مستشفى للحمير والخيول للمرة الأولى في فلسطين

فلسطين

مستشفى للحمير والخيول للمرة الأولى في فلسطين


05/01/2020

المشاهد المؤلمة لحيوانات تعرضت للتعذيب، أو أساء أصحابها معاملتها، دفع بمضيفة الطيران البريطانية "لوسي فينسوم"، إلى إنشاء الجمعية البريطانية لحماية الحمير الفلسطينية، بعد أن شاهدت حماراً مصاباً خلال جولتها السياحة في فلسطين خلال العام 2000م، حيث قررت حينها اصطحاب الحمار لتلقي العلاج في المملكة المتحدة ومتابعة حالته الصحية لحين إتمام شفائه كاملاً.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد الحيوانات الأليفة المسنين على تخفيف آلامهم؟

وعلى مساحة متواضعة بمدينة نابلس يوجد الملجأ الآمن للحمير، أو ما يعرف محلياً بـ"مستشفي الحمير"، والذي يعد الملجأ الوحيد من نوعه في الأراضي الفلسطينية الذي يقدم الرعاية والعلاج للحيوانات العاملة من الفصيلة الخيلية كالحمير والبغال والأحصنة، وتقديم التوعية والإرشاد لأصحاب هذه الحيوانات من أجل العناية والرفق بها.

 يعد الملجأ الوحيد من نوعه بفلسطين الذي يقدم الرعاية والعلاج للحيوانات العاملة من الفصيلة الخيلية

الأول من نوعه في فلسطين

بدوره، يقول الطبيب البيطري ركان السلعوس إنّ "الملجأ يعد الأول من نوعه على مستوى فلسطين الذي يهتم برعاية وتقديم العلاج إلى الحيوانات العاملة مجاناً والتي تتعرض لكسور وجروح أثناء عملها أو إساءة معاملة من قبل أصحابها، وذلك للحفاظ على صحتها، وتوعية أصحابها بشؤون الرفق والعناية بها، وكيفية التعامل معها".

الكثير من الحيوانات في الأراضي الفلسطينية تقع ضحية للاستخدام الخاطئ للأدوية البيطرية من قبل أصحابها بدون استشارة من المختصين

ويضيف في حديثه لـ "حفريات" أنّ "المستشفى يضم إسطبلاً يحتوي على 7 عنابر تتسع لحيوان أو أكثر، بالإضافة إلى عيادة بيطرية لتقليم أظافر وحوافر الخيول والحمير وبرد أسنانها، وغرفة عمليات مجهزة لإجراء العمليات الجراحية الطارئة للحيوانات، مبيناً أنّ الملجأ يضم 45 حيواناً ما بين حمير وخيول وبغال، ويستقبل العشرات من الحالات أسبوعياً وشهرياً، والتي تتعرض لإصابات وحوادث متنوعة، وهو يعكس تغير النظرة السلبية لدى المجتمع الفلسطيني في كيفية التعامل مع الحيوانات".

اقرأ أيضاً: مشاعر مشتركة بين الإنسان وبعض الحيوانات.. هل تعرفها؟

ولفت إلى أنّ "الحيوان في الملجأ توضع له رقاقة إلكترونية في داخل جسده، ويجهز له ملف طبي، ويتم منحه اسماً خلال فترة علاجه في المستشفى الذي تديره مجموعة من المختصين والأطباء البيطريين، مشيراً إلى أنّ الحيوانات التي يستقبلها الملجأ تبين مدى جهل الطبقة الفقيرة في المجتمع والذين يمتلكون هذه الحيوانات في كيفية التعامل معها، نتيجة تعرضها للضرب المبرح أو لكسور وجروح، نتيجة لاستخدامها في عمليات البناء والزراعة والنقل من قبل أصحابها، وعدم الاكتراث بتوفير العلاج المناسب لها في حال تعرضها لبعض الإصابات والأمراض لارتفاع تكاليف العلاج لدى العيادات البيطرية الخاصة".

الملجأ يشمل عيادة طبية متنقلة تشتمل على مجموعة من المختصين

عيادة متنقلة

وتابع السلعوس أنّ "الملجأ يشمل عيادة طبية متنقلة تشتمل على مجموعة من المختصين والذين أدركوا حجم المأساة التي تتعرض لها الحيوانات العاملة، لتجوب القرى والمدن الفلسطينية لتقديم العلاج البيطري والمجاني للحيوانات، وتوعية أصحابها بكيفية التعامل معها، وتقديم كتيبات إرشادية لهم لتوعيتهم بكيفية علاجها والرفق بها".

اقرأ أيضاً: تعرّف على أشهر 8 حيوانات أصبحت رموزاً لدول
وعن الأنشطة التي يقوم بها المستشفى البيطري للتوعية بالرفق بالحيوانات، يقول السلعوس إنّ "الملجأ يسعى للوصول للمناطق النائية والفئات التي تمتلك الحيوانات العاملة والأطفال من أجل توعيتهم وتقديم النصائح لهم بطرق حماية هذه المخلوقات وكيفية التعامل معها برفق حتى لا تتعرض لأي إصابات أو كسور قد تفقدها حياتها، من خلال اللجوء إلى المدارس بالمدينة وتقديم المحاضرات التوعوية لهم عن كيفية التعامل الصحيح مع هذه الحيوانات، والتي أتت في كثير من الأحيان بنتائج إيجابية وتغير واضح في سلوك أصحاب هذه الحيوانات في طرق التعامل معها وعلاجها".

ويشير إلى أنّ "المستشفى يتلقى العديد من الاتصالات من أصحاب بعض الخيول والحمير للكشف عن الحالة الصحية لبعض الحيوانات التي أصبحت لا تقوى على العمل نتيجة تعرضها لإصابة أو مرض مفاجئ، حيث يتم اصطحابها للملجأ وإخضاعها لكشف طبي كامل، وتقديم العناية الطبية لها بشكل عاجل، ويتم مبيتها بداخل الملجأ حتى تتماثل للشفاء بشكل كامل".

المستشفى البيطري في مدينة نابلس يمثل نقلة نوعية هي الأولى في مجال تقديم الخدمات البيطرية

غياب ثقافة الاهتمام بالحيوانات

ويعد عدم اهتمام الناس وإيمانهم بثقافة الرفق بالحيوانات وتقديم العلاج المناسب واللازم لها، وإهمالها وقت ضعفها ومرضها، وفق السعلوس، من أحد أبرز الأسباب التي قد تحول دون تقديم التبرعات اللازمة لاستمرار عمل الملجأ الوحيد في الأراضي الفلسطينية، وتقديم الخدمات البيطرية الضرورية للحيوانات العاملة، مع حاجة السكان للتوعية والإرشاد بشكل أكبر لاحترام حقوق الحيوانات وطرق التعامل معها وعدم إيذائها تجنباً لفقدان حياتها".

اقرأ أيضاً: الحوثيون يواصلون انتقامهم من المدنيين... وجرائمهم تطال الحيوانات!

واستدرك أنّ "المركز بحاجة إلى المزيد من المعدات والأجهزة الطبية المتنوعة والتي يمكنها من الكشف والتشخيص المبكر عن الأمراض التي تتعرض لها الحمير والأحصنة والبغال، كأجهزة التصوير بالأشعة (X Ray)، ومختبر لإجراء التحالىل الطبية لها، ومعدات إلكترونية لرفع الحيوانات التي تحتاج لعمليات جراحية طارئة، حيث تخضع الحيوانات العاملة للتخدير الموضعي والكامل وفقاً للحالة الصحية لها ومكان إصابتها".

المركز بحاجة إلى المزيد من المعدات والأجهزة الطبية المتنوعة

نقلة نوعية

من جهته، يقول مدير دائرة الخدمات البيطرية أحمد أبو السعيد لـ "حفريات" إنّ "المستشفى البيطري في مدينة نابلس يمثل نقلة نوعية هي الأولي في مجال تقديم الخدمات البيطرية للحيوانات العاملة في الأراضي الفلسطينية، والتي تهدف إلى تطوير منظومة العمل البيطري، مشيراً إلى أنّ المستشفيات والعيادات البيطرية لها دور كبير في حماية الإنسان والحيوان من الأمراض المشتركة بينهما كأمراض السل والكلب والأنفلونزا وغيرها من الأمراض المعدية، والتي تؤثر على حياة الإنسان وتؤدي غالباً إلى الوفاة".

المستشفى يضم إسطبلاً يحتوي على 7 عنابر تتسع لحيوان أو أكثر، بالإضافة إلى عيادة بيطرية لتقليم أظافر وحوافر الخيول والحمير

ويضيف أبو السعيد أنّ "الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة تعاني من قلة الأطباء البيطريين، حيث بلغ عدد الأطباء في فلسطين 484 طبيباً بيطرياً منهم 122 طبيباً في قطاع غزة، غالبيتهم بلغوا سن التقاعد القانوني، ولم يتبق سوى 15 طبيباً فقط، في حين أنّ هناك 362 طبيباً في الضفة الغربية، وهي نسبة قليلة نسبياً بالنسبة لحاجة الحيوانات العاملة وغيرها للخدمات الصحية البيطرية".

وبيّن أن "المجتمع الفلسطيني لا يزال ينظر للطبيب البيطري بمستوى أقل من أقرانه من الأطباء البشريين وغيرهم، ويعتقدون أنّ مهمته فقط هي علاج الحيوانات فقط، في حين أنّ مهام الطبيب البيطري كبيرة ومتعددة، وهو عنصر أساسي في فحص الحيوانات التي يتغذى عليها البشر كالعجول والأبقار والأغنام قبل وبعد ذبحها بداخل المسالخ، للتأكد من خلوها من أية أمراض معدية قد تصيب الإنسان، وحماية الطيور والحيوانات النادرة من الانقراض، وتوعية الناس بوسائل حماية الحيوانات وبالأمراض التي تصيبها".

المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى المزيد من الأطباء البيطريين

الاهتمام بدراسة الطب البيطري

ولفت إلى أنّ "المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى المزيد من الأطباء البيطريين، وعلى الجامعات الفلسطينية أن تهتم بإنشاء كليات متخصصة بالطب البيطري، ودفع الأهالي من خلال عمليات التوعية والإرشاد لتشجيع أبنائهم على دراسة هذا التخصص، بالإضافة إلى لجوء الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية لابتعاث عدد من الطلبة للخارج لدراسة الطب البيطري، لأننا في حاجة ماسة لذلك التخصص في فلسطين، مع الاهتمام المتزايد من قبل بعض السكان لتربية الحيوانات وخاصة الأليفة منها".

وتابع أبو السعيد: "الكثير من الحيوانات في الأراضي الفلسطينية تقع ضحية للاستخدام الخاطئ للأدوية البيطرية من قبل أصحابها بدون استشارة من الطبيب المختص، والذي أدى إلى نفوق بعضها، حيث إنّ هذه الحيوانات بحاجة إلى الأطباء البيطريين لتقديم العلاج والطعام المناسب لها، وتثقيف أصحابها بكيفية التعامل معها، وعدم إهمالها في حال مرضها، وعرضها على الجهات الطبية المختصة، لتوفير الحد الضروري من الرعاية لها أو ما يعرف بالحريات الخمس وهي الطعام والعلاج والأمان والنوم والشراب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية