من هو الروائي الذي تنبأ برحلات الفضاء والإنترنت بدقة؟

من هو الروائي الذي تنبأ برحلات الفضاء والإنترنت بدقة؟


26/06/2019

يعد الكاتب والروائي البريطاني، آرثر تشارلز كلارك، واحداً ممن يطلق عليهم الثلاثة الكبار في الخيال العلمي، وقد كان مهتماً بالفضاء كما أنه وصف الإنترنت والطابعات ثلاثية الأبعاد والبريد الإلكتروني قبل ظهورها بأعوام طويلة، لكنه كان يرفض أن توصف توقعاته للمستقبل، بأنّها تنبؤات.

إذ ذكر في مقال نشر في صورة كتاب عام 1962 بعنوان: "لمحات من المستقبل": "من الصعب أن يتخيل حقائق المستقبل من لم يعش في عالم الأوهام والخيال في الماضي".

اقرأ أيضاً: بانوراما 2018: تعرّف إلى أهم إنجازات استكشاف الفضاء

ولد كلارك عام 1917، لأب مزارع في مقاطعة سومرسيت بإنجلترا، وعشق كتب الخيال العلمي منذ الصغر، وكان ينغمس في قراءتها، وقد صنع أول منظار من أسطوانات من الورق المقوى. وكان لديه جهاز راديو بلوري، وعلمته أمه، التي كانت تدير مكتب بريد، كيفية إرسال رسائل باستخدام شفرة مورس.

كان كلارك مهتماً بالغطس وألف حوله عشرة مؤلفات كما أسس مدرسة للغطس في كولومبو

توفي والده وهو صغير، عندما أنهى دراسته الثانوية، لم يكن لدى أمه المال الكافي لإرساله إلى الجامعة. فعمل موظفاً حكومياً عام 1936. وانضم إلى جمعية الكواكب البريطانية، وهي مجموعة من الشغوفين بفكرة السفر بين الكواكب قبل أن تصبح البعثات الفضائية واقعاً ملموساً، وكان يساهم في الجمعية بكتابة مقالات وقصص قصيرة في مطبوعات الجمعية.

وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، تطوع كلارك في سلاح الجو الملكي، وأصبح خبيراً في تكنولوجيا الرادار.

وفي عام 1945، كتب مقالاً في مجلة "وايرليس ويرلد"، كشف فيه عن احتمالات العثور على مدار يبعد 23 ألف ميل عن الأرض، لتستقر فيه الأقمار الصناعية وترسل منه إشارات لاسكلية إلى الأرض. وتدور الآن الأقمار الصناعي حول ما يسمى بـ "مدار كلارك"، وفق "بي بي سي".

وبعد الحرب، حصل كلارك على زمالة بجامعة كينغز كوليدج لدراسة الرياضيات والفيزياء. ومع حلول الخمسينيات من القرن الماضي بدأ كلارك في نشر الروايات الخيالية وغير الخيالية، وحصد على جوائز عديدة، وذاع صيته كروائي وباحث علمي لأكثر من نصف قرن.

اقرأ أيضاً: كيف يتنبأ الذكاء الصناعي بالمستقبل؟

اجتذبت روايات كلارك أعداداً هائلة من القراء حول العالم، تعلقت قلوبهم بأعماله التي تستشرف المستقبل.

فقد ألف مائة كتاب عن الفضاء بينها روايات خيال علمي أشهرها "2001: أوديسا الفضاء"، التي كتبها قبل أربعة عقود وتحولت في العام 1964 فيلماً أخرجه ستانلي كوبريك، هو الآن أحد كلاسيكيات الخيال العلمي.

كما كان مهتماً بالغطس، وألف حوله عشرة مؤلفات كما أسس مدرسة للغطس في كولومبو.

يعد الكاتب والروائي البريطاني آرثر تشارلز كلارك واحداً ممن يطلق عليهم الثلاثة الكبار في الخيال العلمي

وكتب كلارك العديد من المقالات والأبحاث العلمية، ذكر فيها تنبؤات تحقق الكثير منها، إذ صاغ مثلاً في مقال نشر عام 1959، فكرة "جهاز الإرسال والاستقبال الشخصي"، وهو جهاز صغير متنقل، يتيح لحامله الاتصال بأي شخص في العالم، ويضم الجهاز أيضاً "التموضع العالمي"، الذي لن يضل من بعده أي شخص طريقه أبداً، وكان يصف حينها الهاتف المحمول.

وبعد خمسة أعوام، تحدث كلارك في حوار تلفزيوني عن رؤيته للاتصالات السلكية واللاسلكية والطب عن بعد، وتنبأ أيضاً في مؤلفاته بأمور أخرى مثل: الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، والمركبات الفضائية التي يمكن إعادة استخدامها، وحتى مشكلة الألفية التي يطلق عليها مشكلة الصفرين في مطلع الألفية الثالثة.

لم تكن رواية "أوديسا الفضاء" إنجازاً استثنائياً بين مؤلفاته العديدة الأخرى، إلا أنه ذكر قبيل موته أنها من أبرز أعماله.

اقرأ أيضاً: "العالم ليس بخير".. فهل المستقبل فكرة مرعبة حقاً؟

إذ تنبأ في أولى رواياته "مقدمة إلى الفضاء"، على سبيل المثال، في عام 1947 بدقة بالعام الذي سيُطلق فيه أول صاروخ إلى القمر في عام 1959. وتزخر صفحات رواياته وقصصه القصيرة بالعديد من الأجهزة الإلكترونية والتكنولوجية والأفكار الخلاقة، مثل "السيارات التي تدار آليا"، التي نطلق عليها الآن ذاتية القيادة.

لا شك أن السر الحقيقي وراء قدرة كلارك العجيبة على استشراف المستقبل هو خياله الجامح، وبالرغم من أن تنبؤاته المثيرة وردت في مقالاته العلمية، إلا أن كتابة قصص الخيال العلمي أسهمت في شحذ قدراته على التنبؤ بدقة بما سيحدث مستقبلاً، إذ كان يترك لخياله العنان ليتخطى حدود المعقول.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية