محتجون أمام مؤتمر ميونخ: السلام والأمن يتطلبان تغيير النظام في إيران

إيران

محتجون أمام مؤتمر ميونخ: السلام والأمن يتطلبان تغيير النظام في إيران


19/02/2020

في ظلّ تعقيدات سياسية وأمنية بين دول العالم، ونزاعات إقليمية وحروب تشهدها منطقة الشرق الأوسط وإيران، لا سيما ما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا، وجمود في العلاقات بين ضفتي الأطلسي؛ ينعقد مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الـ 56، الذي يعدّ منصة عالمية للنقاش في ملفات عديدة تخصّ الأزمات الأمنية والسياسية القائمة، وكذا، التحديات المستقبلية الناجمة عن الأوضاع الراهنة، وذلك بمشاركة نحو 40 دولة، فضلاً عن عدد من وزراء الخارجية والدفاع، وتمثيل الأمين العام لجامعة الدول العربية، ونخبة من القادة والسياسيين.
محاولة لاستعادة النظام والأمن العالميين!
تأتي في قمة أولويات أجندة المؤتمر السنوي العالمي؛ قضية عودة المقاتلين الأجانب إلى بلادهم، وتفشي ظاهرة الإرهاب المتمدد، بالإضافة إلى الأزمة مع إيران، كما سيتمّ اختبار عدد من الرؤى والأفكار والإستراتيجيات، بغية مواجهة التنظيمات الإرهابية والمسلحة في العالم، في ظلّ وتيرة التحولات المتسارعة في بنية النظام الدولي، ما يهدّد الأمن والاستقرار العالمي.

هاني سليمان لـ"حفريات": التظاهرات التي شهدها مؤتمر ميونخ للأمن العالمي، تشكل ضغطاً شديداً على النظام الإيراني وتحاصره

يتزامن انعقاد مؤتمر ميونخ الذي ناقش تهديدات إيران في المنطقة، وضرورة وقف تهديداتها، حسبما جاء في كلمة رئيس المؤتمر، فولفجانج إيشينجر، مع عدة أحداث مهمة تتصل بإيران، على المستويَين المحلي والإقليمي؛ إذ تمرّ الذكرى الـ 41 لوصول الخميني للحكم وقيام الجمهورية الإسلامية، التي أضحت ممارساتها السياسية الممتدة منذ أربعة عقود، تواجه احتجاجات شعبية شديدة وإدانات جمة من دول ومنظمات محلية أممية وحكومات عديدة، فضلاً عن قوى المعارضة في الداخل والخارج، وذلك بما يتعلق بالوضع الحقوقي، ودعم الكيانات المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني.

 دانوا تواجد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، وقد وصفوه بـ "ممثل الحكم الديني الفاشي"

ويضاف إلى ذلك، تنامي حدة الاحتجاجات في شوارع إيران، المستمرة منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، بعد الرفع المفاجئ في أسعار البنزين الذي فاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني بالأساس من عقوبات اقتصادية أمريكية، بيد أنّ الانتخابات التشريعية، المزمع إجراؤها في النصف الثاني من الشهر الجاري، تطوق النظام الإيراني وتضعه في مواجهة معقدة مع جملة التهديدات التي تواجه شرعيته، وتجعله في مخاض صعب واختبار جديد؛ إذ يتوقع خبراء ومراقبون أن تسفر تلك الانتخابات عودة المحافظين، وذلك بعدما أقدم مجلس صيانة الدستور، في سابقة هي الأولى من نوعها، على حذف آلاف المتقدمين للانتخابات؛ حيث إنّه المكلف بالتصديق على الترشيحات، التي يهيمن عليه عتاة المحافظين.
حتمية سقوط النظام في طهران
الأمر الذي علّق عليه الدكتور علي صفوي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في بيان رسمي صادر عنه، بأنّ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، يلاحقه شبح السقوط بعد موجة الانتفاضات الشعبية؛ إذ إنّه تلقّى ضربة لا يمكن تعويضها، إثر احتجاجات الشعب العراقي واللبناني، وإبان مقتل قاسم سليماني.

اقرأ أيضاً: مغردون بعد تدشين تمثال قاسم سليماني: لبنان تحت العمامة الإيرانية
كما أنّ إلغاء مرشحي الفصيل المنافس من جانب مجلس صيانة الدستور، يعد حيلة من جانب النظام لترميم شروخه توحيد عناصره، بهدف تشكيل مجلس موحّد، له لون واحد، يمكن من خلاله فرض سيطرة وهيمنة الولي الفقيه، وتعطيل سقوطه، حسبما يوضح عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ حيث إنّ النظام قد تنامى لعلمه بوضوح مدى غبن وكراهية قطاعات واسعة من الشعب له، والرغبة في الإطاحة به، بعد انتفاضتَي تشرين الثاني (نوفمبر) ويناير (كانون الثاني) العام الماضي؛ إذ احتج الإيرانيون بشعارات غاضبة تندّد بالنظام ورموزه، فضلاً عن نخبته الدينية والسياسية، رافعين شعارات "الموت لخامنئي"، و"لیسقط مبدأ ولاية الفقيه" و"الموت لروحاني".

اقرأ أيضاً: هل يطيح العمال الإيرانيون بنظام الملالي؟
وبينما انعقد مؤتمر ميونيخ  في يومه الأول، في الرابع عشر من الشهر الجاري، احتشد إيرانيون في المدينة الألمانية بالتظاهر والاحتجاج على الممارسات القمعية للنظام الإيراني، والمطالبة بإسقاطه؛ حيث نظّم التظاهر عدد من الإيرانيين وعناصر من منظمة مجاهدي خلق، الموجودين في ميونخ وغيرها من المدن الألمانية، كما دانوا تواجد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، وقد وصفوه بـ "ممثل الحكم الديني الفاشي"، كما طالب المحتجون بطرده من المؤتمر؛ لأنّه متورط في كلّ القرارات الإرهابية التي اتخذها النظام، بحسب وصفهم، والتي من بينها تدبير الهجمات الإرهابية في أوروبا حيث يقوم بتبريرها للعالم والخارج.

مجزرة السجناء السياسيين
"السلام والأمن العالميان يتطلبان تغيير النظام في إيران"؛ بهذه العبارات احتجّ المتظاهرون أمام مقر المؤتمر في ميونخ، بينما طالبوا بطرد عناصر نظام الملالي، خاصة العناصر التي وصفوها بـ "غير العلنية"، والتابعة إلى "فيلق القدس" من الدول الأوروبية، وحثوا الحكومات الأوروبية على وضع ملف انتهاك حقوق الإنسان في طهران والأعمال غير الإنسانية للنظام، بما في ذلك مجزرة السجناء السياسيين التي وقعت أحداثها عام 1988، أمام مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية.

مؤتمر ميونخ ناقش تهديدات إيران في المنطقة وضرورة وقف تهديداتها، حسبما جاء في كلمة رئيس المؤتمر فولفجانج إيشينجر

ومن جهته، شدّد رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، فولفجانج إيشينجر، على ضرورة وقف إيران تهديداتها بالمنطقة؛ حيث رأى أنّ إعادة واشنطن إلى طاولة المفاوضات مع طهران فيما يتصل ببرنامجها النووي، يرتبط بشكل رئيس بتخلي الأخيرة عن ممارساتها في المنطقة، وتجميد أنشطة حزب الله الإرهابية، كما وصفها وحددها، والتي تمثل تهديداً يمسّ النظام العالمي والإقليمي.
وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح الدكتور هاني سليمان، الباحث المصري؛ أنّ التظاهرات التي شهدها مؤتمر ميونخ للأمن العالمي، من حشود الجالية الإيرانية المعارضة لنظام الملالي، ضدّ حضور الوفد الإيراني، المكون من وزيري الخارجية والدفاع، تشكل ضغطاً شديداً على النظام، بغرض عمل حالة حصار مستمر وعزل النظام، إقليمياً ودولياً؛ وذلك من خلال عدة نقاطـ، تتمثل في استغلال المعارضة لذلك الحدث المهم والمؤثر، في صورته القصوى، والذي يحظى بتمثيل كبير عالمياً، بمشاركة 40 رئيس دولة وحكومة، ونحو ١٠٠ وزير خارجية ودفاع، و٥٠٠ باحث وخبير أمني.

اقرأ أيضاً: إيران سرطان ينبغي استئصاله لا الحوار معه
كما أنّ الحصار والملاحقة السياسية يأتيان في ظلّ تسويق المعارضة لقضيتها، عبر استخدام أدوات مختلفة، بحسب الباحث المصري، وذلك بغية تطويق النظام في ظلّ توقيت مغاير ومختلف، يتزامن مع الذكرى 41 للثورة الإيرانية، وفي ظلّ تطلعات المحتجين لإنهاء أربعة عقود من الاضطهاد والإرهاب والفساد في البلاد؛ إذ باتت تتطلب إسقاط الديكتاتورية الدينية واستبدالها بجمهورية ديمقراطية، تعيد إيران إلى دائرة الدولة المدنية وتحقق قيم المواطنية.
ويختتم: "حالة الحصار والملاحقة للنظام الإيراني، لن تفضي إلى مراجعة لسياساته، وإنما لمزيد من القمع وخطف المشهد لصالح المرشد والمتشددين، وهو ما سيزيد من غليان الجبهة الداخلية والملاحقة الخارجية، في رهان يحمل مخاطرة كبيرة للنظام، قد تزيد من أرصدته المفقودة ونقاطه الخاسرة، محلياً وإقليمياً ودولياً".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية