ماكين والعراق: من داعية للغزو إلى نادم

العراق

ماكين والعراق: من داعية للغزو إلى نادم


27/08/2018

أثناء حملته للرئاسة الأمريكية العام 2008؛ انتقد السيناتور باراك أوباما، خصمه السيناتور جون ماكين قائلاً: "توجّه السيناتور ماكين نحو العراق بعد أيام من أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، واتّهمه بالمسؤولية عنها، وأصبح مؤيداً رئيساً لغزو واحتلال بلد لم تكن له أيّة علاقة على الإطلاق بالهجمات".

وباعتباره محارباً قديماً، وعضواً في لجنة القوات المسلّحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، كان ماكين صوتاً بارزاً في أواخر العام 2001، في كيفية الردّ على الهجمات، مشدداً: "للأمة الحقّ في الدفاع عن نفسها، هذه المنظمات (القاعدة وغيرها) لا تستطيع أن تزدهر بفعالية إلا إذا كانت لديها المساعدة، والملاذ الآمن لهذه الدول، نحن فقط نتحدث عن سوريا والعراق وإيران، وربما كوريا الشمالية وليبيا وغيرها".

كتب ماكين في مذكراته: حرب العراق خطأ خطيراً جداً ويجب أن أقبل نصيبي من اللوم عليه

لاحقاً، وفي أوائل العام 2003، ومع تزايد الدعوات إلى غزو العراق، كان ماكين من بين الأصوات الأكثر تشدداً". وكتب مقال رأي نشر في صحيفة "يو.أس.إيه توداي"، في 11 شباط (فبراير) 2003: "أظهر 11 سبتمبر 2001، أنّ تنظيم القاعدة تهديد خطير، صدام حسين لديه القدرة على جعل العراق خطّ تجميع الأسلحة لشبكة القاعدة، صدام مجرم دولي، انتهك مراراً وتكراراً شروط الخروج المشروط من العقوبات، ويخطط لارتكاب جرائم أخرى، مع شركائه الإرهابيين، يجب أن يقدم للعدالة وإلى الأبد".

المفاجأة؛ أنّ ماكين، وبعد إصابته بالسرطان، الذي اشتد عليه حتى الموت السبت الماضي، أظهر موقفاً جديداً وصادماً، قياساً بموقفه السابق، معتبراً حرب العراق "خطأ يستحق اللوم عليه".

في مذكراته أوائل 2018، يكتب ماكين، الذي كان يكافح سرطان الدماغ: "حرب العراق لا يمكن الحكم عليها سوى كونها خطأ خطيراً جداً، ويجب أن أقبل نصيبي من اللوم عليه".

بعد مرضه أظهر موقفاً جديداً واعتبر حرب العراق "خطأ يستحق اللوم عليه"

وفي صفحة 107 من كتابه "الموجة القلقة" (The Restless Wave)، كتب ماكين مع المؤلف المشارك مارك سالتر: "السبب الرئيس لغزو العراق؛ أنّ صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل"، مستدركاً: "لا يمكن الحكم على الحرب، بتكلفتها في الأرواح والأموال والأمن، على أنّها ليست أيّ شيء سوى خطأ خطير جداً، ولا بدّ لي من قبول نصيبي من اللوم عليه".

يمثل هذا خروجاً عن مواقف ماكين التاريخية، حول ما إذا كانت الحرب مبرَّرة؛ ففي خطابه الذي ألقاه بعد أن رشّحه الحزب الجمهوري للرئاسة، في آذار (مارس) العام 2008، أصرّ ماكين: "سأدافع عن قرار تدمير نظام صدام حسين حتى عندما انتقدت التكتيكات الفاشلة التي كانت تستخدم لفترة طويلة جداً من قبلنا، لتهيئة الظروف التي من شأنها أن تسمح لنا بمغادرة هذا البلد، مع مصالح بلدنا آمنة، وتكريس شرفنا".

اقرأ أيضاً: وفاة جون ماكين.. ما لا تعرفه عن السيناتور الأمريكي

والرجل ظلّ من بين أكثر الجمهوريين "صقورية" في مجلس الشيوخ، وكان من المؤيدين المتحمّسين لقرار إدارة جورج دبليو بوش الذهاب إلى الحرب على العراق، وزيادة القوات الأمريكية في وقت لاحق، كما كتب مايكل هيرش في صحيفة "بوليتكو"، في أيار (مايو) الماضي.

كان دفاع ماكين عن حرب العراق لا يتزعزع، حتى عندما أصبح من الواضح بشكل متزايد، أنّ نية الولايات المتحدة المعلنة بإقامة الديمقراطية في العراق لم تكن غير واقعية فحسب، بل كانت ستأخذ مئات الآلاف من الأرواح.

ظلّ ماكين من المؤيدين المتحمّسين لقرار إدارة بوش الذهاب للحرب على العراق وزيادة القوات الأمريكية لاحقاً

عام 2005؛ قال ماكين في حديث بـ "معهد أمريكان إنتربرايز": إنّ "تأمين أجزاء دائمة من العراق، ومنع ظهور ملاذات آمنة جديدة للإرهابيين، سيتطلب المزيد من القوات والمال"، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت، وربما أعواماً، ويعني المزيد من الضحايا الأمريكيين، تلك هي الأثمان الرهيبة الواجب دفعها، لكن مع المخاطر الكبيرة، أعتقد أنّه يجب علينا اختيار الإستراتيجية بأفضل فرصة للنجاح".

وحين بلغ عدد الضحايا في حرب العراق، ما بين 150 ألف قتيل و460 جريحاً، وساهمت الحرب في عدم الاستقرار العميق في المنطقة، الذي صار لاحقاً "أحد الأسباب التي سمحت لداعش بالصعود"، ظل ماكين يلقي باللوم، لا على حرب العراق التي كان من أشد الداعين إليها؛ بل على طريقة إدارة الرئيس أوباما في التعامل مع الملف العراقي، وإهمال الالتزامات الأمريكية حيال ذلك البلد عبر الانسحاب السريع واعتبار العراق إرثاً ثقيلاً من إدارة الرئيس بوش لابد من التخلص منه.

الصفحة الرئيسية