ماذا يعني عزل ترامب من منصبه قبل أسبوعين من انتهاء ولايته؟

ماذا يعني عزل ترامب من منصبه قبل أسبوعين من انتهاء ولايته؟


10/01/2021

بعد واقعة اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول لتعطيل جلسة مصادقة الكونغرس على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي خسرها ويرفض الإقرار بنتيجتها، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدداً متزايداً من الدعوات لعزله من منصبه قبل انقضاء الأيام القليلة المتبقية من ولايته.

وتستند دعوات عزل ترامب إلى التعديل الـ 25 في الدستور الأمريكي، والذي يسمح لنائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة أن يقيلوا الرئيس إن وجدوا أنّه "غير قادر على تحمّل أعباء منصبه"، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: هل يتم عزل ترامب؟ وهل يستطيع استخدام الرموز النووية؟

ويتطلب تفعيل هذا التعديل أن تجتمع الحكومة برئاسة نائب الرئيس مايك بنس، للتصويت على قرار عزل  ترامب.

وقد بدأ الديمقراطيون بالفعل، وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وبعض الجمهوريين، بإطلاق دعوات لتفعيل الآليات الدستورية التي تتيح تنحية دونالد ترامب من منصبه قبل أقل من أسبوعين من تاريخ تسليم السلطة لمنافسه المُنتخب جو بايدن.

 رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي

وصورت بيلوسي خطورة الوضع القائم بقولها إنّه من الممكن أن يتحول كل يوم من الأيام المتبقية لترامب في السلطة "إلى فيلم رعب لأمريكا"، ملخصة وضع ترامب حالياً بأنّه "شخص خطير للغاية ولا ينبغي أن يستمر في منصبه"، داعية علناً إلى عزله، في أعقاب الأحداث غير المسبوقة التي شهدها الكونغرس، والتي عرّضت الديمقراطية الأمريكية لهزة عنيفة لأول مرة في تاريخها.

اقرأ أيضاً: الكونغرس يصادق على فوز بايدن في الانتخابات... وترامب يرد

وعلى غرار رئيسة مجلس النواب، دعا الخميس زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر نائب الرئيس مايك بنس إلى تنحية ترامب، مشدداً في بيان على أنّه "لا ينبغي للرئيس أن يبقى في منصبه ولو ليوم واحد بعد الآن"، متوعداً بمحاكمة ترامب في الكونغرس بهدف عزله إذا لم تبادر حكومته إلى تنحيته.

الجمهوريون يطالبون بعزله أيضاً

ولم تقتصر المطالبات برحيل ترامب على خصومه الديمقراطيين فقط، بل تعدتها إلى وسائل إعلام وشخصيات بارزة في حكومته وحزبه، الذي يبدو أنّه لم يعد قادراً على الحفاظ على تماسكه أمام صدى الهزة التي تعرّضت لها الديمقراطية الأمريكية عبر المساس بإحدى ركائزها القوية، المتمثلة في اقتحام الكونغرس، ما يُفسّر استقالة عدد من المسؤولين في إدارة ترامب، فضلاً عن تأييد عدد آخر من الجمهوريين الدعوات الرامية إلى عزل ترامب من مصبه.

يتطلب تفعيل التعديل الـ 25 من الدستور الأمريكي أن تجتمع الحكومة برئاسة نائب الرئيس مايك بنس للتصويت على قرار عزل ترامب

واختار العديد من الجمهوريين، السير على خطى الديمقراطيين في المطالبة بإقالة الرئيس، بينهم النائب آدم كينزينغر الذي لفت إلى أنّه "حان الوقت لاستحضار التعديل الـ 25 وإنهاء هذا الكابوس"، مضيفاً أنّ "الرئيس غير مؤهل ومريض".

من جانبه، لم يتأخر مبعوث الولايات المتحدة إلى إيرلندا الشمالية ميك مولفاني، في الإعلان عن استقالته من منصبه.

النائب آدم كينزينغر

وفي تصريح له، عبّر مولفاني، الذي شغل أيضاً منصب مدير مكتب الرئيس، عن استيائه ممّا حصل في الكونغرس، حيث أوضح أنّه "لا يمكنني البقاء.. لا يمكن أن ترى ما حدث أمس وترغب في أن تكون جزءاً منه بطريقة ما". في إشارة إلى اقتحام مبنى الكونغرس، وفق ما أورد موقع "فرانس 24".

اقرأ أيضاً: منصات التواصل تحظر منشورات ترامب.. ما علاقة اقتحام الكونغرس؟

كما استقالت من حكومة ترامب وزيرة النقل إيلين تشاو، وهي زوجة زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وفسّرت تشاو، في بيان نشرته على حسابها في موقع تويتر، اتخاذها هذه الخطوة بأنّ ما حصل في الكابيتول كان "حدثاً صادماً كان من الممكن تجنبه تماماً، وقد أزعجني كثيراً لدرجة أنني لا أستطيع تجاهله".

ولم تكن وزيرة النقل الوحيدة التي قدّمت استقالتها من حكومة ترامب، حيث إنّ صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت ليل الخميس أنّ وزيرة التعليم بيتسي ديفوس سارت على منوالها أيضاً.

لم تقتصر المطالبات برحيل ترامب على خصومه الديمقراطيين فقط؛ بل تعدتها إلى وسائل إعلام وشخصيات بارزة في حكومته وحزبه

كما أعلن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المُقرّب لدونالد ترامب، أنّه لم يعد ضمن مناصريه، قائلاً: "أنا خارج الموضوع، هذا كثير، كثير جداً"، مشيراً إلى إعلان عدد من أعضاء مجلس الأمن القومي ترك مناصبهم.

وفي افتتاحيتها يوم أمس، دعت صحيفة "وول ستريت جورنال"، المُقرّبة من الجمهوريين، ترامب إلى الاستقالة، لافتة إلى أنّ إصرار الملياردير الجمهوري على رفض الهزيمة، قد تنبثق عنه جملة مخاوف من وقوع انفلاتات جديدة في البلاد.

ما الذي يعنيه العزل؟

يرى الكثير من المراقبين والخبراء أنّ عزل ترامب لن يفيد بشيء، بل إنّه قد "يتسبب في أذى أكثر من أي منفعة".

وزيرة النقل إيلين تشاو

في المقابل، يقول آخرون إنّهم مقتنعون بضرورة مباشرة إجراءات المساءلة والعزل، وفي حال عزل ترامب فإنّه لا يمكنه شغل أي منصب حكومي، وبالتالي القضاء على أي آمال قد تكون لديه في الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة 2024.

عزل ترامب قد يفاقم الأزمة

كما أفادت شبكة "سي ان ان" الأمريكية نقلاً عن مصدر مُقرّب من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، بأنّ الأخير لم يستبعد استخدام التعديل الخامس والعشرين من الدستور إذا أدت أي تصرفات من جانب الرئيس دونالد ترامب لزيادة حالة عدم الاستقرار في البلاد.

ومع ذلك، قال المصدر إنّ هناك قلقاً لدى فريق بنس من لجوء ترامب إلى تصرّف متهوّر "يُعرّض الأمة إلى الخطر"، في حال تم استخدام التعديل الخامس والعشرين أو بدء إجراءات العزل.

اقرأ أيضاً: وزراء دفاع أمريكيون يحذرون ترامب... ماذا جاء في رسالتهم؟

ويتخوّف عدد من المشرعين الجمهوريين الأمريكيين، بقيادة النائب كين باك، في مجلس النواب الأمريكي من أنّ "مساءلة ترامب ستؤجج مؤيديه من جديد وتضر بجهود بايدن لتوحيد البلاد"، مطالبين بايدن بإقناع بيلوسي بالتراجع عن إجراءات عزل ترامب.

ثمة قلق في من لجوء ترامب إلى تصرّف متهور يُعرّض الأمة إلى الخطر، في حال تم استخدام التعديل الخامس والعشرين وبدء إجراءات عزله

وكتب المشرعون، في رسالة وجهوها إلى بايدن: "بروح الشفاء والإخلاص لدستورنا، نطلب منك رسمياً أن تطلب من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التوقّف عن جهودها لعزل الرئيس دونالد ترامب للمرة الثانية".

يشار إلى أنّ بيلوسي كانت قد أطلقت في أواخر العام 2019 تهديدات بعزل ترامب الذي يتولى الرئاسة منذ العام 2017، بعد اتّهامه بأنّه طلب من أوكرانيا فتح تحقيق بحق خصمه جو بايدن، لكن مجلس الشيوخ ذا الغالبية الجمهورية برأه في مطلع العام 2020.

ما هو موقف بايدن من عزل ترامب؟

من جانبه، اعتبر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، خلال مخاطبته الصحفيين في مسقط رأسه بولاية ديلاوير، يوم الجمعة، أنّ الرئيس دونالد ترامب "ليس لائقاً لوظيفته"، لكنّه رفض مراراً تأييد دعوات الديمقراطيين المتزايدة لمساءلته مرة أخرى.

نائب الرئيس مايك بنس

وأشار بايدن إلى أنّ أحد الأسباب الرئيسية وراء ترشّحه لمنصب الرئيس هو اعتقاده لفترة طويلة أنّ الرئيس ترامب غير لائق لمنصبه، قائلاً: "لقد قلت منذ أكثر من عام، إنّه غير لائق للمنصب. إنّه أحد أكثر الرؤساء غير الأكفاء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية"، وفق ما نقلت "أسوشيتد برس".

لكنّ بايدن رفض دعم الجهود الرامية إلى عزل ترامب من البيت الأبيض، وأصر على أنّ المسألة متروكة للكونغرس، مشيراً إلى أنّ أولوياته تكمن في التغلّب على فيروس كورونا، وتوزيع اللقاحات بشكل عادل ومنصف، وإنعاش الاقتصاد المتعثر.

بايدن رفض دعم الجهود الرامية إلى عزل ترامب من البيت الأبيض وأصرّ على أنّ المسألة متروكة للكونغرس

كما أشار الرئيس المنتخب إلى أنّ العقبة الرئيسية أمام إزاحة ترامب تتمثل في أنّه لم يتبق له سوى أقل من أسبوعين في فترة ولايته.

وقال بايدن: "إذا كان أمامنا 6 أشهر من فترة ولايته، كان يجب أن نفعل كل شيء لإقصائه من منصبه ومساءلته مرة أخرى ومحاولة استحضار التعديل الخامس والعشرين من الدستور مهما تطلّب الأمر".

وأضاف، "لكنني الآن أركز على تولينا زمام الأمور كرئيس ونائبة الرئيس في اليوم العشرين من الشهر الجاري، والمضي في جدول أعمالنا قدماً بأسرع ما يمكن".

ولم يتبق لترامب في السلطة إلا أيام قليلة، حيث من المفروض أن يسلمها، بشكل "منظم" كما أعلن، إلى الرئيس المنتخب جو بايدن في الـ 20 من شهر كانون الثاني (يناير) الجاري.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية