ماذا وراء لقاء أردوغان بالغنوشي؟

ماذا وراء لقاء أردوغان بالغنوشي؟


12/01/2020

استقبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مساء أمس، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، في مدينة إسطنبول.

وعقد الرئيس أردوغان اجتماعاً مغلقاً مع الغنوشي في المكتب الرئاسي بقصر "دولمه بهتشه"، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول".

هذا وأثارت زيارة زعيم "حركة النهضة"، الذي يترأس البرلمان التونسي، إلى تركيا، ولقاؤه أردوغان، تساؤلات كثيرة في تونس حول توقيتها وأسبابها، وخلّفت شكوكاً وهواجس حول أهدافها، ومدى ارتباطها بالوضع الداخلي في البلاد والتطورات الأخيرة في ليبيا.

 خاصة أنّ الزيارة المفاجئة والغامضة، جاءت بعد ساعات قليلة من سقوط الحكومة التي شكلّتها "النهضة"، وعدم منحها الثقة في البرلمان، وهي دوافع جعلت من الأوساط السياسية والشعبية تنظر لهذا الاجتماع بكثير من التوجس، على ضوء المستجدات المحلية في تونس، التي تستعدّ لتشكيل حكومة جديدة، وتعيش على وقع تراجع دور وتأثير "حركة النهضة" في المشهد السياسي، وكذلك الوضع الإقليمي، خصوصاً الأزمة الليبية التي تلعب أنقرة دوراً كبيراً في تأجيجها وتعميقها.

زيارة الغنوشي إلى تركيا للقاء أردوغان تثير تساؤلات كثيرة في تونس حول توقيتها وأسبابها

وفي هذا السياق، رأى أمين عام حزب "حركة مشروع تونس"، محسن مرزوق، أنّ "ذهاب رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إلى إسطنبول لمقابلة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مباشرة بعد سقوط الحكومة، كما ذهب في مناسبات مماثلة، يؤكد مرة أخرى بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ قرار حركة النهضة مرتبط بتوجيهات تركيا".

وكتب في تدوينة على صفحته في فيسبوك: "الغنوشي يمكن أن يذهب للقاء زعيمه التركي متى شاء، ولكن بصفته الشخصية، أما صفة رئيس البرلمان المؤتمن على سيادة الشعب فهذا غير مقبول، ولا يجب أن يتواصل"، وفق ما أوردت وسائل إعلام محلية.

مرزوق: ذهاب الغنوشي إلى إسطنبول بعد سقوط الحكومة، يؤكد أنّ قرار النهضة مرتبط بركيا

ودعا مرزوق أعضاء البرلمان إلى التحرك في هذا الاتجاه، وسحب الثقة منه، قائلاً: "على أعضاء مجلس البرلمان الأحرار أن يسألوا أنفسهم كيف يمكن أن تتحول مؤسسة رئاسة مجلسهم في شخص رئيس المجلس إلى حالة تبعية لدولة أجنبية؟ هذا سبب إضافي لإحداث تغيير في رئاسة المجلس".

وبدوره، رأى الإعلامي والباحث في الحضارة والإسلاميات، غفران حسيني، أنّ "زيارة الغنوشي إلى تركيا للقاء أردوغان صبيحة إسقاط الحكومة في البرلمان، وبعد لقائه رئيس الدولة، قيس سعيّد، وقبل انطلاق التفاوض حول رئيس الحكومة الجديدة ووسط جو إقليمي منذر بالصراع حول ليبيا، وتركيا طرف في نزاع على حدودنا، يمثل رسالة سياسية سلبية للتونسيين لا من ناحية التوقيت، ولا من حيث الشكل أو الإخراج الإعلامي للزيارة، حتى إن كان موضوع اللقاء مناقشة الحلقة الأخيرة من مسلسل قيامة أرطغل".

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، دوّن ناشطون تعليقات غاضبة من زيارة الغنوشي إلى تركيا ولقائه رئيسها في اجتماع مغلق وبتوقيت حسّاس، ورأوا فيها استفزازا للتونسيين وخيانة وطنية وانتهاكاً لاستقلالية السيادة الوطنية، حتى أنّ البعض دعوا إلى مساءلته في البرلمان ومطالبته بتوضيح رسمي وشرح لأسباب هذه الزيارة.

نشطاء مواقع التواصل يرون أنّ زيارة الغنوشي استفزاز للتونسيين وخيانة وطنية وانتهاكا لاستقلالية

ورداً على هذه الانتقادات، قالت "حركة النهضة"، في بيان نشرته مساء السبت: "زيارة الغنوشي إلى تركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، تندرج في إطار تهنئة القيادة بالسيارة التركية الجديدة، وجدّد خلالها الغنوشي دعوة الرئيس أردوغان إلى تشجيع رجال الأعمال الأتراك لزيارة تونس والاستثمار فيها، وبعث شراكات مع رجال الأعمال التونسيين، بما يعدل الميزان التجاري بين البلدين، ودار حوار بينهما حول التطورات الجديدة في المنطقة والتحديّات الجديدة التي تواجهها".

ومن جهته، أكّد المسؤول بمكتب الإعلام لحركة النهضة الإخوانية، خليل البرعومي، أنّ زيارة الغنوشي إلى تركيا "كانت بصفته الشخصيّة وباسم الحزب وبناء على موعد سابق"، منوهاً إلى أنّ الغنوشي على "علاقة خاصة" بالرئيس أردوغان، ودعوته كانت بصفته الحزبيّة، بحسب ما نشرته وكالة "تونس أفريقيا" للأنباء (حكومية).

وأثارت هذه المبرّرات التي سوّقتها "حركة النهضة"، سخرية التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ورأوا أنّها مجرّد "ذرّ للرماد على العيون" للتغطية على الأهداف الحقيقية من وراء الزيارة.

الحزب الحرّ الدستوري يبدأ  تحركات برلمانية لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي

في الأثناء، بدأ "الحزب الحر الدستوري" تحركات لسحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، غداة تصويت البرلمان بعدم منح الثقة للحكومة المقترحة من الحبيب الجملي.

ودعا الحزب، في بيان السبت، مختلف النواب والكتل البرلمانية الذين ساهموا في إسقاط حكومة الجملي إلى إمضاء عريضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان، وتصحيح ما اعتبره "خطأً فادحاً تمّ ارتكابه في حقّ هذه المؤسسة الدستورية"، مؤكداً أنّه يضع إمضاء نواب كتلة الحزب الدستوري الحر الـ ١٧ كبداية للشروع في جمع 73 صوتاً، وهي المستوجبة لتمرير هذه العريضة.

وبحسب الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان في تونس، "يمكن للبرلمان سحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس بناء على طلب كتابي معلّل يقدم إلى مكتب المجلس من ثلث الأعضاء، على الأقل، ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط".

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية