مع ذكرى 11 سبتمبر.. أزمات تكبر وترامب لا يكترث

مع ذكرى 11 سبتمبر.. أزمات تكبر وترامب لا يكترث


12/09/2019

أزمنة الحروب والأزمات الأمريكية متوارثة.. وأزمنة الفوضى (الخلاقة وغير الخلاقة) أيضاً متوارثة، وعابرة للرئاسات الأمريكية المتعاقبة، وصولاً إلى الرئيس دونالد ترامب، والمتنافسون على حمل هذا الإرث كانوا دائماً متحمسين للغاية، ولم يكن ثمة مؤشر من مؤشرات القلق يبدو على ملامحهم أو في كلامهم.

اقرأ أيضاً: 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب: أبرز المحطات والأحداث
على سبيل المثال كان إرث جورج دبليو بوش واسع النطاق يمتد من كافة أنحاء أمريكا (داخلياً) إلى أي مكان في العالم تقريباً؛ لأنّ بوش في بداية عهده وأثناء حملات الدعاية الانتخابية له وعد بكل شيء، وأن تصل أمريكا إلى كل مكان، وربما يكون قد أنجز ما يتعلق بـ"الوصول إلى كل مكان"، لكن الرهان الحقيقي على ما تحقق!

العهود الأمريكية المختلفة تتوارث الأزمات والحروب والكيانات القابلة وغير القابلة للتوظيف السياسي والعسكري

ورث جورج دبليو بوش "محور الشر"، لكنه لم يحقق تجاهه أي شيء؛ فالمحور ما يزال قائماً، من كوريا الشمالية التي تمتلك السلاح النووي وتمتلك حصة كبيرة من المتاعب التي يمكن أن تسببها لأمريكا والعالم ولجيرانها أيضاً، برغم كل حلقات التفاوض والتهديد، وإيران قاب حرب أو حربين افتراضيتين من امتلاكه، ضاربة عرض الحائط بالتهديد والوعيد والعقوبات، فهي ماضية في العبث السياسي الذي يحلو لها كي تقول للعالم إنّ أسلحتها التفاوضية دائماً ناجحة، وأنّ فوضاها التي تصنعها في محيطها الإقليمي جزء من هذا السلاح التفاوضي الناجح.

اقرأ أيضاً: الكشف عن موعد محاكمة المتهمين باعتداءات 11 سبتمبر
في أفغانستان، ما تزال طالبان تمارس سطوتها وقوتها وإغاراتها وتصنع القلق في داخل أفغانستان وباكستان، وحزب الله استهلك زعيمه وأمينه العام حسن نصر الله مايكروفونات كثيرة جداً لكي يقول للعالم إنّه رقم صعب في المعادلة الإقليمية، وإنّ قدرته العملاقة على إسقاط طائرة إسرائيلية مسيّرة علامة على إنتاج "توازن رعب"، هل هذا يبدو صحيحاً ومنطقياً فعلاً..؟ على الأقل في الطاقة الخطابية لـ "حسن نصر الله" يمكن أن يقنع الكثيرين أنه فعل ذلك حقاً.
"الجهاد الإسلامي" و"حماس" في الضفة الغربية وفي غزة، ما زالتا تشكلان أيضاً حلقة من حلقات التحدي الصعب للإدارات الأمريكية في الصراع الإسرائيلي العربي، وهما من الكيانات التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية على قائمة العقوبات الجديدة التي تنوي تنفيذها، ربما كجزء من طقوس إحياء ذكرى 11 سبتمبر.

مازال ترامب كسابقيه يستطيع تجاوز رأي 45% من الأمريكيين الداعين أن تهتم أمريكا بشؤونها الداخلية فقط

أما القاعدة و"داعش"، فهما العلامة التجارية الكبرى لكل مقاولات الحروب الأمريكية التي حدثت في السنوات الماضية في المنطقة العربية، وما زال التنظيمان حاضرين بقوة في المشهد العالمي، داعش لم يلغ القاعدة، لكنه قلّل من تفاعلها ومن نسبة صناعة القلق من خلالها، ومن الاتكاء عليها وتوظيف عملياتها -الراكدة حالياً-  في الخطاب الأمريكي.
ولأنّ، وكما قلنا سابقاً بأنّ العهود الأمريكية المختلفة تتوارث الأزمات والحروب، وتتوارث الكيانات القابلة وغير القابلة للتوظيف السياسي والعسكري، فإنّ كل ذلك يتم ترحيله إلى عهد الرئيس ترامب؛ فالميراث الرئاسي الأمريكي ينتقل بشكل طبيعي وتلقائي للرؤساء، استكمالاً للعمل أو إعادة تدوير أو إعادة إنتاج للكيانات والأزمات بما يتوافق مع الحاجة الأمريكية لها.

اقرا أيضاً: أمريكا تحيي أحداث 11 سبتمبر
صحيح أنّ الأزمات نالت من مصداقية أمريكا، وأنّ الحروب استنزفت من طاقاتها وإن لم تضعف من قوتها فقد أضعفت هيبتها، لكن ذلك ليس مقلقاً للغاية، فالإمبراطورية الأمريكية ما زالت صلبة وقادرة على تحريك كتلة الأزمات على رقعة المنطقة، وما زال ترامب مثل سابقيه يستطيع أن يتجاوز رأي 45% من الأمريكيين الداعين إلى أن تهتم أمريكا بشؤونها الداخلية فقط.
المشكلة أنّ كل رئيس أمريكي جديد يأتي محمّلاً بأعباء المرحلة السابقة، ويضيف عليها أشياء كثيرة، ومما حمله بوش وسيحمله خلفه هي الصورة العالمية لأمريكا، وما تعرضت له من سلبية وتشويه، الأمر الذي دفع بنسبة 42% من الأمريكيين لأن يعتقدوا بأنّ على بلدهم أن يهتم بشؤونه فقط.
كانت هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية مستعدة لتعيين زوجها الرئيس الأسبق، سفيراً أمريكياً مفوضاً للعالم كله، يحمل هدف تحسين الصورة المعتمة، وأوباما ربما كان متفائلاً جداً كأول رئيس أسود بأن يساهم في رسم مظهر جديد لأمريكا، لكن ترامب يبدو عليه أنّه ليس معنياً كثيراً بتحسين الصورة، ويفعل دائماً ما يمكن أن يكون قبيحاً عالمياً دون أن يكترث.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية