محللون لـ "حفريات": الضغوط الأمريكية منعت حماس من الردّ على مسيرة الأعلام

محللون لـ "حفريات": الضغوط الأمريكية منعت حماس من الردّ على مسيرة الأعلام


19/06/2021

لماذا أصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت على إقامة المسيرة رغم التحذيرات؟ وما الهدف من تنظيمها بعد توليه رئاسة الحكومة؟ وما أهمية تلك المسيرة بالنسبة إلى الاحتلال؟ ولماذا لم ترد فصائل المقاومة على تنظيم المسيرة؟ ولماذا اكتفت فصائل المقاومة بتفعيل أدوات المقاومة الشعبية، وإطلاق البالونات الحارقة؟ وهل تغيّرت موازين القوى هذه المرّة؟ وهل تحقّق الهدف من تنظيم تلك المسيرة؟ وهل هناك ضغوط على الفلسطينيين لعدم الردّ؟

لم ينجح المتطرفون المشاركون في مسيرة الأعلام بتحقيق أهدافهم وإرسال الرسالة التي أرادوا إرسالها، خاصة للفلسطينيين، بأنّهم لم يتأثروا نتيجة جولة القتال الأخيرة

في إطار الردّ على هذه التساؤلات، يقول الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطاالله، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "عدم انفجار الأوضاع، وإطلاق الصواريخ من قطاع غزة رداً على تنظيم "مسيرة الأعلام الإسرائيلية" بمدينة القدس، كما حدث في أيار (مايو) الماضي، لأنّ المناخات هذه المرة مختلفة تماماً عن مناخات الشهر الماضي، حيث لا توجد مقدمات مثل؛ اقتحام حيّ الشيخ جراح، والمسجد الأقصى، والمظاهرات بالداخل الفلسطيني".

يضيف: "تلك المسيرة يتمّ تنظيمها كلّ عام، لكنّ الإصرار على تنظيمها هذا العام، رغم كلّ التحذيرات الدولية، كان بمثابة رسالة من الاحتلال بأنّ مدينة القدس عاصمة "إسرائيل"، ولا أحد يمكنه التأثير على مسار الحياة السياسية في "إسرائيل"، ويمكنهم التصرّف كما يشاؤون، وإصرار بينيت على تنظيم  المسيرة جاء من أنّه لا يريد التراجع أمام نتنياهو وهو يواجه معارضة يمينية شرسة تنتظر منه أية إخفاقات.

 الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطاالله

ويرى أنّ "حركة حماس كانت مصرة على الردّ في حال تنظيم مسيرة الأعلام في موعدها، لكنّ الضغوط الدولية والوسطاء منعوها من ذلك، حيث إنّ الولايات المتحدة كانت على تواصل مع كافة الأطراف ذات العلاقة، والتي استخدمت كافة الوسائل لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية مفتوحة، والاكتفاء بتفعيل "الأدوات الخشنة"، والبالونات الحارقة".

عدم وجود ردّ عسكري

وفي نظر عطالله؛ فإنّ عدم وجود ردّ عسكري على تنظيم مسيرة الأعلام والموقف العام يضعف مبرّر الحرب التي قامت من أجله الشهر الماضي، وموقف حركة حماس ليس بتلك القوة التي كان عليها خلال الحرب الأخيرة.

ويبين أنّ الهبّة الشعبية مهمة جداً، وهي أفضل تعبير عن رفض الكلّ الفلسطيني لوجود احتلال على أرض فلسطين، وتأثيرها لن يكون أقل من تأثير إطلاق الصواريخ؛ فهي تحدث قلقاً كبيراً لدى الاحتلال، لكنّها لا تحدث أيّ توازن معه.

اقرأ أيضاً: حكومة "الإخوان - الإسرائيليين"

وينوّه إلى أنّ قدرة الاحتلال الإسرائيلي على إقامة المسيرة، وتجاهل كافة التحذيرات الدولية،  وتهديدات المقاومة الفلسطينية سوف ترفع معنويته؛ كونه تمكّن من إقامتها بالوقت المحدد، وحركة حماس لم تستطع تنفيذ تهديداتها والردّ على ذلك.

واستبعد عطالله أن يكون هناك تصعيد كبير ردّاً على إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه مستوطنات غلاف غزة؛ وذلك لأنّ الولايات المتحدة تتابع موضوع التهدئة بالمنطقة وتطلب من بعض الأطراف ضبط حركة حماس، لأنّها لا تريد أن تبدأ حرباً تنتهي بالإطاحة بحكومة بينيت، وعودة نتنياهو، والذي يعدّ صديق الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب.

ويبين أنّ الردّ الإسرائيلي على إطلاق البالونات سيكون محدوداً، كما حدث الليلة الماضية باستهداف مواقع فارغة، دون وقوع إصابات أو إلحاق الأذى بأحد.

لماذا أصرّ الاحتلال على تنظيم مسيرة الأعلام؟

من جهته، يقول رئيس مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد حموري، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يريد بسط سيطرته على مدينة القدس، وتنفيذ مخططات التهويد، ويسعى لتسويق رواياته بأنّ "القدس موحّدة"، وأنّها تحت سيطرتهم؛ وأنّ لهم الحقّ بها، لذلك أصرّوا على تنظيم تلك المسيرة، خاصّة بعد تولي اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، رئاسة الحكومة، بعد انتهاء ولاية بنيامين نتنياهو".

رئيس مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد حموري

يضيف: "أراد الاحتلال الإسرائيلي أن يظهر في نظر شعبه بأنّه أقوى من غيره، خاصة بعد فشل تنظيم "مسيرة الأعلام" الشهر الماضي بسبب اندلاع الحرب، لذلك تمّ تنظيمها هذا الشهر؛ في محاولة لتكريس السيطرة على مدينة القدس، وحسم الموضوع الديموغرافي في المدينة المقدسة، وتحويل المقدسيين من سكان أصليين إلى أقلية".

يتابع: "تنظيم تلك المسيرة كانت بمثابة اختبار لرئيس الوزراء الجديد، وعلى الرغم من كافة الترتيبات والاحتياطات وإغلاق مدينة القدس، والحواجز التي وضعت بالمدينة إلا أنّ أعداد المشاركين بتلك المسيرة كانت قليلة بالنسبة إلى السنوات السابقة؛ إذ إنّهم لم ينجحوا بتحقيق أهدافهم وإرسال الرسالة التي أرادوا إرسالها، خاصة للفلسطينيين، بأنّهم لم يتأثروا نتيجة جولة القتال الأخيرة".

رئيس مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد حموري، لـ "حفريات": أراد الاحتلال الإسرائيلي أن يظهر بأنّه أقوى من غيره، خاصة بعد فشل الشهر الماضي

وفي سياق الأنباء المتصلة بانطلاق مسيرة الأعلام، ورغم التحذيرات الدولية والفلسطينية من خطورة تنظيم "مسيرة الأعلام الإسرائيلية" بمدينة القدس المحتلة، واستفزاز مشاعر المقدسيين، تجاهل بينيت، كافة الضغوط، وأصرّ على تنظيم تلك المسيرة في موعدها الجديد، لتكون الهدية الأولى التي تقدّمها حكومته للمتطرفين، ومحاولة للسيطرة على المدينة بشكل كامل، وتنفيذ مخططات التهويد.

احتفالاً بماذا؟

وتأتي "مسيرة الأعلام" احتفالاً بذكرى احتلال الجزء الشرقي من القدس في حرب حزيران عام 1967، علماً بأنّ الاحتلال الإسرائيلي للشطر الشرقي من المدينة، الذي ضمّته إسرائيل أيضاً، يعدّ مخالفاً للقانون الدولي.

اقرأ أيضاً: "الغزل الحرام" بين "الإخوان" وإسرائيل وإيران

وكان  المقرر أن تجري تلك المسيرة في العاشر من أيار (مايو)  الماضي، في ظلّ توتر شديد مع تنظيم مظاهرات سلمية في حيّ "الشيخ جرّاح"، وتمّ إلغاؤها مع إطلاق حركة حماس في قطاع غزة دفعة من الصواريخ يومها على القدس، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية.

وطلبت السفارة الأمريكية في القدس من موظفيها عدم التوجه إلى القدس القديمة؛ لاحتمال تنظيم مظاهرات ضدّ "مسيرة الأعلام"، التي تنظمها مجموعات قومية ويمينية متطرفة.

انطلقت مسيرة الأعلام التي نظمها مستوطنون إسرائيليون، إلى باب العامود، أحد أبواب البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، وسط هتافات "الموت للعرب"، حيث إنّهم وصلوا إلى باب العامود، وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية تحت حراسة أمنية مشددة جداً.

وانطلقت المسيرة من شارع "هنفيئيم" (الأنبياء) بالقدس الغربية، تجاه باب العامود، بمشاركة ما يقارب 5000 مستوطن، بينهم عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، من حركة "الصهيونية الدينية".

اعتداء على المقدسيين

واعتدت قوات الاحتلال على المقدسيين في منطقة باب العامود، ومنعتهم من الدخول أو الخروج إلى البلدة القديمة المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك، بالتزامن مع وصول مسيرة الأعلام التي ينظمها المستوطنون المتطرفون، وأصيب 27 فلسطينياً في المواجهات التي دارت في محيط البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة.

اقرأ أيضاً: كيف سينعكس تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة على المنطقة؟

وعلى الرغم من تنظيم المسيرة، واستفزاز المستوطنين لمشاعر الفلسطينيين، من خلال الشعارات والرقص بالأعلام، إلا أنّ الأوضاع الأمنية لم تتوتر، كما حدث الشهر الماضي، واكتفت الفصائل في غزة بتفعيل أدوات المقاومة الشعبية والمسيرات السلمية على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، وإطلاق البالونات الحارقة، إضافة إلى الاحتجاجات بالضفة الغربية.

وقصفت طائرات حربية إسرائيلية، موقعين يتبعان للمقاومة الفلسطينية في كلّ من مدينة غزة، وخانيونس جنوب قطاع غزة، رداً على إطلاق البالونات الحارقة، وتفعيل أساليب المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية