ما حكم الشرع في الحسابات المزيفة للإخوان على السوشيال ميديا؟

ما حكم الشرع في الحسابات المزيفة للإخوان على السوشيال ميديا؟


08/11/2020

الإعلان الذي كشفت عنه شبكة "فيسبوك"، أول من أمس الجمعة، عن حذفها آلاف الحسابات والصفحات المدارة من مختلف أنحاء العالم بتهمة ممارستها "سلوكاً زائفاً منسقاً"، وبخاصة من جماعة الإخوان المسلمين، يثير علامات استفهام كثيرة حول مسعى الجماعة التي ترفع شعار الإسلام، وتزعم التزامها القيم الأخلاقية الرفيعة، وتناقض ذلك الصارخ مع التزييف والتزوير وممارسة الكذب عبر حسابات مضللة يقودها أفرادها.

تضمنت الرسائل المركزية المضللة للإخوان، إشادة بالحكومات الداعمة للإخوان في تركيا وقطر، وانتقادات للسعودية ومصر والإمارات، بالإضافة إلى اتهامات للحكومة المصرية بسجن وقتل أنصار الإخوان

شركة "فيسبوك" قالت في تقريرها الشهري إنها أزالت قرابة ثمانية آلاف صفحة متورطة في حملات تضليل خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر)، كاشفة أنّ "إحدى شبكات الحسابات المذكورة كانت تدار من مصر وتركيا والمغرب من قبل أفراد مرتبطين بجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر، مضيفة أنّ تلك الصفحات استهدفت دولاً إقليمية، وتضمنت بعض المحتوى المتعلق بالإرهاب، بحسب "رويترز".

اقرأ أيضاً: كيف علقت جماعة الإخوان على فوز بايدن؟

 وقالت "فيسبوك" إنها فككت سبع شبكات منفصلة من الحسابات والصفحات الزائفة كانت تنشط في إيران وأفغانستان ومصر وتركيا والمغرب وميانمار وجورجيا وأوكرانيا.

ولفتت "فيسبوك" إلى أنّ الكثير من تلك الحسابات والصفحات كان ضالعاً في حملات تأثير سياسي مضللة تستخدم حسابات زائفة لاستهداف الجماهير في الداخل والخارج.

فهل يستوي هذا السلوك مع الإسلام في شيء؟

كذب الشعارات البراقة

وهل يحتاج المدافعون عن الإخوان إلى أكثر من هذا الدليل ليكتشفوا كذب الشعارات البراقة التي تختفي وراءها "الجماعة" التي باعتراف "فيسبوك" تمارس "حملات تأثير سياسي مضللة تستخدم حسابات زائفة لاستهداف الجماهير في الداخل والخارج

وهل يحتاج التضليل والكذب وتزييف المعلومات وتشويه الحقائق والفبركة إلى دليل شرعي يؤكد أنه فعل محرم، بحسب فقهاء المسلمين الذين يؤكدون أنّ الكذب خلافُ الصدق، وهو محرَّمٌ شرعاً، ومعدودٌ مِنْ كبائر الذنوب التي تهدي إلى الفجور الذي هو عَلَمٌ على النار وسبيلٌ لها.

اقرأ أيضاً: منشق عن الجماعة يفك أسرار صلات اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا والإخوان

أضف إلى ذلك أنّ المسلم يتَّقي النارَ ويعمل على تجنُّبها لئلَّا يقع فيها؛ لقوله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ) [التحريم: ٦] الآية، وقد توعَّد اللهُ الكاذبين باللعنة وسوءِ المصير في نصوصٍ متعدِّدةٍ منها: قولُه تعالى: (إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ ١٠٥) [النحل]، وقولُه تعالى: (فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ ٦١) [آل عمران]، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: "إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً".

ما تمارسه جماعة الإخوان أخطر من ذلك، فهي عبر جيوشها الإلكترونية تخوض جهاداً مقدساً لا لتحرير الحقيقة ونشر الخير والمروءة بين البشر والحض على مكارم الأخلاق، بل على العكس من ذلك تماماً تقود هذه الجيوش الحملات عبر الحسابات الزائفة لتشويه صورة الإمارات والسعودية والإساءة إلى البحرين ومصر، والتغني بأمجاد أردوغان والولي الفقيه، وإمارة قطر المقاوِمة الممانِعة، خدمة لأجندة أيديولوجية لا تمت للإسلام بصلة، فهل نحتاج إلى أدلة أخرى لنتأكد من سقوط قناع الزيف والنفاق عن وجه الإخوان المصنفين في بعض الدول كجماعة إرهابية؟

ممارسات الإخوان التضليلية

وفي تفاصيل متصلة بممارسات الإخوان التضليلية، عرض معهد "فريمان سبوجلي" للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد، تحليلاً سياسياً لعملية الحسابات المزيفة المرتبطة بجماعة الإخوان وشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والتي تم إنشاؤها لاستهداف الجماهير في عدد من الدول، من بينها مصر وأفغانستان وإيران.

الكذب ونشر الإشاعات وفبركة الأخبار وترويج الأنباء المفبركة تعد جريمة، في نظر الشيخ صالح الفوزان، الذي يرى أنّ ذلك يخل بأمن المجتمع وأنّ هذه طريقة المنافقين

وفي تفاصيل ما أقدمت عليه، أعلنت إدارة "فيسبوك" عن إزالة 25 صفحة و31 ملفاً شخصياً، وحسابين على موقع الصور "إنستغرام"، تابعين لجماعة الإخوان المسلمين، حيث استهدفت الشبكة الجماهير في مصر بشكل مباشر عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما تمت إزالة 11 صفحة و6 مجموعات و33 ملفاً شخصياً و47 حساباً على "إنستغرام" تم إنشاؤها في أفغانستان وإيران، واستهدفت المتحدثين باللغة الفارسية في أفغانستان.

وقال المعهد في تقريره، إنّ "فيسبوك" علق هذه الشبكات، ليس بسبب محتوى منشوراتها، ولكن بسبب سلوكها غير الصحيح، حيث تمت إدارة صفحات ومجموعات الـ"فيسبوك" بواسطة حسابات مزيفة.

أول عملية إزالة مرتبطة بمؤيدين للجماعة

وأضاف أنّ هذه هي أول عملية إزالة مرتبطة بمؤيدين لجماعة الإخوان، مشيراً إلى أنّ هذه الشبكة تبدو مشابهة بشكل ملحوظ لشبكات حملات التضليل المناهضة لجماعة الإخوان على "فيسبوك"، حيث يقوم كلا الجانبين بإنشاء علامة تجارية احترافية للصفحات ومشاركة مقاطع الفيديو.

اقرأ أيضاً: هل ستكابر تركيا بعلاقتها مع "الإخوان" حتى النهاية؟‎

وكان لدى صفحات "فيسبوك" التي حللها مرصد ستانفورد للإنترنت، ما يقرب من 1.5 مليون متابع، كما تم ربط العملية بالعديد من حسابات "تويتر"، وقنوات "يوتيوب"، وقنوات "تليغرام"، والتي كان للعديد منها متابعون كثيرون.

وقال المرصد: "في حين أنّ معظم الملفات الشخصية المرتبطة بهذه العملية كانت مجرد حسابات بسيطة، إلا أنّ أحد الملفات الشخصية يدير وكالة إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر".

وتضمنت الرسائل المركزية، إشادة بالحكومات الداعمة للإخوان المسلمين في تركيا وقطر، وانتقادات لحكومات المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات، بالإضافة إلى اتهامات للحكومة المصرية بسجن وقتل أنصار الإخوان، واعتقال أنصار الإخوان في دول مختلفة.

ولفت التقرير، إلى أنّ أسماء هذه الصفحات كانت غير دقيقة، ومنها على سيبل المثال؛ "تونس ضد الإمارات" و"هارتس مع قطر".

كما تم إلغاء حسابات أخرى في أفغانستان وإيران، حيث أنتجت هذه الحسابات محتوى موجهاً نحو النساء، بما في ذلك تعزيز حقوق المرأة، كما روجت للرواية القائلة بأنّ إيران حليف جيد لأفغانستان، وسلطت الضوء على وحشية طالبان، وانتقدت التدخل الباكستاني والأمريكي في أفغانستان.

اقرأ أيضاًَ: الإخوان.. حصان طروادة القطري

وأعلنت منصة التواصل الاجتماعي، أنها أزالت الشبكات الجديدة كجزء من تقريرها الشهري حول "السلوك غير الصحيح المنسق"، والذي أشار أيضاً إلى أنّ "فيسبوك" قد أزال ما يقرب من 8000 صفحة متورطة في حملات خادعة حول العالم الشهر الماضي.

وعثرت إدارة "فيسبوك" على شبكتين "غير أصليتين" في جورجيا، تنشران محتوى سياسياً، إحداهما تابعة لأفراد مرتبطين بحزبين سياسيين.

وفي أوكرانيا وميانمار، اكتشفت إدارة "فيسبوك" أنّ شركات العلاقات العامة كانت تدير حملات خادعة مماثلة نيابة عن الأحزاب السياسية.

وقامت إدارة موقع التواصل الاجتماعي، بإزالة مثل هذه الحسابات على مستوى العالم بعد تعرضها لانتقادات بسبب عدم تطوير أدواتها بالسرعة الكافية لمكافحة المحتوى المتطرف وعمليات الدعاية.

وتحاول جماعة الإخوان اصطياد المتابعين من خلال تلك الحملات في نشر الدعاية عبر عدة طرق منها إطلاق مواقع عبر الشبكة العنكبوتية للحدث المراد الترويج له، أو تدشين صفحات رسمية على "فيسبوك" أو حتى حساب على "تويتر" أو قنوات على اليوتيوب، ويتم استخدام عدد المعجبين للصفحات أو المشاهدات أو الهاشتاجات والتغريدات على "تويتر" و"فيسبوك" كمؤشر على نجاح الحملة الإلكترونية.

الهاشتاغات من الأساليب الدعائية الجديدة

وقال الخبير القانوني والمحامي المصري سامي البوادي لصحيفة "اليوم السابع"، إنّ الهاشتاغات تُعد من الأساليب الدعائية الجديدة؛ حيث تعمل الجماعات على تدعيمها عن طريق اللجان الإلكترونية التي تتلاعب بالفئات العمرية المختلفة، خاصة الشباب منهم، من خلال إطلاق الإشاعات والترويج لها بـ"الهشتاغات المضروبة"، خاصة أنّ الإشاعة تمثل أحد أهم العناصر التي تساهم فى تدمير نسيج المجتمع لخدمة الجماعات والحركات المعادية للدولة المصرية.

اقرأ أيضاً: مسلمو أوروبا على المذبح الإخواني

وترى الكاتبة فريدة الشوباشي، في سياق متصل، أنّ الإخوان وتفريعاتهم ازدادوا جنوناً خشية ضياع الأموال التي يتقاضونها من أسيادهم، بعد فشلهم المتكرر وانعدام التعاطف الشعبي معهم، وقد شاهدنا كيف استقبل المصريون نبأ إلقاء القبض على مرشد الإخوان محمود عزت، والذي مر مرور الكرام، ما أصاب الجماعة بصدمة أفقدتها ما بقي من صواب، وأخذت حمى الإشاعات تستعر بتحريض المواطنين ضد تصدي الدولة للتعدّي على الأراضي الزراعية، وكأنّ حرمان المواطنين من مصدر غذائهم، أمر يستوجب التصدي له بكل ما أوتي الإخوان من كذب وضلال.

ولفت الشوباشي في مقال لها في "البيان" إلى أنه بعد أن سقط قناع الدين الذي خدع به الإخوان أجيالاً بعد أجيال، "لجأ أعداء الوطن الذين يستخدمون الإخوان كأدوات، بإغداق الأموال الطائلة على قيادتهم، إلى سلاح حروب الجيل الرابع، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، السوشيال ميديا في تشكيك المصريين في قيادتهم، بإطلاق كميات هائلة من الأكاذيب والإشاعات، وهو ما يعيد إلى الأذهان، ومع اختلاف الظروف والإمكانيات، الحرب الشرسة التي شنتها بريطانيا، ثم أمريكا، على ثورة يوليو 1952 وقائدها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ببث أكاذيب وإطلاق إشاعات ضد الثورة والإجراءات الاجتماعية النبيلة التي كانت تطبقها لصالح الشعب".

اقرأ أيضاً: تجريم "الإخوان" ضربة للإرهاب

الكذب ونشر الإشاعات وفبركة الأخبار وترويج الأنباء المفبركة تعد جريمة، في نظر الشيخ صالح الفوزان، الذي يرى أنّ ذلك يخل بأمن المجتمع.

 ويجزم الفوزان بأنّ هذه طريقة المنافقين الذين يتصيدون الإشاعات ويشيعونها ليُروعوا المسلمين ويخوفوهم، قال تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليمٌ بالظالمين). وقال تعالى : (إنّ الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم ) هذا وعيدٌ شديد، فالمسلم لا يكون مروجاً للإشاعات والأخبار السيئة التي تروع المسلمين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية