ما هدف الإخوان المسلمين من دعوة تركيا للسيطرة على شمال سوريا؟

الإخوان المسلمون

ما هدف الإخوان المسلمين من دعوة تركيا للسيطرة على شمال سوريا؟


30/04/2019

طالب 17 مجلساً محلياً في ريفي حماة وإدلب، وسط وشمال غرب سوريا، في الثامن عشر من آب (أغسطس) العام 2018، عبر بيان مشترك، بتطبيق تركيا لوصايتها على مجموعة مناطق في ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، مُثيرةً بذلك الاستهجان والريبة حول نوايا فصائل المعارضة السورية بتقسيم البلاد وتفتيتها على أساس طائفي ومذهبي.

اقرأ أيضاً: إخوان سوريا: من تأييد "ربيع دمشق" إلى تجميد الخلافات مع النظام
وقالت المجالس المحلية، التابعة للمعارضة السورية، في بيانها؛ إنّها تطالب الحكومة التركية بالتدخل الفوري لتطبيق وصايتها، بهدف تفعيل عمل المؤسسات التعليمية والخدمية، مبررةً بذلك تدخل تركيا العسكري في المنطقة، ورافضة في الوقت عينه دخول النظام السوري إلى مناطقها، وهو الذي يؤكد دائماً على سعيه إلى إعادة إدلب لكنفه، فيما تمنعه من ذلك حالياً التوافقات التركية الروسية المعقودة في الأستانة، تحت مسمى "اتفاقية خفض التصعيد".

17 مجلساً محلياً في إدلب وحماة يطالبون بالوصاية التركية

الإخوان يدعمون الوصاية التركية
وقد اتهم مراقبون سوريون جماعة الإخوان المسلمين، بفرعها السوري، بالمسؤولية والتحريض على الدعوة لتقسيم سوريا، ووضع أجزاء من البلاد تحت الوصاية التركية، خاصة أنّ للجماعة باعاً طويلاً في ذلك؛ حيث أعلنت، في كانون الثاني (يناير) العام 2018، تأييدها مشاركة الفصائل المعارضة التي يغلب عليها الطابع الإسلامي الراديكالي، والمعروفة اختصاراً بـ"الجيش الحر"، في عملية "غصن الزيتون" إلى جانب تركيا، والتي انتهت بالاستيلاء على منطقة عفرين الكُردية السورية، في الثامن عشر من آذار (مارس) 2018.

اتهم مراقبون جماعة الإخوان المسلمين بفرعها السوري بالمسؤولية والتحريض على الدعوة لتقسيم سوريا

وقالت الجماعة حينها؛ إنّها تدعم وتساند الجيش التركي، ضدّ من أسمتهم "التنظيمات الإرهابية ذات المشاريع الانفصالية في الشمال السوري"، في إشارة إلى "قوات سوريا الديمقراطية"، فيما يرى سياسيون كُرد سوريون أنّ جماعات الإسلام السياسي تتخذ من اتهام الكُرد بالانفصالية، شمّاعة للعدوان وتنفيذ عمليات عسكرية بحق الأراضي السورية، ومُساندة الجيش التركي في السيطرة عليها، في الوقت الذي تنفذ فيه الجماعة أجندات تركيا التوسعية تحت عباءة الثورة والمعارضة.
تلك الاتهامات يبدو أنّها أخذت تُترجم بشكل مُطرد إلى وقائع عملية؛ حيث أثارت الجماعة عاصفة من الانتقادات اللاذعة، عقب إصدارها بياناً، في الثامن والعشرين من شباط (فبراير) العام الجاري، دعت فيه بشكل صريح تركيا للسيطرة على شمال سوريا، بحجة المنطقة الآمنة التي تحدث عنها الأمريكيون.

اقرأ أيضاً: هل تسلخ تركيا "لواء إسكندرون" آخر من سوريا؟
وقالت الجماعة: إنّ "المنطقة الآمنة لن تكون آمنة، ما لم تتم رعايتها من الدولة التي كانت منذ انطلاقة ثورة الحرية والكرامة السند والردء والعضد لكل المستضعفين والخائفين من رجال ونساء وأطفال"، مضيفةً: "لقد كفلت الدولة التركية، خلال أعوام الحرب، لكلّ السوريين الذين لاذوا بها، كل ما تقتضيه وثائق حقوق الإنسان المدنية، وقيم الأخوة الإسلامية، ومقتضيات حسن الجوار"، وأردفت: "إننا في جماعة الإخوان المسلمين؛ نتوجه إلى جوارنا التاريخي الجيوسياسي في تركيا، وإلى الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن يمضوا على طريقتهم في نصرتهم لشعب مظلوم مخذول أطبقت عليه قوى الشر العالمي، وما تزال تلاحقه بشرها ومكرها وكيدها، حلقة بعد حلقة".

محمد هويدي عضو مكتب الإعلام لمجلس سوريا الديمقراطية

خيانة عظمى

من جهته، يرى عضو مكتب الإعلام لمجلس سوريا الديمقراطية، محمد هويدي أنّ "قيام الجماعة بدعوة دولة أجنبية لاحتلال بلادهم، تستوجب أن يتم إدراجها ضمن الخيانة العظمى، وتكون العقوبة على هذه الخيانة هي الإعدام أو السجن المؤبد، ولا يجب أن يحمل هؤلاء الجنسية السورية، بل يتوجب إسقاطها عنهم ومنعهم من شرفها".

محمد هويدي: قيام الجماعة بدعوة دولة أجنبية لاحتلال بلادها يستوجب إدراجها ضمن الخيانة العظمى

ويعتقد هويدي، في حديثه لـ"حفريات"، أنّ "من حقّ أيّ مواطن أن يعارض النظام السياسي في الدولة التي ينتمي إليها، ومن بديهيات الحرية أن يعبّر عن آرائه، وأن يقدم مشروعاً سياسياً وخريطة طريق لإنهاء الأزمة، والانتقال الى مرحلة من الديمقراطية والحرية"، متابعاً: "لكن المعارضة السورية انقلبت على النظام الحاكم، ولم تنقلب على أفكاره وأيدولوجيته الاستبدادية والشمولية، فهي معارضة خاوية من الأفكار وتفتقد للإلهام، وقادتها يهتمون بالحفاظ على مقاعدهم، باستجداء تركيا، ولو أمكن تلك المعارضة تسليم مفاتيح دمشق لأردوغان، لفعلوا ذلك". 
ويؤكد هويدي، أنّه "منذ اللحظات الأولى لنشأة الجماعة، يعدّ الإخوان الوطن حفنة من التراب، فالإخواني لا يعترف بالوطنية، ومن منطلق الأيديولوجيا الإخوانية يسعى الإخوان لإنجاح مشاريعهم عبر أردوغان الذي يعتبر الداعم الرسمي لهم، وعلاوة على ذلك، تعمل جماعة الإخوان وفق الأجندات التركية، فهم لا يرون قسد أو النظام شركاء في الوطن، على العكس تماماً؛ ترى الجماعة أنّ "قسد" صليبية، والنظام نصيري، رغم المحاولات التي يبذلها مثقفو الإخوان للحديث عن المواطنة والحقوق المدنية، لكنّها تبقى مجرد تقية شرعية لطالما أجاد الإخوان ألاعيب مثلها".
إقليم إخواني برعاية تركية
ويشدّد هويدي على أنّ سياسة الإخوان تعتمد "على الكذب والتضليل والتزوير والبروغاندا الإعلامية، ومن أهم صفاتهم الكذب ثم الكذب، واتهام الآخر بتقسيم البلاد، لكن الحقيقة أن هؤلاء يسعون بكل الإمكانيات السياسية والدينية والثقافية لتقسيم سوريا، وإنشاء إقليم إخواني متطرف، ليكون إقليماً إخوانياً تحت حكم حزب العدالة والتنمية التركي"، مردفاً "هذا ما رأيناه في عفرين وجرابلس والباب وباقي المناطق المحتلة من قبل تركيا في شمال سوريا".

اقرأ أيضاً: الكُرد السوريون.. مُعارضون أم موالون للنظام؟
ويختتم هويدي حديثه؛ بالتأكيد على أنّ "مواجهة التنظيم تحتاج إلى جهود دولية وإقليمية، ودعماً سياسياً وعسكرياً لقوات سوريا الديمقراطية، التي تقف عائقاً أمام انتشار مشروع الإخوان في سوريا"، قائلاً: إنّ "إسقاط المشروع بشكل كلّي يحتاج إلى وقت وحلّ سياسي سوري- سوري، إضافة إلى طرد تركيا من الأراضي السورية؛ لأنّها الحاضنة الجغرافية والإعلامية لهذه الجماعة"، وفق قوله.

يحذر ناشطون من تحويل المناطق الخاضعة لتركيا في شمال سوريا إلى إقليم للإخوان المسلمين

الإخوان والتنسيق التركي
بدوره، قال أمين عام "الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة"، محمود مرعي، في حديثه لـ"حفريات": إنّ "تنظيم الإخوان المسلمين طائفي، لديه أهداف واضحة بالتنسيق مع تركيا، وهذا التنظيم يستند إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، ويعمل من أجل السيطرة على سوريا والمنطقة العربية؛ حيث بدأ بالتنسيق الإقليمي والدولي من أجل الحكم من تونس إلى مصر إلى ليبيا، ومن ثم سوريا، وأيضاً كانت له الرغبة في أن يسيطر على العراق، وكل ذلك كان بالتنسيق مع تركيا ودول عديدة تدعم توجه الإخوان في الحكم الكامل بالمنطقة العربية".

اقرأ أيضاً: تركيا تضرب العرب بالكرد في سوريا لخدمة أحلامها العثمانية
ويشير مرعي إلى الدور التركي في دعم التنظيم قائلاً: "الداعم الرئيس لهذا التنظيم حالياً هو أردوغان، إضافة إلى التنظيم المالي والعالمي للإخوان المسلمين، وتركيا دعمت وسهّلت لهذا التنظيم السيطرة على إدلب وحلب، وعموم المناطق السورية، لكنّ الدولة السورية استطاعت عبر الجيش السوري، وبالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء من إعادة السيطرة على أغلب الجغرافية السورية، وهي تعمل الآن من أجل السيطرة على إدلب؛ أي استعادة إدلب من تركيا وتنظيم الإخوان المسلمين، وجبهة النصرة أيضاً".

محمود مرعي أمين عام "الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة"

الإخوان والدستور السوري
ويرى مرعي أنّ تركيا تحاول من خلال مسار الأستانة أن يكون لتنظيم الإخوان المسلمين دور سياسي في مستقبل سوريا، موضحاً: "هي تعمل من أجل أن يكون للإخوان المسلمين حضور سياسي ومشاركة سياسية في الحكم بسوريا من خلال الوزراء، واللجنة الدستورية التي تم تشكيلها بالاتفاق بين الأطراف الروسية والتركية والإيرانية وبوجود الأمم المتحدة وحتى الجانب الأمريكي، إذاً هذه اللجنة تم تشكيلها من دول، عبر الاتفاق على ممثلين سوريين يتبعون لها بشكل أو بآخر، وبالتالي اللجنة الدستورية لا تعبر عن آمال وطموحات الشعب السوري، خاصةً مع غياب المعارضة الوطنية الداخلية الأساسية، وغياب المكون الكُردي بسبب الاعتراض التركي على وجود الأكراد ضمنها".

يرى مرعي أنّ تركيا تحاول من خلال مسار الأستانة أن يكون للإخوان دور سياسي بمستقبل سوريا

ويرى مرعي أنّ ما قد ينتج عن اللجنة الدستورية في حال انطلق عملها، لن يكون في صالح الشعب السوري؛ حيث يؤكد أنّه "لا بدّ من التفاهم واللقاء بين كل قوى المعارضة الوطنية الداخلية، العربية أو الكُردية، وفتح باب الحوار السوري-السوري، بين المعارضة الوطنية الداخلية وبين الدولة السورية".
ويتابع "هناك ضرورة لإعادة الحوار بين "قسد" وواجهتها السياسية (مجلس سوريا الديمقراطية) من جهة، والدولة السورية من جهة أخرى، وصولاً إلى حلّ يخرج سوريا من الأزمة؛ لأنها خطيرة وتتعلق بسيادة البلد ومستقبله، وهذا يفرض علينا أن نساهم بترطيب الأجواء بين كافة الأطراف وصولاً إلى صيغة يمكن أن تكون سبيلاً لإنقاذ البلاد".
ويعتقد مرعي أنّه "من الممكن أن يطور قانون الإدارة المحلية، رقم 107، كي ينتج عنه لامركزية إدارية موسعة"، منوهاً أنّ "الأمريكيين يعملون وفق مصالحهم، ومن الممكن أن يتخلوا عن "قسد" في أيّ وقت، لذلك فالمخرج هو بالحوار بين الدولة الوطنية وقسد".
ويشير مرعي إلى أنّ جماعة الإخوان يمكن أن تستغل الدعم التركي للحصول على مقعد لها في مستقبل سوريا، خاصة من خلال لجان الدستور، قائلاً: "الدور التركي مهم جداً بسبب علاقاتها مع قطر، مالياً وسياسياً، إضافة إلى كونها من دول الحلف الأطلسي، ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ لذلك يمكن أن يكون لتنظيم الإخوان المسلمين دور في مستقبل سوريا من خلال مسار الأستانة، خاصة ضمن إطار الحلّ السياسي؛ لأنّ الحلّ السياسي سوف يدفع بتواجد تركي على الأرض السورية، إضافة إلى تواجد الإخوان المسلمين؛ لأنّهم الجناح السياسي لتركيا وقطر، وهذا الجناح معترف به دولياً، من خلال الدول الغربية التي ترى أنه يمكن أن يكون لهذا التشكيل السياسي دور في مستقبل سوريا".

اجتماعات تركية روسية إيرانية لاختيار ممثلي أعضاء لجنة إعداد الدستور السوري

الإخوان تيار جارف

ويشدّد مرعي على أنّه "يتوجب على كافة القوة الوطنية الديمقراطية والعلمانية، التي تؤمن بأن سوريا دولة مواطنة، لا تميز بين مواطن وآخر، على أساس الجنس أو العرق أو الإثنية أو الدين، أن يتفاهموا ويلتقوا ويتحاوروا وصولاً إلى تعميق المشتركات بينهم، ولا بدّ من التعاون بين هؤلاء والدولة السورية؛، أي التنظيمات التقدمية والعلمانية والديمقراطية والمدنية؛ لأنّ تيار الإخوان المسلمين ممكن أن يكون تياراً جارفاً، وللوقوف في وجهه، لا بدّ لتلك القوى من أن تلتقي، وأن تعمل من أجل سوريا، كدولة ديمقراطية تعددية تداولية، يتساوى بها كل المواطنين من مختلف المكونات، وأن يؤسسوا لمستقبل افضل لسوريا، كوننا لا نريد أن تكون دولة طوائف أو دولة للإسلام السياسي".

اقرأ أيضاً: بين المعارضة والنظام: سوريات يدفعن الثمن مرتين
ويؤكّد مرعي حرصهم على "أن تكون سوريا بحدودها الحالية هي الأساس"، مستطرداً: "نحن نعمل على أن تكون السيادة السورية على كافة الجغرافية السورية، وأن يكون للجيش السوري الدور الأساسي والفعال؛ لأنّنا ضدّ التقسيم وضدّ الفيدراليات، وضدّ أيّة عملية تؤدي إلى تفتيت سوريا، وفي الوقت نفسه؛ نحن مع اللامركزية الإدارية الموسعة، ومع أنّ يحكم المواطنون أنفسهم بأنفسهم من خلال تطوير قانون الإدارة المحلية، رقم 107؛ حيث تكون كل المجالس المحلية منتخبة، بمن فيها المحافظ، كي يستطيع أهالي المناطق في مختلف المحافظات إدارة مناطقهم بأنفسهم، بشكل ديمقراطي وحرّ وشفاف، كوننا ضدّ القوائم والتعليب والتزوير، وهي السبيل إلى ديمقراطية حقيقية في سوريا".

سيطرة الجيش التركي على منطقة عفرين شمال سوريا برفقة مسلحي الجيش الحر

انقسام صفوف الخصم
وعقب ثمانية أعوام من الصراع السوري، والذي أبرز ثلاث فرق رئيسة، هي: (النظام وقسد والمعارضة المدعومة تركياً)، تبدو تركيا مُتحدة مع جماعات الإسلام السياسي ورائدتها الممثلة بالإخوان المسلمين، ما قد يمكنها من تثبيت ركائز حكمها في المناطق التي تستولي عليها شمال غرب سوريا، وحتى ترسيخها ضمن دستور سوريا، التي تشارك باختيار الأعضاء عن فريق المعارضة به.

استمرار الإخوان باللعب على حبال خلافات خصومهم قد يؤدي إلى اقتطاع أراض سورية جديدة على شاكلة الإسكندرون

فيما تستغل تركيا فرقة صفوف الخصمين الآخرين (النظام وقسد)، اللذين، رغم اتفاقهما على مواجهة الإخوان المسلمين من الناحية النظرية، يهيمن الخلاف على علاقتهما، بسبب تباين رؤيتهما لشكل النظام المستقبلي في سوريا، بين "مركزية" تطالب بها "دمشق"، و"لامركزية" تطالب بها "عين عيسى" (مركز الإدارة الذاتية لشمال سوريا)، وهو ما لا يبدو أنه سيجد حلاً في المدى المنظور.
هذا النوع من الخلافات سيعني، بلا شكّ، استمرار جماعات الإسلام السياسي باللعب على حبالها، التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى اقتطاع أراض سورية جديدة على شاكلة لواء إسكندرون، وهو ما يمكن استشفافه من تصريح المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الذي أعلن، في الثامن عشر من نيسان (ابريل) الجاري؛ أنّ "المنطقة الممتدة من إدلب إلى منبج، مروراً بعفرين وجرابلس، على الحدود السورية التركية، تشكلت فيها منطقة آمنة فعلياً"!

مركز بريد تركي في مناطق فصائل درع الفرات


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية