ماذا يريد الشباب السوداني؟

ماذا يريد الشباب السوداني؟


27/02/2019

كان هذا السؤال هو عنوان حلقة في برنامج "شباب توك"؛ وهي الحلقة التي تم تصويرها في السودان قبل عامين بتقديم الإعلامي الشهير جعفر عبدالكريم.

الشباب في الأعوام الأخيرة توفرت له أهم الوسائل التي باتت تربط دول العالم بعضها ببعض ربطاً وثيقاً

محور هذه الحلقة كان يدور حول مشاكل الشباب السوداني الحالية وتطلعاتهم للمستقبل؛ وهي ذات المشكلة الحالية التي من أجلها لجأوا للخروج في الشوارع شاهرين هتافاتهم تحت مسمى "الثورة" ضد النظام الحالي الذي يترأسه عمر البشير في ظل الضائفة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ولكن ما يُعيد طرح هذا السؤال مرة أخرى في الوقت الحالي، جملة الأحداث في الشأن السوداني، عندما قررت الحكومة السودانية مناقشة الأمر حول المشاكل التي جعلت الشباب السوداني في حالة الفوران المتمثلة في التظاهرات التي استمرت أكثر من شهرين.
الرئيس السوداني عمر البشير؛ أدلى بتصريحه حول بعض المحكّات في بعض السياسات التي مارستها الحكومة، وقال بأنّ التطبيق الخاطئ لقانون النظام العام هو ما خلق الغُبن في نفوس الشباب المتواجد في الشارع في الوقت الحالي، الأمر الذي أثار جدلاً في وسائل الإعلام السودانية.

اقرأ أيضاً: بعد خطاب البشير.. السودان إلى أين؟
والمعلوم أنّ قانون النظام العام السوداني هو الآخر أثار جدلاً واسعاً في مناسبات متفرّقة؛ خصوصاً في الأعوام الأخيرة، وهذا الجدل بات يمضي في تزايد مع تصاعد العناوين التي ذكرت اتجاه الحكومة لإلغاء قانون النظام العام. لكن الأمر في حقيقته له أبعاد أخرى؛ إذ إنّ قانون النظام العام وتطبيقه الخاطئ –وفقاً للرئيس السوداني- والمتمثل في إغلاق محلات "الشيشة" وعقوبات الزي الفاضح كان له الدور في انفجارهم، ولكن لأسباب أخرى غير هذا الأمر تحديداً، ربما كانت حلقة برنامج "شباب توك" التي كانت بالعنوان أعلاه قد عكست جزءاً من مشاكل الشباب وتطلعاتهم؛ والمتمثلة في نيل الحقوق للعيش في حياة كريمة، إلا أنّ ثمة عوامل أخرى خلقت طموحاً أكبر في ذهن الشباب السوداني الحالي.

اقرأ أيضاً: تقرير أممي يكشف انتهاكات جنسية غير مسبوقة في جنوب السودان
حقيقة الأمر هي أنّ الشباب في هذه الأعوام التي يحصدون فيها معرفتهم وخبراتهم؛ توفرت له أهم الوسائل التي باتت تربط دول العالم بعضها ببعض ربطاً وثيقاً، وهي التكنولوجيا ووسائل الإتصالات؛ والتي وصلت فيها التقنيات إلى تطور كبير جداً؛ وهذا التطور يسير بإيقاع سريع.
ومن البديهي أن تساهم التكنولوجيا في خلق طموح كبير جداً للشباب الحالي الذي يقيم العديد من منصات النقاشات المثمرة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ وبطبيعة الحال؛ فإنّ وسائل الاتصالات عبر "السوشيال ميديا"، ساهمت في تناقل الأخبار بشكل سريع؛ إلى درجة بالإمكان أن يعلم فيها المُقيم في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أستراليا ما يحدث في السودان قبل أهل السودان أنفسهم دون أي مُبالغة في الوصف؛ لأن الأمر أصبح يحدث في الواقع فعلياً بشكل يومي.

تساهم التكنولوجيا في خلق طموح الشباب السوداني الذي يقيم العديد من منصات النقاشات المثمرة على مواقع التواصل

لا أحد ينكر أنّ قانون النظام العام كان أحد المحكات الحقيقية في النقاشات التي يتداولها الشباب من ذوي الزخم المعرفي الكبير؛ إلا أنّ الأمر لم ولن يتوقف عند هذا الحد، فالزخم المعرفي الذي يملكه كم مُقدّر من الشباب الحالي؛ أصبح مرتبطاً بالتكنولوجيا وبوسائل الاتصالات وبشبكة الإنترنت.
وما يكون أبعد من ذلك؛ أنّ هذه التطلعات وصلت إلى الحد الذي يتصادم فيه الشباب، في الوقت الحالي، عن قضايا الوطن؛ من النقاشات حول كيفية وآليات تطور الاقتصاد؛ عبر المشاريع المتطورة؛ والتي ستكون حتماً مرتبطة بالتكنولوجيا؛ والبعض منها التي تناقش قضايا التعليم والثقافة وما إلى تلك الأمور المختلفة والمتداخلة وحتماً فإنّ السواد الأعظم من هذه الشريحة وصلت تطلعاته إلى طموح اللحاق بالعالم المتطور في شتى المجالات، وهو ما منحهم الدافع في إحداث الفوران في الشارع السوداني.
أما الأمر الأخطر والذي من المفترض أن يكون تحت المجهر في الوقت الحالي؛ هو أنّ الثورة التي تتحدث عنها الشريحة الأكبر من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي؛ هي ثورة جيل كامل متمرّد على الكثير من التفاصيل التي لم تكن من قبل محل جدل وحديث أو مسار حدث في تاريخ الحراكات السودانية.

اقرأ أيضاً: الحركة الإسلامية أول الخاسرين في احتجاجات السودان
هذه الثورة تتجلى في الأخذ والرد المتبادل بين قيادات النظام الحالي وبين الشباب المتواجد في الشارع؛ فقيادات النظام حصرت الأمر في قانون النظام العام الذي هو في الأصل إحدى مشاكل الشباب الحالي، أما الأخير فله مطالب أخرى عديدة أكثر مما يتحدث عنه كبار القيادات، ويبقى السؤال والتحدي يتمحور حول التوفيق بين الطرفين والوصول لحل وسط، وليس بالضرورة مع القيادات في أشخاصهم وإنما الأمر يكمن في جيل القيادات حكومة وشعباً، فتمرد الشباب الحالي يسير بشكل ملحوظ على مرتكزات الأجيال السابقة، الأمر الذي سيستغرق وقتاً أطول.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية