ماذا لو أجريت الانتخابات المحلية في قطاع غزة الآن؟

ماذا لو أجريت الانتخابات المحلية في قطاع غزة الآن؟


28/09/2021

رغم مطالبة السلطة الفلسطينية لحركة حماس بالمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، إلا أنّه بات من المؤكد عدم مشاركة الأخيرة في هذه الانتخابات، في ظلّ التعقيدات التي فرضها الانقسام الفلسطيني على الساحة الفلسطينية منذ أمد بعيد، ورغبة حماس مع تنظيمات فلسطينية أخرى، بإجراء انتخابات شاملة تضمّ كلّ المؤسسات الوطنية والتشريعية والخدماتية.

وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد أصدر قراراً بإجراء الانتخابات المحلية على مرحلتين؛ الأولى تشمل مجالس القرية والمجالس البلدية المصنفة "ج"، وسيكون الاقتراع في 376 هيئة محلية في الضفة، و11 في غزة.

اقرأ أيضاً: السودان يصادر أصولاً وأموالاً لحركة حماس... ما القصة؟

ومن المقرر أن يجري التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية في 11 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وذلك فيما مجموعه 387 هيئة محلية تمثل المجالس القروية والمجالس البلدية المصنفة "ج" في الضفة وغزة، وفق قرار صدر عن مجلس الوزراء بداية الشهر الجاري.

وبحسب قرار الحكومة أيضاً، ستعقد الجولة الثانية من الانتخابات المحلية في الربع الأول من العام المقبل (2022)، وتشمل المجالس البلدية المصنفة "أ، ب"، وهي البلديات الكبرى ومراكز المحافظات.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، قد دعا حركة حماس، إلى السماح بإجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، لكنّ ردّ الحركة كان بأنّ "الانتخابات لا تتجزأ".

وقال اشتية، في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية، في 20 أيلول (سبتمبر) الجاري: "أدعو حركة حمـاس للسماح بإجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، بمرحلتها الأولى، على أن تتم المرحلة الثانية قبل نهاية الربع الأول من العام القادم".

هناك تخوف لدى السلطة الفلسطينية من عقد الانتخابات في هذا التوقيت بالذات، والذي من شأنه أن يفقدها الفوز وتحديداً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة

ودعت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى إجراء انتخابات وطنية شاملة وفق جدول زمني محدد ومتفق عليه وطنياً، وتشمل انتخابات المجلس الوطني والتشريعي، والرئاسة، والمجالس المحلية والنقابية، والاتحادات الطلابية.

وقال الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، في مؤتمر صحفي، في 22 الجاري، إنّ حركة حماس ترفض المشاركة في الانتخابات القروية المجزأة التي أعلنت عنها السلطة؛ لأنّها ترى أنّ هذه الانتخابات استخفاف بالحالة الوطنية والشعبية، وحرف للمسار الوطني العام.

وأضاف قاسم: إجراء انتخابات مجتزأة يأتي في توقيت مريب وطنياً، بعد تعطيل مسار الانتخابات العامة، ويؤكد منهجية السلطة القائمة على التفرد بالقرار الوطني وعدم احترام النظام الأساسي والاتفاقيات الموقعة بين الكلّ الفلسطيني، مطالباً السلطة باحترام الرغبة الشعبية العارمة بإجراء انتخابات شاملة تضمّ كلّ المؤسسات الوطنية والتشريعية والخدماتية، وكذلك احترام الاتفاقات الموقعة بين جميع الفصائل بشأن الانتخابات.

اقرأ أيضاً: حماس ترفض إجراء انتخابات مجالس البلديات.. لماذا؟

وأظهر استطلاع للرأي العام الفلسطيني، نشرت نتائجه في 21 أيلول (سبتمبر)2021، تراجعاً غير مسبوق في شعبية الرئيس محمود عباس وتصاعد المطالبة باستقالته.

وقال استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية: إنّ نسبة 78% من الذين جرى عليهم الاستطلاع يريدون استقالة عباس، مقابل 19% يريدون منه البقاء في منصبه، فيما لم يحدد البقية موقفهم، بينما عبّر 24% من المستطلعين عن رضاهم على أداء عباس، مقابل 73% انتقدوا أداءه، فيما سيحصل عباس على 34% من الأصوات لو جرت انتخابات رئاسية جديدة مقابل 56% لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

وقال 73% من الذين جرى الاستطلاع عليهم؛ إنّهم يريدون إجراء انتخابات فلسطينية عامة تشريعية ورئاسية قريباً في الأراضي الفلسطينية، فيما قال 23% إنهم لا يرغبون بذلك ولم يحدد البقية موقفهم.

البلديات أحد أذرع حماس القوية

ويرى المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني، الدكتور ناجي شراب، في تصريح لـ "حفريات": أنّ "موقف حركة حماس من الانتخابات الفلسطينية كان دوماً يقوم على ربط الانتخابات بحالة كلية شمولية؛ إذ تريد انتخابات لكافة المؤسسات الرسمية والمحلية، وهذا موقف الحركة المعلن، في حين أنّ حماس لها دوافعها لعدم للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة؛ كون أنّ البلديات والمحليات هي إحدى الأذرع القوية لحركة حماس في قطاع غزة، ولدى حركة فتح في الضفة الغربية".

المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني، الدكتور ناجي شراب: موقف حماس من الانتخابات الفلسطينية كان دوماً يقوم على ربط الانتخابات بحالة كلية شمولية

وتابع شراب بأنّ "الانتخابات المحلية، في كثير من الأحيان، تكون أكثر أهمية من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لما لها من علاقة مباشرة بالمواطن، وفي قطاع غزة تمتلك حركة حماس كلّ شيء حتى البلديات"، مشيراً إلى أنّ "الإعلان المفاجئ من قبل السلطة عن عقد الانتخابات المحلية على مستوى الضفة الغربية كان مفاجئاً للحركة، ومبرراً لها لعدم المشاركة فيها إلا في حال جرت الانتخابات بشكل كلي".

اقرأ أيضاً: سابقة قضائية: إسرائيل تطالب حماس بـ 38 مليون دولار لعائلات 3 مستوطنين

وأكّد أنّ "مبررات حركة حماس ليست قوية، ويمكن أن يتم إيجاد حلول لها على أساس أن يكون هناك اتفاق ملزم بإجراء كافة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية؛ حيث يكون البدء بالانتخابات المحلية أمراً مقبولاً بصورة أو بأخرى لدى حركتي حماس وفتح، إلا أنّ السلطة الفلسطينية، عند إعلانها بموعد إجراء الانتخابات المحلية، كانت تدرك مسبقاً، على ما يبدو، أنّ حماس لن تقبل بها، وذلك بهدف وضع الحركة في موقف محرج".

تخوف السلطة من الانتخابات

شراب أوضح؛ أنّ "القرار بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والوضع لا يحتاج إلى تكتيك وجسّ نوايا الآخرين، ولا حلّ بدون الانتخابات الكاملة، والتي ينبغي أن يكون فيها قرار شامل من قبل السلطة الفلسطينية، والتي تتحمل المسؤولية لعدم اتخاذها قراراً بإجراء الانتخابات الشاملة، حيث لا أعتقد أنّ معضلة إجرائها في القدس كان مبرراً لإلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وكان الأجدر البحث عن العديد من الحلول، كما كان في الانتخابات السابقة".

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي لـ"حفريات": لا يمكن ضمان ألا تؤدي الانتخابات المحلية إلى تعميق الانقسام، إلا أنّ ذلك لا يمكن أن يحول دون التفاهم

ولفت شراب إلى أنّ "هناك تخوف لدى السلطة الفلسطينية من عقد هذه الانتخابات في هذا التوقيت بالذات، والذي من شأنه أن يفقدها الفوز في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، تحديداً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتي زادت شعبية حركة حماس، فلسطينياً واقليمياً ودولياً، بالإضافة إلى قضية اغتيال السلطة للناشط السياسي، نزار بنات، والذي تسببت وفاته بتراجع كبير في شعبية حركة فتح"، مبيناً أنّ "تلك الأسباب دفعت بالسلطة الفلسطينية إلى محاولة تجزئة الانتخابات المحلية، لتضع مبرراً أنّ سبب عدم إجرائها هو موقف حركة حماس".

وأشار المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني إلى أنّ "عدم إجراء الانتخابات يثبت حالة الانقسام السياسي والتحوّل نحو الفصل السياسي، حيث إنّ هناك تخوّف يبدو في الأفق عن حلول تفاوضية سياسية وحراك إقليمي ودولي لحلّ سياسيّ في إطار اتفاقيات معينة لتثبيت الوضع في غزة والضفة، والعودة إلى الحلول الإقليمية السابقة، وهي ارتباط الضفة بالأردن وقطاع غزة بمصر، لنصبح مقبلين على حالة من الاستقطاب السياسي، وتثبيت الانقسام السائد منذ عدة سنوات".

قرار غير صحيح

بدوره، يقول الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، الدكتور بسام الصالحي؛ إنّ "موقف حركة حماس ورفضها المشاركة في الانتخابات المحلية قرار غير صحيح، وهناك حاجة إلى إجراء انتخابات فلسطينية شاملة لكافة البلديات، وألا تقتصر على المناطق المصنفة (ج)، وهذا لا يبرر رفض الانتخابات وعدم المشاركة فيها، أو ربط الانتخابات المحلية بالانتخابات التشريعية والرئاسية؛ لأنّه في هذه الحالة لن يتحقق عقد انتخابات شاملة، وسيؤدي ذلك عملياً لعدم إجراء أيّة انتخابات".

 الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، الدكتور بسام الصالحي: موقف حركة حماس ورفضها المشاركة في الانتخابات المحلية قرار غير صحيح

ويضيف الصالحي لـ "حفريات": "الانتخابات المحلية يمكن أن تجري مع السعي لأن تكون شاملة رئاسية وتشريعية، وذلك في إطار توافق وطني مع ضمان إجرائها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أنّ عدم تحقّق ذلك لا يبرر أن يتم إلغاء الانتخابات أو عدم إجراؤها".

ولفت إلى أنّ "الولايات المتحدة وإسرائيل قد تكون عائقاً في حال فوز حركة حماس في الانتخابات المحلية، كما جرى خلال عام 2006، والتي يرون أنّها حركة إرهابية، بالتالي، لا يعترفون بأيّ دور لها في السلطة التشريعية والحكومة، لكنّ الجوهر الحقيقي للمشكلة أنّ الانتخابات يجب أن تكون في سياق تفاهم فلسطيني شامل ينهي الانقسام فعلاً، ويحول دون أن يبقى الانقسام حتى بعد عقد الانتخابات".

أهمية سياسية

الصالحي أكّد أنّ "هناك مشكلة أخرى مهمّة، وهي ضرورة إجراء الانتخابات في مدينة القدس، وأن تكون هناك مقاربة فلسطينية موحدة، وأفق سياسي للانتخابات التشريعية والرئاسية؛ حيث لن تقتصر المشكلة فقط على إجراء الانتخابات أو عدمها، لكن تبقى المعضلة هي عدم تمديد المرحلة الانتقالية للحكم الذاتي؛ إذ سيتم الانتقال إلى ضرورة إنهاء الاحتلال، واعتبار الدولة الفلسطينية الإطار القائم والمتحكم في الوضع الداخلي الفلسطيني".

وبيّن أنّ "الانتخابات المحلية تكتسب أهمية سياسية، وذلك لوجود فراغ كبير في السلطة التشريعية، وعدم التمكّن من إجراء انتخابات وتشريعية ورئاسية، بالتالي، هناك توق فلسطيني لممارسة العملية الديمقراطية، حيث تمثّل هذه الانتخابات الواقع السياسي الفلسطيني بشكل كبير، وهي تكتسب أهمية أكبر من كونها انتخابات محلية"، موضحاً أنّه "رغم الأهمية السياسية للانتخابات المحلية بسبب غياب الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إلا أنّه تغلب على جزء كبير منها الاعتبارات المحلية والعائلية والتركيب الداخلي في كلّ قرية".

وأكّد القيادي الفلسطيني؛ أنّه "لا يمكن ضمان ألا تؤدي الانتخابات المحلية إلى تعميق حالة الانقسام، إلا أنّ ذلك لا يمكن أن يمنع ويحول دون التفاهم المشترك حول ضرورة المشاركة الجماعية في هذه الانتخابات، من خلال استكمالها وتوسيعها بحيث تكون شاملة، وهذا الأمر يتوقف على طبيعة النوايا ومدى رغبة جميع الأطراف في استغلال هذه الانتخابات، للذهاب نحو توافقات داخلية، للوصول إلى حالة من التوافق الوطني للخروج من حالة الانقسام".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية