ما هي أبعاد تفويض البرلمان المصري للجيش بالتحرك خارجياً؟

ما هي أبعاد تفويض البرلمان المصري للجيش بالتحرك خارجياً؟


21/07/2020

أعلن البرلمان المصري، أمس الإثنين، موافقته إرسال قوات مصرية إلى الخارج من أجل الحفاظ على الأمن القومي لمصر ضد أعمال الميليشيات وعناصر الإرهاب الأجنبية.

ويأتي القرار، بعد مطالبات ليبية حماية مناطق حساسة في ليبيا من أي هجوم محتمل لميليشيات إرهابية عليها، كما جاء عقب لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بممثلي القبائل الليبية خلال وقت سابق؛ حيث طالبت من جهتها مصر، بحماية ليبيا من الإرهاب بينما أكد السيسي في حينه أنّ القاهرة لن تسمح بتجاوز خط "سرت-الجفرة"، مشدداً على ضرورة بقاء ليبيا بعيدة عن سيطرة الميليشيات. فما هي أبعاد هذا القرار، وما علاقته بالوجود التركي في ليبيا؟

التحركات المتسرعة

منذ أسابيع، تتجه الأنظار إلى ليبيا الغارقة في أتون حرب أهلية ومجموعة من التدخلات الأجنبية التي دمرت الكثير من أحلام السلام فيها عبر أعوام، خاصة بعد مطالبة القبائل الليبية مؤخراً، على لسان رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية صالح الفاندي، بأن "يتدخل الجيش المصري في حال شنت الميليشيات التابعة لحكومة طرابلس المدعومة من تركيا هجوماً على مدينة سرت الاستراتيجية"، بحسب ما نقله موقع "الفضائية الليبية" في العشرين من الشهر الجاري، وهو بدوره ما شدد عليه رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية، محمد المصباحي من أنّ "الشعب الليبي يطالب بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك"، مؤكداً "دعم وتأييد القبائل الليبية تحرير كافة الأراضي الليبية من قبضة الأتراك والميليشيات".

أعلن البرلمان المصري حق جيشه الدفاع عن مصر في الخارج من أي أخطار محتملة على أمنها

كما أنّ مجالس القبائل العربية الليبية أصدرت "20 توصية من أجل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك في ليبيا" وذلك كما نقل موقع "الجزائر اليوم" الشهر الماضي.

إقرأ أيضاً: ماذا بعد لقاء السيسي زعماء القبائل الليبية؟

هذا وحمل قرار البرلمان المصري أمس مضامين عديدة بعد التفويض لجيشه التدخل في الخارج، من أهمها ما جاء في بيان البرلمان من أنّ "الأمة المصرية على مرّ تاريخها أمة داعية للسلام، لكنها لا تقبل التعدي عليها أو التفريط في حقوقها، وهي قادرة بمنتهى القوة على الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وعن أشقائها وجيرانها من أي خطر أو تهديد، كما إنّ القوات المسلحة المصرية وقيادتها لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات"، وفق ما نشره موقع "الحرة" أمس، مما يشير بوضوح إلى أنّ التحركات المصرية المتسارعة جاءت على خلفية المطالبات الليبية بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وبعد أن تم الحديث كثيراً عن خطر "دعم تركي لميليشيات إرهابية مسلحة في ليبيا، والتي تمثلها حكومة الوفاق الليبية، حيث يشكل ذلك خطراً محتملاً على الحدود الغربية لمصر" وذلك وفقاً لـ موقع "البوابة" في أيار (مايو) الماضي.

أقر البرلمان حق جيشه بحماية الأمن القومي المصري والعربي والأنظار تتوجه لليبيا

التدخل المصري المحتمل في ليبيا، حمل، وفق اعتباراتٍ عربية ودولية عديدة، وجوهاً شرعية تبرر هذا التدخل، من أبرزها ميثاق الأمم المتحدة في مادته الحادية والخمسين من الفصل السابع، المتعلقة بحالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، بأنّه يحق لأي دولة الدفاع عن نفسها في حال وجود تهديدات عند حدودها، وكذلك مطالبة السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي، وهو مجلس النواب الليبي القوات المسلحة المصرية للتدخل.

يسعى الجيش المصري لحماية ليبيا وحدوده من ميليشيات مدعومة من حكومة الوفاق المدعومة تُركيّاً

وفي هذا السياق، قال مفوض مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي إسماعيل شرقي، أنّ "من حق مصر الدفاع عن نفسها، وأنّها تسعى لحماية حدودها"، بحسب موقع "أخبار اليوم" أمس.

المواجهة والاحتمالات

الرد المصري المحتمل تقف وراءه بشكل رئيسي تحركات تركية الأخيرة في غرب ليبيا ودعمها للميليشيات المسلحة هناك، فلماذا أصرت أنقرة على التدخل في العمق الليبي رغم ما يشكله ذلك من خطر على الأمن القومي المصري والعربي؟

التحركات المصرية المتسارعة جاءت على خلفية المطالبات الليبية بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك

تقف خلف التدخل التركي الأطماع بثروات ليبيا؛ إذ تعدها "جزءاً من المناطق النائية الأوسع في شرق البحر المتوسط وبوابة اقتصادية مهمّة لأفريقيا" بحسب "بي بي سي" مطلع العام الحالي. أيضاً "شكل التدخل التركي في ليبيا من بوابة هذه المصالح ودعمها حكومة الوفاق بالسلاح وتزايد الأعمال الإرهابية على حدود مصر مع ليبيا خطراً يتمثل في فرض حصار على حدود مصر الغربية، من خلال قوات مرتزقة إرهابيين يسهم التدخل التركي في توفير بيئة مناسبة لهم"، وفق صحيفة "الشرق الأوسط" الشهر الماضي.

وتوضح صحيفة "الشرق الأوسط" أنّ "حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، وتدعم بدورها ميليشيات إرهابية، تغض النظر عن قيام هذه الميليشيات بإيواء ومساعدة مطلوبين مصريين إبان سيطرتها وحلفائها على شرق ليبيا، ومنحهم نقطة انطلاق لعمليات إرهابية استهدفت الجيش والشرطة في مصر، وأدت إلى سقوط عشرات الضحايا خصوصاً في منطقة الواحات على أقل تقدير".

مجلس النواب الليبي الشرعي والقبائل العربية الليبية طالبت مصر بالتدخل لحمايتها من الإرهاب والتدخلات الاجنبية

وهو ما يكشف عن أنّ قرار مصر المحتمل للتدخل في ليبيا قرار استراتيجي ضروري، لحماية مصر مستقبلاً من العنف والإرهاب، أما في نطاق أوسع فإنّ القاهرة تشكل مؤخراً واجهة لـ "الحسابات الإقليمية التي يتم طرحها من أجل مواجهة مشروع تركيا التوسعي للسيطرة على المنطقة. وذلك بوصف مصر ممثلة للأمن القومي العربي" بحسب المصدر ذاته.

يملك الجيش المصري شرعيات مختلفة تخوله للتدخل لحماية الأمنين المصري والليبي

في المقابل، يزداد تعنّت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحصول على مزيد من النفوذ العسكري والسياسي في غرب ليبيا. ويبدو وراء ذلك ثروات هائلة قد تنقذ الاقتصاد التركي من ركوده؛ إذ "يشكل هذا التدخل كنزاً ليبياً لتركيا، حيث يعد التدخل مقدمة لبناء محطات للطاقة، وقيام شركات تركية باستخراج النفط والغاز الليبيين غرب البلاد ومقابل سواحله. إضافة لتحضيرات حتى تتدفق السلع التركية إلى ليبيا مستقبلاً" وفق "دويتشة فيله " الشهر الجاري.

لكن ذلك كله على حساب العلاقات العربية التركية، وخصوصاً "المصرية الليبية، والتونسية الليبية، إذ سيخسر البلدان علاقاتهما التجارية والسلعية وتبادل العمالة مع ليبيا، إضافة إلى وجود ثروة نفطية وثروة غاز هائلة غرب ليبيا، تسعى تركيا لاستثمارها" بحسب الموقع ذاته، وذلك من خلال علاقات غير طبيعية مع ليبيا تتمثل في الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق، والأهم؛ إخراج ليبيا من محيطها العربي وتحويلها لمجرد منجم يخدم المصالح التركية فقط.

الصفحة الرئيسية