ما الذي يجعل "سيدي بوسعيد" الوجهة الأولى للسياح في تونس؟

ما الذي يجعل "سيدي بوسعيد" الوجهة الأولى للسياح في تونس؟


12/03/2020

لم تكن تونس لتُصبح وجهة للسياح من كُل أرجاء العالم، لولا مجموعة من العوامل لعلّ أبرزها حفاظها على إرثها الثقافي وطابعها المعماري، الذي أسسته الحضارات المتعاقبة عليها؛ إذ تُعدّ العمارة من أبرز ما يُميّز هذه الدولة المغاربية، فرغم اشتراك العمران التونسي بالخطوط العريضة للحضارات الإنسانية، إلا أنّها تحتفظ بتفاصيلها الخاصة، التي ظلت إلى اليوم محط اهتمام المؤرخين.

اقرأ أيضاً: هل زرت وادي ميزاب في الجزائر من قبل؟.. شاهد أبرز معالمه
ورغم كثرة وتنوّع المناطق السياحية في تونس؛ من المعالم الدينية والأثرية، والأحياء القديمة والأسواق، إلى الجزر وسحر الطبيعة الخلابة، إلّا أنّ ضاحية سيدي بوسعيد تُعدّ الوجهة الأولى للسياح الذاهبين إلى تونس، فما الذي يُميّز هذه الضاحية الهادئة، الواقعة على بعد 20 كم من تونس العاصمة؟

تمتاز "سيدي بوسعيد" بعمرانها الفريد، وألوانها المتناسقة

قطعة عمرانية ساحرة
تمتاز "سيدي بوسعيد" بعمرانها الفريد، وألوانها المتناسقة؛ حيث إنّ جميع جدرانها ومرافقها مطلية باللون الأبيض، فيما تُطلى الأبواب والشبابيك القديمة ذات النقوش الأندلسية باللون الأزرق؛ حيث تزينها المسامير والمقابض السوداء، وتتشابه بيوت المدينة مع البيوت التونسية الأصلية، التي ترجع في شكلها وتصميمها إلى البيت الإغريقي، الذي يحتوي على عدة غرف تلتف حول صحن مركزي، ويتزين ببعض نوافير الماء التي تروي النباتات والأزهار.

أول موقع محمي في العالم

تعدُّ ضاحية "سيدي بوسعيد"، التي شيدت إبان حكم الحفصيين في العصور الوسطى، أول موقع محمي في العالم، وتقع في أعالي منحدر صخري يطل على خليج تونس ومدينة قرطاج، وقد عُرفت المنطقة في السابق باسم "جبل المرسى" أو "جبل المنار"، وكان هذا الجبل بمثابة حصن للحضارات المتعاقبة على المنطقة، حيث دافع عن مدينة قرطاج الفينيقية في القرن السابع عشر، والتي لا زالت آثارها موجودة في تونس اليوم، كما وفّر الجبل المراقبة لمدينة تونس خلال الحكم الإسلامي هناك.

مرقد الصالحين

استمدت المدينة اسمها الحالي، من اسم الولي الصالح "أبو سعيد بن خلف بن يحيى التميمي الباجي"، الذي عُرف بزهده وتصوفه، حين سكن هذه الضاحية قبل حوالي 800 عام، وتوفي في المنطقة فدُفن فيها وسُميّت فيما بعد على اسمه؛ حيث صارت مقصداً لمن يبحث عن التأمل واجتذبت العديد من الصالحين والباحثين عن السلام الروحي، وتضم "سيدي بوسعيد" أضرحة العديد من أولئك الزاهدين، مثل؛ سيدي الجبالي وسيدي الظريف وسيدي بوفارس وسيدي الشعبان وسيدي الشهلول وسيدي عزيزي وشريفة بنت سيدي بوسعيد.

ضريح الولي أبو سعيد بن خلف بن يحيى التميمي الباجي

خرجة سيدي بوسعيد
يتزاحم العديد من الناس في منتصف شهر رمضان من كل عام للمشاركة في طقوس "خرجة سيدي بوسعيد الباجي" الصوفية الطاعنة في القدم، والتي تقام تيمناً بالناسك سيدي بوسعيد؛ الذي تبوّأ منزلة رفيعة بين المتصوفة، بسبب ورعه ومساهمته في نشر التعاليم الصوفية.

اقرأ أيضاً: القفطان المغربي من زي خاص بالرجال إلى خطوط الموضة العالمية
وتنطلق الخرجة من مقام سيدي بوسعيد المحاذي لمقهى "القهوة العالية"، حيث يسير أعيان المدينة في الصف الأمامي مرتدين أفضل جببهم، ويتبعهم المنشدون من مجموعة "العيساوية" التي تردّد الأذكار والابتهالات الدينية، وخلفهم "الشواش"، الذين يرقصون على المديح النبوي، وسط جو روحي عميق.

ملتقى الفن والإبداع
أصبحت ضاحية سيدي بوسعيد، المكان المفضل للفنانين والمبدعين في بداية القرن العشرين؛ حيث شدتهم أجواؤها الساحرة، فاختارها البعض مقراً لسكنه؛ كالرسام الإنجليزي رودولف دي ديرلانجي، الذي تأثر بجمال الضاحية وقرّر الإقامة فيها، وبنى قصره الذي يتميز بهندسته الشرقية، وأطلق عليه اسم "النجمة الزهراء"، وقد استمرت فترة بنائه بين 1912 و 1922، وتحوّل هذا المَعْلم إلى مركز للموسيقى العربية والمتوسطية، كما زارها، الرسام الألماني؛ بول كلي، والروائي الفرنسي؛ غوستاف فلوبير، والكاتب الفرنسي؛ أندريه جيد.

صورة من داخل قصر "النجمة الزهراء



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية