منصات الإخوان .. استراتيجيات خبيثة وتناقض مع حرية التعبير

منصات الإخوان .. استراتيجيات خبيثة وتناقض مع حرية التعبير


29/06/2021

رستم محمود

مع زيادة المداولات بشأن مصير المنصات الإعلامية الإخوانية العاملة بتركيا، وما قد تتخذه أنقرة من خطوات لإيقافها، والدعاية المضادة التي تستخدمها الجماعة في ذلك الإطار، القائلة بأن تلك القرارات تتناقض مع حرية التعبير والإعلام الحر، فإن مجموعة من الأسئلة تطرح بشأن المضامين الداخلية للمنصات الإعلامية الإخوانية، وإذا ما كانت تلك المضامين تتناسب مع المواثيق والمحددات العمومية لحرية التعبير العالمية.

وكانت شبكات ومنصات الإعلام الإخوانية قد انطلقت بعيد اندلاع ثورة 25 يناير للعام 2011، حيث أن الجماعية كانت تعتبر مجموعة القنوات والمواقع الإلكترونية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي أهم آلياتها للتأثير على الرأي العام المصري.

وشهدت تلك القنوات تحولا استثنائيا خلال الشهور الأولى التي تلت الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، في شهر يوليو من العام 2013.

وأسست الجماعة مجموعة من القنوات التلفزيونية الخاصة بها، لتكون شبكات رديفة لها على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها كانت تطرح مضامين وأساليب متطابقة من المحتوى الإعلامي، حتى كان يعتقد بأنها تدار من قبل شخص واحد.

الخاصة الأكثر فاعلية لتلك المضامين هي في الخلط المتعمد بين العبارات والأقوال والأمثلة ذات الهوية والطابع الديني، وبين المضامين والمحتويات السياسية المراد ترويجها عبر هذه المنصات، للاستفادة من المشاعر والمخيلة الدينية للقواعد الاجتماعية الأوسع من المتابعين، حسب الإعلامية سناء الحاج عبد الرحيم، التي شرحت ذلك في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "عرفا وموضوعية، فإن الوسيلة الإعلامية يجب أن تعتمد على العبارات والمصطلحات والمفاهيم الخاصة بمجال اختصاصها. ثمة فرق هائل في ذلك المجال بين القنوات الاقتصادية ونظيرتها الثقافية أو السياسية أو حتى الفنية والدينية، وذلك لإيصال مضمون إعلامي واضح ومتوافق مع هوية هذه القناة".

وأضافت: "المنصات الإخوانية دائما ما تملك ترسانة من الخطابات والتعابير الدينية، تستخدم عن قصد للتأثير على مشاعر المتابعين العاديين. شيء شبيه بالخطاب السياسي الإخواني التقليدي، الذي يستخدم الدين في العمل السياسي، ولأغراض سياسية سلطوية فحسب".

استراتيجيات منصات الإخوان

سياسيا، فإن مضامين هذه المنصات تعتمد على رفض شرعية وبنية النظام السياسي للدولة التي يتم استهدفها، وليس فقط توجيه بعض الانتقادات والتحليلات حول سلوكيات وسياسات ذلك الطرف.

هذا الرفض الذي يتحول بشكل ميكانيكي إلى آلية للتحريض السياسي والعقائدي الراديكالي تجاه المستهدفين، ودعوة مستبطنة للعنف حسب أستاذ الإعلام السياسي مرعي العريبي، الذي شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" ذلك قائلا: "في القاموس السياسي المستخدم في المنصات الإخوانية، ثمة تقسيم دائم للدول والأنظمة السياسية إلى دفتين متقابلتين تماما، تلك التي تراها شرعية ومحقة، وبالتالي إحاطتها بكل أشكال الهالة والتقديس، والنظيرة التي تعتبرها فاقدة للشرعية، فتطعن في كل ممارساتها وسلوكياتها وخياراتها. حتى في أكثر الدول العالمية احتراماً لحرية التعبير، فإن الالتزام بشرعية المؤسسات السيادية، داخل بلد الوسيلة الإعلامية أو خارجها، إنما يعتبر قاعدة عرفية لكل وسائل الإعلام، وهو ما لا تلتزم به تلك المنصات مطلقا".

لكن الميزة الأهم للمنصات الإعلامية الإخوانية حسب الباحث الإعلامي رؤوف الشحات هو تكثيف كميات الأخبار المتداولة، وهي آلية تستهدف إغراق المتابعين بمجموعة ضخمة من المعلومات المنقولة، التي يصعب التأكد من مصداقيتها، لتحقق مرادها في التأثير على المتلقي، ولو بشكل نسبي في البداية، لكنها تتمكن منه في المحصلة عبر مراكمة تلك المضامين.

وشرح الباحث الإعلامي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" تلك الآلية الإعلامية الإخوانية، قائلا: "حينما يحاول هذا الإعلام الترويج أو الدعاية لقضية ما، فإنه يبدأ بمقدمة غير صحيحة، كأن يورد خبرا على سبيل المثال من وسيلة إعلامية تركية، ثم يبني على ذلك الخبر مجموعة من التحليلات والتفسيرات والمضامين التي تبدو منطقية وتجذب المتفرج. لكن المعضلة هي في عدم دقة أو صحة الخبر الأساس، وحيث أن المشاهد التلفزيوني يصعب عليه أن يبذل جهدا للذهاب إلى وسيلة إعلامية مكتوبة وبلغة أخرى ويتأكد منها، فإنه يقع فيما يشبه المصيدة، حتى لو كانت تلك المضامين المنقولة تحمل تحريضا وتعنيفا ودعوة للكراهية".

الآلية الأخرى حسب الخبير الإعلامي تتعلق بتمركز برامج ومضامين وسائل الإعلام الإخوانية حول نمط "التوك شو"، وخلوها بالمقابل من أية أدوات أخرى، مثل البرامج الترفيهية والوثائقية والحوارية والدرامية والفنية، حيث يوضح هذه النقطة بالقول: "في مكان ما واضح، فإن نمط (التوك شو) يتطابق مع البنية الفكرية والتنظيمية للجماعة، المعتمدة على آلية السمع والطاعة. فهذه البرامج المتخمة بروح التلقين الخطابي إنما تحول المتفرج إلى مجرد متلقف سلبي، متخل عن أدوات المحاكمة العقلية والمشاركة الوجداني، بل أداة مستمعة لسيل من التعليمات والإرشادات والأحكام والقيم. لا يعني ذلك نقدا لبرامج (التوك شو) التقليدية، التي عادة ما تكون خفيفة وأقرب ما تكون للكوميديا الترفيهية منها للأسلوب الإخواني في التلقين".

عن "سكاي نيوز عربية"

الصفحة الرئيسية