ما أهمية حزب غول-باباجان المرتقب في المشهد السياسي؟

ما أهمية حزب غول-باباجان المرتقب في المشهد السياسي؟


07/07/2019

إرغون باباهان

من الملاحظ أن هناك بعض التردد أو الشك لدى الخبراء المتخصصين في الشأن التركي، داخل تركيا وخارجها على حد سواء، بشأن الحزب الذي تقرر إنشاؤه بقيادة الثنائي عبد الله غول-علي باباجان. وهناك عدة أسباب لهذا الموقف.

أولها: صمت هذا الفريق إزاء الممارسات غير القانونية واللاإنسانية لحزب العدالة والتنمية في الماضي القريب، والتزامه الصمت.

ثانيها: وهذا الرأي موجود لدى الخبراء الغربيين على الأكثر؛ ألا وهو أن البنادق القديمة لن تعمل .

صحيح أن الشخصيات البارزة في حزب العدالة والتنمية، بمن فيهم عبد الله غول الرئيس آنذاك، ظلت صامتة في مواجهة الممارسات غير الديمقراطية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية. ومن اللافت للنظر كذلك أنهم اليوم أيضًا، يظلون صامتين في وجه الممارسات غير القانونية خاصة ضد الأكراد وأعضاء جماعة فتح الله غولن.

لقد صمتوا بينما يتم تدمير المناطق السكنية للأكراد، واعتقال ممثليهم السياسيين، ويُوصف الناس بالانقلابين لمجرد إيداعهم أموالهم في بنك آسيا، ويُزجُّ بهم خلف القضبان في السجون مع أطفالهم الرُضَّع. مرروا موقفهم عبر رسائل خجولة جدًا في وسائل التواصل الاجتماعي.

أحمد داود أوغلو، الذي كان يتحدث كثيرًا في هذه الأيام، ظل صامتًا حتى إزاء عمليات التعذيب التي كان يتعرض لها الناس في قلب أنقرة، والذين جُلبوا إلى وزارة الخارجية في عهده نفسه، ولم يظهر أي ردِّ فعلٍ.

يمكننا القول إن السياسة هي مجال يُقاس فيه الأشخاص بما لم يفعلوه بقدر ما فعلوه، لذلك فإن الانتقادات التي ستوجه إليهم أنفسهم تشكل أهم نقطة ضعف بالنسبة لهذه الحركة الجديدة. ولكننا حين نقيم الوضع بهذا المعيار يجب علينا الإقرار بحقيقة أنه ليس هناك الكثير من الأفراد والمؤسسات تحصل على تقدير "مقبول" في هذا الصدد في تركيا.

لقد شهدنا منذ انقلاب 1960 وحتى اليوم العديد من النماذج التي تكشف أن حشودًا عريضة من المجتمع، بما في ذلك القطاع المحافظ، ظلت صامتة خلال الفترات التي كانت فيها يد الدولة "ثقيلة"، وانتظرت يوم المحاسبة في صندوق الاقتراع. ومن رفعوا صوتهم خلال هذه الحقبة المظلمة أيضًا كانوا بضعة سياسيين، ومثقفين، وصحافيين ما زالوا يكتبون. وقد دفعت هذه الأسماء ثمناً باهظًا، ولا تزال تدفع أيضًا.

أعتقد أنهم بمجرد أن يصبحوا مؤسسة، سيكون لديهم بالطبع ما سيقولونه حول هذا الموضوع، وسيجيبون على الانتقادات الموجهة إليهم، لكنني أعتقد أن صمتهم أو خرسهم يجب ألا يكون سببًا لنبذهم.

فأولًا: هؤلاء منفتحون على النقد، وليسوا سياسيين يرون الأشخاص الذين لا يشبهونهم ولا يفكرون مثلهم "أعداء".

ثانيًا: كل الأسماء التي تشكل الكوادر الأساسية لهذه الحركة هم من السياسيين الذين يؤيدون استمرار تركيا في مسيرة الغرب. أناس يعتقدون أنهم سيتمكنون من خدمة مواطنيهم عندما تُحاط الدولة بسياج القانون.

الوضع الذي وصلت إليه تركيا اليوم هو فاشية مظلمة. البلد ينهار اقتصاديًا وقانونيًا وقيميًا. ومن أجل الخروج من عصر "الانقطاع" الذي نمر به يُشترط أن يتحد كل من يؤمن بسيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وعلى حين تُرك الاقتصاد للقصر ولصهره ليلهو به كيفما يشاء، يجب أن تُعهد إدارة هذا المجال، الذي يُعد واحدًا من أهم ركائز مستقبل البلاد، إلى أسماء "مؤهلة" تأخذ إدارة هذا المجال والبلاد على محمل الجد.

عبد الله غول وعلي باباجان أسماء معروفة ومعتبرة في أسواق رأس المال الغربية التي تعلق تركيا عليها آمالها في قدوم رؤوس الأموال.

علاوة على ذلك من المهم أن يجد الناخبون الذين سيفرون من حزب العدالة والتنمية، في هذه الفترة التي بدأ فيها الانهيار، ملاذاً آمناً. وكما قال "غوكهان باجيك"، فقد قرر هؤلاء الأشخاص الانتقال، لكنهم ليسوا مستعدين لمغادرة الحي تمامًا. سيفضلون الذهاب إلى شارع آخر يعيش فيه أشخاص يعرفونهم. ولقد لوحظ أنه على الرغم من الظلم الذي شهدته الانتخابات الأخيرة في إسطنبول، تمكن أكرم إمام أوغلو من الحصول على نسبة محدودة من الأصوات من قاعدة ناخبي حزب العدالة والتنمية. هناك حاجة هذا الحزب حتى تنخفض هذه النسبة التي لا تزال تقف عند مستوى 35-36 في المئة، إلى العشرينات وما دونها على الأقل.

وستظل القضية الكردية القضية الأكثر اتقادًا وإلحاحًا في تركيا. ولا يمكن أبدًا لتركيا العاجزة عن حل هذه المشكلة في إطار حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي أن تكون نظامًا ديمقراطيًا تمامًا، وتذرعًا بهذه المشكلة سيواصل النظام تعليق الحقوق والحريات الأساسية في كل فرصة معلنًا كل من يعارضه "إرهابيًا" و "مواليًا للإرهاب".

كان "محمد تكلي أوغلو" الذي وُصف، بشكل غير صحيح، بأنه قريب عبد الله غول شخصًا آمن بعملية السلام، ودعمها. ولقد بدأت عملية تفاوض تركيا مع الأكراد بفضل جهود عبد الله غول شخصيًا. وكان بشير أتالاي وسعد الله أرغين من الشخصيات الرئيسية في هذه العملية.

إن وجود هذا الحزب سيشجع حزب الشعب الجمهوري، المتردد في الوقوف في نفس الدائرة مع الأكراد، على الدخول في تحالف ضد حزب العدالة والتنمية، ويُسهِّل من إقامة جبهة مشتركة قوية... وسيساهم هذا الحزب في مناقشة القضية الكردية في إطار طبيعي، وأيضًا في كسر الضغط المذهل المفروض على الشعب الكردي.

أما بالنسبة لوجهات النظر التي تصفه بالبندقية القديمة ...

فإن اسم "أوزال" نفسه لا يزال يعطي الأمل للناس في هذا البلد. ولو أن أبناء أوزال كانوا بهذه القابلية لكان لهم شأن في سياسة تركيا اليوم. فبعد انقلاب 12 سبتمبر وقعت مهمة لملمة شمل اليسار في تركيا على عاتق "أردال إينونو" بالرغم من أنه لم يكن متحمسًا جدًا. أما عبد الله غول فقد كون صورة ذهنية مناسبة لرئيس الجمهورية المتصور في ذهن الشعب التركي، وظل بمنأىً عن الصراعات اليومية. وحافظ على موقفه هذا إلى أن انتهت مدة ولايته. وهو الآن أيضًا لديه اتصالات مع قطاعات مختلفة جدًا. سيكون له عمل مهم مثل كمال كليجدار أوغلو في الجبهة التي ستتكون ضد حزب العدالة والتنمية.

إن اليوم يجب أن يكون يوم التركيز على إعادة بناء المستقبل القريب جدًا بدلًا من مناقشة الماضي القريب. وبدلًا من أن تدخل الحركة السياسية الكردية في محاسبة الماضي القريب فإنها تفعل الصواب من خلال التركيز على بناء المستقبل الديمقراطي. لقد رأينا النتيجة في المدن الكبرى وعلى رأسها إسطنبول. وهذا أيضًا هو ما يتعين علينا القيام به.

عن "أحول" التركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية