محمد عبد السلام: بيت العائلة الإبراهيمية ليس دمجاً للأديان

محمد عبد السلام: بيت العائلة الإبراهيمية ليس دمجاً للأديان


24/01/2022

أكّد الأمين العام للجنة العليا لمبادرة "الأخوة الإنسانية"، المستشار محمد عبدالسلام، أنّه لا أساس لمزاعم من يروجون بأنّ هناك محاولات لخلق دين جديد يُدعى "الدين الإبراهيمي"، مشدداً على أنّ بيت العائلة الإبراهيمية، قيد الإنشاء في أبوظبي، "يُعَدُّ رمزاً لتقدير التنوّع الديني والطابع الفريد لكل دين - فهو ليس محاولة لتقليل الاختلافات الدينية أو التخفيف من تفرد كل دين".

جاء كلام المستشار عبد السلام في مقال رأي له نشرته صحيفة "ذا ناشونال"، نفى فيه أن تكون فكرة "العائلة الإبراهيمية" دعوة لتعزيز "دين واحد"، بل هو دعوة لتعزيز التعايش، على حدّ قوله.

الأمين العام للجنة العليا لمبادرة "الأخوة الإنسانية" المستشار محمد عبدالسلام

وأوضح عبد السلام في مقاله أنّه "على مدى عقود، تم تصوير الشرق والعالم العربي على وجه الخصوص في وسائل الإعلام الغربية على أنها مناطق مبتلاة بالتعصب الديني والاضطهاد"، مبيّناً أنه "لم تكن الأديان بالتأكيد السبب الرئيسي لهذه الصورة السلبية بقدر ما كانت الأجندات السياسية؛ إذْ منذ أن نشأ الصراع على السلطة في الشرق الأوسط بين الإمبراطوريات المتنافسة، استغلت هذه القوى الدين لدفع مشاريعها السياسية"، مشدداً على أنه "لا الأديان ولا نصوصها المقدسة تزرع بذور هذا الصراع أو تغذيه، وهناك دليل تاريخي واضح يدعم براءة الأديان في ذلك، حيث كان هناك العديد من الأماكن التي يسود فيها التسامح والتعايش بين الأديان".

محمد عبد السلام: بيت العائلة الإبراهيمية يُعَدُّ رمزاً لتقدير التنوّع الديني والطابع الفريد لكل دين، فهو ليس محاولة لتقليل الاختلافات الدينية أو التخفيف من تفرد كل دين

وأضاف المستشار أنه "من هذا المنطلق انطلقت دعوة "الأخوة الإنسانية" من أبوظبي، حيث تم التوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية عام 2019 من قبل شخصيتين دينيتين كبيرتين: البابا فرنسيس وإمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب". وتابع أنّ "الدعوة إلى الأخوة الإنسانية دعوة إنسانية بحتة - من دون أي توجهات أيديولوجية أو حسابات سياسية- وهي موجهة للبشرية جمعاء: مؤمنين وغير مؤمنين على حد سواء". وأردف الأمين العام للجنة العليا لمبادرة "الأخوة الإنسانية" يقول "بناءً على هذه الدعوة، تم تشكيل اللجنة العليا للأخوة الإنسانية " Higher Committee of Human Fraternity" (HCHF)  كهيئة دولية مستقلة مقرها في الإمارات العربية المتحدة، لتكون بمنزلة الذراع التنفيذية للوثيقة، إذْ تضم اللجنة مجموعة واسعة من المفكرين والدبلوماسيين ودعاة السلام من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة".

رواية خاطئة ومهينة

ويلفت المستشار محمد عبد السلام في مقاله إلى أنه "رداً على هذه المبادرة العالمية لتعزيز الأخوة والتعايش، ظهرت رواية خاطئة ومهينة تدعي مؤخراً أنّ هناك محاولات لخلق دين جديد يُدعى "الدين الإبراهيمي"، حيث يحاول أولئك الذين يروجون لمثل هذه الأفكار السيئة النية، والتي لا أساس لها ربط هذا الجهد المزعوم لتعزيز "دين واحد" بمبادرة بيت العائلة الإبراهيمي، قيد الإنشاء حالياً في أبو ظبي وبتوجيه من (HCHF)".

وفي معرض تفنيده لما وصفه بـ"رواية خاطئة ومهينة" شرح عبد السلام أنّ "مجمع الأديان ذاك سيضم ثلاث دور عبادة منفصلة: كنيسة مسيحية ومسجد إسلامي ومعبد يهودي- بالإضافة إلى مركز تعليمي غير تابع لأي دين معين". وأضاف "استهدفت بعض المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي- في العالمين الغربي والعربي- هذا المشروع النبيل من خلال التأكيد زوراً بأنّ المبادرة هي محاولة لدمج جميع الديانات الإبراهيمية والترويج لـ "دين عالمي واحد"، حتى إنّ بعضهم وصف مشروعنا بأنه مشروع "كريسلام" (وهو مصطلح يمزج بين أسماء المسيحية والإسلام بطريقة تشوه سمعة الديانتين)"، وفق ما جاء في مقاله.

وأصر عبد السلام أنّ هذا النقد الآنف الذكر للمشروع "بعيد عن الحقيقة، ذلك لأن بيت العائلة الإبراهيمية يعتبر رمزاً لتقدير التنوع الديني والطابع الفريد لكل دين- فهو ليس محاولة لتقليل الاختلافات الدينية أو التخفيف من تفرد كل دين". وتابع: "في المجمع، يدخل الزائر إلى المنطقة التي تم فيها بناء دور العبادة، ليرى ثلاثة مبان قائمة بذاتها، والتي تعمل على تذكير البشرية بأن الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية كلها نشأت من التربة نفسها، وتشبه المباني ثلاث أشجار مختلفة في غابة واحدة، تصل جميعها إلى الضوء المغذي نفسه"، على حد وصفه.

القيم المشتركة لا تلغي الخصوصية الدينية

وذكر المستشار عبد السلام أنّ القيم المشتركة بين الأديان التوحيدية لا تعني غياب الهُوية الدينية الخاصة، موضحاً أنه في بيت العائلة الإبراهيمية "سيعكس كل بيتِ عبادةٍ الطابع المميز لكل دين على حدة، وستقام الشعائر والخدمات الدينية في كل مكان مقدس، وسيتم الحفاظ على الطابع الفريد لكل دين وتعزيزه". واستدرك بالقول: "نحن نقر بأنّ الأديان تشترك في قيم مشتركة مثل السلام والتسامح والعدالة والمحبة، لكن بيت العائلة الإبراهيمية يسلّط الضوء على أهمية تعزيز هذه القيم بين المصلين المتدينين، ويقر أيضاً بأنّ هذه المبادئ المشتركة لا تنتقص من خصوصية وثراء كل دين بمفرده، وتأثير كل دين أو تقاليده أو طقوسه".

اتهامات سابقة

كما لفت عبد السلام في مقاله إلى أنّ مبادرة الأخوة الإنسانية "كانت سابقاً عرضة لمثل هذه الاتهامات حول بدء "دين عالمي واحد" في أثناء المرحلة الأولى من جائحة Covid-19 وعلى وجه الخصوص عندما أطلقت حملة "صلّوا من أجل الإنسانية"، التي دعت المؤمنين من جميع الأديان للانضمام إلى صلاة عالمية تطلب من الله إنهاء الوباء، ومساعدة العاملين في المجتمع الطبي، وتوجيه العلماء لإيجاد اللقاحات اللازمة". واستطرد بالقول: "كان الادعاء في ذلك الوقت أنّ دعوتنا كانت لابتكار صلاة تجمع المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس وغيرهم من أتباع الديانات معاً لتمهيد الطريق لـ "دين جديد" يشملهم جميعًا". ونوّه إلى أنّه "على الرغم من هذه الادعاءات الكاذبة، في يوم الصلاة، استجاب الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم للنداء بشكل إيجابي. صلّى كل منهم حسب معتقداتهم وطقوسهم ونصوصهم المقدسة ولغاتهم الخاصة. لم يتم تقديم نصوص أو طقوس مشتركة، فقط توقيت الصلاة والغرض منها"، كما أورد المقال.

وأفاد الأمين العام للجنة العليا لمبادرة الأخوة الإنسانية بأنّ إمام الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، ردّ مؤخراً على النقاد بقوله: "أولئك الذين يصوّرون كذباً الأخوة بين الأديان على أنها خلط بين اليهودية والمسيحية والإسلام في دين واحد إبراهيمي، إنما ينتهكون أثمن حق تملكه البشرية: حرية العقيدة".

أكد عبد السلام أنّ مهمة الأخوة الإنسانية لبيت العائلة الإبراهيمية هي أن تكون مثالاً للدين، ومصدر إلهام للخير والوئام، بدلاً من الكراهية والتمييز والدمار

وختم المستشار عبد السلام مقاله بتأكيده أنّ "مهمة الأخوة الإنسانية لبيت العائلة الإبراهيمية هي أن تكون مثالاً للدين، ومصدر إلهام للخير والوئام، بدلاً من الكراهية والتمييز والدمار"، مضيفاً "نحن نطمح إلى تعزيز التعايش السلمي الذي يعزز الأخوة؛ بغض النظر عن الاختلافات الدينية والعرقية والثقافية، وهذا التطلع يتحول إلى حركة عالمية لتعزيز الأخوة الإنسانية، وسوف تتجاوز أي عقبات ومحاولات لتشويه أهدافها الإنسانية النبيلة"، وفق قوله.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية