محللون لـ "حفريات": التصعيد هو السيناريو الأقرب في غزة

محللون لـ "حفريات": التصعيد هو السيناريو الأقرب في غزة


23/08/2021

يعيش ما يزيد عن مليونَي مواطن في قطاع غزة المحاصر أوضاعاً مأساوية، نتيجة تشديد الحصار الإسرائيلي ووضع قيود السلع والمواد الأساسية ومواد البناء، والتأخّر في عملية إعادة الإعمار، والوسطاء لم يحرزوا  تقدّماً في أيّ من الملفات منذ انتهاء الحرب، والأوضاع  في القطاع على صفيح ساخن، ومن المتوقع أن تتدحرج الأمور إلى مواجهة عسكرية جديدة، بحسب محللين أبلغوا "حفريات" أنّ التصعيد هو السيناريو الأقرب في غزة.

 وبعد انتهاء الحرب على غزة، التي استمرَّت أحد عشر يوماً، تلقى سكان القطاع وعوداً كثيرة بتحسين الأوضاع الراهنة بالقطاع، ومعالجة آثار الحرب والحصار، لكنّ كلّ ما سبق كان مجرّد وعود فقط، ولم يتم تحقيق شيء، بل إنّ الأوضاع ازدادت سوءاً، والغزيّون عادوا إلى المربع الأول من الحصار الإسرائيلي، في ظلّ الأزمات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وحتى السياسية التي تضرب القطاع منذ سنوات طويلة.

ويتعمّد الاحتلال الإسرائيلي تضييق الخناق على سكان قطاع غزة، ووضع القيود على إدخال أهم السلع والمنتجات التي يحتاجها المواطنين، ومنع إدخال مواد البناء، وذلك بذريعة الضغط على حركة حماس للإفراج على الجنود الأسرى، والذين تحتجزهم منذ حرب عام 2014.

وقالت حركة حماس، في بيان لها: "استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة هو أحد صواعق التفجير والتوتر في المنطقة، ولا يمكن أن تقبل استمرار هذا الحصار بأيّ حال من الأحوال".

حركة حماس أعلنت تفعيل أساليب المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة" على  طول الشريط الحدودي، للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المطالب ورفع الحصار

وأكّدت الحركة أنّ الاتصالات عبر الوسطاء مستمرة بشأن ملف التهدئة، وأنّها تعطي الأولوية لمساعي الوسطاء لإجبار الاحتلال على رفع الإغلاق، وفي حال واصل الاحتلال تعنّته فلا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي، وشعبنا خاض قبل ذلك حالة كفاحية كبيرة كان أحد أهدافها كسر الحصار عن قطاع غزة".

 وهدّدت الحركة بأنّ عدم تفكيك الأزمات الإنسانية لقطاع غزة سيولّد انفجاراً جديداً في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وأنّها تدرس مع باقي الفصائل الفلسطينية خيارات التصعيد الشعبي، في ظلّ تصاعد الاستيطان الإسرائيلي بالضفة الغربية، وتشديد الحصار على قطاع غزة، وأيّة تسهيلات إسرائيلية حقّ للفلسطيني، وسيمارس كلّ أنواع الضغط لانتزاع حقّه؛ بما فيها كلّ التسهيلات التي تمّت، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 11 أيار (مايو) الماضي.

تغيير قواعد اللعبة

وفي هذا السياق، يقول الخبير بالشؤون الإسرائيلية، الدكتور عاهد فروانة، في حديثه لـ "حفريات": "نفتالي بينيت يحاول، منذ تولّيه رئاسة الوزراء، أن يغيّر قواعد اللعبة مع قطاع غزة، خاصّة أنّه يريد أن يظهر بأنّه أكثر شدّة في التعامل مع القطاع، حتى يقول للشارع الإسرائيلي إنّه أقوى من الحكومة السابقة في السياسة، وهذا ما صعّب مهمّة الوسطاء، خاصة مع ربط حكومة الاحتلال أيّة تسهيلات كبيرة بموضوع الجنود المفقودين في غزة".

 الدكتور عاهد فروانة

ويضيف: "التوصيات الإسرائيلية بضرورة التعامل بشدة مع قطاع غزة بعد العدوان الأخير جعل الوساطات في مهب الريح، لكن من المتوقّع أنّ حكومة بينيت سوف تظهر للشارع الإسرائيلي أنّها تنتهج هذه السياسة مع لغة تهديد عالية، لكن، في الوقت نفسه، ستكون السياسة الواقعية هي العصا والجزرة من خلال تقديم بعض التسهيلات الإنسانية مع ربطها بالهدوء، لتعاد سياسة الهدوء مقابل الهدوء مع التسهيلات".

اقرأ أيضاً: شبكة الحصار الإسرائيلي تصطاد المراكب في غزة

تلك السياسة الجديدة التي يتّبعها الاحتلال الإسرائيلي، في تقدير فروانة، سوف تؤدي إلى "حالة  توتر دائمة، وحالات تصعيد متفرقة، وما سيعمل على احتواء الموقف خشية بينيت من التصادم مع الإدارة الأمريكية، التي لا ترغب بالتصعيد في المنطقة، والذي يؤدي إلى تعطيل سيناريوهاتها في التفرغ للصين وروسيا".

وينوّه فروانة إلى أنّ أساليب المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة" سوف تعود من جديد للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لمنح غزة مزيداً من التسهيلات للقطاع، لكن ليس بالشكل الذي كانت عليه مسيرات العودة التي استنفدت أغراضها.

معادلة جديدة

ويلفت فروانة إلى أنّ "تفعيل أدوات المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة" بالقرب من الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي سوف تؤدي إلى حالات تصعيد محدودة، خاصّة أنّ الحكومة الجديدة ألزمت نفسها بمعادلة جديدة، وهي صاروخ مقابل كلّ بالون، وهذا ما سيجعل الأمور متوترة بالوقت الراهن".

المحلل السياسي أكرم عطا الله لـ"حفريات": الحوار يدور بين طرفين منتصرين، كلّ منهما يريد من الآخر أن يقدّم تنازلاً. التصعيد هو المناخ الأقرب

وبيّن أنّ الوسيط المصري لم يفشل في تحقيق اختراق في ملفّ تثبيت اتفاق التهدئة، وعودة الحياة في غزة إلى ما قبل العدوان، لكنّه تعثّر بسبب مماطلة الاحتلال الإسرائيلي، وإصراره على عدم تقديم تسهيلات للفلسطينيين، ورغم ذلك لم يقف مكتوف الأيدي نحو ما يحدث، وسوف يعمل  على نزع فتيل الأزمة، ومحاولة الوصول إلى تهدئة جديدة بدعم أمريكي كما حصل مع نهاية العدوان الأخير.

وفي سياق متصل، يقول الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، لـ"حفريات": "الاحتلال ما تزال لديه أكثر من مسألة في قطاع غزة، الأولى، وهي ضمان تهدئة طويلة الأمد وفق للمواصفات الإسرائيلية، وما يضمن استمرار الانقسام الفلسطيني، والمسألة الثانية عودة الجنود الأسرى داخل قطاع غزة دون تقديم أيّة تنازلات، بالتالي، تشديد الحصار له علاقة بالضغط على حركة حماس لتقديم التنازلات المطلوبة".

الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله

يضيف: "نفتالي بينيت يريد أن يثبت لشعبه أنّه أكثر تشدداً، ولا يريد أن يقدم تنازلات، مثل بنيامين نتنياهو، لذلك رفع شعارات بأنّه قادر على اختراع سياسة جديدة في قطاع غزة، وإلزام حركة حماس بإعادة الأسرى دون مقابل، وهو الآن أسير تلك الشعارات، ويريد أن يحققها، وحماس في مأزق لأنّها أمام رئيس وزراء متشدّد، بالتالي، فإنّ جزءاً من الأزمة في غزة هو حالة المنافسة بالداخل الإسرائيلي".

لماذا التصعيد هو المناخ الأقرب في غزة؟

ويواصل عطا الله: "حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي على قدر من التصلّب، وهذا له علاقة بأنّ كلّ طرف يشعر بأنّ لديه من أوراق القوة والانتصار، فحركة حماس تشعر أنّها انتصرت خلال الحرب الأخيرة، والاحتلال يشعر بأنّ لديه كافة الأدوات العسكرية للانتصار، بالتالي، الحوار يدور بين طرفين منتصرين، كلّ منهما يريد من الآخر أن يقدّم تنازلاً، وتلك مسألة سوف تجعل التصعيد هو المناخ الأقرب".

ويلفت إلى أنّ حركة حماس أعلنت تفعيل أساليب المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة" على  طول الشريط الحدودي، للضغط على الاحتلال لتنفيذ المطالب ورفع الحصار، وفي حال عدم نجاح تلك الوسائل سوف تذهب إلى وسائل أخرى تكون فعاليتها أقوى.

ويبيّن عطا الله؛ أنّه من الممكن أن تفشل وسائل الضغط الإسرائيلية، أيضاً ممكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، وربما الاحتلال يريد من تلك الضغوط الدفع نحو حافة الهاوية، واندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع حركة حماس، والفصائل الفلسطينية في غزة.

يشدّد: "الوسطاء يحاولون قدر الإمكان أن تُحلّ كافة المسائل دون الانزلاق لصدام عسكري آخر بين الجانبين، وتعود الحياة في غزّة إلى طبيعتها، وأن ترفع كافة القيود التي وضعت بعد العدوان الأخير".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية