ما دلائل احتضان إيران للإخوان؟

ما دلائل احتضان إيران للإخوان؟


20/04/2021

بينما كنا منتبهين للحاضنة التركية للمرتزقة والهاربين الإخوان، كانت الجماعة قد صنعت قاعدة كبيرة لها في العاصمة طهران وبعض المدن الأخرى، وفرّ إليها عدد كبير من القيادات، بل وكذلك المتبقين من قيادة تنظيم القاعدة التاريخيين، مثل مصطفى حامد، ومحمد صلاح الدين زيدان (سيف العدل)، وأيضاً المرشح لخلافة الظواهري، أبو عبدالرحمن المغربي.

ساهمت عدة أسباب في تسهيل صناعة الحاضنة الإيرانية للإخوان، منها:

 -  العلاقات التاريخية الممتدة بين الجماعة وملالي إيران، التي بدأت بزيارة نواب صفوي إلى القاهرة في الأربعينيات، ثم التعاون بين حسن البنا والمراجع الشيعية بدار التقريب، وانتهاءً بدعم الجماعة لثورة الخميني، وبعدها العلاقات المتشابكة ما بين الطرفين، الحركي مع الاقتصادي، والنفعي الوظيفي مع السياسي.

 -  قدرة الطرفين على تنحية المذهب جانباً، بسبب التقارب في استراتيجيات التغيير، فكتب سيد قطب تم ترجمتها للفارسية على يد مرشد إيران الحالي خامنئي، ومن بني جزءاً من العاصمة الإيرانية هو الاقتصادي الإخواني المعروف يوسف ندا، وفق مذكراته.

 - تولى الإيراني أمير موسوي، الإشراف على ملف حركات الإسلام السياسي، والرجل تربطه علاقات وثيقة جداً بمحمود حسين، وكمال الهلباوي، ويوسف ندا، وغيرهم من قيادات للجماعة، رغم أنه من المخططين الرئيسيين لعمليات الاختراق للدول السنية من أطرافها أو عمقها، عن طريق التنظيمات.

  -  احتضان إيران لكل اجتماعات التيار القطبي داخل الجماعة، منذ أكثر من عشرة أعوام، وكذا حمايتها لقيادات القاعدة الكبار، مثل عبدالله أحمد عبدالله (تم اغتياله)، وحمزة بن لادن (تم اغتياله)، وزوجة حمزة بن لادن، وسيف العدل.. إلخ.

استغلت إيران الانقسام الذي حصل بين مكتب قيادة الإخوان في لندن وتركيا برعاية زيارات إلى طهران وتقديم منح جامعية

-  العلاقة الكبيرة التي تربط طهران بأهم فروع الجماعة، وهي حركة حماس.

من هنا كانت إيران المكان الأنسب للجماعة، الذي سيعطيها فرصة كبيرة للتحرك، وفي المقابل ستقدم هي العديد من الخدمات للإيرانيين في اليمن وأوروبا وأمريكا الجنوبية وقطاع غزة وأفغانستان، وغيرها.

يقول مؤرخ تنظيم القاعدة، أبو الوليد مصطفى حامد، في إحدى صفحات موقع (مافا السياسي) الذي يبث من طهران: "سافرت إلى إيران عدة مرات، وكان الهدف من هذه الرحلات تمهيد الطريق لتحسين العلاقات بين "الإمارة الإسلامية" (حكومة طالبان) وطهران، وفي ذلك الوقت كانت طالبان تتعرض لضغوط شديدة من باكستان، خاصة في مجال نقل المواد الغذائية والوقود. نوقشت مثل هذه المشاكل خلال زيارة قام بها الملا عمر (زعيم حركة طالبان) العام 1997 إلى القرية العربية الأفغانية جنوب مطار قندهار. وقدمت اقتراحاً لتحسين العلاقات مع جمهورية إيران لأن الأفغان كانوا بحاجة إلى إيجاد طريقة للوصول إلى المياه المفتوحة. وقابلت آية الله خامنئي، وتفاوضت مع بعض المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى، وأتيحت لي فرصة لقاء المسؤولين الإيرانيين من خلال إخوتنا في حزب الحركة الطاجيكية، الذين كانوا مقيمين في طهران في ذلك الوقت".

بعدها بأعوام أصبحت العلاقة التنسيقية بين طالبان وحليفها تنظيم القاعدة وإيران، وثيقة للغاية، وكانت العلاقة مع الإخوان تسير على منوالها الطبيعي، حيث الملياردير الإخواني يوسف ندا يقوم ببناء جانب كبير من طهران الجديدة.

ويعتقد أحد أعضاء الإخوان الهاربين لطهران، في تصريحات خاصة بحفريات (فضل عدم ذكر اسمه) أنه لا توجد علاقات بل معاملة دبلوماسية ذكية للحصول على ورقة ضغط مقابل الدول العربية وأمريكا، وأيضاً أن فتح طهران لهم مجالاً للتحرك هذا من أجل ضمان الاستقرار وعدم قيامهم بعمليات في الداخل، مدللاً أنّ ابن نائب الظواهري أبو الخير رجع من الشام، والإيرانيون عاملوه جيداً رغم أنّ أباه قبل مقتله حاربهم بشراسة.

إيران المكان الأنسب للجماعة الذي سيعطيها فرصة كبيرة للتحرك وفي المقابل ستقدم هي العديد من الخدمات للإيرانيين

ويرى أنّ وجود أبو الوليد مصطفى حامد الذي يتمتع بعلاقات واسعة مع الإخوان وفي نفس الوقت الإيرانيين وطالبان والقاعدة، هو من أجل تحقيق أهداف واسعة؛ منها ضمان العلاقة مع صديقه سراج الدين حقاني، ومحاربة مكتب طالبان بقطر، وفتح مسارات لدعم الفرع الطالباني الذي يرفض الحوار مع الأمريكان بالأسلحة.

ومع الانتفاضات العربية التي جرت العام 2011 وما تلاها من سقوط الجماعة في مصر، التقى ممثلو الجماعة بقادة فيلق القدس.

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ ثلاثة ممثلين مصريين بارزين من جماعة الإخوان المصنفة إرهابية وقوات القدس الإيرانية اجتمعوا في العام 2014 في تركيا، وفقاً لتقارير مسربة أُرسلت دون الكشف عن هويتهم إلى صحيفة The Intercept  الأمريكية.

اقرأ أيضاً: الجيش الإيراني الحر والطريق إلى مصر.. ما علاقة الإخوان؟

وذكر تقرير الصحيفة أنّ إنترسبت ترجمت البرقيات "من الفارسية إلى الإنجليزية وشاركتها مع التايمز"، وتأكدت صحيفة The Intercept و The Times من صحة الوثائق، التي أرسلتها "مجهول الهوية العراقية" إلى موقع The Intercept عبر قناة مشفرة.

وكتب مراسل إنترسبت، جيمس رايزن، أنّ ممثلي جماعة الإخوان في المنفى: إبراهيم منير مصطفى ومحمود الأبياري ويوسف مصطفى ندا التقوا نائب قاسمي سليماني في إسطنبول.

وذكر التقرير أنّه عندما عقد الاجتماع في نيسان (أبريل) 2014 ، كان تنظيم داعش يهدد استقرار حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المدعومة من إيران والتي يهيمن عليها الشيعة في بغداد.

وبحسب تقرير The Intercept قال وفد الإخوان في الاجتماع "إنّ من أهم الأشياء المشتركة بين الجماعات، كراهية السعودية، العدو المشترك للإخوان وإيران".

ومع الانقسام الذي حصل بين مكتب قيادة الإخوان في لندن وتركيا استغلت إيران ذلك من خلال رعاية زيارات إلى طهران وتقديم منح جامعية، منذ العام 2016 وحتى الآن، وفق مركز كارنيغي، الذي ذكر أنه في تموز (يوليو) 2017، انخرطت إيران والجماعة في الاجتماع العام الأكثر شهرة، حيث التقى آية الله محسن أراكي، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، مع إبراهيم منير، على هامش اجتماع لمنتدى الوحدة الإسلامية.

اقرأ أيضاً: طارق أبو هشيمة: الفتوى أخطر أسلحة التنظيمات الإرهابية

وفي يوم الأربعاء الماضي الموافق 18 كانون الأول (ديسمبر) 2019 حضر في كوالا لامبور ما لا يقل عن 150 شخصية إخوانية من المغرب وموريتانيا وتونس وليبيا والجزائر ولبنان والحركة الدستورية الكويتية، وإخوان تركيا وأوروبا، والإخوان المصريون المقيمون باسطنبول، وباكستان، وإخوان اليمن ممثلين في حزب الإصلاح، والتقى بعضهم مع وفد إيراني لتنسيق التفاهم مع الحوثي!

كان الهدف من هذه اللقاءات محاولة لإيجاد متنفس لطهران التي تتعرض لأقسى عقوبات منذ العام 1979، وكسر عزلتها السياسية التي تتعرض لها بسبب عدم استجابتها للمطالب الإقليمية والدولية، وفي ذات الوقت البحث عن بدائل جديدة وملاذات آمنة للجماعة.

اقرأ أيضاً: إبراهيم ربيع: الإخوان المسلمون كيان وظيفي يعمل بالوكالة

إنّ هذه الاجتماعات التي كانت تجري فوق السطح لم تكن بمعزل عما يجري أسفله؛ إذ ارتأت الجماعة أنّها تُجرد تدريجياً من داعميها الأساسيين في الشرق الأوسط، ونتيجة لذلك فإنّ العلاقة مع طهران ستمثل بشكل متزايد بوليصة تأمين مفيدة لها، في المقابل من الواضح أنّ طهران تسعى إلى توسيع هذا التعاون على أمل أن تكون الجماعة يوماً ما في وضع يمكنها من مساعدة مصالحها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية