محللون عراقيون يكشفون لـ"حفريات" عن مخاوفهم من عودة داعش

العراق وداعش

محللون عراقيون يكشفون لـ"حفريات" عن مخاوفهم من عودة داعش


30/09/2018

ما إن استكان العراقيون بعد عمليات تحرير أراضيهم من سيطرة تنظيم داعش، حتى راودتهم المخاوف من عودة التنظيم مجدداً، لاسيما بعد قيامه بسلسلةِ هجماتٍ إرهابية، طالت مدناً وقرى عدة من البلاد.

وشهدت مدن عراقية مختلفة، الشهر الحالي، تفجيرات انتحارية عدة، خلفت عدداً من الضحايا، كان أبرزها في محافظتي بغداد والأنبار، في حين أطلقت القوات الأمنية حملةً لملاحقة خلايا داعش على مناطق التماس الحدودي مع سوريا.

العبيدي لـ "حفريات": الإرهابيون كانوا ينطلقون لمهاجمة القطعات العسكرية عبر ارتدائهم أزياء رعاة الأغنام

الناطق باسم مركز الإعلام الأمني العراقي، العميد يحيى رسول، قال في بيان رسمي له، إنّ قطعات قيادة عمليات الجزيرة والقطعات الملحقة بها والحشد العشائري، أطلقت عمليةً أمنيةً واسعة ومن سبعة محاور. وأضاف رسول أنّ العملية كانت بإسناد طيران الجيش والقوة الجوية وطائرات التحالف الدولي، لتفتيش الصحراء الواقعة ما بين محافظات (صلاح الدين، والأنبار، ونينوى)، باتجاه الحدود العراقية  السورية.

ونتيجةً لهجمات داعش المتواصلة خلال الأيام الماضية، أقرت حكومة الأنبار المحلية، بتواجد عددٍ من المطلوبين داخل المناطق المحررة من الجماعات المسلحة.  ويقول عضو مجلس المحافظة فرحان الدليمي، لموقع "حفريات"، إنّ "هناك مؤشرات أمنية تدل على تواجد متورطين بالتفجيرات التي شهدتها مناطق الفلوجة والقائم وحديثة وهيت، داخل المناطق المحررة من الأنبار"، مبيناً أنّ "تلك المناطق ماتزال تعاني من وجودِ موالينَ للدواعشِ فيها".

اقرأ أيضاً: اغتيال تارة فارس.. دولة الموت تتوسع في العراق

وأكد الدليمي "الحاجة إلى تفعيل الدور الاستخباري وتدقيق الملفات الأمنية لسكان المناطق المحررة، بغية الكشف عن المتعاونين مع التنظيم الإرهابي، للحيلولة دون وقوعِ خرقٍ أمنيٍّ جديد".

مرور عامٍ على إعلان القوات المسلحة العراقية نهاية تنظيم داعش

عام على إعلان دحر داعش

على الرغم من مرورِ عامٍ على إعلان القائد للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء حيدر العبادي، نهاية تنظيم داعش في بلادهِ بُعيْد الانتصارات المتحققة على التنظيم، يعاود المسلحون المتشددون تحركاتهم عبر مناطق وعرة، تمتد من محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار، وصولاً إلى خط التماس السوري، حيث المناطق الخالية من التغطيات الأمنية.

ويكشفُ قطري العبيدي، وهو مسؤول عسكري رفيع في مناطق غرب الأنبار، لموقع "حفريات"، عن شروع قواتهِ بتنفيذ عمليات دهم وتفتيش في مناطق رعاة الأغنام في الصحراء الغربية من المحافظة. وأشار إلى أنّ "معلومات استخبارية أفادت بأنّ عناصر التنظيم الإرهابي، استغلوا بيوت رعاة الأغنام التي هي عبارة عن بيوت من الشَعَر والخيام، إلى أماكن لاختبائهم بعيداً عن أنظار القوات الأمنية، فضلاً عن خزن أسلحتهم فيها"، مضيفاً أنّ "قواتنا دمرت العديد من هذه البيوت بعد اعتراف الرعاة بعائديتها إلى الدواعش".

اقرأ أيضاً: منظمة دولية تكشف عدد المفقودين في العراق

ويتابع العبيدي أنّ "الإرهابيين كانوا ينطلقون من ذلك المأوى عبر ارتدائهم أزياء رعاة الأغنام، لمهاجمة القطعات العسكرية المتمركزة في القاطع الغربي من الأنبار"، لافتاً إلى أنّ "منفذي الهجوم الإرهابي الأخير الذي طال مدينة القائم، انطلقوا من تلك المسالك المعقدة".

وكانت السلطات الأمنية في الأنبار، أعلنت في الـ ٢٨ من آب (أغسطس) الماضي، عن سقوطِ ٢٤ قتيلاً وجريحاً بهجوم نفذه انتحاري على المدخل الجنوبي لقضاء القائم.

وفيما يتعلق بشأن قدرات الحكومة العراقية الكافية للقضاء على تنظيم داعش فعلياً، يؤكد باحثون أمنيون، امتلاك الحكومة لتلك القدرات، عازين ذلك إلى تجربةِ قواتها أثناء العمليات العسكرية التي خاضتها ضد التنظيم لدى احتلاله لمناطقٍ واسعة من العراق.

ارتفاع مخاوف العراقيين من تعافي داعش ثانيةً

نقص في التجهيزات العسكرية

ورغم إقرار علي عبد الهادي المعموري، وهو باحث في الشأن الأمني العراقي، وتأكيده لـ"حفريات" بأنّ القدرات متوفرة بشكل جيد لمواجهة داعش، إلا أنه يلفت  إلى "نقص في بعض التجهيزات العسكرية، مثل الطائرات المسيّرة والغطاء الجوي بالمجمل، لكن القوى العسكرية على الأرض امتلكت خبرة واسعة في القتال ضد الجماعات الإرهابية، خصوصاً بالتركيز على جهاز مكافحة الإرهاب وتمرسه في عمليات قتال الشوارع وتحقيق الضربات الخاطفة"، مشيراً إلى "الدعم الواسع من القوى العسكرية الأخرى، سواء من الجيش أو الشرطة الاتحادية، أو الحشد الشعبي رغم التحفظات على سلوكيات بعض فرق الحشد إبان عمليات التحرير". وعن تعداد عناصر داعش في مناطق التوتر الأمني، أوضح المعموري، إنه "لا توجد إحصائية دقيقة في الوقت الحاضر".

اقرأ أيضاً: حصيلة الأحداث الدموية في البصرة.. الغضب الشعبي يتصاعد في العراق

وتواجه القوات العراقية، صعوبة في إمساك الأرض بشكل كامل في صحراء المناطق الغربية من البلاد، إذ تشكل تلك الصحارى نسبة ٤٠٪‏ من مساحة العراق الكلية، ما يستدعيها بمعية مسلحي العشائر، وبشكل أسبوعي، القيام بعمليات تمشيط واسعة في الوديان .

تجفيف منابع الإرهاب

عطفاً على ارتفاع مخاوف العراقيين من تعافي داعش ثانيةً، يحذر خبراء أمنيون، من إمكانية عودة التنظيم بقوة، بعد هزيمته في مراكز المدن العراقية، التي احتلها في حزيران (يونيو) العام ٢٠١٤، حيث مازالت ظروف عودتهِ مواتية على شاكلة عودة جماعة القاعدة سابقاً، لدى هزيمتها في العام ٢٠٠٨.

ويقول الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، الباحث حسن حسن: "على الرغم من هزيمة المسلحين المتشددين مؤخراً، فإنّ العوامل التي أتاحت ظهورهم ما تزال قائمة"، ويضيف حسن أنّ "الجهاديين سيعملون على استغلال تقلب الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، بغية تنظيم صفوفهم وإعادة تشكيل هيكليتهم ثانياً".

تنتقد هيومن رايتس مخيمات إيواء أسر العناصر المتشددة، معتبرة أنّ مخيمات ما يسمى بعوائل داعش هي مراكز احتجاز

ويشير كذلك إلى "سعي المتشددين الدواعش في التغلغل بأوساط المكونات الاجتماعية الناقمة على السلطة العراقية المركزية، عبر التثوير ضدها طائفياً كما حصل في المرات السابقة"، ويتابع حسن قوله إنّ " المتطرفين بانتظار الوقت المناسب، فيما هم مختبئون داخل مجتمعهم، يمارسون التأثير الأيديولوجي أو الترهيب".

ويتفق المعموري مع ذهب إليه حسن، في "أهمية احتواء العوامل التي قد تؤدي إلى انضمام العراقيين إلى تنظيم داعش مجدداً"، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى "الجهود الحكومية العاملة ضمن آليات المصالحة الوطنية، التي تتضمن احتواء شيوخ العشائر وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين في تلك المناطق الساخنة، فضلاً عن التعاون مع رجال الدين والجهات الدينية المؤيدة للحكومة، بغية القيام بمراجعات فكرية وتثقيف الناس بالضد من أفكار الجماعات المتطرفة".

ويشيد المعموري ببعض الخطوات الحكومية التي انطلقت بعد عمليات التحرير، ويؤكد أنّ "جهود إعادة الإعمار بالتعاون مع سكان المناطق المحررة، تسير بشكل حثيث، حيث تمت إعادة بناء الكثير من المدارس والمستشفيات والمستوصفات ومرافق الخدمات العامة والبنية التحتية الأساسية بوقت قياسي".

تواجه السلطات العراقية، مأزقاً جديداً يتمثل في عوائل وأسر عناصر التنظيم

السلطات العراقية وتحديات ما بعد التحرير

بعد مرور عامٍ على إنهاء عمليات تحريرِ مناطقها من داعش، تواجه السلطات العراقية، مأزقاً جديداً يتمثل في عوائل وأسر عناصر التنظيم، المحتجزة في مخيماتٍ خاضعة تحت حراسةٍ أمنيةٍ مشددة، وسط مطالبات المنظمات الحقوقية، بضرورة إعادة تأهيل تلك الأسر وعدم إخضاعها لقانون العقاب الجماعي.

وتقول لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لمنظمتها، إنه "على الحكومة العراقية، عدم معاقبة أُسرٍ بأكملها بسبب أفعال أقاربها"، مشيرة إلى أنّ "هذه الأعمال المسيئة هي جرائم حرب وتخرب الجهود الرامية إلى تعزيز المصالحة في المناطق التي استُعيدت من داعش".

اقرأ أيضاً: ما الذي يجري في العراق؟

وأصدر مجلس القضاء الأعلى في محافظة نينوى، في 19 من حزيران (يونيو) الماضي، تعميماً، يقول إنّ ما يسمى بـ "عوائل الدواعش" يجب أن ينقلوا إلى مخيماتٍ لـ "إعادة تأهيلهم نفسياً وفكرياً ودمجهم بالمجتمع بعد التأكد من استجابتهم للتأهيل".

وكانت السلطات المحلية في محافظة نينوى، قد استجابت حينها، بافتتاح أول "مخيم لإعادة التأهيل" في ناحية برطلة، على بعد 14 كيلومتراً شرق مدينة الموصل.

لكنّ فقيـه، تنتقد مخيمات إيواء أسر العناصر المتشددة، قائلة إنّ "مخيمات ما يسمى بعوائل داعش، لا علاقة لها بإعادة التأهيل، بل هي مراكز احتجاز بحكم الأمر الواقع للبالغين والأطفال الذين لم يُتهموا بأي مخالفات"، مطالبة الحكومة العراقية بـ"السماح لهذه الأسر بحرية الذهاب حيث يمكن أن تعيش بأمان".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية