مزدوجو الجنسية في إيران: رهائن في قبضة الملالي لابتزاز الغرب

مزدوجو الجنسية في إيران: رهائن في قبضة الملالي لابتزاز الغرب


06/05/2021

صعد ملفّ مزدوجي الجنسية في إيران، مؤخراً، على تخوم المفاوضات الجارية، في العاصمة النسماوية فيينا، والتي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، حيث يرى مراقبون أنّ طهران تعمد إلى استخدام هذه القضية باعتبارها "ورقة ابتزاز" للتفاوض والضغط بهدف الحصول على مكاسب سياسية، رغم "التفاهمات الإيجابية" التي وصل إليها المنخرطون في المحادثات التي تشارك فيها الولايات المتحدة، بصورة غير مباشرة، إلا أنّ ثمّة تعقيدات متفاوتة ما تزال تعيق التوصل إلى صفقة نهائية وتامّة بخصوص هذا الملفّ الذي يشهد تجاذبات بين واشنطن وطهران، وقد أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنّ "الطريق طويل" حتى العودة إلى اتفاق عام 2015.

سياسة طهران للتفاوض والضغط

برزت أزمة المواطنين الإيرانيين الذين يحملون جنسيات غريبة بالتزامن مع الجولة الثالثة لمفاوضات فيينا، التي انطلقت الجلسة الرابعة منها، مطلع الشهر الحالي، وذلك بعد تسريب أنباء عن التوصّل إلى صفقة لتبادل أربعة سجناء بين الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى الإفراج عن سبعة مليارات دولار من الأرصدة المالية الإيرانية المجمدة، وهو الأمر الذي سارعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى نفي صحته، وقال الناطق الرسمي بلسان الخارجية، سعيد خطيب زاده: "التقارير المنسوبة إلى مصادر مطلعة هي غير مؤكدة"، مضيفاً أنّ "وضع السجناء كان، وما يزال، مسألة إنسانية على جدول أعمال الدولة في إيران، بيد أنّه خارج أيّة محادثات ومسارات أخرى سواء كانت بشأن الاتفاق النووي أو غيره".

ثمة ضغوطات عديدة على إيران لمراجعة أوضاع السجناء الذين جرى اعتقالهم بتهمة "التجسس"؛ إذ إنّها التهمة الوحيدة التي تلاحق مزدوجي الجنسية تحديداً، وتتعرض هذه الفئة إلى انتهاكات حقوقية جمّة، وملاحقات قضائية مستمرة من قبل نظام الملالي، بينما تتراوح أعداد المقبوض عليهم، بحسب تقارير حقوقية بين 30 إلى 50 شخصاً.

وفي مطلع العام الحالي، أصدرت السلطات القضائية في طهران مذكرة توقيف بحقّ إيراني يحمل الجنسية الأمريكية، دون ذكر اسمه، لكن الناطق بلسان القضاء، غلام حسين إسماعيلي، أوضح أنّه تم الاعتقال أثناء محاولته مغادرة البلاد، مشيراً إلى أنّ "المتهم كان مطلق السراح بكفالة.. واعتُقل أثناء محاولته مغادرة البلاد".

هيومن رايتس ووتش: على إيران أن تتوقف عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية، واحترام حقوق الإنسان الأساسية

يرى المحلل السياسي والمعارض الإيراني، مهيم سرخوس، أنّ اعتقال مزدوجي الجنسية في إيران مجرد "ورقة تفاوض" بهدف "إبتزاز" القوى الغربية والولايات المتحدة في إطار الصراعات القائمة بينهم على ملفات سياسية وإقليمية متباينة. واتّهم، قبل أيام، ريتشارد راتكليف، زوج البريطانية الإيرانية المحتجزة في سجون الحرس الثوري، نازنين زاغري، بريطانيا، بالتهاون في حقوق مواطنيها، وشدّد على ضرورة فرض عقوبات على النظام الإيراني، كما رأى زاغري "رهينة" في إطار صراع سياسي بين البلدين.

مواقف الغرب المتساهلة

وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، قال إنّ اعتقال زاغري يرقى إلى أن يكون عملية "تعذيب"، وأضاف لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "نازنين محتجزة بشكل غير قانوني من وجهة نظري، ووفق القانون الدولي، وأعتقد أنّها تعامل بالطريقة الأكثر تعسفاً وإساءة"، وتابع: "أعتقد أنّ الطريقة التي تعامل بها ترقى إلى التعذيب، والإيرانيون ملزمون، بشكل واضح، وبلا لبس، الإفراج عنها".

ويشير المحلّل السياسي والمعارض الإيراني، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "القائمة تطول بخصوص المعتقلين تعسفياً في سجون الحرس الثوري الإيراني، خاصّة من مزدوجي الجنسية، حيث إنّ هناك العديد من الشخصيات تعرضوا للاعتقال، بعضهم معروف والبعض الآخر مجهول، وفي العموم تتكتم طهران على ظروف وملابسات احتجاز مزدوجي الجنسية، وكذا نشاطها العدائي بحقّ مواطنيها من حاملي الجنسيات الغربية"، لافتاً إلى أنّ "الموقف العدائي من قبل النظام الإسلامي في طهران باتجاه هذه الفئة التي تتعرض للنبذ والقمع؛ حيث لا يُعترف بأيّ إيراني مزدوج الجنسية، لا يكشف وجود اضطهاد تقليدي، كما هو الحال مع غيرهم من الفئات المضطهدة، إنّما يفضح استغلال النظام لكافة الأدوات وتوظيفها لصالح إدارته السياسية والبراغماتية مع القوى الغربية؛ حيث تعدّ هذه المسألة من بين وسائله للضغط والمساومة والتفاوض، وقد اعتاد عمليات الابتزاز، منذ أول حادثة احتجاز للرهائن الأمريكيين، في أعقاب الثورة عام 1979".

المعارض الإيراني مهيم سرخوس لـ"حفريات": اعتقال مزدوجي الجنسية في إيران مجرد "ورقة تفاوض" بهدف "إبتزاز" القوى الغربية والولايات المتحدة في إطار الصراعات القائمة داخل النظام

ويردف: "ومثلما يستخدم النظام الإيراني هذه الورقة للضغط على الولايات المتحدة بالتزامن مع الجولات التفاوضية لإحياء الاتفاق النووي في فيينا، فإنّ اعتقال المواطنة الإيرانية البريطانية يؤكد الأهداف والآليات التي يقف عليها الملالي ويتبناها في صراعات الخارجية؛ حيث يتم استغلال قضية زاغري في إطار مطالبات طهران بالدين التاريخي لها لدى بريطانيا، والذي يرجع للعام 1976، وتصل قيمته لنحو 400 مليون جنيه إسترليني، واللافت أنّ المبلغ كان بخصوص صفقة سلاح بين الحكومة البريطانية ونظام الشاه قبل سقوطه، وقد تمّ تجميد الصفقة بعد إعلان الجمهورية الإسلامية".

إدانة أممية

وتتفق والرأي ذاته، مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، والتي قالت إنّ "محاكمات السلطات الإيرانية الجائرة وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز لا تقتصر على المواطنين الإيرانيين، بل تمتد للأجانب"، وشددت على ضرورة أن "تتوقف إيران عن استخدام الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الرعايا الأجانب كجزء من سياستها الخارجية، ومعاملة كلّ مواطن إيراني وأجنبي على حدّ سواء، واحترام حقوق الإنسان الأساسية".

وبحسب وزير الخارجية البريطاني؛ فإنّ احتجاز زاغري جزء من "لعبة القط والفأر التي يلجأ إليها الإيرانيون، أو بالتأكيد جزء من النظام الإيراني، ويحاولون استخدامها للضغط على المملكة المتحدة".

وقبل أيام، دان أفراد من أسر الأوروبيين المعتقلين في طهران الدول الأوروبية، متهمين إياها بـ "التساهل مع النظام الإيراني في مسألة الإفراج عن ذويهم"، وذكروا في تصريحات صحفية؛ أنّ "جهود الدول الأوروبية لإنهاء احتجاز أقاربهم في إيران، باءت بالفشل"، ورأوا أنّ "الدول الأوروبية تتساهل مع إيران، ويجب عليها أن تكون أكثر شجاعة"، بينما قالت شري إيزدي، زوجة أنوشه آشوري، وهو إيراني يحمل الجنسية البريطانية: "لا أعلم السبب وراء عدم مواجهة الدول الأوروبية لإيران، نحن أمام احتجاز رهائن".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية