان استقرار أسواق النفط العالمية وكبح إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) والدول غير الأعضاء في المنظمة؛ بغية دعم ارتفاع أسعار النفط لغاية العام 2019 وما بعده، وهي خطوة مهمة للغاية بالنسبة لروسيا في ظل صعوباتها الاقتصادية.

تطورت العلاقات الروسية السعودية بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين وتعمقت بعد مباحثات الكرملين

وبالنسبة للجانب السعودي، فإنّ الملف الإيراني، يحظى وسيحظى بأولوية، وهو ملف تتباين فيه رؤيتي الجانبين؛ الروسي والسعودي؛ حيث سبق وأن دافع الجانب الروسي عن الوجود الإيراني في سوريا بقول وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في تموز (يوليو) الماضي، عقب اجتماع مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، إن إيران واحدة من القوى الرئيسية في المنطقة وإن من "غير المنطقي على الإطلاق" توقع تخلّيها عن مصالحها. وأضاف لافروف أنه "ينبغي على القوى الإقليمية مناقشة الشكاوى المتبادلة والتفاوض على تسوية" فيما بينها.
تقدم وتطوّ{ في العلاقات

أين تفشل روسيا؟
ويرى الباحث في الشأن الروسي، رائد جبر، في لقاء مع "بي بي سي" أمس أنّ الصعود الروسي في عهد الرئيس بوتين اتكأ على تكثيف الحضور العسكري والسياسي في الملفات الإقليمية، وعلى رأسها سوريا وأوكرانيا، لكنه افتقر إلى عنصر التأثير الاقتصادي؛ ما أفقده جزءاً كبيراً من فاعليته، خصوصاً في ظل ظروف تراجع الأوضاع الاقتصادية الروسية بفعل العقوبات الغربية، والأمريكية تحديداً. وبرزت تأثيرات ذلك، ومحدودية مفهوم "القوة" الروسية في فشل موسكو في دفع فكرة إعادة إعمار سوريا وتحويلها إلى مشروع دولي.

تعاونت روسيا والسعودية لضمان استقرار أسواق النفط العالمية وكبح إنتاج (أوبك) 

ويؤكد جبر أنّ روسيا فشلت أيضاً في ترجمة الإنجازات العسكرية الميدانية التي حققتها في سوريا سياسياً، ولقد أبرزت محطات منها أولاً، ترنحُ مسار أستانه، وثانياً، عدم تقديم مؤتمر سوتشي، الذي انعقد في كانون الأول (يناير) العام 2018، النتائجَ المرجوة منه... أبرزت عدم القدرة على تحقيق خطوات إضافية تعزز المكانة الروسية. وعلى الأرجح أنّ ظلال هذا التقدير ستكون حاضرة في أروقة المباحثات المرتقب أن يجريها الرئيس بوتين لدى زيارته السعودية.
ماكرون والشرط المسبق في سوريا
وإزاء التصعيد الروسي حول تعزيز الوجود الأمريكي الحالي في شرق الفرات، واعتباره من طرف موسكو مقدمةً لتقسيم سوريا، نلاحظ تراجعاً في التشدد الأوروبي حيال حكم بشار الأسد، عبّر عنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أول من أمس أمام المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في العالم، بالقول: "أنا لم أجعل من رحيل الأسد شرطاً مسبقاً لعملنا الديبلوماسي والإنساني، لكن بقاءه في السلطة سيكون خطأ فادحاً"، مؤكداً، كما نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية أن "الشعب السوري هو من سيقرر من سيحكمه". وجدد ماكرون التأكيد أن "الشرط لوحدة سوريا وأمنها وإنهاء الإرهاب الإسلامي يمر عبر حل سياسي يضم الجميع، ويمر عبر إصلاح دستوري، ووضع مسار انتخابي يشمل جميع السوريين، بمن فيهم الذين فروا من الأسد". إلى ذلك، سيزور وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قريباً موسكو، على رأس وفد حكومي، وتتناول زيارته ملفات تتعلق بعودة اللاجئين وأمن المعابر، والتحضير للقمة الروسية-التركية-الإيرانية في طهران بعد نحو عشرة أيام، وسوى ذلك من قضايا.

اقرأ أيضاً: مساعدة السعودية لإعادة الاستقرار في شمال شرق سوريا
وكانت وكالة "رويترز" للأنباء نقلت أمس عن الملحق العسكري الإيراني في دمشق، أبو القاسم علي نجاد، قوله إن بلاده ستحتفظ بوجودها العسكري في سوريا على الرغم من الضغط الأمريكي لانسحابها، وكشف المزيد من التفاصيل عن اتفاق للتعاون العسكري أبرمته طهران ودمشق هذا الأسبوع.

تعمل موسكو على الترويج لمشروعات ضخمة تنتظر مستثمرين من الخليج

الحاجة المشتركة للعمل معاً

وبمعزل عن الملف الإيراني، فإن الواقع يؤكد أن لدى موسكو ودول الخليج حاجة مشتركة إلى العمل في مجالات عدة، على رأسها النفط والغاز والتقتيات النووية السلمية...، وأثبت التعاون السابق بينهما نجاحاً في وضع سياسات مشتركة، كما حصل في اتفاق خفض الإنتاج النفطي. وتأمل موسكو في الاستناد إلى معادلة أن الخلاف في السياسة لا يُفسد الاتفاق في الاقتصاد، وهو ما نجحت به في السنوات الأخيرة، وخاصة فيما يخص المواقف من الأزمة السورية، كما يقول جبر.

اقرأ أيضاً: لماذا منحت السعودية تأشيرة دخول لدبلوماسي إيراني؟
وتعمل موسكو على الترويج لمشروعات روسية ضخمة تنتظر مستثمرين من الخليج، في مجال النفط والغاز والقطاع العقاري. بالإضافة إلى استعدادها لتصدير التقنيات النووية للاستخدام السلمي. وثمة رهان روسي على الدخول إلى المنطقة عبر شركات عملاقة تعمل في مجالات الطاقة التقليدية والنووية، والسكك الحديد، والفضاء، والبنى التحتية، والمياه، وغيرها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية