مستقبل النظام السياسي في إيران

مستقبل النظام السياسي في إيران


20/08/2020

يوسف بدر

يحكم الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاليًا، ما يُعرف بنظام “ولاية الفقيه”؛ وهو النظام الذي تشكل بعد سقوط العهد الملكي مع ثورة 1979م. ويقوم هذا النظام على منح السلطة الأعلى لمنصب رجل دين يُعرف باسم “المرشد الأعلى”، تكون له السلطة الأعلى على كافة السلطات؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية داخل النظام. وهو ما يعني أن رجل الدين في هذا المنصب لم يكتفِ بالسلطة الروحية؛ بل دمج معها السلطة الزمنية التي كانت في يد السلاطين والملوك، طوال تاريخ تطبيق نظرية “ولاية الفقيه”في الفقه الشيعي الإثني عشري منذ بدايات الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر عند الشيعة الإثني عشرية (المهدي المنتظر).

كيف ساهمت نظرية ولاية الفقيه في تعميق أزمة الحكم بإيران؟

نظرية “ولاية الفقيه”، هي فكرة تطورت طوال تاريخ الفكر السياسي الشيعي؛ محاولة الإجابة على سؤال: “ماذا بعد غيبة الإمام الثاني عشر؟”. حيث الدولة الشرعية العادلة في الفقه الشيعي، هي وحدها الدولة التي يقوم على رأسها إمام عادل، وهذا الإمام العادل لن يأتي إلا بتحقق شرطين، هما: “العصمة والوصية”، وهو ما استحال تحققه بعد غياب الإمام الأخير.

ولهذا، تاريخيًا، تمثل نظرية ولاية الفقيه؛ محاولة من جانب الفقهاء الشيعة للحفاظ على السلطة الروحية في يد رجل الدين، ضمانًا لعدم طغيان السلطان بمنحه السلطة المطلقة؛ بل شاركه فيها الفقهاء ورثة الأنبياء، كما صوغ الفقهاء.

  بعد ثورة 1979م في إيران، وبعد سقوط حكم الشاه الذي هو بمثابة السلطان صاحب السلطة الزمنية عبر تاريخ الفكر السياسي الشيعي، انتقلت هذه السلطة، إلى جانب السلطة الروحية في يد الفقيه، وهو ما تمثل في شخص “المرشد الأعلى” في إيران. وبذلك تعاظمت السلطة المطلقة في يد رجل الدين؛ ما فتح الخلاف بين الفقهاء حول مدى التعامل مع نظرية “ولاية الفقيه” كنظرية ملزمة للمجتمعات والأمة الشيعية. ولذلك ظهر فقهاء في العصر الحديث معارضون لهذه النظرية في الحكم، منهم، من داخل إيران: آية الله حسين علي منتظري (1922 – 2009)، وآية الله محمد الحسيني الشيرازي (1928- 2001) وآية الله عبد الحميد المعصومي، وآخرون.

وتشكلتْ الأزمة بشكل أكبر لدى الفقهاء الشيعة حول نظرية “ولاية الفقيه” في الخلاف حول مسألة إمكانية تعدد الولي الفقيه؛ لأن الالتزام بولي فقيه واحد؛ يعني احتلال منصب الإمام الغائب العادل. ويعني أيضًا تجاوز النصوص والأحاديث الدينية التي نصت على أحقية الفقيه العالم بوراثة الأنبياء وإرشاد الناس؛ وليس بوضع الحكم والسلطة المطلقة في يد شخص واحد.

إلى جانب الخلاف حول تفسير كيفية الالتزام بولاية فقيه واحد خارج قطر الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما أن التبعية لسلطة فقيه واحد؛ يعني تهديد سلطة رجال الدين الآخرين في المرجعيات الدينية داخل أو خارج إيران، ويعني القضاء على الأصوات المعارضة، وهو ما فتح باب الشقاق داخل البيت الفقهي الشيعي.

ملامح أزمة الحكم في إيران؟

رغم استتباب نظام “ولاية الفقيه” في إيران؛ إلا أن هذه النظرية السياسية في الحكم، ليست فحسب؛ لا تزال موضع خلاف بين الفقهاء، وإنما أيضًا أفرزت المرحلة التاريخية التي تشكلت فيها الدولة الإيرانية على هذه النظرية، إشكاليات وملامح لأزمة جديدة، نتناول منها:-

التناقض:

 ينص الدستور الإيراني على: “السيادة المطلقة على العالم وعلى الإنسان لله، وهو الذي منح الإنسان حق السيادة على مصيره الاجتماعي، ولا يحق لأحد سلب الإنسان هذا الحق الإلهي أو تسخيره في خدمة فرد أو فئة ما والشعب يمارس هذا الحق الممنوح من الله بالطرق المبينة في المواد اللاحقة.” (الفصل الخامس/المادة 56)؛ حيث يعطي للإنسان الحرية باسم الحق الإلهي؛ ثم يسلبه إياها باسم “المواد اللاحقة” التي هي تفسير بشري لنصوص وتعاليم دينية، وهو ما يفرض التطور والتغيير. وعمليًا يقوم هذه النظام بتسخير الإنسان في خدمة طبقة رجال الدين ومصالح الطبقات الاجتماعية المتعانقة معها.

الديكتاتورية المطلقة:

 ينص الدستور الإيراني على: “السلطات الحاكمة في جمهورية إيران الإسلامية هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة وذلك وفقاً للمواد اللاحقة في هذا الدستور، وتعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها بعضاً.”، وهو ما منح الولي الفقيه سلطة مطلقة وأعلى على السلطات الثلاثة، التي يمثل جزء منها سلطة الشعب التي يجب أن تسود وفق المفهوم الديموقراطي للحكم؛ حيث جاء رئيس الجمهورية إلى السلطة والنواب إلى البرلمان بانتخاب شعبي. وهو ما يفسر لماذا يرفع المتظاهرون شعار “الموت للديكتاتور” في التظاهر ضد نظام “الولي الفقيه”، الذي منحه سلطة أعلى من سلطة الشعب صاحب السيادة.

تعثر الانتقال إلى مرحلة الدولة:

 وجود الولي الفقيه على رأس هرم السلطة في إيران؛ لم يساعد الدولة الإيرانية على الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة؛ حيث ينوب الولي الفقيه عن الإمام الغائب في قيادة الأمة وإدارة شؤونها والقيام بمهام الحكومة الإسلامية وإقامة حكم اللّه على الأرض. وهو ما يعني أن الولي الفقيه في مهمة مستمرة لاستتباب دولة الله على الأرض، وهو ما سيجعل الشعب الإيراني ضحية لهذه الغاية التي يتولى مسئولية تنفيذها الولي الفقيه. وهذا أيضًا يفسر التعانق بين مؤسسة المرشد الأعلى والمؤسسات الحامية لمبادئ الثورة الإسلامية، مثل الحرس الثوري وقوات البسيج. وكذلك يفسر أسباب الدعم الذي يقدمه نظام ولاية الفقيه للمليشيات الشيعية والإسلامية خارج إيران، ولماذا يقوم بتثويرها.

ولادة جيل جديد:

 يمثل الشباب الفئة الأكبر من بين عدد سكان إيران، الذي تجاوز الثمانين نسمة؛ حيث 50% من السكان هم دون سن الثلاثين عامًا. وتمثل هذه الفئة الجيل الجديد الذي لم يعايش الثورة الإيرانية بشكل واع، وكذلك لم يتربى على أدبيات الثورة وحرب الدفاع المقدس ضد العراق.

وهذا ما سيمثل قوة وضعف للنظام الحالي؛ فهذا الشباب هو الجيل الجديد الذي سيحرس هذا النظام إن اعتنق أفكاره، وكذلك هو الجيل الذي سيطالب بتغييره وإصلاحه إذا تصدى هذا النظام لطموحاته في بناء مستقبله. ولا ننسى أن الحركة الشبابية والطلابية لعبت دورًا بارزًا في الثورة الإيرانية، منذ عام 1953, عندما تظاهر طلاب جامعة طهران ضد حكومة الجنرال “فضل الله زاهدي” التي جاءت بعد الانقلاب على حكومة “محمد مصدق”, واستمرت مظاهرات الطلبة ضد النظام الملكي حتى سقوطه وإعلان الجمهورية عام 1979. ولذلك لا مفر من أن نظام “ولاية الفقيه” سيواجه صراعًا مع الأجيال الجديدة إن لم يستجب لمطالب التغيير والإصلاح.

كما أن حركات النضال التي قام بها الشباب الإيراني منذ اندلاع انتفاضة “الحركة الخضراء” عام 2009م، تشير إلى رفض قيود الدولة الدينية؛ حيث المطالبة بالحريات الاجتماعية، ورفض مظاهر قيود السلطة، التي تمثلت في فرض ثقافة بعينها ومحاربة الانفتاح على العالم عبر الفضاء الاليكتروني، وكذلك الإصرار من جانب السلطة على فرض أنماط معينة تحدد شكل المرأة داخل نظام “ولاية الفقيه. ولا ننسى أن قطاع كبير من الأجيال الجديدة منفتح على العالم الخارجي ومطلع على التطورات الفكرية والسياسية التي طرأت عليه.

هل هناك محاولات للتغيير في إيران؟

شهدت إيران عدة محاولات للتغيير على مستويات وأشكال مختلفة، ومنها:

الدعوة للاقتصار على الولاية الدينية:

 تمثل محاولة آية الله حسين علي منتظري (1922 -2009)، المحاولة الأولى لتغيير وإصلاح نظام “ولاية الفقيه” في إيران، إذ بعد انتصار الثورة عينه المرشد الأول، “الخميني”، نائباً له. لكن بعد مدة اختلف مع النظام في بعض القضايا وهذا ما أدّی الی عزله من منصبه. إذ رفض السلطة المطلقة للولي الفقيه؛ حيث أراد حصرها في المسائل الدينية، حيث كان من معارضي الحكم الديني. وأفكار “منتظري” كانت ومازالت ملهمة للشباب؛ خاصة منذ اندلاع الثورة الخضراء في إيران عام 2009م.

ولاية “شورى الفقهاء”:

هددت السلطة المطلقة للولي الفقيه، سلطة المرجعيات الدينية في إيران؛ التي وجدت نفسها أمام، إما التبعية لسلطة الولي الفقيه وإما معارضته والتعرض للقمع. ولذلك ظهر تيار “الشيرازيين”، وهم أتباع المرجع المُتوفّى محمد الحسيني الشيرازي (1928-2001)، الذين يطالبون بولاية “شورى الفقهاء”، من أجل عدم استبداد مرجعية واحدة بالحكم. ومازالت أفكارهم تتسرب وتنتشر داخل الحوزة الدينية في إيران؛ خاصة بين الفقهاء الشباب الذين يشعرون بفقدان رجال الدين لسلطتهم داخل المجتمع الإيراني.

دولة المهدي المنتظر:

 شكل ومازال تيار أحمدي نجاد، الرئيس السابق في إيران، محاولة لتغيير نظام ولاية الفقيه، وإن كانت محاولة تتجه إلى الخلف؛ حيث يروج هذا التيار إلى، أن ظهور إمام الزمان المهدي المنتظر صار وشيكاً، مما يعني انتهاء دور الولي الفقيه. ويؤكد هذا التيار على ضرورة بناء دولة المهدي المنتظر، وليس تربح وتكسب الفقهاء من هذه الدولة. ولذلك دأب أحمدي نجاد على الحديث عن عودة الإمام الغائب، وعن دوره هو شخصيا في الإعداد لهذا الظهور. ويعمل تيار أحمدي نجاد على بناء دولة قوية للمهدي المنتظر، التي تكون قاعدتها إيران؛ حيث المزج بين عناصر التشيع الإثني عشري ومقومات الثقافة الفارسية القديمة. وهو ما أثار غضب رجال نظام ولاية الفقيه، واعتبروه يستهدف هدم إسلامية الدولة.

مجلس قيادي:

على غرار تجربة الحكم في الصين، اتجه الرئيس الإيراني الأسبق والراحل، أكبر هاشمي رفسنجاني (1934 -2017) إلى النداء بتشكيل قيادة جماعية بدلًا من الحكم المفرد للولي الفقيه؛ وذلك عن طريق تشكيل مجلس قيادي يضم عددا من رجال الدين، بعد وفاة المرشد الحالي، علي خامنئي، على أن يتم التخلص نهائياً من نظام الفقيه الواحد الذي يحكم ويُسيطر على كل شئ.

وطالب رفسنجاني بإعادة مادة دستورية حُذفت من الدستور الإيراني بعد تولي خامنئي منصب المرشد، تتيح القيادة الجماعية في حالة فشل مجلس الخبراء في تنصيب مرشد، أو في حين فقدان الشروط المطلوبة في شخص الفقيه. ورفسنجاني الذي كان مقربًا من المعتدلين والإصلاحيين في مواجهة “خامنئي” ومعسكره المتشدد؛ كان يدرك أن النظام الإيراني بصيغته الحالية؛ سيتسبب في اندلاع ثورة شبابية منتظرة، ولذلك كان يريد نزع فتيلها قبل فوات الآوان.

نظام علماني سياسي:

 أمام حالة الاستبداد السياسي التي تشهدها إيران في الداخل؛ هاجرت تيارات سياسية عديدة إلى خارج إيران؛ وكلها تنتظر سقوط نظام “ولاية الفقيه”؛ من أجل طرح مشروعها السياسي. ويتلخص مشروع معظمها في طرح نظام سياسي يقوم على طبيعة علمانية سياسية في الحكم؛ تضمن الخلاص من سلطة رجال الدين. وكذلك، عدم الاستبداد السياسي باسم العلمانية الأصولية.

محصلة ختامية

- عمل نظام ولاية الفقيه، على وأد كل محاولات الانقضاض عليه، ولذلك ازدادت سيطرة قبضة المحافظين أنصار “ولاية الفقيه” على الدولة. وكذلك ازدادت هيمنة مؤسسة الحرس الثوري ورجال المؤسسات التابعة للمرشد الأعلى، الذين يقلقون على مصيرهم في حالة فقدان منصب “الولي الفقيه”، فالتحكم في شخص واحد، أسهل من التحكم في مجلس قيادة قد يتخلله المعتدلون المعارضون لهيمنة المتشددين. ولذلك تعمد هؤلاء المحافظون إفشال الاتفاق النووي مع القوى الغربية؛ خشية من تفوق المعتدلين والإصلاحيين في عهد حكومة الرئيس الحالي “حسن روحاني”. وكذلك، خشية من التغيير الاجتماعي الذي سيطيح بهم، ومن خسارة المكاسب الاقتصادية من بعد رفع العقوبات. وأرادوا أن يكون الاتفاق مع الغرب من خلالهم وحدهم، وليس من خلال الإصلاحيين. حيث أدى إصرارهم على أجندتهم المحافظة والمتشددة داخل وخارج إيران؛ إلى انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، التي رأت أن هذا الاتفاق ساعد المتشددين أكثر على الاستمرار في سياستهم، وليس على تعديل سلوكهم.

- مع اشتداد سلطة وهيمنة المحافظين بعد وأد خصومهم وتجريف المعتدلين والمحافظين؛ أصبحت “ولاية الفقيه” جزءا لا يتجزأ من الدولة الإيرانية، وأن أي تغيير أو تعديل فيها؛ يعتبره المحافظون بمثابة انقلاب على الثورة ومبادئها. ولذلك باتت هذه النظرية هي الدولة، وأن أي تغيير فيها يعني إنهيار النظام الحاكم في إيران. ولذلك؛ لن يقع أي تغيير إلا مع توفر أيديولوجيا جديدة مع الجيل الجديد، وليس مع الوجوه المؤسسة لهذا النظام. ولذلك يستعد المنتفعون من هذا النظام إلى مرحلة ما بعد “خامنئي”؛ بتجهيز نسخة مماثلة، وهو ما يظهر حاليًا في التقارب بين مؤسسة المرشد الأعلى والحرس الثوري ورئيس مؤسسة القضاء، رجل الدين المتشدد، “إبراهيم رئيسي”، الذي يعتبر شخصية مقبولة لاستكمال مسيرة “خامنئي” بالنسبة للمحافظين. وحاليًا يتدرب على دور المرشد الأعلى من موقع منصب القضاء؛ حيث يناطح ويحاصر ويمارس الوصاية على مؤسسة السلطة التنفيذية المتمثلة في مؤسسة الرئاسة.

- أمام قوة هذا النظام الذي هو عبارة عن دوائر متنفذة تحاصرها دوائر أكثر نفوذًا؛ سيتجه أنصار التغيير إلى البحث عن متنفس وفرجة للأجيال الجديدة، بعيدًا عن الاقتراب من نواة النظام (الولي الفقيه)، وسيلعبون على وقوع التغيير في المؤسسات الأخرى، مثل السلطة التنفيذية والتشريعية ومجلس صيانة الدستور.  حيث تظهر الدعوات المتكررة من داخل البرلمان إلى التحول إلى النظام البرلماني، وذلك بعدما قال المرشد الأعلى، علي خامنئي، عام 2012، خلال زيارة له لمدينة كرمنشاه غرب البلاد: “إذا ما كان هناك شعور فى المستقبل القريب أو البعيد بالحاجة لنظام برلمانى بدل النظام الرئاسى، فلا مانع فى ذلك”. ويشتد هذا الاتجاه بعدما بات الشارع السياسي متململًا من المشاركة في الانتخابات الروتينية والمحسومة سلفًا. ولذلك ربما يشجع النظام على هذه الخطوة؛ من أجل تشجيع المواطن على العودة للمشاركة السياسية من جديد.

والمحصلة؛ أن الحديث عن إمكانية وقوع تغيير في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومستقبلها في الوقت الحالي، مرهونًا بمرحلة ما بعد رحيل المرشد الأعلى الحالي “علي خامنئي”. وكذلك مرهونًا بازدياد مستوى الصراع بين مؤسسات النظام الحالي، وارتفاع مستوى الغضب الشعبي تجاه هذا النظام. إن لم ينتهي الأمر بوقع ثورة جديدة، أهدافها انهيار السلطة الحاكمة، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في إيران.

 عن "مركز الإنذار المبكر"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية