من يتبنى إنشاء مركز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟

من يتبنى إنشاء مركز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟


28/07/2019

خليل أبو قورة

تطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات دخلت بالفعل الى عالمنا العربي، ولكن السؤال المهم المطروح هنا هو: هل استعددنا جيداً للتحديات الناجمة عن الذكاء الإصطناعي والروبوتات؟ وهل هناك ضوابط وتشريعات لازمة ومناسبة لها قبل أن تدخل منازلنا وكافة شؤون حياتنا اليومية، كما حدث مع ثورة المعلومات والاتصالات؟ وما هي الجهة أو الهيئة المسؤولة عن إصدارها؟

ابتكارات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي ذات الصلة بالمجتمع غير ممكنة بدون نظرة أخلاقية وقانونية وسياسية، فالذكاء الاصطناعي يطرح قضايا وتحديات أخلاقية معقدة تؤثر على الناس والمجتمع ولا يمكن للصناعة وحدها الإجابة عليها.

رغم الآفاق والفرص الواعدة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلا أن هناك حالياً مخاوف عالمية محتملة من التحديات والمخاطر والتأثيرات السلبية المحتملة التي قد تحملها هذه التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، هناك مخاوف من ارتفاع نسبة البطالة وفقدان الوظائف وتهديد سوق العمل، بمعنى هل في يوم ما سنفقد وظائفنا وتستولي عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات، كما أن هناك حالياً مخاوف أخلاقية واجتماعية وتساؤلات معقدة نتيجة تفاعل وتعامل الروبوتات مع البشر، من بينها: هل سنتقبل الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي بيننا في المجتمع، وكيف ستكون نظرتنا للروبوتات الشبيهة بالبشر والقادرة على التعرف على مشاعرنا، بالإضافة الى حدود المسؤولية والخصوصية عند إستخدام الروبوتات. فعلى سبيل المثال: إذا أصاب الروبوت عطل أو خلل في برمجياته وتسبب في حدوث أضرار لشخص ما، من هو المسؤول؟ وهل صاحب الروبوت أم الشركة المصنعة له أم الروبوت نفسه؟ وإلى أي درجة من الأمان يجب أن تكون عليه الروبوتات قبل أن يتم نشرها في المجتمع ككل؟ والمخاوف من تهديد وانتهاك الروبوت للخصوصية الشخصية للأفراد، وهل يجب أن يكون للـ "سيبورغ" (بشر مزودون بأجزاء روبوتية) وضع قانوني خاص في حالة إذا تعطلت الأجزاء الروبوتية وتسببت في أذى وضرر لشخص ما؟ وماهي الضوابط والتشريعات القانونية والأخلاقية المناسبة قبل نشر الروبوتات في المجتمع؟، مثل هذه التحديات والتساؤلات الجادة والمشروعة، هي حالياً محل نقاشات ومؤتمرات ومناظرات عالمية متزايدة، ولن يكون عالمنا العربي بعيدا عنها، وسيتأثر بها، وتكون محل نقاشات عند استخدام وانتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات في مجتمعاتنا العربية.

وقد أشرت بالتفصيل لبعض تحديات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في كتابي (بالإشتراك مع الكاتبة والباحثة صفات سلامة)، بعنوان "تحديات عصر الروبوتات وأخلاقياته"، والصادر عن "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية" ضمن سلسلة "دراسات إستراتيجية".

لهذا فهناك ضرورة عاجلة لإطلاق "مركز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، يكون من بين مهامه وضع الضوابط والتشريعات اللازمة لتكنولوجيا الروبوتات والذكاء الاصطناعي، لضمان كفاءة استخدامها، وضمان سلامة المجتمع عند إنتشار تطبيقاتها على نطاق واسع في البيئات الصناعية والتجارية والمنزلية، وكذلك دعوة أصحاب المصلحة من ممثلي الصناعة والحكومة والأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية لمناقشة تأثير الروبوتات والذكاء الاصطناعي على المجتمع.

سوف يسعى المركز للنهوض بمجال البحوث الأخلاقية المتنامية بشأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي واستكشاف القضايا الأساسية التي تؤثر على استخدام الذكاء الاصطناعي وتأثيره، كما يوفر مبادئ توجيهية عملية للمجتمع والصناعة والمشرعين، تتعلق بتحديد وإجابة التساؤلات الأخلاقية الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

كما يسعى مركز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، إلى مساعدة البشرية على الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي والتخفيف من مخاطره، حيث ينصب تركيزه على التحديات الملحة الناجمة عن الذكاء الاصطناعي وتوجيه تطوير الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، من خلال إجراء البحوث حول القضايا المهمة والمهملة المرتبطة بحوكمة الذكاء الاصطناعي، وتقديم المشورة للحكومات وصانعي القرار وقادة الصناعة.

وباعتماد نهج متعدد التخصصات، من المهم أن يضم المركز بين جنباته خبراء في العلوم الإنسانية والإجتماعية لتحديد القضايا الأخلاقية والإجتماعية والقانونية المرتبطة بتبني ونشر الذكاء الاصطناعي والروبوتات في المجتمع، إذ يحتاج خبراء التكنولوجيا إلى المشاركة والتواصل بشكل أكبر مع خبراء العلوم الإنسانية والإجتماعية، للحصول على معلومات وخبرات ورؤى أفضل قبل إطلاق تكنولوجياتهم إلى العالم، حتى لا تتسبب أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يبنونها في تعزيز وتفاقم المشاكل الاجتماعية، والكثير من الجدل. كما أن تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية تلعب دوراً رئيسياً في التفكير النقدي والإبداع، وتهيئة الأفراد والمجتمعات لمواجهة عالم متغير، حيث تعطي السياق والفهم الأعمق للعالم من حولنا، وللمشاكل التي تطرحها التكنولوجيا. ولهذا بدأت شركات التكنولوجيا العالمية ومجالس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وكليات الهندسة والذكاء الاصطناعي بالدول المتقدمة في الاستعانة بخبراء العلوم الإنسانية والإجتماعية، لإطلاق العنان للإمكانات الهائلة لتطوير وإدارة حلول الذكاء الاصطناعي. فهل نحن فاعلون؟ ذلك ما نأمله.

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية