محللون: إيران لم تستفد من تباين الموقفين الأوروبي والأمريكي تجاهها

إيران

محللون: إيران لم تستفد من تباين الموقفين الأوروبي والأمريكي تجاهها


05/03/2019

يرى محللون أنّ إيران لم تستفدْ من النافذة التي فُتحت أمامها عند بروز الاختلاف الأوروبي الأمريكي في الموقف من انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي العام الماضي، والجهود التي قامت بها أوروبا للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي فُرضت على إيران عقب ذلك الانسحاب. يقفز هذا التقدير مع إعلان هولندا أمس أنّها استدعت سفيرها لدى طهران بعدما طردت الأخيرة دبلوماسيين هولنديين اثنين؛ في إطار الخلاف بشأن تورط إيران المفترض في اغتيال معارضين لنظام الجمهورية الإسلامية، وفق ما أوردت "وكالة الصحافة الفرنسية".

محلل سياسي: التمايز بين الموقفين، الأمريكي والأوروبي، تجاه إيران يقترب من نهايته

وذكرت الوكالة أنّ السلطات الهولندية اتهمت إيران في كانون الثاني (يناير) 2019 بالتورط في عمليتي قتل معارضين اثنين على الأراضي الهولندية في 2015 و2017. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على طهران على خلفية العمليتين.
وقال وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، في رسالة إلى البرلمان إنّ الحكومة "قررت استدعاء سفير هولندا لدى طهران للتشاور". وأضاف أنّ قرار إيران طرد مسؤولين هولنديين -وهو أمر لم يُعلن عنه في السابق- كان "غير مقبول وسلبي بالنسبة لتعزيز العلاقات الثنائية".

إيران تورطت في عمليتي تصفية جسدية على الأراضي الهولندية

اقرأ أيضاً: هكذا أججت إيران التطرف في نيجيريا
وأفاد بأنّ التحرك الإيراني كان للرد على طرد هولندا لموظفين في السفارة الإيرانية في حزيران (يونيو) 2018 "جراء المؤشرات القوية من (الاستخبارات الهولندية) بأنّ إيران تورطت في عمليتي تصفية جسدية على الأراضي الهولندية استهدفتا شخصين هولنديين من أصول إيرانية".
وأوضح الوزير، وفق "الفرنسية"، أنّ إيران أبلغت السلطات الهولندية بقرارها طرد الدبلوماسيين بتاريخ 20 شباط (فبراير) الماضي وتم ترحيلهما إلى هولندا أول من أمس. واستدعت هولندا السفير الإيراني كذلك على خلفية القضية ذاتها، بحسب بلوك.
وذكرت الشرطة الهولندية، في وقت سابق، أنّ القتيلين هما علي معتمد (56 عاماً) الذي قتل في مدينة ألميري عام 2015 وأحمد ملا نيسي (52 عاماً) الذي اغتيل في لاهاي عام 2017.
الصواريخ الإيرانية تقلق أوروبا
ويقول المحلل السياسي بهاء أبو كروم، في مقال نشرته صحيفة "الحياة"، إنّه على الرغم من أنّ أوروبا تعارض الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، وتقف خلف شركاتها المستفيدة من العمل في إيران؛ حيث تطلق آلية مالية خاصة تهدف لتسهيل التجارة معها والإفلات من العقوبات الأمريكية، فإنّ مسألة الصواريخ الإيرانية التي تطال أراضي أوروبا هي موضع خلاف أوروبي-إيراني يصل إلى حدّ اعتبار الأوروبيين أنّ امتلاك إيران لصواريخ يمكن تطويرها لحمل رؤوس نووية إنما ينتهك قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231. يضاف إليها مخططات الاغتيال التي دبرتها المخابرات الإيرانية للمعارضين على الأراضي الفرنسية والدنماركية في العام 2018، والتهديدات التي أطلقها قادة في الحرس الثوري تجاه أوروبا واعتبروا فيها أنّ الأوروبيين أسوأ من الأمريكيين، وتوّجها مرشد الجمهورية علي خامنئي باتهامه الدول الأوروبية المُوقِّعة على الاتفاق النووي بخداع إيران!

أطلق قادة في الحرس الثوري تهديدات لأوروبا واعتبروها أسوأ من أمريكا

التمايز في الموقفين يقترب من نهايته؟

ويميل المحلل اللبناني إلى الاعتقاد بأنّ التمايز بين الموقفين، الأمريكي والأوروبي، تجاه إيران يقترب من نهايته؛ خاصة مع حاجة أوروبا للولايات المتحدة في التوازن مع روسيا بعد إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى، التي وقعها الرئيسان رونالد ريغان وميخائيل غورباتشيف عام 1987، وتعليق روسيا مشاركتها بالمعاهدة. ويؤكد أبو كروم أنّ إعادة انطلاق سباق التسلح تستدعي تهيئة المسرح الأوروبي باعتباره الساحة الدولية المركزية في حالة الصراع التقليدي الأمريكي والغربي مع روسيا، وبالتالي فالضحية الرئيسية، في هذا الصراع، بحسب الرئيس ماكرون، هي "أوروبا وأمنها". كما أنّ التعبير عن مأزق أوروبا تجاه نشر الصواريخ الروسية الموجهة إلىها جاء على لسان وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فونديرلاين، المنتمية إلى حزب المستشارة، أنجيلا ميركل، حين علّقت بالقول "إنّ حلف شمال الأطلسي لا يمتلك صواريخ نووية متوسطة المدى، فروسيا تمتلك تلك الصواريخ، أما نحن فلا".

أوروبا لا تُقدّم بديلاً
وفي مداخلة نشرها موقع "مركز كارنيغي للشرق الأوسط" ذكر مراسل الشؤون الخارجية في صحيفة "لاكروا" في باريس، فرانسوا دالانسون، أنّ أوروبا لا تُقدّم بديلاً لرسم معالم التنافس الجيوسياسي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط. فالقارة العجوز، برأيه، مُنقسمة على نفسها سياسياً وتفتقر إلى القوة العسكرية اللازمة للتصرّف بشكلٍ فعّال من دون دعم أمريكي.

إيران أهدرت الوقت من دون أن تتفاعل بصورة إيجابية مع الأزمات التي تسببت بها مع دول الجوار بالشرق الأوسط

تبعاً لهذا المشهد، يضيف الكاتب بهاء أبو كروم، لا يعود لمشاريع الأمن الذاتي الأوروبي معنى من دون مظلّة الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية؛ وكل الأفكار التي طرحها ماكرون وميركل حول تشكيل جيش أوروبي مُوحَّد للتفلّت من هيمنة الأمريكيين تصبح من قبيل الآمال والطموحات غير القابلة للتطبيق فعلياً. فأوروبا لا تزال في نظر الأمريكيين والروس قارة لا تستطيع القتال في الحروب مُنفردة لكن لا يمكن الحفاظ على قيَم السلام من دونها؛ وبالتالي، يتابع الكاتب اللبناني، فالوجهة العامة للصراع الدولي حالياً تذهب نحو الاصطفاف ضمن معادلة غرب - شرق مع بروز علامات التمايز المُلطّفة في كلتا الضفتين لا أكثر!

اقرأ أيضاً: خامنئي ومعاناة الشعب الإيراني
ويذهب الكاتب في مقاله في "الحياة" إلى أنّ إيران لم تستفد من النافذة التي فُتحت أمامها عند بروز التناقض الأوروبي الأمريكي في الموقف من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي والجهود التي قامت بها أوروبا للالتفاف على العقوبات، ويردف قائلاً إنّ إيران "أهدرت الوقت من دون أن تتفاعل بصورة إيجابية مع الأزمات التي تسببت بها مع دول الجوار في الشرق الأوسط، فيما بدأت العقوبات تتحول إلى حرب حقيقية؛ عبّر عنها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بالقول إنّها (أصعب من الحرب العسكرية).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية