معلمة فنلندية تدرّس أطفال مسلّحي تنظيم داعش عن بعد... كيف كانت تجربتها؟

معلمة فنلندية تدرّس أطفال مسلّحي تنظيم داعش عن بعد... كيف كانت تجربتها؟


12/12/2021

كرّست معلمة فنلندية وقتها وجهدها لتعليم أطفال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي الذين يبعدون عنها أكثر من (3) آلاف كيلومتر.  

وبدأت المعلمة الفنلندية إيلونا تايميلا قبل عام تقريباً بإعطاء دروس لأطفال مسلحي داعش المحتجزين مع عائلاتهم باستخدام تطبيق الواتس أب.

وتبدأ تايميلا تدريس الأطفال كل يوم في الساعة (9) صباحاً، وتشرح لهم الدروس والواجبات التي يجب عليهم القيام بها. كان ذلك روتينها اليومي لمدة عام تقريباً، بدءاً من أيار (مايو) 2020، مثل غيرها من المدرسين والمدرسات في فنلندا، وفق ما أوردت شبكة "بي بي سي".

بدأت المعلمة الفنلندية إيلونا تايميلا قبل عام تقريباً بإعطاء دروس لأطفال مسلحي داعش باستخدام تطبيق الواتس أب

وعبر الرسائل النصية المرسلة خلال تطبيق واتس أب، كانت المواد التي تدرسها لـ (23) طفلاً تتراوح بين الرياضيات والجغرافيا باللغتين الفنلندية والإنجليزية.

بعد هزيمة تنظيم ما يُسمّى بداعش في سوريا في أوائل عام 2019، أصبح المخيم بمثابة السجن لهم، وتدار تلك المخيمات من قبل القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

وبدأت القصة في أواخر عام 2019، حين طرحت حكومة ائتلاف يسار الوسط الفنلندية فكرة إعادة الأطفال الفنلنديين الذين كان يبلغ عددهم (30) طفلاً في المخيم إلى فنلندا.

أثارت الخطة مسألة حساسة سياسياً، وكشفت المأزق القانوني المتمثل في فصل الأطفال عن أمهاتهم. ولحلّ هذه المعضلة، عينت الحكومة المبعوث الخاص جوسي تانر، الذي قاد المفاوضات مع سلطات الأكراد التي تدير المخيم.

تبين لتانر أنّ العملية صعبة وشاقة جداً، ومع مرور الأسابيع والأشهر، بدأ تانر في التفكير في اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية حقوق هؤلاء الأطفال بموجب القانون الفنلندي.

وعندما أجبرت جائحة كورونا المدارس على الإغلاق في آذار (مارس) 2020، خطرت في ذهنه فكرة: "إذا كان من الممكن تعليم الطلاب عن بُعد في فنلندا، فهل يمكن فعل الشيء ذاته بالنسبة إلى الأطفال الفنلنديين الموجودين في مخيم الهول؟".

وقد دعمت الحكومة الفنلندية الفكرة، وكلفت مؤسسة تعليم مهارات الحياة بتطوير برنامج تعليم عن بُعد لهؤلاء الطلاب.

وكانت المعلمة تايميلا التي تتمتع بخيرة في التدريس متعدد الثقافات، هي المرشحة المثالية التي اختارتها المؤسسة.

كانت المواد التي تدرسها لـ (23) طفلاً تتراوح بين الرياضيات والجغرافيا باللغتين الفنلندية والإنجليزية

تواصل معها رئيس مدرسة مؤسسة التعليم عن بُعد توجيا تاميلاندر، وفي غضون أسابيع صمّمت تايميلا، ومعها معلم آخر، منهاجاً خاصاً لأولئك الأطفال، من خلال إرسال دروس ووظائف يومية للأطفال، كانت تهدف إلى تحسين كفاءاتهم في المواد الأساسية وإعدادهم للحياة مرة أخرى في فنلندا.

وعلى غير العادة، تعيّن عليها التواصل مع تلاميذها عبر تطبيق واتس أب كوسيلة وحيدة.

وقالت تايميلا: "لم نفعل شيئاً كهذا من قبل"، مشيرة إلى أنّ البرنامج ربما كان الأول من نوعه.

وكان بإمكان التلاميذ المشاركة فقط بموافقة أمهاتهم، اللواتي اتصل بهنّ تانر.

وبعد موافقة أمهات (23) من الأطفال، تمّ إرسال الرسائل الأولى في أيار (مايو) من العام الماضي.

استعملت تايميلا صورة لها وهي تضع نظارة شمسية ووشاحاً يُغطي شعرها في بروفايلها على التطبيق، وقدّمت نفسها على أنّها سارا، وهو اسم مستعار لحماية هويتها.

كانت تكتب معظم رسائلها باللغة الفنلندية، وأحياناً استخدمت الرموز التعبيرية بدلاً من الصور التي تحتاج إلى وقت أطول لتحميلها.

شكّلت مادتا اللغة الفنلندية والرياضيات حجر الأساس للمنهاج، وتمّ تصميم الواجبات حسب سن الطفل وقدرته الاستيعابية.

وقالت تايميلا: "إنّها شهدت تطوراً مع مرور الوقت".

وفي النهاية، كان بإمكان طفل يبلغ من العمر (6) أعوام قراءة قصص كاملة باللغة الفنلندية، واستطاع الطلاب الأكبر سناً فهم تراكيب أكثر تعقيداً في اللغة.

كان تقدم الأطفال نتاج التفاعل مع مئات الرسائل النصية والصوتية، ولأنّ الأمهات مُنِعن من امتلاك هواتف محمولة، كان لا بدّ من إبقاء هذه الرسائل سرّية بعيداً عن أعين السلطات الكردية والشعب الفنلندي.

ومع ذلك، تشكّ تايميلا في أنّ الرسائل ربما كان يطلع عليها الحراس، لأنّه في بعض الأحيان لم ترد الأمهات على رسائلها لأسابيع، ممّا أثار مخاوف على سلامتهن.

وبحلول ربيع هذا العام، فقدت تايميلا الاتصال بمعظم العائلات، مع إعادة المزيد منهم إلى أوطانهم، أو نقلهم إلى مخيم روج في المنطقة، حيث المراقبة هناك أكثر صرامة، فتمّ تأجيل الدروس.

وقال تانر: إنه جرت إعادة (23) طفلاً و(7) بالغين إلى الوطن، بينما ما يزال هناك (15) فنلندياً في المخيمات.

ويُحتجز الأطفال في المخيمات مع أهاليهم من جميع الجنسيات منذ أعوام، وما تزال بلدانهم الأصلية تدرس المخاطر التي قد تسببها أمهات الأطفال اللواتي ما يزلن متأثرات بشدة بالفكر الإسلامي المتشدد في حال سُمح لهن بالعودة إلى بلدانهن.

في غضون ذلك، نشأ الأطفال في ظروف مزرية، أدانتها جماعات حقوق الإنسان باعتبارها غير إنسانية.

ويضم مخيم الهول حوالي (60) ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال الذين نزحوا بسبب المعارك، بينهم الآلاف من أبناء أمهات أجنبيات سافروا إلى سوريا ليكونوا زوجات لمقاتلي داعش.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية