ما أهمية لقاء مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي؟

ما أهمية لقاء مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي؟


27/06/2019

رغم توالي الدلائل التي تشير إلى أنّ مواجهة أمريكية إيرانية قد اكتملت تحضيراتها من قبل الجانبين، والتهديدات المتبادلة والمباشرة عبر الإعلام، التي تتضمن تحذيرات من كلّ طرف للآخر، من أنّه لن يكون البادئ بالحرب، وأنّ أيّة أفعال عسكرية سيقوم بها أحدهما ستكون ردّاً على الآخر، إلا أنّ خيار المواجهة، وتحديداً في الخليج العربي، أو على الأراضي الإيرانية، يبدو في آخر سلّم خيارات الولايات المتحدة، تنفيذاً لإستراتيجية أمريكية، سبق أن أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب، بمواجهة وكلاء إيران وأدواتها، فيما تتواصل بالتزامن مع العروض الأمريكية، لبدء مفاوضات مع إيران، وتقديم تنازلات، بما فيها التنازل عن الشروط التي سبق وأعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي، مقابل إشارات إيرانية حول التزامها بعدم إنتاج قنبلة نووية، ورفضها التفاوض تحت العقوبات.

اقرأ أيضاً: للمرة الأولى: محادثات أمريكية-روسية-إسرائيلية محورها إيران.. ما سياقها؟

ردّ الفعل الإيراني، على مدى أسابيع التصعيد الماضية في الخليج، تمثلت باستهداف الحرس الثوري الإيراني لحركة الملاحة الدولية في الخليج "خليج عُمان وسواحل الإمارات"، إضافة إلى التصعيد الذي يمارسه الحوثيون، بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة ضدّ المملكة العربية السعودية، وما أعلنته حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، من أنّها استخدمت في آخر مواجهة مع إسرائيل طائرة مسيَّرة، تمكّنت من إصابة أهدافها العسكرية الإسرائيلية.

مواجهة أدوات إيران في الإقليم باليمن وسوريا والعراق وفي قطاع غزة أحد أبرز السيناريوهات المحتملة التي ستذهب أمريكا باتجاهها

مواجهة أدوات إيران في الإقليم، في اليمن وسوريا والعراق، وفي قطاع غزة، أحد أبرز السيناريوهات المحتملة التي ستذهب أمريكا باتجاهها، دون إلغاء سيناريو المواجهة في الخليج، أو على الأقل؛ إبقاء إيران تحت هاجس مخاوف من انطلاق الضربات التي ستستهدفها من القواعد والبوارج الأمريكية في الخليج، وهو ما تؤكّده تصريحات وتغريدات، يبثّها ترامب عبر مواقع التواصل.

في إطار هذه السياقات واحتمالات وقوع مواجهات، تستهدف القوات والمصالح الأمريكية، ومعها الإسرائيلية، جاء اجتماع مستشاري الأمن القومي: الأمريكي والروسي والإسرائيلي، في القدس المحتلة، قبل يومين، مركّزاً على بحث الدور الإيراني في سوريا أولاً، من هنا كانت المشاركة الروسية، كونها فاعلاً رئيساً في الملف السوري، وهي من تستطيع لجم وضبط التدخلات الإيرانية، وتنفيذ أيّة إجراءات يتم الاتفاق عليها، ضدّ التواجد والتدخل الإيراني في سوريا، فيما يقلّ دورها "عسكرياً" في العراق واليمن وقطاع غزة.

اقرأ أيضاً: شركة تركية تدير قطاراً بإسرائيل.. المصالح تدهس شعارات أردوغان

مؤكّد أنّ روسيا تملك إمكانيات الضغط على إيران، وتمّ التعبير عن ذلك بغضّ الطرف عن الضربات الإسرائيلية المتواصلة لأهداف إيرانية في سوريا، وتأكيدات موسكو على ضمان أمن إسرائيل، ومواجهات بين قطاعات عسكرية موالية لإيران، وأخرى موالية لموسكو، وهناك تقديرات بأنّ التغييرات التي جرت في القيادات العسكرية والأمنية في سوريا، إنّما كانت بضغوطات وتوجيهات إيرانية، استهدفت استبعاد الموالين لإيران، إضافة إلى منعها، وميليشياتها، من المشاركة في المعارك الدائرة في إدلب وريف حلب، ومن المؤكد أيضاً؛ أنّ لدى موسكو القدرة على ضبط وإحباط أيّة توجهات إيرانية تستهدف الجنود الأمريكيين، خاصّة شرق وجنوب سوريا.

اقرأ أيضاً: "حفريات" ترصد محطات التطبيع السياحي بين تونس وإسرائيل

في المقابل؛ فإنّ موسكو لم ولن، تقدّم تلك الخدمات لأمريكا وإسرائيل، إلا في إطار صفقة تضمن الاعتراف بدورها ووجودها ومصالحها في سوريا، وهو ما تساوم عليه أمريكا وإسرائيل، عند الحديث عن ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية التي دخلت إلى سوريا، بعد عام 2011، وتؤشّر تطورات العلاقة الأمريكية الروسية، الخاصة بالملف السوري، إلى أنّ أمريكا تتفهم مطالب ومصالح موسكو في سوريا، وتتطلع لدور روسي يتجاوز حدود قضية التواجد والتأثير الإيراني في سوريا.

موسكو لم ولن تقدّم خدمات لأمريكا وإسرائيل إلا في إطار صفقة تضمن الاعتراف بدورها ووجودها ومصالحها في سوريا

وبالتزامن، فإنّه لا يمكن إغفال حقيقة أنّ اللقاء جاء في إطار التحضير للقاء القمة الذي سيجمع الرئيسَيْن؛ ترامب وبوتين، والذي يفترض أن يبحث العديد من القضايا، بما فيها قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، إضافة إلى قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمة مع إيران، إضافة إلى العلاقات الأمريكية الصينية، واحتمالات الترتيب لقمّة ثالثة أمريكية كورية شمالية، ومن المرجح أنّ انعقاد اللقاء في إسرائيل، يؤشر -إضافة إلى أنّ روسيا تأخذ بعين الاعتبار مصالح ومتطلبات الأمن القومي لإسرائيل، خاصة في سوريا، فإنّه يبعث رسالة أكثر أهمية عن محورية المطالب الإسرائيلية، وأنّها قاسم مشترك في الرؤية العميقة بين واشنطن وموسكو، وهو ما قد يظهر في لقاءات سيؤول، على هامش قمة العشرين.

اقرأ أيضاً: الحواجز العسكرية الإسرائيلية.. توقف حتى ننتهك إنسانيتك!

نتائج لقاء مستشاري الأمن القومي، رغم ما يتردد حول خلافات برزت خلاله، في إطار مواقف روسية متحفظة على المطالب الإسرائيلية، ستظهر تباعاً؛ بإجراءات عملية في سوريا أولاً، مؤكّد أنّها ستذهب باتجاه المزيد من التضييق على الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية في سوريا، تمهيداً لدور روسي فاعل في عملية السلام، ستكون بوابته المسار السوري الإسرائيلي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية