ما هي القوات التي يستطيع أردوغان نشرها في ليبيا؟

ما هي القوات التي يستطيع أردوغان نشرها في ليبيا؟


كاتب ومترجم جزائري
08/01/2020

ترجمة: مدني قصري


أعلن رجب طيب أردوغان في 26 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أمام مسؤولي حزبه "العدالة والتنمية": "سنقدم كل الدعم لإدارة طرابلس..". وكان الرئيس التركي قد أعلن بالفعل أنّه يريد شن عملية عسكرية كبرى في ليبيا لدعم حكومة الوحدة الوطنية، بقيادة فايز السراج.

اقرأ أيضاً: ليبيا تحدٍّ فوق العادة لسياسة أردوغان الخارجية
أثار هذا الإعلان على الفور احتجاجات من جهات فاعلة في المنطقة، بما في ذلك الرئيسان؛ الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمصري عبد الفتاح السيسي، اللذان يشعران بالقلق من تصعيد لا يمكن السيطرة عليه. مع ذلك، وافق البرلمان التركي على العملية العسكرية في 2 كانون الثاني (يناير) الجاري.

اقرأ أيضاً: لماذا صمتت الحركات الإسلامية عن الغزو التركي لليبيا؟
"النص الذي تم تقديمه إلى البرلمان يكاد لا يُصدق"، هكذا علق غيوم بيرير، الصحفي المتخصص في الشؤون التركية. "على عكس التدخلات في العراق وسوريا، لا يوجد عملياً أي إطار قانوني للتدخل في ليبيا، باستثناء أنّ لأردوغان السلطة الكاملة في اتخاذ القرار". الوكالة التي تنوي التصويت عليها من قبل الجمعية (البرلمان) تعطي الرئيس التركي إمكانية أن يقرر هو نفسه حجم وتكوين القوات التي سيتم نشرها في ليبيا.

هجوم على الرأي التركي

تظل هذه المعايير غير معروفة في هذا الوقت. يعتقد أرنود ديلالاندي، المحلل ومستشار الدفاع المتخصص في الصراع الليبي، أنّه "لن يكون هناك نشر واسع النطاق حقيقي للقوات النظامية على الأرض". ويوضح قائلاً: "سيكون الدعم الجوي ضرورياً لمثل هذه العملية، لكن تركيا ليس لديها قواعد آمنة في مكان قريب، لنشر وسائل جوية كافية". كما أنّه لا يمتلك حاملات طائرات، ناهيك عن أنّ استضافة قواته من قبل الدول المتاخمة لليبيا سيشكل مشاكل سياسية كبيرة. لذلك يبدو لي أنّه مجرد خطاب ادعائي".

اقرأ أيضاً: الغزو التركي لليبيا: لماذا لا تتعظ أنقرة من دروس التاريخ؟
إنّه خطاب موجّه لجبهة أخرى: تركيا نفسها. "سيستطيع أردوغان أن يكيف العملية مع أجندته السياسية الداخلية؛ لأن هذا هو بيت القصيد، كما يقول غيوم بيرير. لم يكن الوضع سيئاً على الإطلاق داخلياً كما هو الآن؛ إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوياته. منذ انتخاب المعارضة في إسطنبول في حزيران (يونيو) الماضي، التي فاز بها أكرم أوغلو، من حزب الشعب الجمهوري، وهو يسعى بأي ثمن لاستعادة السيطرة، من خلال اللعب على القومية، التي نجحت في كثير من الأحيان، كما هو الحال مع سوريا. فهذا يعيد اللحمة بين الأمة ويسحب البساط من تحت أقدام المعارضة".

الهجوم الذي يريده أردوغان يمكن أن يكون أقل إثارة وتأثيراً مما أعلن عنه ويستند بشكل خاص إلى الميليشيات السورية

من أجل حشد الرأي العام، كان أردوغان، خلال خطابه أمام حزب العدالة والتنمية، قد استحضر المجد الماضي للإمبراطورية العثمانية: "ليبيا هي تراث غازي مصطفى كمال أتاتورك [مؤسس الجمهورية التركية] الذي نظّم إخوتنا الليبيين ضد المحتلين. بل وحارب معهم. وقد أصيب في عينه وحمل هذا الأثر بكل فخر".

كما أنّ أنقرة تدافع عن المصالح الاقتصادية البحتة. يقول غيوم بيرير "كانت تركيا وليبيا تتمتعان بعلاقات ممتازة قبل سقوط القذافي. كان الأتراك قد حصلوا تقريباً على جميع عقود البنية التحتية الرئيسية هناك. عندما سقط القذافي، خسرت تركيا 20 مليار دولار في العقود هناك. لذا فهي تأمل في إعادة تهيئة ظروف مستقرة بما يكفي لتكون راعياً اقتصادياً لليبيا مرة أخرى".


في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في مقابل زيادة الدعم التركي، وقّعت حكومة طرابلس اتفاقية مع أنقرة والتي تتيح لها الوصول إلى المناطق البحرية التي تشتهر بأنّها غنية بالهيدروكربونات في البحر الأبيض المتوسط. وقد أثارت هذه الاتفاقية غضب اليونان وقبرص وإسرائيل، وهي البلدان التي ترتبط بمشروع خط أنابيب إيستميد Eastmed في هذه المنطقة.

اقرأ أيضاً: كيف تنظر أوروبا إلى الصراع في ليبيا؟

ومع ذلك، يقول غيوم بيرير "ففي 8 كانون الثاني (يناير)، سيستقبل أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لافتتاح خط أنابيب Turkstream، وهو خط أنابيب منافس للغاز، سيتيح للروس تصدير غازهم إلى أوروبا متجاوزاً أوكرانيا".
ويتابع حديثه "إنّ تماسك هذه السياسة يمكن أن يثير التساؤل، ما دام أردوغان، بتعجيل التدخل في ليبيا، يجازف بأن يجد نفسه في موقف معارض لروسيا، التي تدعم قوات الجيش الليبي. لكن فيما يتعلق بقضية الغاز، سوف يدعم في النهاية مشروعاً روسياً، وبالتالي يعزز المصالح الروسية في هذه المنطقة".

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يهدّد التواجد التركي في ليبيا الأمن المصري؟
اهتمامات صرّح بها الرئيس التركي نفسه في كلمته أمام حزب العدالة والتنمية: "ليس هدفنا اغتصاب حقوق أي شخص في البحر المتوسط. إنّه منع اغتصاب حقوقنا. لأنه إذا لم نبدأ هذه الخطوة، فقد تم إعداد خطة لسجن تركيا في داخل سواحلها في البحر الأبيض المتوسط"، ووفقًا لغيوم بيرير فإنّ "هذا يسمح لأردوغان بإطلاق مفاوضات دولية جديدة حيث يمكن أن تفرض تركيا رؤيتها وتدافع عن المصالح مع الشروع في انطلاقة هائلة".

ميليشيات سوريا على خط المواجهة

لفرض وجودها في البحر الأبيض المتوسط ، قامت أنقرة بالفعل بنشر طائرة بدون طيار في جمهورية شمال قبرص التركية ويمكنها أن تضع قواتها البحرية على السواحل الليبية، وفقاً للمحلل غيوم بيرير. يبقى أن نرى، إلى جانب تصريحاته السياسية، ما الذي سيضعه أردوغان حقاً ضد قوات الجيش الليبي.

اقرأ أيضاً: ليبيا والاستعمار التركي الجديد
يذكّر أرنود ديلالاندي أنّ "الأتراك موجودون بالفعل على الأرض". لقد تم إرسال أول طائرة تركية بدون طيار في وقت مبكر من نيسان (إبريل) الماضي، كما أنّ تركيا بدأت في تدريب الليبيين على التحكم في الطائرات بدون طيار. لقد تعرض الأتراك بالفعل لخسائر في ضربات من قبل حلفاء حفتر، هناك مستشارون وربما قوات خاصة أيضاً.

من خلال التعجيل بالتدخل في ليبيا يخاطر أردوغان بأن يجد نفسه في موقف معارض لروسيا

بالنسبة لهذا الاختصاصي، فإنّ التدخل الذي أعلنه أردوغان من المحتمل أن يتلخص في تعزيز بسيط لهذه الوسائل نفسها. "سيرسل بالتأكيد معدات أكثر تطوراً لدعم حكومة الوفاق الوطني. ليبيا مختبر لاختبار جميع أنماط النظم. الأتراك يخوضون على مستوى الطائرات بدون طيار. إنهم يختبرون بالفعل التقنيات والإستراتيجيات للحروب المستقبلية".
إنّها حروب المستقبل التي يتفق الخبراء على أنّها ستكون عن طريق "الوكلاء" (بالوكالة)..؛ إذ يرى أردوغان أنّ الوكلاء في المتناول. ميليشيات الجيش الوطني السوري، وهو تحالف من الجماعات المتمردة السورية مدعوم من قبل تركيا، قد هبط بالفعل في ليبيا. لقد تم إرسال هذه الميليشيات في الماضي إلى الجبهة من قبل الأتراك إلى  سوريا، بما في ذلك خلال عملية "نبع السلام" التي أطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ضد القوات الكردية التابعة لوحدات حماية الشعب، والتي تعتبرها أنقرة قوات إرهابية.
وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وصل 300 رجل إلى طرابلس وتم تجنيد ما يقرب من ألف آخرين من قبل تركيا. مقاتلون من الألوية التركمانية. هناك وجود تركماني قديم في ليبيا يعود إلى العهد العثماني. ويلعب أردوغان على هذا التراث لخلق التآزر، هكذا يحلل غيوم بيرير. يتقاضى رجال الميليشيات المؤيدين لتركيا حالياً أقل من 50 دولاراً في الشهر. هذا فيما تقترح عليهم تركيا راتباً في حدود حوالي 2000 دولار للذهاب والقتال في ليبيا، الأمر الذي يحفز الكثير من الرجال".


مصدر الترجمة عن الفرنسية:
www.slate.fr



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية