ما خيارات المعارضة الموريتانية بعد فوز مرشّح السلطة بالرئاسة؟

موريتانيا

ما خيارات المعارضة الموريتانية بعد فوز مرشّح السلطة بالرئاسة؟


25/06/2019

لا يمكنُ الجزم، حتى الآن، بما ستؤول إليه الأوضاع في موريتانيا، بعد إعلان اللجنة الانتخابية في موريتانيا فوز مرشّح الحزب الحاكم في موريتانيا، محمد ولد الغزواني، في الانتخابات الرئاسية، بحصوله على 52% من الأصوات، في الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي.

اقرأ أيضاً: من هو الغزواني؟ وماذا يعني فوزه في انتخابات الرئاسة الموريتانية؟

هذه النتيجة قوبلت برفض من المعارضة للنتائج المعلنة؛ حيث يؤكد الناشط الموريتاني، الشيخ ولد مزيد، لـ "حفريات"، أنّ "النّظام قدّم رسائل سلبية في اليوم الأول بعد إعلان النتائج، التي شهدت رفضاً؛ حيثُ أعلنَ مُرشّح النظام، محمد ولد الغزواني، وقد عبر في أكثر من مناسبة أنّه امتداد لنظام رفيقه المنتهية ولايته، محمد ولد عبد العزيز، عن نجاحه بحضور رئيس الجمهورية قبل نهاية الفرز، الذي شابتهُ مخالفات".

أعلن قادة المعارضة المرشّحون رفضهم النتائج المعلنة ودعوا إلى مسيرة سلمية تنديداً بمخا أسموه مخالفات شابت العملية الانتخابية

وحقق الغزواني فوزاً سهلاً على خصوم المعارضة الرئيسيين. وقالت اللجنة الانتخابية الوطنية "CENI" إنّ "نسبة المشاركة بلغت 62.66%، وتعدّ هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، منذ تأسيسها عام 2006، نتائج الانتخابات مفصلة في جميع مكاتب التصويت"، وفق موقع "صحراء ميديا".
وكان الغزواني قد أعلن بالفعل فوزه في الساعات الأولى من يوم الأحد، بحضور الرئيس المنتهية ولايته، محمد ولد عبد العزيز، وأنصاره وصحفييهم، وحلّ خلف ولد الغزواني، وبفارق كبير، 4 مرشحين معارضين، هم: الناشط بيرام ولد الداه عبيد، الذي تلاه في المرتبة الثانية بحصوله على 18,58% من الأصوات، ورئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر، الذي حلّ ثالثاً بحصوله على 17,58% من الأصوات، وفي المرتبة الرابعة حلّ الصحفي بابا حميدو بـ (8,71%)، في حين حصل أستاذ التاريخ محمد ولد مولود على 2,44% من الأصوات.

محمد ولد الغزواني المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية

وكان مرشحو المعارضة قد استبقوا هذه النتائج بإعلان رفضهم لها، وذلك بعد إعلان ولد الغزواني فوزه قبل الانتهاء من الفرز الكامل للأصوات، وقال ولد الداه عبيد، صاحب المركز الثاني، في مؤتمر صحفي للمعارضة: "إننا نوجه نداء إلى الشعب الموريتاني، لمقاومة هذا الانقلاب الفاسد ضدّ إرادة الشعب، ضمن حدود القانون".

اقرأ أيضاً: الرئيس الموريتاني: قطر دمرت دولاً عربية باسم الديمقراطية

ورغم أنّ هذا التصويت هو الأول في تاريخ موريتانيا، المتّسم بالانقلابات، والذي يبدو أنه بدأ يجرّب التداول السلمي على السلطة؛ فإنّ المعارضة أثارت مخاوف من أن نتائج التصويت ما هي إلا استمرارٌ لشخصيات تنتمي للمؤسسة العسكرية في الاعتلاء للحكم.

وكان كلّ من المرشَّحيْن البارزيْن، بيرام ولد الداه عبيد، وسيدي محمد ولد بوبكر، قد اشتكيا مما أسمياه "مخالفات" شابت علمية الاقتراع، ومنها طرد ممثلين لهم من بعض مراكز الاقتراع، لكنّ لجنة الانتخابات أعلنت أنّه لم يتم الإبلاغ عن أيّة مشكلات كبيرة.

إنفوغرافيك يوضح نسب المرشحين المتنافسين (المصدر: موقع الرؤية)

رأي بعثة الاتحاد الإفريقي
ومن جانبها، أعلنت بعثة الاتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات الرئاسية في موريتانيا؛ أنّها لم تسجّل أيّة خروقات في الشوط الأول، الذي جرى يوم السبت الماضي، وفاز فيه المرشح محمد ولد الغزواني، وفق النتائج التي أعلنتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.

اقرأ أيضاً: منشقون يكشفون ارتباط "إخوان" موريتانيا بداعش

ووزّعت البعثة، التي تضمّ عشرات المراقبين الأفارقة، إضافة إلى مراقبين من معهد "جيمي كارتر" الأمريكي، وخبراء من الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، بياناً على هامش مؤتمر صحفي عقدته، أمس الإثنين، بنواكشوط، قالت فيه؛ إنّ مراقبيها وصلوا إلى 216 مكتب تصويت، متفرقين في أنحاء موريتانيا، في المدن والأرياف، وإنّه لم يتمّ تسجيل أيّة "خروقات قد تؤثر في النتائج".

ولكنّ البعثة قدمت ضمن تقريرها جملة من الملاحظات لتحسين العملية الديمقراطية في موريتانيا، من ضمنها تمديد الفترة التي يجري فيها الإحصاء الإداري، ذو الطابع الانتخابي، وذلك من أجل ضبط وتحيين اللائحة الانتخابية، كما دعت الحكومة إلى الحوار مع مختلف التشكيلات السياسية في البلاد، وإشراك هيئات المجتمع المدني.

حذّر الرئيس المنتهية ولايته، عبد العزيز، من أنّ تراجع الاستقرار إذا لم يتم انتخاب مرشّحه المختار

استمرار النظام القديم
شغل المرشّح الفائز، ولد الشيخ الغزواني، منصب رئيس أركان عبد العزيز، من عام 2008 إلى العام الماضي، وبعد انقلاب 2005، تولى الغزواني إدارة الأمن الوطني، وكان عضواً في المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي أدار البلاد، وقاد فترة انتقالية أسفرت عن انتخاب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، كأول رئيس مدني في تاريخ البلاد.

تولى الغزواني رئاسة الأركان، ثم القيادة العامة للجيوش وتمّ تعيينه في شهر تشرين الأول الماضي وزيراً للدفاع

وبعد ذلك، عيّنه ولد الشيخ عبد الله قائداً للأركان الوطنية، عام 2008، لكن سرعان ما ساءت العلاقة بين الرئيس المنتخب وأصدقائه العسكريين، وفي مقدمتهم ولد عبد العزيز وولد الشيخ الغزواني، لتنتهي الأمور بانقلاب عسكري قاده الرجلان، في آب (أغسطس) 2008.
وتولى ولد الشيخ الغزواني رئاسة الأركان، عام 2009، ثم تولى بعد ذلك القيادة العامة للجيوش، عام 2013، ومع نهاية المأمورية الرئاسية الثانية والأخيرة لمحمد ولد عبد العزيز، كان ولد الشيخ الغزواني قد نال حقّه في التقاعد، فتم تعيينه في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وزيراً للدفاع، معلناً نهاية الخدمة العسكرية وبداية مرحلة جديدة.
وأثناء الانتخابات، حذّر الرئيس المنتهية ولايته، محمد عبد العزيز، مراراً وتكراراً، من أنّ البلاد قد تتراجع إلى حالة من عدم الاستقرار، إذا لم يتم انتخاب مرشحه المختار، ويعود الفضل إليه في إصلاح الجيش، وكبح الجهاديين، ودفع عملية تطوير المناطق النائية.

المعارضة ترفض النتيجة
وقد خرج قادة المعارضة المرشحون المنافسون لمرشح السّلطة، في مؤتمر صحفي، يوم الأحد، وأعلنوا فيه رفضهم النتائج المعلنة، ودعوا إلى مسيرة سلمية تنديداً بـ"المخالفات" التي شابت العملية الانتخابية، وفق زعمهم.

اقرأ أيضاً: موريتانيا: الإخوان المسلمون يفشلون في أول اختبارات الانتخابات الرئاسية

وفي كلمته، في مؤتمر صحفي مع المرشحين الثلاثة الآخرين، قال سيدي محمد ولد بوبكر، الذي حلّ ثالثاً: إنّ "مخالفات متعددة قضت على أيّة مصداقية للانتخابات" في الدولة الصحراوية الواقعة غرب إفريقيا.

بيان المرشّحين المعارضين

ووفق الناشط الشيخ ولد مزيد: فإنّ "البلاد ما تزال تعيش حالة من الاستنفار غير المفهوم، منها على سبيل المثال: توقف الخطوط الموريتانية لأسباب غير مقنعة إطلاقاً، وقطع الإنترنت جزئياً؛ حيثُ لم يترك النظام سوى الشبكة اللاسلكية، مع إغلاق الأسواق والبنوك في قلب العاصمة، ويجري الحديثُ عن تحميل الدولة للمعارضة مسؤولية أيّ عنفٍ أو احتكاك غير سلمي قد تشهده المسيرة الكبرى، التي ستنطلقُ اليوم".

اقرأ أيضاً: موريتانيا تواصل حملتها ضدّ الإخوان

وفي هذا السياق؛ أصدرت وزارة الداخلية الموريتانية بياناً حذّرت فيه من أنّ "أيّ تجمّع غير مرخّص سيتحمل أصحابه مسؤولية ما ينتج عنه من إخلال بالأمن"، وجاء في البيان الذي نشرته الوكالة الموريتانية للأنباء: إنّ "وزارة الداخلية واللامركزية، حرصاً منها على حفظ أمن المواطنين وممتلكاتهم تهيب بالجميع ضبط النفس والتحلي بروح المسؤولية، وتجنّب كلّ ما يمكن أن يشكّل تهديداً لأمن وسلامة المواطن".

وبناء على ما سبق؛ يختم البيان "فإنّ الوزارة تلفت انتباه الجميع إلى أنّ أيّ تجمّع غير مرخّص سيتحمّل أصحابه مسؤولية ما نتج عنه من إخلال بالأمن، وسيعرّضهم للعقوبات المنصوص عليها وفق القوانين المعمول بها في هذا المجال".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية