ماذا في جعبة بن لادن الصغير؟

ماذا في جعبة بن لادن الصغير؟


27/03/2019

وحيد عبد المجيد

كان متوقعاً، منذ أكثر من عام، أن يسعى تنظيم «القاعدة» إلى استعادة مكانته التي فقدها في مجال الإرهاب العالمي، بعد هزيمة مشروع «داعش» لإقامة ما أسماه «دولة الخلافة»، وعودته إلى أصله كتنظيم يمارس الإرهاب في أي مكان يستطيع أن يضرب فيه.
لذا أُثير سؤال عن إمكان أن يستثمر تنظيم «القاعدة» فرصة ارتباك «داعش»، وحاجته إلى وقت لإعادة التموضع والانتشار، للعودة إلى صدارة العمل الإرهابي، وتبني تكتيكات جديدة.
وجاء إعلان الولايات المتحدة قبل أيام تقديم مكافأة مالية مقدارها مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات تقود إلى إلقاء القبض على حمزة بن لادن نجل مؤسس تنظيم «القاعدة»، ليعيد طرح السؤال عن دور «القاعدة» في الفترة المقبلة. فليس متصوراً أن يحظى بن لادن الابن بمثل هذا الاهتمام، ما لم تكن هناك معلومات لدى أجهزة الأمن الأميركية عن دور يستعد للقيام به، أو تحول منتظر في قيادة تنظيم «القاعدة»، يجعله أكثر خطراً، ويساهم في التعجيل بخروجه من حال الكمون النسبي التي بقي فيها خلال سنوات صعود «داعش».
والحال أن القلق من بن لادن الصغير لا يأتي من فراغ، كما أنه يتجاوز ما يعتقده بعض المراقبين الذين يرون في اهتمام واشنطن الفائق به إجراءً احترازياً ليس إلا. ورغم صغر سنه (30 عاماً)، وكونه الابن الخامس عشر لمؤسس «القاعدة»، فقد كان الأقرب إلى والده في السنوات الأخيرة قبل مقتله، والأكثر حماساً من بين أبنائه العشرين لمواصلة العمل الإرهابي. وعندما قُتل الأب، قبل نحو ثماني سنوات، عُثر في أحد أجهزة الحاسوب بالمجمع الذي كان مختبئاً فيه، على رسائل متبادلة بينهما تفيد أن الابن كان راغباً في إكمال تدريبه لمواصلة مسيرة ما أسماه «الجهاد». وقد شرع بن لادن الصغير، فور مقتل والده، في تقديم نفسه إلى أعضاء التنظيم الذي يُعتقد أنه انضم إليه رسمياً بين عامي 2013 و2015. وبث رسائل صوتية عبر شبكة «الإنترنت». وربما يكون نشاطه توسع في الفترة الأخيرة، أو أخذ مساراً جديداً.
ولا يخلو من مغزى، هنا، حديث مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية (السكرتير المساعد لشؤون الأمن الدبلوماسي) عن أن حمزة بن لادن يختبئ على الأرجح في منطقة على الحدود بين باكستان وأفغانستان، وربما يحاول العبور إلى إيران، أو التوجه إلى جنوب وسط آسيا.
غير أن هذا الاهتمام، الذي لا سابق له، بالخطر الذي يُمثله بن لادن الصغير لا يقتصر على القلق من إمكان هروبه من منطقة يُعتقد أنه موجود فيها، الأمر الذي يجعل العثور عليه بعد ذلك أكثر صعوبة، وخاصة في وجود قواعد ارتكاز، وشبكات تابعة لتنظيم «القاعدة» في بلدان تشهد اختلالات داخلية عميقة مثل الصومال وتشاد والنيجر ومالي واليمن.
خطر بن لادن الصغير يبدو أكبر من ذلك. وفي جعبته ورقتان تفسران ازدياد القلق من دوره في الفترة المقبلة. الأولى فهي الاسم الذي يشبه، في عالم السياسة والأمن، العلاقة التجارية في عالم الأعمال والأسواق. والأرجح أن اسم بن لادن مازال قادراً على جذب متطرفين في العالم، أكثر من أي اسم آخر.
والورقة الثانية هي أنه يبدو أقدر على كسب ولاء أعضاء في تنظيم «داعش» من زعيم «القاعدة» الحالي أيمن الظواهري. لم يكن بن لادن الصغير طرفاً في الصراع بين التنظيمين، منذ أن تمرد أبو بكر البغدادي على الظواهري عندما رفض ضم جبهة «النصرة» إلى تنظيم «داعش» في مطلع 2013. ولم يهاجم حمزة بن لادن في أي وقت، التنظيمَ الذي انتزع صدارة العمل الإرهابي من «القاعدة». لذا، فالأرجح ألاَّ يجد أعضاء «داعش» حرجاً في نقل ولائهم إليه، بخلاف الظواهري الذي واصل هجومه ضد تنظيمهم في رسالته الأخيرة مطلع فبراير الماضي، واتهمه بأنه «أوغل في الإجرام، وسببَّ دماراً شاملاً للمشروع الجهادي». لذا لم تجد دعوته إلى ما أسماه «وحدة السُنة»، في الرسالة نفسها، أي صدى في أوساط أعضاء «داعش».
وإذا أضفنا لذلك أن بن لادن الصغير يمكن أن يقدم صورة جديدة شابة لتنظيم «القاعدة»، بخلاف صورة التنظيم الذي شاخ تحت قيادة رجل يقترب من السبعين، يصبح القلق المتزايد منه في محله.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية