مركز شُرفات للدراسات يصدر تقريره الثاني عن مؤشر الإرهاب في الأردن

مركز شُرفات للدراسات يصدر تقريره الثاني عن مؤشر الإرهاب في الأردن


01/03/2020

كشف مركز "شُرفات" لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب؛ أنّ معظم من يتم تنظيمهم في داعش يتم عن طريق دعاية التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي،  وأنّ جميع من نفذوا تفجير الفحيص والسلط، باستثناء واحدٍ، لديهم خبرات تقنّية وعلمية في المتفجرات والهندسة والحاسوب.

وأصدر مركز "شُرُفات" تقريره عن مؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2019 للعام الثاني على التوالي، بعد أن أصدر تقريره الأول 2018 الموسع والتأسيسي لظاهرة الإرهاب في الأردن منذ استقلال المملكة الهاشمية عن الانتداب البريطاني، ٢٢ آذار (مارس) عام 1946.

وقال رئيس المركز، الدكتور سعود الشرفات، في مؤتمر صحفي عقد في فندق البريستول؛ إنّ الهدف من التقرير بناء قاعدة معلومات دقيقة ورسمية عن وضع الإرهاب في الأردن.

الشرفات: لا يكفي أن نعتمد على الأرقام والتقويمات الغربية لحالة الإرهاب في الأردن ولدينا أرقام رسمية

وقال الشرفات: "لا يكفي أن نعتمد على الأرقام والتقويمات الغربية لحالة الإرهاب في الأردن، ولدينا أرقام رسمية، على سبيل المثال؛ تقول المعلومات الرسمية إنّ عدد الأردنيين الذين التحقوا في تنظيم داعش الإرهابي يبلغ 1250 شخصاً، على عكس الأرقام الغربية، التي وصلت في عدة تقارير إلى أكثر من 3000 شخص.

وأوضح الشرفات؛ علينا أن نعتمد على أرقام وإحصائيات ونتخلص من الاعتماد على قراءات أبو محمد المقدسي وغيره، وعلى "المختصين" في الجماعات الإسلامية.

وكشف الشرفات أنّ المركز مستقل ولم يتلقَّ أيّ دعم من أية جهة داخلية أو خارجية.

وقدمت مسؤولة العمليات في المركز، الدكتورة خولة الحسن، ملخصاً للتقرير أكدت فيه أنّ الهدف من التقرير هو الاعتماد على لغة الأرقام كمرجعية لأية قراءة أو تحليل لظاهرة الإرهاب في الأردن.

وأوضحت أنّ وضع الأردن تحسّن على "مؤشر الإرهاب العالمي" لعام 2019 بمقدار أربع درجات؛ حيث احتل المرتبة (64) بعد أن كان يحتل المرتبة (60) دولياً على "مؤشر الإرهاب العالمي" 2018؛ الذي يصدره "معهد الاقتصاد والسلام" في سيدني ويقيس آثار الإرهاب في (163) دولة في العالم.

وركزت الدكتورة الحسن في حديثها على وصف هؤلاء الجماعات بـ "الذئاب المنفردة" وعلى استخدام مصطلح "الجماعات الإسلاموية".

وقالت الحسن؛ "في التقارير المقبلة سوف نركّز على المحاور في هذا الوباء الذي أصاب مجتمعاتنا وندخل في عمق أكثر في كلّ محور من أجل الوصول إلى معالجات حقيقية لهذه الظاهرة".

الحسن: الهدف من التقرير هو الاعتماد على لغة الارقام كمرجعية لأية قراءة أو تحليل لظاهرة الإرهاب في الأردن

وفي ما يلي نصّ التقرير

مؤشر الإرهاب في الأردن 2019.

المقدمة

للسنة الثانية على التوالي يقوم مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، عمّان-الأردن، بإصدار تقريره حول "مؤشر إرهاب في الأردن"؛ الذي يتناول بالتحليل المكثف العمليات الإرهابية ومؤشرات واتجاهات الإرهاب التي تحدث في الأردن سنوياً.

يدرك مركز شُرُفات أنّ الجزء الأكبر من مشكلة دراسة الإرهاب العالمي يتمحور حول إشكالية تحديد مؤشرات الإرهاب "الكمية"، وتأتي طبيعة هذه الإشكالية من جوهر مفهوم الإرهاب نفسه واختلاف وجهات النظر حوله، وسيطرة وجهة النظر الغربية والأمريكية تحديداً في حقل الدراسات والأبحاث في هذا المجال.

ولقد فاقم من زيادة هذه المشكلة حقيقة عدم وجود مؤشرات كمية للإرهاب في الوطن العربي؛ ولذلك بادر مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب وأخذ على عاتقه بجهود شخصية وتمويل ذاتي مهمة بناء وإصدار "مؤشر الإرهاب في الأردن".

وها هو اليوم يُصدر تقريره للسنة الثانية على التوالي، بعد أن أصدر تقريره الأول 2018م، الموسع والتأسيسي لظاهرة الإرهاب في الأردن، منذ استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عن الانتداب البريطاني 22 آذار عام 1946

يهدف التقرير إلى التوعية المجتمعية، ونشر ثقافة مقاومة الإرهاب بكافة أشكاله، وتزويد صانع القرار والخبراء ومراكز البحث والدراسات ومؤسسات المجتمع المحلية والعالمية بالدراسة والتحليل الموضوعي والدقيق لظاهرة الإرهاب العالمي واتجاهاته المستقبلية بما يساعد ويساهم في دراسة ومقاومة هذه الظاهرة وحماية السلم العالمي، وسيركز تقرير هذا العام على موضوع الإرهاب وقطاع الشباب في الاردن.

المنهجية

يتكون مؤشر الإرهاب في الأردن من (27) مؤشراً فرعياً، ويعالج "بمنهجٍ كلانّي" غير متحيّز ظاهرة الإرهاب في الأردن بكافة أشكاله وأنواعه، الذي تمارسه كافة الجماعات، والمنظمات والأفراد لتحقيق أهداف سياسية مهما كانت إيديولوجيتها أو أهدافها أو دوافعها وفق التعريف الإجرائي الذي يعتمده المركز للإرهاب العالمي؛ وهو عنف سياسيّ متعمَّد، أو التهديد به، بهدف زرع وبثّ حالة من الخوف والرعب والارتياب المستمر، ويستهدف الأهداف المدنية والعسكرية والأمنية، وتخطط له وتنفذه "أطراف فاعلة دون الدول".

ومنعاً للالتباس فإنّ المؤشر لا يتحدث عن "إرهاب الدولة"؛ بل يقتصر على إرهاب الجماعات والمنظمات والأفراد (الذئاب المنفردة)، التي نفذت على الساحة الأردنية أو ضدّ شعب الأردن أو مصالحه في الخارج، ولا يشمل العمليات المحبطة (التي لم تنفذ فعلاً).

خريطة الإرهاب العالمي عام 2019م

انخفض العدد الكلي لقتلى العمليات الإرهابية 2019م بنسبة 52% مقارنة مع ذروته عام 2014م، وذلك للسنة الرابعة على التوالي، حيث بلغ العدد الإجمالي لعدد العمليات الإرهابية 15952 ضحية، ويعود سبب الانخفاض بشكل رئيس لانخفاض العدد الكلي لقتلى الإرهاب في العراق ثم الصومال.

وشهدت خارطة الإرهاب العالمي عام 2019م الكثير من المؤشرات والاتجاهات الإيجابية بعد سنوات الجمر والرماد التي واكبت انطلاقة موجة إرهاب تنظيم داعش الذي وصل ذروته عام 2014م حين أعلن خلافته المزعومة واستولى على أراض في سوريا والعراق أكبر من مساحة بريطانيا .

فقد شهد عام 2019م أهم حدثين في مسيرة الإرهاب العالمي:

 الأول: هزيمة تنظيم داعش في معاقله الرئيسة في سوريا وتشتته وذوبانه في العراق. والثاني: مقتل زعيم التنظيم 27 تشرين أول (أكتوبر) 2019م وعدد من القياديين المهمين في التنظيم.

وقد تجلى هذا في انخفاض عدد قتلى العمليات الإرهابية التي تنسب إلى داعش بنسبة 69%، وانخفض عدد عمليات التنظيم بنسبة 63% عام 2019م، وانخفض العدد الكلي لأعضاء التنظيم في سوريا والعراق من 70000 مقاتل الى 18000 مقاتل عام 2019م.

في المقابل؛ مع أنّ ظاهرة الإرهاب العالمي شهدت بعض الانحسار، فقد شهدت خارطة الإرهاب بعض الاتجاهات السلبية؛ وعلى رأسها أنّه رغم انخفاض عدد القتلى نتيجة العمليات الإرهابية إلا أنّ نطاق العمليات الإرهابية توسع وتعولم أكثر؛ حيث طال الإرهاب (عملية إرهابية واحدة على الأقل) ما مجموعه 103 دولة في العالم، وهو ما يعني حاجة المجتمع الدولي لاستمرار التعاون في مكافحة الإرهاب.

أحد أهم الاتجاهات السلبية والخطيرة للإرهاب هذا العام 2019م، وفي العقد القادم؛ هو زيادة خطورة "الإرهاب الأبيض"؛ أي إرهاب "جماعات اليمين المتطرف"، وما يسمى اليمين البديل في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا والجزر، ودليل ذلك ارتفاع نسبة عمليات "اليمين المتطرف"، بنسبة هائلة بلغت 320% خلال السنوات الخمس الماضية، وقد بلغ عدد قتلى العمليات الإرهابية التي تنسب لليمين المتطرف 77 قتيل حتى أيلول 2019م .

مع الإشارة الى أن هذا النوع من الإرهاب كان أكثر خلال العشر سنوات الماضية ، حيث سجل 322 عملية إرهابية تنسب إلى جماعات اليمين المتطرف، مقارنة بما مجموعه 1,677 عملية خلال العشر سنوات، بين عام 1980-1970. كما أنّ 60% من عمليات اليمين المتطرف خلال الفترة ما بين 1970-2018م نفذها أفراد ليس لهم ارتباطات تنظيمية محددة مع جماعات اليمين المتطرف (ذئاب منفردة)، مقارنة بما نسبته 10% فقط نفذها أفراد ينتمون تنظيمياً لجماعات اليمين المتطرف، ولقد انعكست خارطة الإرهاب العالمي أعلاه على الأوضاع في الأردن بشكلٍ إيجابي جداً.

مؤشر الإرهاب – حالة الأردن 2019

بلغ عدد "العمليات الإرهابية" في الأردن، خلال الفترة ما بين 1970 وحتى آخر إحصاء بتاريخ 31-12-9201، ما مجموعه (313) عملية إرهابية، نتج عنها ما مجموعة (156) حالة وفاة، وما مجموعه (300) جريحاً.

وبلغ عدد العمليات المجهولة (49) عملية، بنسبة (48%) من العدد الإجمالي للعمليات، بينما بلغ عدد العمليات التي تنسب إلى جماعات إسلاموية (32) عملية، بنسبة (%21.7) منها (9) عمليات تنسب لتنظيم داعش، وبدأت منذ أواخر 2015م، وآخرها عملية طعن السياح في جرش (6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019)، و(4) عمليات تنسب لتنظيم القاعدة في العراق-الزرقاوي (من ضمنها (3) عمليات الفنادق في عمان التي تنسب إلى الزرقاوي/ تنظيم التوحيد والجهاد أو القاعدة في العراق)، وعملية (1) واحدة تنسب لكتائب عز الدين القسام التابعة لحركة لحماس.

وكانت نسبة العمليات التي نفذها تنظيم داعش (7.9%) من المجموع الكلي للعمليات، الذي أخذ باستهداف الساحة والمصالح الأردنية منذ 9-11-2015م.

وتظهر البيانات المتوفرة لدى المركز ظاهرة إرهاب في الأردن (1970-2019) بأنّ ظاهرة الإرهاب في الأردن، خاضعة لما يسمى "الدوارات الموسمّية"؛ بمعنى أنّها مرتبطة بسيرورة الأحداث والتطورات الجيوسياسية، داخلياً وخارجياً؛ خاصة في ظلّ انخراط الأردن بعمق في سيرورة العولمة؛ حيث يحتل المرتبة (38) على مؤشر العولمة 2019م، الذي يصدره "معهد الاقتصاد السويسري" (kof).

وتدلّ المؤشرات الفرعّية إلى أنّ معدل حدوث عمليات إرهابية في الأردن هو (2) عمليتان سنوياً، وأنّ المدنيين هم أكثر ضحايا الإرهاب في الأردن، وأنّ عمان (الكبرى) هي الأكثر استهدافاً وتعرضاً للإرهاب، وأن "أسلوب التفجيرات" هو أكثر الأساليب الإرهابية استخداماً في الأردن، وأقلها هو أسلوب العمليات الانتحارية.

تعرّض الأردن لـ (9) عمليات من "الذئاب المنفردة"، وهذا المؤشر الفرعي مرشح للزيادة مستقبلاً، فيما بلغ عدد المعتقلين الأردنيين بقضايا الإرهاب في مراكز الإصلاح والتأهيل الأردنية، في النصف الأول من عام 2019، ما مجموعه (623) معتقلاً.

تحسن الوضع في الأردن 2019م

تحسن وضع الأردن على "مؤشر الإرهاب العالمي" عام 2019م، بمقدار أربع درجات، حيث احتل المرتبة (64) بعد أن كان يحتل المرتبة (60) دولياً على "مؤشر الإرهاب العالمي" 2018م الذي يصدره "معهد الاقتصاد والسلام" في سيدني الذي يقيس آثار الإرهاب في (163) دولة في العالم.

وضمن تصنيف مؤشر الإرهاب (من مرتفع جداً – متوسط – منخفض – منخفض جداً – غير موجود ) صُنف الوضع في الأردن على أنّه "منخفض"، بعد أن كان ضمن "متوسط" العام الماضي.

لكنّ الأردن شهد ارتفاعاً في مؤشر (عدد العمليات، عدد القتلى، عدد الجرحى ) عام 2018م مقارنة مع عام 2017م؛ فقد بلغ عدد العمليات عام 2018م 4 عمليات نتج عنها 8 وفيات، و16 جريح. بينما شهد عام 2017م 2 عمليات، نتج عنها وفاة واحدة وجريح واحد فقط.

ونلاحظ هنا أنّ قاعدة بيانات الإرهاب العالمي التي يعتمد عليها "مؤشر الإرهاب العالمي" لمعهد الاقتصاد والسلام احتسب عملية الفحيص الإرهابية 10 آب (أغسطس) 2018م ، ولم يحتسب عملية السلط الإرهابية التابعة لها، بتاريخ 11آب (أغسطس) 2018م، التي نتجت عنها وفاة 3 من رجال الأمن وجرح 11 آخرين.

وشهد الأردن نهاية عام 2019م (الأربعاء 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019) عملية طعن بسكين للسياح في جرش، نتجت عنها إصابة 8 أشخاص بجروح بسيطة: (4) أردنيين و(3) من المكسيك و(1) من سويسرا.

وقد نفذ العملية شاب يدعى مصطفى محمد سلمي أبو رويس، وهو من أبناء مخيم (سوف) للاجئين الفلسطينيين، ويبلغ من العمر 22 عاماً، وهو "ذئب منفرد"؛ تدل كافة المؤشرات التي جمعها المركز من مصادر مختلفة على أنّه متطرف تأثر بدعاية تنظيم داعش على وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ العملية.(لا تفصيلات رسمية عن القضية بعد ذلك).

الإرهاب والشباب في الأردن

يقف الشباب العربي في الحقبة المعاصرة من العولمة في قلب خارطة الإرهاب العالمي.

فالشباب وقود منجم الإرهاب اليوم في معظم التنظيمات الإرهابية ذات الصبغة الإسلاموية (القاعدة داعش، بوكو حرام، الشباب في الصومال، وطالبان باكستان وأفغانستان)؛ حيث تتميز هذه الجماعات بأنّها الأكثر تجنيداً للشباب مقارنة مع كافة الجماعات الإرهابية العالمية، خاصة جماعات اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، ويشكل قطاع الشباب في تنظيم داعش مثلاً، أكثر من ٩٠٪؜.

في الوقت نفسه؛ فإنّ المقاربة التي تدعي أنّ الشباب الذين تجذبهم الجماعات الإرهابية أو ينتمون لهذه التنظيمات يتعرضون لغسل دماغ أو أنهم فقراء معدمون لا يجدون قوت يومهم وعاطلون عن العمل أو مهمشون؛ هي مقاربة مظللة وخاطئة تنزع عنهم الحافز والإدارة والتخطيط وحرية الإرادة والعقلانية، ولا تساعد أبداً في فهم وتحليل أسباب توجه الشباب للتطرف والإرهاب؛ ذلك أنّ البحث عن معنى للحياة والهروب من انسداد الأفق لدى الشباب، مهما كان مستوى تعليم، عامل حاسم في كافة مراحل عملية التجنيد .

وبهذا المعنى؛ تشهد حقبة الإرهاب العالمي الحالية كثيراً من الاتجاهات الجديدة والمميزة، منها أن دولاً مثل (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والسويد والنرويج والدنمارك) كانت مسؤولة عن (5000) من المتطرفين والإرهابين الإسلاميين الشباب، ذكوراً وإناثاً، إلى مناطق الصراع التي فتحت ثورات الربيع العربي أبوابها وخاصة في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال .

الجماعات الإرهابية تستهدف فئة الشباب، ومعظم الذين ارتكبوا عمليات إرهابية على طول عمر ظاهرة الإرهاب العالمي كانوا من الشباب (ذكور وإناث)، خاصة في الجماعات القومية واليسارية، ووفق تقرير نشره "المركز الدولي لدراسة الراديكالية" التابع لجامعة كينغز كوليج –لندن؛ فإنّ هناك حوالي 41,490 ألف شخص أجنبي التحقوا بتنظيم داعش خلال الفترة بين 2013-2018م معظمهم من الشباب.

أن الدول العربية التي تأثرت أكثر بموجات ما يسمى بالربيع العربي 2010م، والأزمة في سوريا مثل الأردن، تعرضت لعمليات إرهابيه اكثر. كما أن 9ّ % من مجموع قتلى العمليات الإرهابية و96% من مجموع العمليات الإرهابية عالمياً حدثت في الدول التي تعاني من صراعات عسكرية، والدول التي تعاني من ارتفاع مؤشرات الإرهاب السياسي، وانتشار الفساد والهشاشة السياسة، وكانت على رأسها الدول العربية .

وتؤكد إحصائيات كثيرة لمراكز دراسات غربية ومكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة إلى أنّ عدد المقاتلين الأردنيين في سوريا يتراوح ما بين 3000- 4000 مقاتل (هناك خلافات وتباينات كبيرة في الأعداد العدد الرسمي الأردني منذ بداية الأزمة 1201م هو 1250 مقاتلاً) .

هذا يعني أنّ الأردن أكثر الدول العربية تصديراً للمقاتلين مقارنة بعدد السكان متفوقة على تونس والسعودية ومصر، ومعظم هؤلاء المقاتلون هم من قطاع الشباب.

لقد أصبحت مشكلة هؤلاء الشباب مشكلة مؤجلة بالنسبة للأردن، خاصة بعد هزيمة تنظيم داعش في آخر معاقله في سوريا وتشتت التنظيم في العراق ودخول تركيا على خط ملف "المقاتلين الإرهابين الأجانب" في سوريا.

من هنا يأتي خطر الإرهاب وارتباطه بقطاع الشباب في الأردن؛ ومن حقيقية ارتباطه وتأثره الواسع والعميق بقطاع الشباب المتعلمين من مختلف التخصصات وتحديداً العلمية، خاصة إذا علمنا أنّ المجتمع الأردني مجتمع شاب، وعلى مستوى عالي من التعليم.

فعدد السكان الأردنيين 2018م بلغ (10) مليون نسمة، معظمهم من الشباب ما دون سن 30، وبنسبة 70 % من مُجمل السكان، وما بين سن 15-24 بنسبة 22 % من مجمل السكان، بحسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة، التي تتوقع أن يصل عدد سكان الأردن إلى 13 مليون عام 2030م، وأن يصل إلى "الفرصة السكانية" أو ما تسمى "النافذة الديمغرافية".

كل هذا يأتي في ظلّ ظروف صعبة تواجه فئة الشباب؛ حيث تصاعدت نسب البطالة بين الشباب بشكل عام، وتعاني فئة الشباب المتعلم نسب بطالة عالية تقدر بـحوالي 61٪؜ من مجمل العاطلين عن العمل للفئة العمرية 20-29 عاماً، منهم 43% من ذكور.

أن هذا الواقع يجعل قطاع الشباب عُرضة للهشاشة والضعف والفقر والفشل في توفير سبل العيش الكريم لهم ولعائلاتهم، وهذه عوامل اقتصادية تسهل و"تساعد" كثيراً بجعلهم أهدافاً سهلة للتطرف العنيف وفئة مستهدفة للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية أو حتى الجريمة والانحراف من خلال آليات العولمة التكنولوجية خاصة وسائل التواصل الاجتماعي.

لكنها حتماً ليست السبب الرئيس للتطرف العنيف والإرهاب؛ لأنّ هناك مصفوفة طويلة ومعقدة من الأسباب؛ مختلفة الأوزان النسبية: اجتماعية سياسية، ثقافية، دينية، تكنولوجية تساهم بشكلٍ كلاني في صياغة توجهات الشباب ودفعهم إلى ممارسة الإرهاب.

ونُذكّر هنا – على سبيل المثال فقط – بآخر عملية إرهابية في الأردن؛ حيث كان منفذ عملية طعن السياح في جرش شاب عمره 22 عاماً يبيع المياه للسياح في جرش.

وعندما قامت "دائرة المخابرات الأردنية"، بتاريخ 13 أيلول (سبتمبر) 2018م، بالكشفِ عن هوية أفراد الخلية الإرهابية التي نفذت عمليات الفحيص، بتاريخ 10 آب والثانية السلط بتاريخ 11آب (أغسطس) 2018م، ونتج عنهما مقتل (5) من رجال الأمن، و(3) من الإرهابين، وجُرح ما مجموعه (16) آخرين؛ تبين أنها مكونة من (7) أفراد جميعهم من فئة الشباب، وقد اعترفوا بانتمائهم لتنظيم داعش عن طريق دعاية التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي، وجميعهم –باستثناء واحدٍ – لديهم خبرات تقنّية وعلمية في المتفجرات والهندسة والحاسوب؛ (٣) يحملون شهادة البكالوريوس، و(3) منهم يحملون دبلوم هندسة من كلية البوليتكنك، (2) منهم هندسة ميكانيك، والثالث هندسة مدنية .

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية