مرة أخرى.. تركيا تعيد ابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين

مرة أخرى.. تركيا تعيد ابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين


30/06/2021

بدأت تركيا فصلاً جديداً لابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين، بعدما انقضت مدة الاتفاق السابق الخاص بهم بين أنقرة والاتحاد، الذي نص على أنه مقابل كل لاجئ تستقبله الدول الأوروبية يتم إعادة لاجئ من الموجودين في اليونان إلى تركيا، مع حصول الأخيرة على مساعدات بمليارات الدولارات.

 ورغم التوظيف السياسي للاتفاق عبر التلويح بإطلاق ورقة اللاجئين مع كل خلاف بين تركيا ودولة أوروبية، خصوصاً اليونان وفرنسا، إلا أنه عملياً لا يمكن إنكار فضل الاتفاقية في الحد من موجات اللجوء إلى أوروبا، لذا فإنّ الدول الأوروبية حريصة على تجديدها. 

 ومن جهتها، تحاول تركيا، التي تعاني أزمتين؛ اقتصادية وسياسية، وتوتراً في العلاقات مع الولايات المتحدة وسط توجه لكبح جماحها ونفوذها الذي تمدد في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أن تستغل الاتفاق للحصول على أكبر مكاسب ممكنة من الأوروبيين. 

 وقد ناقشت قمة الاتحاد الأوروبي في الفترة من 23 إلى 25 حزيران (يونيو) الجاري، على نحو رئيسي هذا الملف، واتفقوا على تجديد الاتفاق مع أنقرة مقابل منحها 3 مليارات دولار، لا تُقدّم مباشرة إلى الحكومة التركية، ولكن إلى اللاجئين في دعم المشروعات الصغيرة.

وقالت المستشارة الألمانية، إنغيلا ميركل، في تصريحات على هامش القمة الأوروبية: إنّ الاتحاد وافق على تقرير قدمته المفوضية الأوروبية حول آلية تمديد اتفاقية الهجرة مع تركيا، ينص على تقديم منحة إضافية بقيمة 3 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين.

بدأت تركيا فصلاً جديداً لابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين بعدما انقضت مدة الاتفاق السابق

 وأشارت، بحسب ما أوردته وكالة الأناضول، إلى استمرار مساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، مضيفة: "ننتظر مواقف بناءة من تركيا، ورأينا مؤخراً تحسن الأوضاع في منطقة المتوسط".

 ومن جانبها، أعربت أنقرة غداة التصريحات الألمانية عن إحباطها من الاتفاق الأوروبي، وقالت وزارة الخارجية التركية الجمعة: إنّ القرارات التي اتخذتها قمة الاتحاد الأوروبي "بعيدة كل البعد" عن الخطوات المتوقعة والضرورية.

وخلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم أمس، قال المتحدث باسم الحزب عمر جليك: إنّ التعاون بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة "لا يمكن حصره في مسألة الدعم المالي فقط".

اقرأ أيضاً: بالتفاصيل.. العالم يحتفي باليوم العالمي للاجئين وسط أرقام صادمة

وأضاف جليك، بحسب ما أورده موقع "أحوال تركيا"، أنّ اختزال التعاون في مجال الهجرة بالدعم المالي "ينمّ عن قصر نظر ويُعدّ خطأ جسيماً"، مؤكداً عدم إمكانية استدامة هذا الوضع "على المدى الطويل".

 ولفت إلى أنّ حزمة الدعم المالي الجديدة التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي مؤخراً موجهة أساساً للاجئين السوريين وليس لتركيا.

 وأكد أنّ "هناك حدوداً للعبء الذي تتحمله تركيا، ويتعين على الجانب الأوروبي النظر من منظور أوسع للتعاون الوثيق في هذا الموضوع وعدم اختزاله بالجانب المادي".

ناقشت قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة هذا الملف بتجديد الاتفاق مع أنقرة مقابل منحها 3 مليارات دولار

 من جانبه، رأى الكاتب الروسي دانييل فينوغرادوف أنّ أنقرة تحقق مكاسب كبيرة من تجديد اتفاقية الهجرة بفضل ألمانيا، ويقول الكاتب في مقال بجريدة أوراسيا ديلي، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم": تُعدّ الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، الموقعة في بروكسل في العام 2016، واحدة من الوثائق الرئيسية للسياسة الأوروبية في العقد الماضي.

اقرأ أيضاً: هكذا علقت أمريكا على قصف تركيا مخيم مخمور للاجئين في العراق

 يتابع: بدلاً من آلية تبادل "1 مقابل 1" التي تم إنشاؤها، يجري في الممارسة العملية تبادل "1 مقابل 30"، المساعدات المالية التي تصل إلى مليارات اليوروهات، فضلاً عن ضمانات تحديث الاتحاد الجمركي، تؤكد حقيقة أنّ الاتفاقية مربحة في المقام الأول لنظام أردوغان، وليس للاتحاد الأوروبي.

العدالة والتنمية: هناك حدود للعبء الذي تتحمله تركيا ويتعين على الجانب الأوروبي النظر من منظور أوسع للتعاون

 

 ويضيف الكاتب: للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رأي مختلف، حتى إنها، على خلفية صياغة مسودة اتفاقية جديدة، التقت بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإقناعه بضرورة تمديد الإجراءات السارية منذ العام 2016.

 ولكن، بالإضافة إلى فرنسا، هناك اليونان وقبرص والنمسا وبلجيكا، التي تنتقد أنقرة بشدة، مؤكدة عدم جواز تمويل نظام ينتهج سياسة خارجية شديدة العدوانية وينتهك المبادئ الأوروبية الأساسية.

 ولفت الكاتب الروسي إلى أنّ موقف ميركل لم يعد يحظى بالدعم حتى داخل بلدها، يتضح ذلك من تعليقات العديد من السياسيين الألمان، فوفقاً للعضو السابق في البرلمان الأوروبي فرانزيسكا برونتنر، "لا ينبغي لألمانيا أن تغلق عينيها وتروّج لفكرة تطوير اتحاد جمركي، فتصرفات أردوغان لا تعطي سبباً لذلك".

 ووفقاً لتقرير معهد الأبحاث الاقتصادية بميونيخ، فإنّ تعميق الروابط التجارية سيكون بمثابة انتصار كبير لأنقرة: "يمكن أن تنمو الصادرات الزراعية بنسبة 95%، وتصدير الخدمات بنسبة 430%"، وأردوغان يدرك ذلك، بل ويدرك أنّ تحقيق هذه الفوائد مجتمعة ممكن فقط مع أنغيلا ميركل، وهذا ما يفسر تكثيف الزعيم التركي الاتصالات مع المستشارة الألمانية في الأسابيع الأخيرة، فبعد انتخابات البوندستاغ، المقرر إجراؤها في أيلول (سبتمبر)، سيفقد أردوغان "محاميه الرئيس" في أوروبا، الذي يمكنه غضّ الطرف عن ارتكابات الرئيس التركي وحماية مصالح بلده الاقتصادية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية